قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=14قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من يشاء والله عليم حكيم قوله تعالى قاتلوهم أمر .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=14يعذبهم الله جوابه . وهو جزم بمعنى المجازاة : والتقدير : إن تقاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=15ويذهب غيظ قلوبهم دليل على أن غيظهم كان قد اشتد . وقال مجاهد : يعني خزاعة حلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم . وكله عطف ، ويجوز فيه كله الرفع على القطع من الأول . ويجوز النصب على إضمار " أن " وهو الصرف عند
الكوفيين ، كما قال :
فإن يهلك أبو قابوس يهلك ربيع الناس والشهر الحرام ونأخذ بعده بذناب عيش
أجب الظهر ليس له سنام
وإن شئت رفعت " ونأخذ " وإن شئت نصبته .
والمراد بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=14ويشف صدور قوم مؤمنين بنو خزاعة ، على ما ذكرنا عن
مجاهد . فإن
قريشا أعانت
بني بكر عليهم ، وكانت
خزاعة حلفاء النبي صلى الله عليه وسلم . فأنشد رجل من
بني بكر هجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له بعض
خزاعة : لئن أعدته لأكسرن فمك ، فأعاده فكسر فاه وثار بينهم قتال ، فقتلوا من
الخزاعيين أقواما ، فخرج
عمرو بن سالم الخزاعي في نفر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره به ، فدخل منزل
ميمونة وقال :
اسكبوا إلي ماء فجعل يغتسل وهو يقول :
لا نصرت إن لم أنصر بني كعب . ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتجهز والخروج إلى
مكة فكان الفتح .
[ ص: 25 ] قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=15ويتوب الله على من يشاء والله عليم حكيم القراءة بالرفع على الاستئناف لأنه ليس من جنس الأول ولهذا لم يقل " ويتب " بالجزم لأن القتال غير موجب لهم التوبة من الله جل وعز وهو موجب لهم العذاب والخزي وشفاء صدور المؤمنين وذهاب غيظ قلوبهم ونظيره :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=24فإن يشأ الله يختم على قلبك تم الكلام . ثم قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=24ويمح الله الباطل . والذين تاب الله عليهم مثل
أبي سفيان nindex.php?page=showalam&ids=28وعكرمة بن أبي جهل وسليم بن أبي عمرو ، فإنهم أسلموا . وقرأ
ابن أبي إسحاق ( ويتوب ) بالنصب . وكذا روي عن
عيسى الثقفي nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج ، وعليه فتكون التوبة داخلة في جواب الشرط ؛ لأن المعنى : إن تقاتلوهم يعذبهم الله . وكذلك ما عطف عليه . ثم قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=15ويتوب الله أي إن تقاتلوهم . فجمع بين تعذيبهم بأيديكم وشفاء صدوركم وإذهاب غيظ قلوبكم والتوبة عليكم . والرفع أحسن ؛ لأن التوبة لا يكون سببها القتال ، إذ قد توجد بغير قتال لمن شاء الله أن يتوب عليه في كل حال .
قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=14قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ قَوْلُهُ تَعَالَى قَاتِلُوهُمْ أَمْرٌ .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=14يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ جَوَابُهُ . وَهُوَ جَزْمٌ بِمَعْنَى الْمُجَازَاةِ : وَالتَّقْدِيرُ : إِنْ تُقَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=15وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ غَيْظَهُمْ كَانَ قَدِ اشْتَدَّ . وَقَالَ مُجَاهِدٌ : يَعْنِي خُزَاعَةَ حُلَفَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَكُلُّهُ عَطْفٌ ، وَيَجُوزُ فِيهِ كُلِّهِ الرَّفْعُ عَلَى الْقَطْعِ مِنَ الْأَوَّلِ . وَيَجُوزُ النَّصْبُ عَلَى إِضْمَارِ " أَنْ " وَهُوَ الصَّرْفُ عِنْدَ
الْكُوفِيِّينَ ، كَمَا قَالَ :
فَإِنْ يَهْلِكْ أَبُو قَابُوسَ يَهْلِكْ رَبِيعُ النَّاسِ وَالشَّهْرُ الْحَرَامُ وَنَأْخُذَ بَعْدَهُ بِذِنَابِ عَيْشٍ
أَجَبَّ الظَّهْرِ لَيْسَ لَهُ سَنَامُ
وَإِنْ شِئْتَ رَفَعْتَ " وَنَأْخُذُ " وَإِنْ شِئْتَ نَصَبْتَهُ .
وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=14وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ بَنُو خُزَاعَةَ ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْ
مُجَاهِدٍ . فَإِنَّ
قُرَيْشًا أَعَانَتْ
بَنِي بَكْرٍ عَلَيْهِمْ ، وَكَانَتْ
خُزَاعَةُ حُلَفَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَأَنْشَدَ رَجُلٌ مِنْ
بَنِي بَكْرٍ هِجَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ
خُزَاعَةَ : لَئِنْ أَعَدْتَهُ لَأَكْسِرَنَّ فَمَكَ ، فَأَعَادَهُ فَكَسَرَ فَاهُ وَثَارَ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ ، فَقَتَلُوا مِنَ
الْخُزَاعِيِّينَ أَقْوَامًا ، فَخَرَجَ
عَمْرُو بْنُ سَالِمٍ الْخُزَاعِيُّ فِي نَفَرٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرَهُ بِهِ ، فَدَخَلَ مَنْزِلَ
مَيْمُونَةَ وَقَالَ :
اسْكُبُوا إِلَيَّ مَاءً فَجَعَلَ يَغْتَسِلُ وَهُوَ يَقُولُ :
لَا نُصِرْتُ إِنْ لَمْ أَنْصُرْ بَنِي كَعْبٍ . ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّجَهُّزِ وَالْخُرُوجِ إِلَى
مَكَّةَ فَكَانَ الْفَتْحُ .
[ ص: 25 ] قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=15وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ الْقِرَاءَةُ بِالرَّفْعِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْأَوَّلِ وَلِهَذَا لَمْ يَقُلْ " وَيَتُبْ " بِالْجَزْمِ لِأَنَّ الْقِتَالَ غَيْرُ مُوجِبٍ لَهُمُ التَّوْبَةَ مِنَ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ وَهُوَ مُوجِبٌ لَهُمُ الْعَذَابَ وَالْخِزْيَ وَشِفَاءَ صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ وَذَهَابَ غَيْظِ قُلُوبِهِمْ وَنَظِيرُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=24فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ تَمَّ الْكَلَامُ . ثُمَّ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=24وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ . وَالَّذِينَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِثْلُ
أَبِي سُفْيَانَ nindex.php?page=showalam&ids=28وَعِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ وَسُلَيْمِ بْنِ أَبِي عَمْرٍو ، فَإِنَّهُمْ أَسْلَمُوا . وَقَرَأَ
ابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ( وَيَتُوبَ ) بِالنَّصْبِ . وَكَذَا رُوِيَ عَنْ
عِيسَى الثَّقَفِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=13723وَالْأَعْرَجِ ، وَعَلَيْهِ فَتَكُونُ التَّوْبَةُ دَاخِلَةً فِي جَوَابِ الشَّرْطِ ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى : إِنْ تُقَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ . وَكَذَلِكَ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ . ثُمَّ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=15وَيَتُوبُ اللَّهُ أَيْ إِنْ تُقَاتِلُوهُمْ . فَجَمَعَ بَيْنَ تَعْذِيبِهِمْ بِأَيْدِيكُمْ وَشِفَاءِ صُدُورِكُمْ وَإِذْهَابِ غَيْظِ قُلُوبِكُمْ وَالتَّوْبَةِ عَلَيْكُمْ . وَالرَّفْعُ أَحْسَنُ ؛ لِأَنَّ التَّوْبَةَ لَا يَكُونُ سَبَبُهَا الْقِتَالَ ، إِذْ قَدْ تُوجَدُ بِغَيْرِ قِتَالٍ لِمَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ حَالٍ .