الآية الثالثة قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=17nindex.php?page=treesubj&link=29010والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى فبشر عباد } .
فيها مسألتان : المسألة الأولى : في
nindex.php?page=treesubj&link=29010سبب نزولها : قال علماؤنا : نزلت مع الآية التي قبلها في ثلاثة نفر :
زيد بن عمرو بن نفيل ،
nindex.php?page=showalam&ids=1584وأبي ذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=23وسلمان الفارسي كانوا ممن لم يأتهم كتاب ولا بعث إليهم نبي ، ولكن وقر في نفوسهم كراهية ما الناس عليه بما سمعوا من أحسن ما كان في أقوال الناس ، فلا جرم قادهم ذلك إلى الجنة .
أما
زيد بن عمرو بن نفيل فمات على التوحيد في أيام الفترة فله ما نوى من الجنة ، وأما
nindex.php?page=showalam&ids=1584أبو ذر وسلمان فتداركتهم العناية ، ونالوا الهداية ، وأسلموا ، وصاروا في جملة الصحابة . المسألة الثانية : قال جماعة : الطاغوت الشيطان ، وقيل : الأصنام .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : هو كل ما عبد من دون الله ، وهو فلعوت من طغى ; إذا تجاوز الحد ، ودخل في قسم المذموم فقال
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : كانت
العرب قد اتخذت في
الكعبة طواغيت ، وهي ستون ، كانت تعظمها بتعظيم
الكعبة ، وتهدى إليها كما تهدى إلى
الكعبة ، وكان لها سدنة وحجاب ، وكانت تطوف بها ، وتعرف فضل
الكعبة عليها .
وقيل : كان الشيطان يتصور في صورة إنسان فيتحاكمون إليه وهي صورة
إبراهيم وفي الحديث : {
إنه يأتي شيطان في صورة رجل فيقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 66 ] يكذب على النبي متعمدا ليضل الناس } ، فينبغي أن يحذر من الأحاديث الباطلة المضلة ، وينبغي ألا يقصد مسجدا ، ولا يعظم بقعة إلا البقاع الثلاث التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30416لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد : مسجدي هذا ، ومكة ، والمسجد الأقصى } .
وقد سول الشيطان لأهل زماننا أن يقصدوا الربط ، ويمشوا إلى المساجد تعظيما لها ، وهي بدعة ما جاء النبي بها إلا
مسجد قباء ، فإنه كان يأتيه كل سبت راكبا وماشيا ، لا لأجل المسجدية ، فإن حرمتها في مسجده كانت أكثر ، وإنما كان ذلك على طريق الافتقاد لأهله ، والتطييب لقلوبهم ، والإحسان بالألفة إليهم .
الْآيَةُ الثَّالِثَةُ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=17nindex.php?page=treesubj&link=29010وَاَلَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إلَى اللَّهِ لَهُمْ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ } .
فِيهَا مَسْأَلَتَانِ : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=29010سَبَبِ نُزُولِهَا : قَالَ عُلَمَاؤُنَا : نَزَلَتْ مَعَ الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا فِي ثَلَاثَةِ نَفَرٍ :
زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=1584وَأَبِي ذَرٍّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=23وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ كَانُوا مِمَّنْ لَمْ يَأْتِهِمْ كِتَابٌ وَلَا بُعِثَ إلَيْهِمْ نَبِيٌّ ، وَلَكِنْ وَقَرَ فِي نُفُوسِهِمْ كَرَاهِيَةُ مَا النَّاسُ عَلَيْهِ بِمَا سَمِعُوا مِنْ أَحْسَنِ مَا كَانَ فِي أَقْوَالِ النَّاسِ ، فَلَا جَرَمَ قَادَهُمْ ذَلِكَ إلَى الْجَنَّةِ .
أَمَّا
زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ فَمَاتَ عَلَى التَّوْحِيدِ فِي أَيَّامِ الْفَتْرَةِ فَلَهُ مَا نَوَى مِنْ الْجَنَّةِ ، وَأَمَّا
nindex.php?page=showalam&ids=1584أَبُو ذَرٍّ وَسَلْمَانُ فَتَدَارَكَتْهُمْ الْعِنَايَةُ ، وَنَالُوا الْهِدَايَةَ ، وَأَسْلَمُوا ، وَصَارُوا فِي جُمْلَةِ الصَّحَابَةِ . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَالَ جَمَاعَةٌ : الطَّاغُوتُ الشَّيْطَانُ ، وَقِيلَ : الْأَصْنَامُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابْنُ وَهْبٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ : هُوَ كُلُّ مَا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ، وَهُوَ فَلَعُوتٌ مَنْ طَغَى ; إذَا تَجَاوَزَ الْحَدَّ ، وَدَخَلَ فِي قِسْمِ الْمَذْمُومِ فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ : كَانَتْ
الْعَرَبُ قَدْ اتَّخَذَتْ فِي
الْكَعْبَةِ طَوَاغِيتَ ، وَهِيَ سِتُّونَ ، كَانَتْ تُعَظِّمُهَا بِتَعْظِيمِ
الْكَعْبَةِ ، وَتُهْدَى إلَيْهَا كَمَا تُهْدَى إلَى
الْكَعْبَةِ ، وَكَانَ لَهَا سَدَنَةٌ وَحُجَّابٌ ، وَكَانَتْ تَطُوفُ بِهَا ، وَتَعْرِفُ فَضْلَ
الْكَعْبَةِ عَلَيْهَا .
وَقِيلَ : كَانَ الشَّيْطَانُ يَتَصَوَّرُ فِي صُورَةِ إنْسَانٍ فَيَتَحَاكَمُونَ إلَيْهِ وَهِيَ صُورَةُ
إبْرَاهِيمَ وَفِي الْحَدِيثِ : {
إنَّهُ يَأْتِي شَيْطَانٌ فِي صُورَةِ رَجُلٍ فَيَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ ص: 66 ] يَكْذِبُ عَلَى النَّبِيِّ مُتَعَمِّدًا لِيُضِلَّ النَّاسَ } ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْذَرَ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْبَاطِلَةِ الْمُضِلَّةِ ، وَيَنْبَغِي أَلَّا يَقْصِدَ مَسْجِدًا ، وَلَا يُعَظِّمَ بُقْعَةً إلَّا الْبِقَاعَ الثَّلَاثَ الَّتِي قَالَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30416لَا تُعْمَلُ الْمَطِيُّ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ : مَسْجِدِي هَذَا ، وَمَكَّةَ ، وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى } .
وَقَدْ سَوَّلَ الشَّيْطَانُ لِأَهْلِ زَمَانِنَا أَنْ يَقْصِدُوا الرُّبُطَ ، وَيَمْشُوا إلَى الْمَسَاجِدِ تَعْظِيمًا لَهَا ، وَهِيَ بِدْعَةٌ مَا جَاءَ النَّبِيُّ بِهَا إلَّا
مَسْجِدَ قُبَاءَ ، فَإِنَّهُ كَانَ يَأْتِيهِ كُلَّ سَبْتٍ رَاكِبًا وَمَاشِيًا ، لَا لِأَجْلِ الْمَسْجِدِيَّةِ ، فَإِنَّ حُرْمَتَهَا فِي مَسْجِدِهِ كَانَتْ أَكْثَرَ ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ الِافْتِقَادِ لِأَهْلِهِ ، وَالتَّطْيِيبِ لِقُلُوبِهِمْ ، وَالْإِحْسَانِ بِالْأُلْفَةِ إلَيْهِمْ .