قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=155ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين
قوله تعالى : " ولنبلونكم " هذه الواو مفتوحة عند سيبويه لالتقاء الساكنين . وقال غيره : لما ضمت إلى النون الثقيلة بني الفعل فصار بمنزلة خمسة عشر . والبلاء يكون حسنا ويكون سيئا . وأصله المحنة ، وقد تقدم . والمعنى لأمتحننكم لنعلم المجاهد والصابر علم معاينة حتى يقع عليه الجزاء ، كما تقدم . وقيل : إنما ابتلوا بهذا ليكون آية لمن بعدهم فيعلموا أنهم إنما صبروا على هذا حين وضح لهم الحق . وقيل : أعلمهم بهذا ليكونوا على يقين منه أنه يصيبهم ، فيوطنوا أنفسهم عليه فيكونوا أبعد لهم من الجزع ، وفيه تعجيل ثواب الله تعالى على العز وتوطين النفس .
قوله تعالى : بشيء لفظ مفرد ومعناه الجمع . وقرأ
الضحاك " بأشياء " على الجمع . وقرأ الجمهور بالتوحيد ، أي بشيء من هذا وشيء من هذا ، فاكتفى بالأول إيجازا : من الخوف أي خوف العدو والفزع في القتال ، قاله
ابن عباس . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : هو خوف الله عز وجل . والجوع يعني المجاعة بالجدب والقحط ، في قول
ابن عباس . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : هو الجوع في شهر رمضان . ونقص من الأموال بسبب الاشتغال بقتال الكفار . وقيل : بالجوائح المتلفة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : بالزكاة المفروضة . والأنفس قال
ابن عباس : بالقتل والموت في الجهاد . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يعني بالأمراض .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=155والثمرات قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : المراد
[ ص: 163 ] موت الأولاد ، وولد الرجل ثمرة قلبه ، كما جاء في الخبر ، على ما يأتي . وقال
ابن عباس : المراد قلة النبات وانقطاع البركات .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=155وبشر الصابرين أي بالثواب على الصبر .
nindex.php?page=treesubj&link=19571_19572والصبر أصله الحبس ، وثوابه غير مقدر ، وقد تقدم . لكن لا يكون ذلك إلا بالصبر عند الصدمة الأولى ، كما روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=837252إنما nindex.php?page=treesubj&link=19584الصبر عند الصدمة الأولى . وأخرجه
مسلم أتم منه ، أي إنما الصبر الشاق على النفس الذي يعظم الثواب عليه إنما هو عند هجوم المصيبة وحرارتها ، فإنه يدل على قوة القلب وتثبته في مقام الصبر ، وأما إذا بردت حرارة المصيبة فكل أحد يصبر إذ ذاك ، ولذلك قيل : يجب على كل عاقل أن يلتزم عند المصيبة ما لا بد للأحمق منه بعد ثلاث . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16065سهل بن عبد الله التستري : لما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=155وبشر الصابرين صار الصبر عيشا . والصبر صبران :
nindex.php?page=treesubj&link=19602صبر عن معصية الله ، فهذا مجاهد ،
nindex.php?page=treesubj&link=19601وصبر على طاعة الله ، فهذا عابد . فإذا صبر عن معصية الله وصبر على طاعة الله أورثه الله الرضا بقضائه
nindex.php?page=treesubj&link=19625وعلامة الرضا سكون القلب بما ورد على النفس من المكروهات والمحبوبات . وقال
الخواص : الصبر الثبات على أحكام الكتاب والسنة . وقال
رويم : الصبر ترك الشكوى . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذو النون المصري : الصبر هو الاستعانة بالله تعالى . وقال
الأستاذ أبو علي : الصبر حده ألا تعترض على التقدير ، فأما إظهار البلوى على غير وجه الشكوى فلا ينافي الصبر ، قال الله تعالى في قصة
أيوب :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=44إنا وجدناه صابرا نعم العبد مع ما أخبر عنه أنه قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=83مسني الضر .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=155وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ
قَوْلُهُ تَعَالَى : " وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ " هَذِهِ الْوَاوُ مَفْتُوحَةٌ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ . وَقَالَ غَيْرُهُ : لَمَّا ضُمَّتْ إِلَى النُّونِ الثَّقِيلَةِ بُنِيَ الْفِعْلُ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ . وَالْبَلَاءُ يَكُونُ حَسَنًا وَيَكُونُ سَيِّئًا . وَأَصْلُهُ الْمِحْنَةُ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ . وَالْمَعْنَى لَأَمْتَحِنَنَّكُمْ لِنَعْلَمَ الْمُجَاهِدَ وَالصَّابِرَ عِلْمَ مُعَايَنَةٍ حَتَّى يَقَعَ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ ، كَمَا تَقَدَّمَ . وَقِيلَ : إِنَّمَا ابْتُلُوا بِهَذَا لِيَكُونَ آيَةً لِمَنْ بَعْدَهُمْ فَيَعْلَمُوا أَنَّهُمْ إِنَّمَا صَبَرُوا عَلَى هَذَا حِينَ وَضَحَ لَهُمُ الْحَقُّ . وَقِيلَ : أَعْلَمَهُمْ بِهَذَا لِيَكُونُوا عَلَى يَقِينٍ مِنْهُ أَنَّهُ يُصِيبُهُمْ ، فَيُوَطِّنُوا أَنْفُسَهُمْ عَلَيْهِ فَيَكُونُوا أَبْعَدَ لَهُمْ مِنَ الْجَزَعِ ، وَفِيهِ تَعْجِيلُ ثَوَابِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعِزِّ وَتَوْطِينِ النَّفْسِ .
قَوْلُهُ تَعَالَى : بِشَيْءٍ لَفْظٌ مُفْرَدٌ وَمَعْنَاهُ الْجَمْعُ . وَقَرَأَ
الضَّحَّاكُ " بِأَشْيَاءَ " عَلَى الْجَمْعِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ بِالتَّوْحِيدِ ، أَيْ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا وَشَيْءٍ مِنْ هَذَا ، فَاكْتَفَى بِالْأَوَّلِ إِيجَازًا : مِنَ الْخَوْفِ أَيْ خَوْفِ الْعَدُوِّ وَالْفَزَعِ فِي الْقِتَالِ ، قَالَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : هُوَ خَوْفُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ . وَالْجُوعُ يَعْنِي الْمَجَاعَةَ بِالْجَدْبِ وَالْقَحْطِ ، فِي قَوْلِ
ابْنِ عَبَّاسٍ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : هُوَ الْجُوعُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ . وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ بِسَبَبِ الِاشْتِغَالِ بِقِتَالِ الْكُفَّارِ . وَقِيلَ : بِالْجَوَائِحِ الْمُتْلِفَةِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : بِالزَّكَاةِ الْمَفْرُوضَةِ . وَالْأَنْفُسِ قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : بِالْقَتْلِ وَالْمَوْتِ فِي الْجِهَادِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : يَعْنِي بِالْأَمْرَاضِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=155وَالثَّمَرَاتِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : الْمُرَادُ
[ ص: 163 ] مَوْتُ الْأَوْلَادِ ، وَوَلَدُ الرَّجُلِ ثَمَرَةُ قَلْبِهِ ، كَمَا جَاءَ فِي الْخَبَرِ ، عَلَى مَا يَأْتِي . وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : الْمُرَادُ قِلَّةُ النَّبَاتِ وَانْقِطَاعُ الْبَرَكَاتِ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=155وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ أَيْ بِالثَّوَابِ عَلَى الصَّبْرِ .
nindex.php?page=treesubj&link=19571_19572وَالصَّبْرُ أَصْلُهُ الْحَبْسُ ، وَثَوَابُهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ . لَكِنْ لَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا بِالصَّبْرِ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى ، كَمَا رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ عَنْ
أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=837252إِنَّمَا nindex.php?page=treesubj&link=19584الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى . وَأَخْرَجَهُ
مُسْلِمٌ أَتَمَّ مِنْهُ ، أَيْ إِنَّمَا الصَّبْرُ الشَّاقُّ عَلَى النَّفْسِ الَّذِي يَعْظُمُ الثَّوَابُ عَلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ عِنْدَ هُجُومِ الْمُصِيبَةِ وَحَرَارَتِهَا ، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى قُوَّةِ الْقَلْبِ وَتَثَبُّتِهِ فِي مَقَامِ الصَّبْرِ ، وَأَمَّا إِذَا بَرَدَتْ حَرَارَةُ الْمُصِيبَةِ فَكُلُّ أَحَدٍ يَصْبِرُ إِذْ ذَاكَ ، وَلِذَلِكَ قِيلَ : يَجِبُ عَلَى كُلِّ عَاقِلٍ أَنْ يَلْتَزِمَ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ مَا لَا بُدَّ لِلْأَحْمَقِ مِنْهُ بَعْدَ ثَلَاثٍ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16065سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيُّ : لَمَّا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=155وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ صَارَ الصَّبْرُ عَيْشًا . وَالصَّبْرُ صَبْرَانِ :
nindex.php?page=treesubj&link=19602صَبْرٌ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ ، فَهَذَا مُجَاهِدٌ ،
nindex.php?page=treesubj&link=19601وَصَبْرٌ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ ، فَهَذَا عَابِدٌ . فَإِذَا صَبَرَ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَصَبَرَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ أَوْرَثَهُ اللَّهُ الرِّضَا بِقَضَائِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=19625وَعَلَامَةُ الرِّضَا سُكُونُ الْقَلْبِ بِمَا وَرَدَ عَلَى النَّفْسِ مِنَ الْمَكْرُوهَاتِ وَالْمَحْبُوبَاتِ . وَقَالَ
الْخَوَّاصُ : الصَّبْرُ الثَّبَاتُ عَلَى أَحْكَامِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ . وَقَالَ
رُوَيْمٌ : الصَّبْرُ تَرْكُ الشَّكْوَى . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذُو النُّونِ الْمِصْرِيُّ : الصَّبْرُ هُوَ الِاسْتِعَانَةُ بِاللَّهِ تَعَالَى . وَقَالَ
الْأُسْتَاذُ أَبُو عَلِيٍّ : الصَّبْرُ حَدُّهُ أَلَّا تَعْتَرِضَ عَلَى التَّقْدِيرِ ، فَأَمَّا إِظْهَارُ الْبَلْوَى عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الشَّكْوَى فَلَا يُنَافِي الصَّبْرَ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ
أَيُّوبَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=44إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ مَعَ مَا أَخْبَرَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=83مَسَّنِيَ الضُّرُّ .