قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=152فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=152فاذكروني أذكركم أمر وجوابه ، وفيه معنى المجازاة فلذلك جزم .
nindex.php?page=treesubj&link=24407وأصل الذكر التنبه بالقلب للمذكور والتيقظ له . وسمي الذكر باللسان ذكرا لأنه دلالة على الذكر القلبي ، غير أنه لما كثر إطلاق الذكر على القول اللساني صار هو السابق للفهم .
ومعنى الآية : اذكروني بالطاعة أذكركم بالثواب والمغفرة ، قاله
سعيد بن جبير . وقال أيضا : الذكر طاعة الله ، فمن لم يطعه لم يذكره وإن أكثر التسبيح والتهليل وقراءة القرآن ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم :
من أطاع الله فقد ذكر الله وإن أقل صلاته وصومه وصنيعه للخير ومن عصى الله فقد نسي الله وإن كثر صلاته وصومه وصنيعه للخير ، ذكره
أبو عبد الله محمد بن خويز منداد في " أحكام القرآن " له . وقال
أبو عثمان النهدي : إني لأعلم الساعة التي يذكرنا الله فيها ، قيل له : ومن أين تعلمها ؟ قال يقول الله عز وجل : فاذكروني أذكركم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : ليس من عبد يذكر الله إلا ذكره الله عز وجل ، لا يذكره مؤمن إلا ذكره الله برحمته ، ولا يذكره كافر إلا ذكره الله بعذاب . وسئل
أبو عثمان فقيل له : نذكر الله ولا نجد في قلوبنا حلاوة ؟ فقال : احمدوا الله تعالى على أن زين جارحة من جوارحكم بطاعته . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذو النون المصري رحمه الله : من ذكر الله تعالى ذكرا على الحقيقة نسي في جنب ذكره كل شيء ، حفظ الله عليه كل شيء ، وكان له عوضا من كل شيء . وقال
معاذ بن جبل رضي الله عنه : ما عمل ابن
آدم من عمل أنجى له من عذاب الله من ذكر الله . والأحاديث في فضل الذكر وثوابه كثيرة خرجها الأئمة . روى
ابن ماجه عن
عبد الله بن بسر nindex.php?page=hadith&LINKID=837250أن أعرابيا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إن شرائع الإسلام قد [ ص: 161 ] كثرت علي فأنبئني منها بشيء أتشبث به ، قال : لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله عز وجل . وخرج عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=837251إن الله عز وجل يقول أنا مع عبدي إذا هو ذكرني وتحركت بي شفتاه . وسيأتي لهذا الباب مزيد بيان عند قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=41يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وأن المراد ذكر القلب الذي يجب استدامته في عموم الحالات .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=152واشكروا لي ولا تكفرون قال
الفراء يقال : شكرتك وشكرت لك ، ونصحتك ونصحت لك ، والفصيح الأول . والشكر معرفة الإحسان والتحدث به ، وأصله في اللغة الظهور ، وقد تقدم .
nindex.php?page=treesubj&link=19612فشكر العبد لله تعالى ثناؤه عليه بذكر إحسانه إليه ،
nindex.php?page=treesubj&link=19606وشكر الحق سبحانه للعبد ثناؤه عليه بطاعته له ، إلا أن شكر العبد نطق باللسان وإقرار بالقلب بإنعام الرب مع الطاعات .
قوله تعالى : ولا تكفرون نهي ، ولذلك حذفت منه نون الجماعة ، وهذه نون المتكلم . وحذفت الياء لأنها رأس آية ، وإثباتها أحسن في غير القرآن ، أي لا تكفروا نعمتي وأيادي . فالكفر هنا ستر النعمة لا التكذيب . وقد مضى القول في الكفر لغة ، ومضى القول في معنى الاستعانة بالصبر والصلاة ، فلا معنى للإعادة .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=152فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=152فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ أَمْرٌ وَجَوَابُهُ ، وَفِيهِ مَعْنَى الْمُجَازَاةِ فَلِذَلِكَ جُزِمَ .
nindex.php?page=treesubj&link=24407وَأَصْلُ الذِّكْرِ التَّنَبُّهُ بِالْقَلْبِ لِلْمَذْكُورِ وَالتَّيَقُّظُ لَهُ . وَسُمِّيَ الذِّكْرُ بِاللِّسَانِ ذِكْرًا لِأَنَّهُ دَلَالَةٌ عَلَى الذِّكْرِ الْقَلْبِيِّ ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمَّا كَثُرَ إِطْلَاقُ الذِّكْرِ عَلَى الْقَوْلِ اللِّسَانِيِّ صَارَ هُوَ السَّابِقَ لِلْفَهْمِ .
وَمَعْنَى الْآيَةِ : اذْكُرُونِي بِالطَّاعَةِ أَذْكُرْكُمْ بِالثَّوَابِ وَالْمَغْفِرَةِ ، قَالَهُ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ . وَقَالَ أَيْضًا : الذِّكْرُ طَاعَةُ اللَّهِ ، فَمَنْ لَمْ يُطِعْهُ لَمْ يَذْكُرْهُ وَإِنْ أَكْثَرَ التَّسْبِيحَ وَالتَّهْلِيلَ وَقِرَاءَةَ الْقُرْآنِ ، وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ فَقَدْ ذَكَرَ اللَّهَ وَإِنْ أَقَلَّ صَلَاتَهُ وَصَوْمَهُ وَصَنِيعَهُ لِلْخَيْرِ وَمَنْ عَصَى اللَّهَ فَقَدْ نَسِيَ اللَّهَ وَإِنْ كَثَّرَ صَلَاتَهُ وَصَوْمَهُ وَصَنِيعَهُ لِلْخَيْرِ ، ذَكَرَهُ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادَ فِي " أَحْكَامِ الْقُرْآنِ " لَهُ . وَقَالَ
أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ : إِنِّي لَأَعْلَمَ السَّاعَةَ الَّتِيِ يَذْكُرُنَا اللَّهُ فِيهَا ، قِيلَ لَهُ : وَمِنْ أَيْنَ تَعْلَمُهَا ؟ قَالَ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَذْكُرُ اللَّهَ إِلَّا ذَكَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، لَا يَذْكُرُهُ مُؤْمِنٌ إِلَّا ذَكَرَهُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ ، وَلَا يَذْكُرُهُ كَافِرٌ إِلَّا ذَكَرَهُ اللَّهُ بِعَذَابٍ . وَسُئِلَ
أَبُو عُثْمَانَ فَقِيلَ لَهُ : نَذْكُرُ اللَّهَ وَلَا نَجِدُّ فِي قُلُوبِنَا حَلَاوَةً ؟ فَقَالَ : احْمَدُوا اللَّهَ تَعَالَى عَلَى أَنْ زَيَّنَ جَارِحَةً مِنْ جَوَارِحِكُمْ بِطَاعَتِهِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذُو النُّونِ الْمِصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : مَنْ ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرًا عَلَى الْحَقِيقَةِ نَسِيَ فِي جَنْبِ ذِكْرِهِ كُلَّ شَيْءٍ ، حَفِظَ اللَّهُ عَلَيْهِ كُلَّ شَيْءٍ ، وَكَانَ لَهُ عِوَضًا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ . وَقَالَ
مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : مَا عَمِلَ ابْنُ
آدَمَ مِنْ عَمَلٍ أَنْجَى لَهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ . وَالْأَحَادِيثُ فِي فَضْلِ الذِّكْرِ وَثَوَابِهِ كَثِيرَةٌ خَرَّجَهَا الْأَئِمَّةُ . رَوَى
ابْنُ مَاجَهْ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=837250أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ قَدْ [ ص: 161 ] كَثُرَتْ عَلَيَّ فَأَنْبِئْنِي مِنْهَا بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ ، قَالَ : لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ . وَخُرِّجَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=837251إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ أَنَا مَعَ عَبْدِي إِذَا هُوَ ذَكَرَنِي وَتَحَرَّكَتْ بِي شَفَتَاهُ . وَسَيَأْتِي لِهَذَا الْبَابِ مَزِيدُ بَيَانٍ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=41يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَأَنَّ الْمُرَادَ ذِكْرُ الْقَلْبِ الَّذِي يَجِبُ اسْتِدَامَتُهُ فِي عُمُومِ الْحَالَاتِ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=152وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ قَالَ
الْفَرَّاءُ يُقَالُ : شَكَرْتُكَ وَشَكَرْتُ لَكَ ، وَنَصَحْتُكَ وَنَصَحْتُ لَكَ ، وَالْفَصِيحُ الْأَوَّلُ . وَالشُّكْرُ مَعْرِفَةُ الْإِحْسَانِ وَالتَّحَدُّثُ بِهِ ، وَأَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ الظُّهُورُ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ .
nindex.php?page=treesubj&link=19612فَشُكْرُ الْعَبْدِ لِلَّهِ تَعَالَى ثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ بِذِكْرِ إِحْسَانِهِ إِلَيْهِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=19606وَشُكْرُ الْحَقِّ سُبْحَانَهُ لِلْعَبْدِ ثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ بِطَاعَتِهِ لَهُ ، إِلَّا أَنَّ شُكْرَ الْعَبْدِ نُطْقٌ بِاللِّسَانِ وَإِقْرَارٌ بِالْقَلْبِ بِإِنْعَامِ الرَّبِّ مَعَ الطَّاعَاتِ .
قَوْلُهُ تَعَالَى : وَلَا تَكْفُرُونِ نَهْيٌ ، وَلِذَلِكَ حُذِفَتْ مِنْهُ نُونُ الْجَمَاعَةِ ، وَهَذِهِ نُونُ الْمُتَكَلِّمِ . وَحُذِفَتِ الْيَاءُ لِأَنَّهَا رَأْسُ آيَةٍ ، وَإِثْبَاتُهَا أَحْسَنُ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ ، أَيْ لَا تَكْفُرُوا نِعْمَتِي وَأَيَادِيَّ . فَالْكُفْرُ هُنَا سَتْرُ النِّعْمَةِ لَا التَّكْذِيبُ . وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي الْكُفْرِ لُغَةً ، وَمَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى الِاسْتِعَانَةِ بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ، فَلَا مَعْنَى لِلْإِعَادَةِ .