قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=5كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=6وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=8ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=9وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم .
[ ص: 262 ] قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=5كذبت قبلهم قوم نوح على تأنيث الجماعة أي : كذبت الرسل .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=5والأحزاب من بعدهم أي والأمم الذين تحزبوا على أنبيائهم بالتكذيب نحو
عاد وثمود فمن بعدهم .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=5وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه أي ليحبسوه ويعذبوه . وقال
قتادة nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي : ليقتلوه . والأخذ يرد بمعنى الإهلاك ، كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=44ثم أخذتهم فكيف كان نكير والعرب تسمي الأسير الأخيذ ; لأنه مأسور للقتل ، وأنشد
قطرب قول الشاعر :
فإما تأخذوني تقتلوني فكم من آخذ يهوى خلودي
وفي وقت أخذهم لرسولهم قولان : أحدهما عند دعائه لهم . الثاني عند نزول العذاب بهم .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=5وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق أي ليزيلوا . ومنه مكان دحض أي : مزلقة ، والباطل داحض ; لأنه يزلق ويزل فلا يستقر . قال
يحيى بن سلام : جادلوا الأنبياء بالشرك ليبطلوا به الإيمان . فأخذتهم أي بالعذاب .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=5فكيف كان عقاب أي عاقبة الأمم المكذبة . أي : أليس وجدوه حقا .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=6وكذلك حقت أي وجبت ولزمت ، مأخوذ من الحق لأنه اللازم .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=6كلمة ربك هذه قراءة العامة على التوحيد . وقرأ
نافع وابن عامر : " كلمات " جمعا .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=6على الذين كفروا أنهم قال
الأخفش : أي : لأنهم وبأنهم . قال
الزجاج : ويجوز إنهم بكسر الهمزة .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=6أصحاب النار أي : المعذبون بها . وتم الكلام .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ويروى : أن حملة العرش أرجلهم في الأرض السفلى ورءوسهم قد خرقت العرش ، وهم خشوع لا يرفعون طرفهم ، وهم أشراف الملائكة وأفضلهم . ففي الحديث :
أن الله تبارك وتعالى أمر جميع الملائكة أن يغدوا ويروحوا بالسلام على حملة العرش تفضيلا لهم على سائر الملائكة . ويقال : خلق الله العرش من جوهرة خضراء ، وبين القائمتين من قوائمه خفقان الطير المسرع ثمانين ألف عام . وقيل : حول العرش سبعون ألف صف من الملائكة يطوفون به مهللين مكبرين ، ومن ورائهم سبعون ألف صف قيام ، قد وضعوا أيديهم على عواتقهم ، ورافعين أصواتهم بالتهليل والتكبير ، ومن
[ ص: 263 ] ورائهم مائة ألف صف ، وقد وضعوا الأيمان على الشمائل ، ما منهم أحد إلا وهو يسبح بما لا يسبح به الآخر . وقرأ
ابن عباس : العرش بضم العين ، ذكر جميعه
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري رحمه الله . وقيل : اتصل هذا بذكر الكفار ; لأن المعنى والله أعلم -
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7الذين يحملون العرش ومن حوله ينزهون الله - عز وجل - عما يقوله الكفار
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7ويستغفرون للذين آمنوا أي يسألون لهم المغفرة من الله تعالى . وأقاويل أهل التفسير على أن
nindex.php?page=treesubj&link=31748العرش هو السرير ، وأنه جسم مجسم خلقه الله عز وجل ، وأمر ملائكة بحمله ، وتعبدهم بتعظيمه والطواف به ، كما خلق في الأرض بيتا وأمر بني آدم بالطواف به واستقباله في الصلاة . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12377ابن طهمان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة ، عن
محمد بن المنكدر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831075أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله من حملة العرش ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسير سبعمائة عام ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وقد مضى في [ البقرة ] في آية الكرسي عظم العرش وأنه أعظم المخلوقات . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=15614ثور بن يزيد ، عن
خالد بن معدان ، عن
كعب الأحبار أنه قال : لما خلق الله تعالى العرش قال : لن يخلق الله خلقا أعظم مني ، فاهتز فطوقه الله بحية ، للحية سبعون ألف جناح ، في الجناح سبعون ألف ريشة ، في كل ريشة سبعون ألف وجه ، في كل وجه سبعون ألف فم ، في كل فم سبعون ألف لسان . يخرج من أفواهها في كل يوم من التسبيح عدد قطر المطر ، وعدد ورق الشجر ، وعدد الحصى والثرى ، وعدد أيام الدنيا وعدد الملائكة أجمعين ، فالتوت الحية بالعرش ، فالعرش إلى نصف الحية وهي ملتوية به . وقال
مجاهد : بين السماء السابعة وبين العرش سبعون ألف حجاب ، حجاب نور وحجاب ظلمة ، وحجاب نور وحجاب ظلمة .
ربنا أي يقولون ربنا
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7وسعت كل شيء رحمة وعلما أي وسعت رحمتك وعلمك كل شيء ، فلما نقل الفعل عن الرحمة والعلم نصب على التفسير .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7فاغفر للذين تابوا أي من الشرك والمعاصي
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7واتبعوا سبيلك أي دين الإسلام .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7وقهم عذاب الجحيم أي اصرفه عنهم حتى لا يصل إليهم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي : كان أصحاب
عبد الله يقولون : الملائكة خير من
ابن الكواء ، هم يستغفرون لمن في الأرض
وابن الكواء يشهد عليهم بالكفر ، قال
إبراهيم : وكانوا يقولون : لا يحجبون الاستغفار عن أحد من أهل القبلة . وقال
مطرف بن عبد الله : وجدنا أنصح عباد الله لعباد الله الملائكة ، ووجدنا أغش عباد الله لعباد الله الشيطان ، وتلا هذه الآية . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17335يحيى بن معاذ الرازي لأصحابه في هذه الآية : افهموها فما
[ ص: 264 ] في العالم جنة أرجى منها ، إن ملكا واحدا لو سأل الله أن يغفر لجميع المؤمنين لغفر لهم ، كيف وجميع الملائكة وحملة العرش يستغفرون للمؤمنين . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15833خلف بن هشام البزار القارئ : كنت أقرأ على
سليم بن عيسى فلما بلغت :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7ويستغفرون للذين آمنوا بكى ثم قال : يا خلف ما أكرم المؤمن على الله ، نائما على فراشه والملائكة يستغفرون له .
nindex.php?page=treesubj&link=29011قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=8ربنا وأدخلهم جنات عدن يروى أن
عمر بن الخطاب قال
nindex.php?page=showalam&ids=16850لكعب الأحبار : ما جنات عدن ؟ . قال : قصور من ذهب في الجنة يدخلها النبيون والصديقون والشهداء وأئمة العدل .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=8التي وعدتهم التي في محل نصب نعتا للجنات .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=8ومن صلح من في محل نصب عطفا على الهاء والميم في قوله : وأدخلهم . ومن صلح " بالإيمان
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=8من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم وقد مضى في [ الرعد ] نظير هذه الآية . قال
سعيد بن جبير : يدخل الرجل الجنة ، فيقول : يا رب أين أبي وجدي وأمي ؟ وأين ولدي وولد ولدي ؟ وأين زوجاتي ؟ فيقال : إنهم لم يعملوا كعملك ، فيقول : يا رب كنت أعمل لي ولهم ، فيقال : أدخلوهم الجنة . ثم تلا :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7الذين يحملون العرش ومن حوله إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=8ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم . ويقرب من هذه الآية قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=21والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم .
nindex.php?page=treesubj&link=29011قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=9وقهم السيئات قال
قتادة : أي : وقهم ما يسوءهم ، وقيل : التقدير وقهم عذاب السيئات ، وهو أمر من : وقاه الله يقيه وقاية بالكسر ، أي : حفظه . ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته أي بدخول الجنة
وذلك هو الفوز العظيم أي النجاة الكبيرة .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=5كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=6وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=8رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=9وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ .
[ ص: 262 ] قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=5كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ عَلَى تَأْنِيثِ الْجَمَاعَةِ أَيْ : كَذَّبَتِ الرُّسُلَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=5وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ أَيْ وَالْأُمَمُ الَّذِينَ تَحَزَّبُوا عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ بِالتَّكْذِيبِ نَحْو
عَادٍ وَثَمُودَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=5وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ أَيْ لِيَحْبِسُوهُ وَيُعَذِّبُوهُ . وَقَالَ
قَتَادَةُ nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيُّ : لِيَقْتُلُوهُ . وَالْأَخْذُ يَرِدُ بِمَعْنَى الْإِهْلَاكِ ، كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=44ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْأَسِيرَ الْأَخِيذَ ; لِأَنَّهُ مَأْسُورٌ لِلْقَتْلِ ، وَأَنْشَدَ
قُطْرُبٌ قَوْلَ الشَّاعِرِ :
فَإِمَّا تَأْخُذُونِي تَقْتُلُونِي فَكَمْ مِنْ آخِذٍ يَهْوَى خُلُودِي
وَفِي وَقْتِ أَخْذِهِمْ لِرَسُولِهِمْ قَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا عِنْدَ دُعَائِهِ لَهُمْ . الثَّانِي عِنْدَ نُزُولِ الْعَذَابِ بِهِمْ .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=5وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ أَيْ لِيُزِيلُوا . وَمِنْهُ مَكَانٌ دَحْضٌ أَيْ : مَزْلَقَةٌ ، وَالْبَاطِلُ دَاحِضٌ ; لِأَنَّهُ يَزْلَقُ وَيَزِلُّ فَلَا يَسْتَقِرُّ . قَالَ
يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ : جَادَلُوا الْأَنْبِيَاءَ بِالشِّرْكِ لِيُبْطِلُوا بِهِ الْإِيمَانَ . فَأَخَذْتُهُمْ أَيْ بِالْعَذَابِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=5فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ أَيْ عَاقِبَةُ الْأُمَمِ الْمُكَذِّبَةِ . أَيْ : أَلَيْسَ وَجَدُوهُ حَقًّا .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=6وَكَذَلِكَ حَقَّتْ أَيْ وَجَبَتْ وَلَزِمَتْ ، مَأْخُوذٌ مِنَ الْحَقِّ لِأَنَّهُ اللَّازِمُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=6كَلِمَةُ رَبِّكَ هَذِهِ قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ عَلَى التَّوْحِيدِ . وَقَرَأَ
نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ : " كَلِمَاتُ " جَمْعًا .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=6عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ قَالَ
الْأَخْفَشُ : أَيْ : لِأَنَّهُمْ وَبِأَنَّهُمْ . قَالَ
الزَّجَّاجُ : وَيَجُوزُ إِنَّهُمْ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=6أَصْحَابُ النَّارِ أَيِ : الْمُعَذَّبُونَ بِهَا . وَتَمَّ الْكَلَامُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَيُرْوَى : أَنَّ حَمَلَةَ الْعَرْشِ أَرْجُلُهُمْ فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى وَرُءُوسُهُمْ قَدْ خَرَقَتِ الْعَرْشَ ، وَهُمْ خُشُوعٌ لَا يَرْفَعُونَ طَرْفَهُمْ ، وَهُمْ أَشْرَافُ الْمَلَائِكَةِ وَأَفْضَلُهُمْ . فَفِي الْحَدِيثِ :
أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَمَرَ جَمِيعَ الْمَلَائِكَةِ أَنْ يَغْدُوا وَيَرُوحُوا بِالسَّلَامِ عَلَى حَمَلَةِ الْعَرْشِ تَفْضِيلًا لَهُمْ عَلَى سَائِرِ الْمَلَائِكَةِ . وَيُقَالُ : خَلَقَ اللَّهُ الْعَرْشَ مِنْ جَوْهَرَةٍ خَضْرَاءَ ، وَبَيْنَ الْقَائِمَتَيْنِ مِنْ قَوَائِمِهِ خَفَقَانُ الطَّيْرِ الْمُسْرِعِ ثَمَانِينَ أَلْفَ عَامٍ . وَقِيلَ : حَوْلَ الْعَرْشِ سَبْعُونَ أَلْفَ صَفٍّ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يَطُوفُونَ بِهِ مُهَلِّلِينَ مُكَبِّرِينَ ، وَمِنْ وَرَائِهِمْ سَبْعُونَ أَلْفَ صَفٍّ قِيَامٌ ، قَدْ وَضَعُوا أَيْدِيَهُمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ ، وَرَافِعِينَ أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ ، وَمِنْ
[ ص: 263 ] وَرَائِهِمْ مِائَةُ أَلْفِ صَفٍّ ، وَقَدْ وَضَعُوا الْأَيْمَانَ عَلَى الشَّمَائِلِ ، مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا وَهُوَ يُسَبِّحُ بِمَا لَا يُسَبِّحُ بِهِ الْآخَرُ . وَقَرَأَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : الْعُرْشُ بِضَمِّ الْعَيْنِ ، ذَكَرَ جَمِيعَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ . وَقِيلَ : اتَّصَلَ هَذَا بِذِكْرِ الْكُفَّارِ ; لِأَنَّ الْمَعْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ -
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُنَزِّهُونَ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - عَمَّا يَقُولُهُ الْكُفَّارُ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيْ يَسْأَلُونَ لَهُمُ الْمَغْفِرَةَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى . وَأَقَاوِيلُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=31748الْعَرْشَ هُوَ السَّرِيرُ ، وَأَنَّهُ جِسْمٌ مُجَسَّمٌ خَلَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، وَأَمَرَ مَلَائِكَةً بِحَمْلِهِ ، وَتَعَبَّدَهُمْ بِتَعْظِيمِهِ وَالطَّوَافِ بِهِ ، كَمَا خَلَقَ فِي الْأَرْضِ بَيْتًا وَأَمَرَ بَنِي آدَمَ بِالطَّوَافِ بِهِ وَاسْتِقْبَالِهِ فِي الصَّلَاةِ . وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12377ابْنُ طَهْمَانَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17177مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831075أُذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرُ سَبْعِمِائَةِ عَامٍ ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ وَقَدْ مَضَى فِي [ الْبَقَرَةِ ] فِي آيَةِ الْكُرْسِيِّ عِظَمُ الْعَرْشِ وَأَنَّهُ أَعْظَمُ الْمَخْلُوقَاتِ . وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=15614ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنْ
خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ، عَنْ
كَعْبِ الْأَحْبَارِ أَنَّهُ قَالَ : لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى الْعَرْشَ قَالَ : لَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ خَلْقًا أَعْظَمَ مِنِّي ، فَاهْتَزَّ فَطَوَّقَهُ اللَّهُ بِحَيَّةٍ ، لِلْحَيَّةِ سَبْعُونَ أَلْفَ جَنَاحٍ ، فِي الْجَنَاحِ سَبْعُونَ أَلْفَ رِيشَةٍ ، فِي كُلِّ رِيشَةٍ سَبْعُونَ أَلْفَ وَجْهٍ ، فِي كُلِّ وَجْهٍ سَبْعُونَ أَلْفَ فَمٍ ، فِي كُلِّ فَمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ لِسَانٍ . يَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنَ التَّسْبِيحِ عَدَدُ قَطْرِ الْمَطَرِ ، وَعَدَدُ وَرَقِ الشَّجَرِ ، وَعَدَدُ الْحَصَى وَالثَّرَى ، وَعَدَدُ أَيَّامِ الدُّنْيَا وَعَدَدُ الْمَلَائِكَةِ أَجْمَعِينَ ، فَالْتَوَتِ الْحَيَّةُ بِالْعَرْشِ ، فَالْعَرْشُ إِلَى نِصْفِ الْحَيَّةِ وَهِيَ مُلْتَوِيَةٌ بِهِ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : بَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَبَيْنَ الْعَرْشِ سَبْعُونَ أَلْفَ حِجَابٍ ، حِجَابُ نُورٍ وَحِجَابُ ظُلْمَةٍ ، وَحِجَابُ نُورٍ وَحِجَابُ ظُلْمَةٍ .
رَبَّنَا أَيْ يَقُولُونَ رَبَّنَا
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا أَيْ وَسِعَتْ رَحْمَتُكَ وَعِلْمُكَ كُلَّ شَيْءٍ ، فَلَمَّا نُقِلَ الْفِعْلُ عَنِ الرَّحْمَةِ وَالْعِلْمِ نُصِبَ عَلَى التَّفْسِيرِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا أَيْ مِنَ الشِّرْكِ وَالْمَعَاصِي
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ أَيْ دِينَ الْإِسْلَامِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ أَيِ اصْرِفْهُ عَنْهُمْ حَتَّى لَا يَصِلَ إِلَيْهِمْ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12354إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ : كَانَ أَصْحَابُ
عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُونَ : الْمَلَائِكَةُ خَيْرٌ مِنَ
ابْنِ الْكَوَّاءِ ، هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ
وَابْنُ الْكَوَّاءِ يَشْهَدُ عَلَيْهِمْ بِالْكُفْرِ ، قَالَ
إِبْرَاهِيمُ : وَكَانُوا يَقُولُونَ : لَا يَحْجُبُونَ الِاسْتِغْفَارَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ . وَقَالَ
مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : وَجَدْنَا أَنْصَحَ عِبَادِ اللَّهِ لِعِبَادِ اللَّهِ الْمَلَائِكَةَ ، وَوَجَدْنَا أَغَشَّ عِبَادِ اللَّهِ لِعِبَادِ اللَّهِ الشَّيْطَانَ ، وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17335يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ الرَّازِيَّ لِأَصْحَابِهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : افْهَمُوهَا فَمَا
[ ص: 264 ] فِي الْعَالَمِ جُنَّةٌ أَرْجَى مِنْهَا ، إِنَّ مَلَكًا وَاحِدًا لَوْ سَأَلَ اللَّهَ أَنْ يَغْفِرَ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ لَغَفَرَ لَهُمْ ، كَيْفَ وَجَمِيعُ الْمَلَائِكَةِ وَحَمَلَةُ الْعَرْشِ يَسْتَغْفِرُونَ لِلْمُؤْمِنِينَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15833خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْبَزَّارُ الْقَارِئُ : كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَى
سُلَيْمِ بْنِ عِيسَى فَلَمَّا بَلَغْتُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا بَكَى ثُمَّ قَالَ : يَا خَلَفُ مَا أَكْرَمَ الْمُؤْمِنَ عَلَى اللَّهِ ، نَائِمًا عَلَى فِرَاشِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ .
nindex.php?page=treesubj&link=29011قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=8رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ يُرْوَى أَنَّ
عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16850لِكَعْبِ الْأَحْبَارِ : مَا جَنَّاتُ عَدْنٍ ؟ . قَالَ : قُصُورٌ مِنْ ذَهَبٍ فِي الْجَنَّةِ يَدْخُلُهَا النَّبِيُّونَ وَالصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ وَأَئِمَّةُ الْعَدْلِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=8الَّتِي وَعَدْتَهُمْ الَّتِي فِي مَحَلِّ نَصْبٍ نَعْتًا لِلْجَنَّاتِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=8وَمَنْ صَلَحَ مَنْ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَطْفًا عَلَى الْهَاءِ وَالْمِيمِ فِي قَوْلِهِ : وَأَدْخِلْهُمْ . وَمَنْ صَلَحَ " بِالْإِيمَانِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=8مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَقَدْ مَضَى فِي [ الرَّعْدِ ] نَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ . قَالَ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : يَدْخُلُ الرَّجُلُ الْجَنَّةَ ، فَيَقُولُ : يَا رَبِّ أَيْنَ أَبِي وَجَدِّي وَأُمِّي ؟ وَأَيْنَ وَلَدِي وَوَلَدُ وَلَدِي ؟ وَأَيْنَ زَوْجَاتِي ؟ فَيُقَالُ : إِنَّهُمْ لَمْ يَعْمَلُوا كَعَمَلِكَ ، فَيَقُولُ : يَا رَبِّ كُنْتُ أَعْمَلُ لِي وَلَهُمْ ، فَيُقَالُ : أَدْخِلُوهُمُ الْجَنَّةَ . ثُمَّ تَلَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=8وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ . وَيَقْرُبُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=21وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ .
nindex.php?page=treesubj&link=29011قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=9وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ قَالَ
قَتَادَةُ : أَيْ : وَقِهِمْ مَا يَسُوءُهُمْ ، وَقِيلَ : التَّقْدِيرُ وَقِهِمْ عَذَابَ السَّيِّئَاتِ ، وَهُوَ أَمْرٌ مِنْ : وَقَاهُ اللَّهُ يَقِيهِ وِقَايَةً بِالْكَسْرِ ، أَيْ : حَفِظَهُ . وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ أَيْ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ
وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ أَيِ النَّجَاةُ الْكَبِيرَةُ .