الآية الثالثة قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=1250فإذا فرغت فانصب } : فيها مسألتان :
المسألة الأولى اتفق الموحدون والمفسرون على أن معناه : إذا فرغت من الصلاة فانصب للأخرى بلا فتور ولا كسل ، وقد اختلفوا في تعيينهما على أربعة أقوال : الأول إذا فرغت من الفرائض فتأهب لقيام الليل .
الثاني : إذا فرغت من الصلاة فانصب للدعاء .
الثالث : إذا فرغت من الجهاد فاعبد ربك .
الرابع إذا فرغت من أمر دنياك فانصب لأمر آخرتك .
ومن المبتدعة من قرأ هذه الآية فأنصب بكسر الصاد والهمز في أوله ، وقالوا : معناه أنصب الإمام الذي يستخلف ; وهذا باطل في القراءة ، باطل في المعنى ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستخلف أحدا . وقرأها بعض الجهال فانصب بتشديد الباء معناه إذا فرغت من الغزو فجد إلى بلدك .
وهذا باطل أيضا قراءة لمخالفة الإجماع ، لكن معناه
[ ص: 358 ] صحيح ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14362السفر قطعة من العذاب ، يمنع أحدكم نومه وطعامه وشرابه ، فإذا قضى أحدكم نهمته فليعجل الرجوع إلى أهله } .
وأشد الناس عذابا وأسوأهم مآبا ومباء من أخذ معنى صحيحا ، فركب عليه من قبل نفسه قراءة أو حديثا ، فيكون كاذبا على الله ، كاذبا على رسوله ، ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا . أما أنه قد روي وهي :
المسألة الثانية عن
nindex.php?page=showalam&ids=16099شريح أنه مر بقوم يلعبون يوم عيد ، فقال : ما بهذا أمر الشارع .
وفيه نظر ; فإن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14042الحبش كانوا يلعبون بالدرق والحراب في المسجد يوم العيد ، والنبي صلى الله عليه وسلم ينظر } .
{
nindex.php?page=hadith&LINKID=40124ودخل أبو بكر بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة وعندها جاريتان من جواري الأنصار تغنيان ، فقال أبو بكر : أمزمارة الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : دعهما يا أبا بكر ، فإنه يوم عيد } .
وليس يلزم الدءوب على العمل ، بل هو مكروه للخلق ، حسبما تقدم بيانه في غير موضع .
الْآيَةُ الثَّالِثَةُ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=1250فَإِذَا فَرَغْت فَانْصَبْ } : فِيهَا مَسْأَلَتَانِ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى اتَّفَقَ الْمُوَحِّدُونَ وَالْمُفَسِّرُونَ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ : إذَا فَرَغْت مِنْ الصَّلَاةِ فَانْصَبْ لِلْأُخْرَى بِلَا فُتُورٍ وَلَا كَسَلٍ ، وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي تَعْيِينِهِمَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ : الْأَوَّلُ إذَا فَرَغْت مِنْ الْفَرَائِضِ فَتَأَهَّبْ لِقِيَامِ اللَّيْلِ .
الثَّانِي : إذَا فَرَغْت مِنْ الصَّلَاةِ فَانْصَبْ لِلدُّعَاءِ .
الثَّالِثُ : إذَا فَرَغْت مِنْ الْجِهَادِ فَاعْبُدْ رَبَّك .
الرَّابِعُ إذَا فَرَغْت مِنْ أَمْرِ دُنْيَاك فَانْصَبْ لِأَمْرِ آخِرَتِك .
وَمِنْ الْمُبْتَدِعَةِ مَنْ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ فَأَنْصِبْ بِكَسْرِ الصَّادِ وَالْهَمْزِ فِي أَوَّلِهِ ، وَقَالُوا : مَعْنَاهُ أَنْصِبْ الْإِمَامَ الَّذِي يُسْتَخْلَفُ ; وَهَذَا بَاطِلٌ فِي الْقِرَاءَةِ ، بَاطِلٌ فِي الْمَعْنَى ; لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْتَخْلِفْ أَحَدًا . وَقَرَأَهَا بَعْضُ الْجُهَّالِ فَانْصَبَّ بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ مَعْنَاهُ إذَا فَرَغْت مِنْ الْغَزْوِ فَجُدَّ إلَى بَلَدِك .
وَهَذَا بَاطِلٌ أَيْضًا قِرَاءَةً لِمُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ ، لَكِنَّ مَعْنَاهُ
[ ص: 358 ] صَحِيحٌ ; لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14362السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنْ الْعَذَابِ ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ ، فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ فَلْيُعَجِّلْ الرُّجُوعَ إلَى أَهْلِهِ } .
وَأَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا وَأَسْوَأَهُمْ مَآبًا وَمَبَاءً مَنْ أَخَذَ مَعْنًى صَحِيحًا ، فَرَكَّبَ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ قِرَاءَةً أَوْ حَدِيثًا ، فَيَكُونُ كَاذِبًا عَلَى اللَّهِ ، كَاذِبًا عَلَى رَسُولِهِ ، وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا . أَمَّا أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ وَهِيَ :
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16099شُرَيْحٍ أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ يَلْعَبُونَ يَوْمَ عِيدٍ ، فَقَالَ : مَا بِهَذَا أَمَرَ الشَّارِعُ .
وَفِيهِ نَظَرٌ ; فَإِنَّ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14042الْحَبَشَ كَانُوا يَلْعَبُونَ بِالدَّرَقِ وَالْحِرَابِ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْعِيدِ ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ } .
{
nindex.php?page=hadith&LINKID=40124وَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ بَيْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ مِنْ جِوَارِي الْأَنْصَارِ تُغَنَّيَانِ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَمِزْمَارَةُ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالَ : دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ ، فَإِنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ } .
وَلَيْسَ يَلْزَمُ الدَّءُوبَ عَلَى الْعَمَلِ ، بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ لِلْخَلْقِ ، حَسْبَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ .