[ ص: 592 ] المسألة الحادية عشرة : قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=50nindex.php?page=treesubj&link=29004اللاتي هاجرن معك } وفيه قولان : أحدهما : أن معناه لا يحل لك أن تنكح من بنات عمك وبنات عماتك إلا من أسلم ، لقوله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15204المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه } .
الثاني : أن المعنى لا يحل لك منهن إلا من هاجر إلى
المدينة ، لأن من لم يهاجر ليس من أوليائك لقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=72والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا } .
ومن لم يهاجر لم يكمل ، ومن لم يكمل لم يصلح لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كمل وشرف وعظم .
وهذا يدل على أن الآية مخصوصة برسول الله صلى الله عليه وسلم ليست بعامة له ولأمته ، كما قال بعضهم ; لأن هذه الشروط تختص به .
ولهذا المعنى نزلت الآية في
أم هانئ بأنها لم تكن هاجرت ، فمنع منها لنقصها بالهجرة ، والمراد بقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=50هاجرن } خرجن إلى
المدينة ، وهذا أصح من الأول ; لأن الهجرة عند الإطلاق هي الخروج من بلد الكفر إلى دار الإيمان ، والأسماء إنما تحمل على عرفها ، والهجرة في الشريعة أشهر من أن تحتاج إلى بيان ، أو تختص بدليل ; وإنما يلزم ذلك لمن ادعى غيرها .
المسألة الثانية عشرة : قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=50معك } صحبته إذ هاجر أو لم يكن ; يقال : دخل فلان معي ، أي في صحبتي ، فكنا معا ، وتقول : دخل فلان معي وخرج معي ، أي كان عمله كعملي ، وإن لم يقترن فيه عملكما
[ ص: 593 ] ولو قلت : خرجنا معا لاقتضى ذلك المعنيين جميعا : المشاركة في الفعل ، والاقتران فيه ; فصار قولك : " معي " للمشاركة ، وقولك : " معا " للمشاركة والاقتران .
[ ص: 592 ] الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ : قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=50nindex.php?page=treesubj&link=29004اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَك } وَفِيهِ قَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ مَعْنَاهُ لَا يَحِلُّ لَك أَنْ تَنْكِحَ مِنْ بَنَاتِ عَمِّك وَبَنَاتِ عَمَّاتِك إلَّا مَنْ أَسْلَمَ ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15204الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ } .
الثَّانِي : أَنَّ الْمَعْنَى لَا يَحِلُّ لَك مِنْهُنَّ إلَّا مَنْ هَاجَرَ إلَى
الْمَدِينَةِ ، لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ لَيْسَ مِنْ أَوْلِيَائِك لِقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=72وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا } .
وَمَنْ لَمْ يُهَاجِرْ لَمْ يَكْمُلْ ، وَمَنْ لَمْ يَكْمُلْ لَمْ يَصْلُحْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي كَمُلَ وَشَرُفَ وَعَظُمَ .
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ مَخْصُوصَةٌ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَتْ بِعَامَّةٍ لَهُ وَلِأُمَّتِهِ ، كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ ; لِأَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ تَخْتَصُّ بِهِ .
وَلِهَذَا الْمَعْنَى نَزَلَتْ الْآيَةُ فِي
أُمِّ هَانِئٍ بِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ هَاجَرَتْ ، فَمُنِعَ مِنْهَا لِنَقْصِهَا بِالْهِجْرَةِ ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=50هَاجَرْنَ } خَرَجْنَ إلَى
الْمَدِينَةِ ، وَهَذَا أَصَحُّ مِنْ الْأَوَّلِ ; لِأَنَّ الْهِجْرَةَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ هِيَ الْخُرُوجُ مِنْ بَلَدِ الْكُفْرِ إلَى دَارِ الْإِيمَانِ ، وَالْأَسْمَاءُ إنَّمَا تُحْمَلُ عَلَى عُرْفِهَا ، وَالْهِجْرَةُ فِي الشَّرِيعَةِ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ تَحْتَاجَ إلَى بَيَانٍ ، أَوْ تَخْتَصَّ بِدَلِيلٍ ; وَإِنَّمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ لِمَنْ ادَّعَى غَيْرَهَا .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ : قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=50مَعَك } صُحْبَتِهِ إذْ هَاجَرَ أَوْ لَمْ يَكُنْ ; يُقَالُ : دَخَلَ فُلَانٌ مَعِي ، أَيْ فِي صُحْبَتِي ، فَكُنَّا مَعًا ، وَتَقُولُ : دَخَلَ فُلَانٌ مَعِي وَخَرَجَ مَعِي ، أَيْ كَانَ عَمَلُهُ كَعَمَلِي ، وَإِنْ لَمْ يَقْتَرِنْ فِيهِ عَمَلُكُمَا
[ ص: 593 ] وَلَوْ قُلْت : خَرَجْنَا مَعًا لَاقْتَضَى ذَلِكَ الْمَعْنَيَيْنِ جَمِيعًا : الْمُشَارَكَةُ فِي الْفِعْلِ ، وَالِاقْتِرَانُ فِيهِ ; فَصَارَ قَوْلُك : " مَعِي " لِلْمُشَارَكَةِ ، وَقَوْلُك : " مَعًا " لِلْمُشَارَكَةِ وَالِاقْتِرَانِ .