المسألة الثانية تحقيق النعيم من النعم ، وبناء ( ن ع م ) للموافقة ، وأعظمها موافقة
[ ص: 383 ] ما قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رحمه الله في رواية
كادح بن رحمة أنه صحة البدن وطيب النفس ، وقد أخذه الشاعر ، فقال :
إذا القوت يأتي لك والصحة والأمن وأصبحت أخا حزن فلا فارقك الحزن
وقد كان هذا يتأتى قبل اليوم ، فأما في هذا الزمان فإنه عسير التكوين ، وقليل الوجود .
ويرى [ كثير من العلماء ] أن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا أخذه من حكم
لقمان ; ففيها أن
لقمان الحكيم قال لابنه : ليس غنى كصحة ، ولا نعيم كطيب نفس .
وقد روى
الترمذي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير بن العوام قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=17333لما نزلت : { nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=8ثم nindex.php?page=treesubj&link=29073لتسألن يومئذ عن النعيم } قال nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير : يا رسول الله عن أي نعيم نسأل ، وإنما هما الأسودان التمر والماء ؟ قال : أما إنه سيكون } .
وفيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33389لما نزلت هذه الآية : { nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=8ثم لتسألن يومئذ عن النعيم } قال الناس : يا رسول الله ; عن أي النعيم نسأل ؟ فإنما هما الأسودان ; والعدو حاضر ، وسيوفنا على عواتقنا ؟ قال : أما إنه سيكون } .
قال القاضي : وهذا يدل على أن السورة مدنية ، نزلت بعد شرع القتال .
وروى
ابن القاسم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك قال : بلغني {
nindex.php?page=hadith&LINKID=5643أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد ، فوجد أبا بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر فقالا : أخرجنا الجوع . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وأنا أخرجني الجوع ; فذهبوا إلى nindex.php?page=showalam&ids=2737أبي الهيثم بن التيهان ، فأمر لهم بشعير من عنده فعمل ، وقام فذبح لهم شاة ، واستعذب لهم ماء ، فعلق في نخلة ، ثم أتوا بذلك الطعام ، فأكلوا منه ، وشربوا من ذلك الماء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لتسألن عن نعيم هذا اليوم } . قال القاضي رضي الله عنه : والحديث مسند مشهور في الصحاح وغيرها
، وهذا نعيم المأكل والمشرب ، وأصله الذي لا تنعم فيه جلف الخبز والماء ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=40076وحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه } ، هكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 384 ] وقد يكون النعيم في الخادم كما حدث
الهجيع بن قيس {
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل له : ما يكفي ابن آدم من الدنيا ؟ قال : ما أشبع جوعتك ، وستر عورتك ; فمن كان له خادم فهناك النعيم ، فهناك النعيم } .
ومن حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=10944إن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من النعيم أن يقال له : ألم أصح جسمك ؟ ألم أروك من الماء البارد } . خرجه
الترمذي وغيره . وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي هذا الحديث فقال : إن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49 nindex.php?page=showalam&ids=2737أبا الهيثم بن التيهان قال : إن nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر الصديق رضي الله عنه خرج فإذا هو nindex.php?page=showalam&ids=2بعمر بن الخطاب جالس في المسجد ، فعمد نحوه ، فوقف فسلم فرد nindex.php?page=showalam&ids=2عمر عليه السلام ، فقال له أبو بكر : ما أخرجك هذه الساعة ؟ قال : وأنت ما أخرجك هذه الساعة ؟ قال أبو بكر : أنا سألت قبل أن تسألني . قال : أخرجني الجوع . قال أبو بكر : وأنا أخرجني الذي أخرجك . فجلسا يتحدثان ، فطلع رسول الله صلى الله عليه وسلم فعمد نحوهما حتى وقف عليهما ، فسلم فردا عليه السلام فقال : ما أخرجكما هذه الساعة ؟ فنظر كل واحد منهما إلى صاحبه ليس منهما واحد إلا يكره أن يخبره . فقال أبو بكر : خرج يا رسول الله ، وخرجت بعده ، فسألته ما أخرجك هذه الساعة ؟ قال : بل أنت ما أخرجك هذه الساعة ؟ فقلت : أنا سألتك قبل أن تسألني . قال : أخرجني الجوع . قال : فقلت له : أخرجني الذي أخرجك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وأنا أخرجني الذي أخرجكما . قال : ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تعلمان من أحد نضيفه اليوم ؟ قالا : نعم ، nindex.php?page=showalam&ids=2737أبو الهيثم بن التيهان حري إن جئناه أن نجد عنده فضلا من تمر يعالج جنانه هو وامرأته لا يبيعان منه شيئا . قال : فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه حتى دخلوا الحائط ، فسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسمعت أم الهيثم تسليمه ففدته بالأب والأم ، وأخرجت حلسا لها من شعر ، فطرحته ، فجلس عليه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 385 ] أين أبو الهيثم ؟ قالت : ذهب يستعذب لنا من الماء . قال : فطلع أبو الهيثم بالقربة على رقبته ، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين ظهراني النخل أسندها إلى جذع ، وأقبل يفدي بالأب والأم ، فلما رأى وجوههم عرف الذي بهم . فقال لأم الهيثم : هل أطعمت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه شيئا ؟ فقالت : إنما جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم الساعة . قال : فما عندك ؟ قالت : عندي حبات من شعير . قال : كركريها واعجني ، واخبزي ، إذ لم يكونوا يعرفون الخمير . وأخذ شفرة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إياك وذوات الدر فقال : يا رسول الله ، إنما أريد عناقا في الغنم . قال : فذبح ، فلم يلبث أن جاء بذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ; فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه قال : فشبعوا شبعة لا عهد لهم بمثلها ، فما مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا يسيرا ، حتى أتي بأسير من اليمن ، فجاءت nindex.php?page=showalam&ids=129فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تشكو إليه العمل وتربة يدها ، وتسأله إياه . قال : لا ، ولكن أعطيه أبا الهيثم ، فقد رأيت ما لقيه هو ومريته يوم ضفناهم . قال : فأرسل إليه فأعطاه إياه ، فقال : خذ هذا الغلام يعينك على حائطك ، واستوص به خيرا . قال : فمكث الغلام عند أبي الهيثم ما شاء الله أن يمكث ، ثم قال : يا غلام ، لقد كنت مستقلا وأنا وصاحبتي بحائطنا ، اذهب ، فلا رب لك إلا الله . قال : فخرج الغلام إلى الشام } .
وروى {
nindex.php?page=hadith&LINKID=40226عكراش بن ذؤيب : قال بعثني بنو مرة بن عبيد بصدقات أموالهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدمت عليه المدينة ، فوجدته جالسا بين المهاجرين والأنصار قال : ثم أخذ بيدي فانطلق بي إلى بيت nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة ، فقال : هل من طعام ؟ فأتينا بجفنة كثيرة الثريد والودك ، وأقبلنا نأكل منها ، فخبطت بيدي في نواحيها ، وأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين يديه ، فقبض بيده اليسرى على يدي اليمنى ، ثم قال : يا عكراش ; كل من موضع واحد ، فإنه طعام واحد . ثم أتينا بطبق فيه ألوان الرطب ; أو من عبيد الله شك قال : فجعلت آكل من بين يدي ، وجالت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطبق [ ص: 386 ] وقال : يا عكراش ; كل من حيث شئت ، فإنه من غير لون واحد ، ثم أتينا بماء ، فغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ، ومسح ببلل يديه وجهه وذراعيه ورأسه ، وقال : يا عكراش ; هذا الوضوء مما غيرت النار } .
وقال القاضي رضي الله عنه : فهذا كله يدل على أنه يجوز للمرء أن يتوسع في الطعام ويتلذذ ، ويسمي الله عز وجل ويحمده ، ولا يصرف قوته المستفادة بذلك في معصيته ، فإن سئل وجذبته سعادته فسيوفق للجواب إن شاء الله عز وجل .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ تَحْقِيقُ النَّعِيمِ مِنْ النِّعَمِ ، وَبِنَاءُ ( نَ عَ مَ ) لِلْمُوَافَقَةِ ، وَأَعْظَمُهَا مُوَافَقَةً
[ ص: 383 ] مَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي رِوَايَةِ
كَادِحِ بْنِ رَحْمَةَ أَنَّهُ صِحَّةُ الْبَدَن وَطِيبُ النَّفْسِ ، وَقَدْ أَخَذَهُ الشَّاعِرُ ، فَقَالَ :
إذَا الْقُوتُ يَأْتِي لَك وَالصِّحَّةُ وَالْأَمْنُ وَأَصْبَحْت أَخَا حُزْنٍ فَلَا فَارَقَك الْحُزْنُ
وَقَدْ كَانَ هَذَا يَتَأَتَّى قَبْلَ الْيَوْمِ ، فَأَمَّا فِي هَذَا الزَّمَانِ فَإِنَّهُ عَسِيرُ التَّكْوِينِ ، وَقَلِيلُ الْوُجُودِ .
وَيَرَى [ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ ] أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكًا أَخَذَهُ مِنْ حِكَمِ
لُقْمَانَ ; فَفِيهَا أَنَّ
لُقْمَانَ الْحَكِيمَ قَالَ لِابْنِهِ : لَيْسَ غِنًى كَصِحَّةٍ ، وَلَا نَعِيمٌ كَطِيبِ نَفْسٍ .
وَقَدْ رَوَى
التِّرْمِذِيُّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=17333لَمَّا نَزَلَتْ : { nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=8ثُمَّ nindex.php?page=treesubj&link=29073لَتُسْأَلُنَّ يَوْمئِذٍ عَنْ النَّعِيمِ } قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=15الزُّبَيْرُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ عَنْ أَيِّ نَعِيمٍ نُسْأَلُ ، وَإِنَّمَا هُمَا الْأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ ؟ قَالَ : أَمَا إنَّهُ سَيَكُونُ } .
وَفِيهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33389لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ : { nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=8ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنْ النَّعِيمِ } قَالَ النَّاسُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ; عَنْ أَيِّ النَّعِيمِ نُسْأَلُ ؟ فَإِنَّمَا هُمَا الْأَسْوَدَانِ ; وَالْعَدُوُّ حَاضِرٌ ، وَسُيُوفُنَا عَلَى عَوَاتِقِنَا ؟ قَالَ : أَمَا إنَّهُ سَيَكُونُ } .
قَالَ الْقَاضِي : وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السُّورَةَ مَدَنِيَّةٌ ، نَزَلَتْ بَعْدَ شَرْعِ الْقِتَالِ .
وَرَوَى
ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ قَالَ : بَلَغَنِي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=5643أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ ، فَوَجَدَ أَبَا بَكْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=2وَعُمَرَ فَقَالَا : أَخْرَجَنَا الْجُوعُ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَأَنَا أَخْرَجَنِي الْجُوعُ ; فَذَهَبُوا إلَى nindex.php?page=showalam&ids=2737أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيْهَانِ ، فَأَمَرَ لَهُمْ بِشَعِيرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِلَ ، وَقَامَ فَذَبَحَ لَهُمْ شَاةً ، وَاسْتَعْذَبَ لَهُمْ مَاءً ، فَعُلِّقَ فِي نَخْلَةٍ ، ثُمَّ أُتُوا بِذَلِكَ الطَّعَامِ ، فَأَكَلُوا مِنْهُ ، وَشَرِبُوا مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَتُسْأَلُنَّ عَنْ نَعِيمِ هَذَا الْيَوْمِ } . قَالَ الْقَاضِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : وَالْحَدِيثُ مُسْنَدٌ مَشْهُورٌ فِي الصِّحَاحِ وَغَيْرِهَا
، وَهَذَا نَعِيمُ الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ ، وَأَصْلُهُ الَّذِي لَا تَنَعُّمَ فِيهِ جِلْفُ الْخُبْزِ وَالْمَاءِ ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=40076وَحَسْبُ ابْنِ آدَمَ لُقَيْمَاتٍ يُقِمْنَ صُلْبَهُ } ، هَكَذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
[ ص: 384 ] وَقَدْ يَكُونُ النَّعِيمُ فِي الْخَادِمِ كَمَا حَدَّثَ
الْهُجَيْعُ بْنُ قَيْسٍ {
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيلَ لَهُ : مَا يَكْفِي ابْنَ آدَمَ مِنْ الدُّنْيَا ؟ قَالَ : مَا أَشْبَعَ جَوْعَتَك ، وَسَتَرَ عَوْرَتَك ; فَمَنْ كَانَ لَهُ خَادِمٌ فَهُنَاكَ النَّعِيمُ ، فَهُنَاكَ النَّعِيمُ } .
وَمِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=10944إنَّ أَوَّلَ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ النَّعِيمِ أَنْ يُقَالَ لَهُ : أَلَمْ أَصِحَّ جِسْمَك ؟ أَلَمْ أَرْوِك مِنْ الْمَاءِ الْبَارِدِ } . خَرَّجَهُ
التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ . وَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ : إنَّ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49 nindex.php?page=showalam&ids=2737أَبَا الْهَيْثَمِ بْنَ التَّيْهَانِ قَالَ : إنَّ nindex.php?page=showalam&ids=1أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَرَجَ فَإِذَا هُوَ nindex.php?page=showalam&ids=2بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ ، فَعَمَدَ نَحْوَهُ ، فَوَقَفَ فَسَلَّمَ فَرَدَّ nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ عَلَيْهِ السَّلَامَ ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ : مَا أَخْرَجَك هَذِهِ السَّاعَةَ ؟ قَالَ : وَأَنْتَ مَا أَخْرَجَك هَذِهِ السَّاعَةَ ؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَنَا سَأَلْت قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَنِي . قَالَ : أَخْرَجَنِي الْجُوعُ . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَأَنَا أَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَك . فَجَلَسَا يَتَحَدَّثَانِ ، فَطَلَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَمَدَ نَحْوَهُمَا حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِمَا ، فَسَلَّمَ فَرَدَّا عَلَيْهِ السَّلَامَ فَقَالَ : مَا أَخْرَجَكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ ؟ فَنَظَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى صَاحِبِهِ لَيْسَ مِنْهُمَا وَاحِدٌ إلَّا يَكْرَهُ أَنْ يُخْبِرَهُ . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : خَرَجَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَخَرَجْت بَعْدَهُ ، فَسَأَلْته مَا أَخْرَجَك هَذِهِ السَّاعَةَ ؟ قَالَ : بَلْ أَنْتَ مَا أَخْرَجَك هَذِهِ السَّاعَةَ ؟ فَقُلْت : أَنَا سَأَلْتُك قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَنِي . قَالَ : أَخْرَجَنِي الْجُوعُ . قَالَ : فَقُلْت لَهُ : أَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَك . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَأَنَا أَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا . قَالَ : ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تَعْلَمَانِ مِنْ أَحَدٍ نُضِيفُهُ الْيَوْمَ ؟ قَالَا : نَعَمْ ، nindex.php?page=showalam&ids=2737أَبُو الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيْهَانِ حَرِيٌّ إنْ جِئْنَاهُ أَنْ نَجِدَ عِنْدَهُ فَضْلًا مِنْ تَمْرٍ يُعَالِجُ جِنَانَهُ هُوَ وَامْرَأَتُهُ لَا يَبِيعَانِ مِنْهُ شَيْئًا . قَالَ : فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَاهُ حَتَّى دَخَلُوا الْحَائِطَ ، فَسَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَسَمِعَتْ أُمُّ الْهَيْثَمِ تَسْلِيمَهُ فَفَدَتْهُ بِالْأَبِ وَالْأُمِّ ، وَأَخْرَجَتْ حِلْسًا لَهَا مِنْ شَعْرٍ ، فَطَرَحَتْهُ ، فَجَلَسَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ ص: 385 ] أَيْنَ أَبُو الْهَيْثَمِ ؟ قَالَتْ : ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا مِنْ الْمَاءِ . قَالَ : فَطَلَعَ أَبُو الْهَيْثَمِ بِالْقِرْبَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ النَّخْلِ أَسْنَدَهَا إلَى جِذْعٍ ، وَأَقْبَلَ يَفْدِي بِالْأَبِ وَالْأُمِّ ، فَلَمَّا رَأَى وُجُوهَهُمْ عَرَفَ الَّذِي بِهِمْ . فَقَالَ لِأُمِّ الْهَيْثَمِ : هَلْ أَطْعَمْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَيْهِ شَيْئًا ؟ فَقَالَتْ : إنَّمَا جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّاعَةَ . قَالَ : فَمَا عِنْدَك ؟ قَالَتْ : عِنْدِي حَبَّاتٌ مِنْ شَعِيرٍ . قَالَ : كَرْكِرِيهَا وَاعْجِنِي ، وَاخْبِزِي ، إذْ لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَ الْخَمِيرَ . وَأَخَذَ شَفْرَةً ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إيَّاكَ وَذَوَاتِ الدَّرِّ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إنَّمَا أُرِيدُ عَنَاقًا فِي الْغَنَمِ . قَالَ : فَذَبَحَ ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ جَاءَ بِذَلِكَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَاهُ قَالَ : فَشَبِعُوا شِبْعَةً لَا عَهْدَ لَهُمْ بِمِثْلِهَا ، فَمَا مَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا يَسِيرًا ، حَتَّى أُتِيَ بِأَسِيرٍ مِنْ الْيَمَنِ ، فَجَاءَتْ nindex.php?page=showalam&ids=129فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَشْكُو إلَيْهِ الْعَمَلَ وَتُرْبَةَ يَدِهَا ، وَتَسْأَلُهُ إيَّاهُ . قَالَ : لَا ، وَلَكِنْ أَعْطِيهِ أَبَا الْهَيْثَمِ ، فَقَدْ رَأَيْت مَا لَقِيَهُ هُوَ وَمِرْيَتُهُ يَوْمَ ضِفْنَاهُمْ . قَالَ : فَأَرْسَلَ إلَيْهِ فَأَعْطَاهُ إيَّاهُ ، فَقَالَ : خُذْ هَذَا الْغُلَامَ يُعِينُك عَلَى حَائِطِك ، وَاسْتَوْصِ بِهِ خَيْرًا . قَالَ : فَمَكَثَ الْغُلَامُ عِنْدَ أَبِي الْهَيْثَمِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَ ، ثُمَّ قَالَ : يَا غُلَامُ ، لَقَدْ كُنْت مُسْتَقِلًّا وَأَنَا وَصَاحِبَتِي بِحَائِطِنَا ، اذْهَبْ ، فَلَا رَبَّ لَك إلَّا اللَّهُ . قَالَ : فَخَرَجَ الْغُلَامُ إلَى الشَّامِ } .
وَرَوَى {
nindex.php?page=hadith&LINKID=40226عِكْرَاشُ بْنُ ذُؤَيْبٍ : قَالَ بَعَثَنِي بَنُو مُرَّةَ بْنِ عُبَيْدٍ بِصَدَقَاتِ أَمْوَالِهِمْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدِمْت عَلَيْهِ الْمَدِينَةَ ، فَوَجَدْته جَالِسًا بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ قَالَ : ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَانْطَلَقَ بِي إلَى بَيْتِ nindex.php?page=showalam&ids=54أُمِّ سَلَمَةَ ، فَقَالَ : هَلْ مِنْ طَعَامٍ ؟ فَأَتَيْنَا بِجَفْنَةٍ كَثِيرَةِ الثَّرِيدِ وَالْوَدَكِ ، وَأَقْبَلْنَا نَأْكُلُ مِنْهَا ، فَخَبَطْت بِيَدِي فِي نَوَاحِيهَا ، وَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ، فَقَبَضَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى يَدِي الْيُمْنَى ، ثُمَّ قَالَ : يَا عِكْرَاشُ ; كُلْ مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ ، فَإِنَّهُ طَعَامٌ وَاحِدٌ . ثُمَّ أُتِينَا بِطَبَقٍ فِيهِ أَلْوَانُ الرُّطَبِ ; أَوْ مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ شَكٌّ قَالَ : فَجَعَلْت آكُلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ ، وَجَالَتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الطَّبَقِ [ ص: 386 ] وَقَالَ : يَا عِكْرَاشُ ; كُلْ مِنْ حَيْثُ شِئْت ، فَإِنَّهُ مِنْ غَيْرِ لَوْنٍ وَاحِدٍ ، ثُمَّ أُتِينَا بِمَاءٍ ، فَغَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ ، وَمَسَحَ بِبَلَلِ يَدَيْهِ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَرَأْسَهُ ، وَقَالَ : يَا عِكْرَاشُ ; هَذَا الْوُضُوءُ مِمَّا غَيَّرَتْ النَّارُ } .
وَقَالَ الْقَاضِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : فَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرْءِ أَنْ يَتَوَسَّعَ فِي الطَّعَامِ وَيَتَلَذَّذَ ، وَيُسَمِّيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَيَحْمَدَهُ ، وَلَا يَصْرِفَ قُوَّتَهُ الْمُسْتَفَادَةَ بِذَلِكَ فِي مَعْصِيَتِهِ ، فَإِنْ سُئِلَ وَجَذَبَتْهُ سَعَادَتُهُ فَسَيُوَفَّقُ لِلْجَوَابِ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ .