المسألة الحادية عشرة : قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=141وآتوا حقه يوم حصاده } :
اختلف العلماء في
nindex.php?page=treesubj&link=2907_2858وقت وجوب الزكاة في هذه الأموال النباتية على ثلاثة أقوال :
الأول : أنها تجب وقت الجداد ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=80محمد بن مسلمة ; بقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=141وآتوا حقه يوم حصاده } .
[ ص: 288 ]
الثاني : أنها تجب يوم الطيب لأن ما قبل الطيب يكون علفا لا قوتا ولا طعاما ; فإذا طابت وكان الأكل الذي أنعم الله به وجب الحق الذي أمر الله به ، إذ بتمام النعمة يجب شكر النعمة ، ويكون الإيتاء يوم الحصاد لما قد وجب يوم الطيب .
الثالث : أنه يكون بعد تمام الخرص ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة ; لأنه حينئذ يتحقق الواجب فيه من الزكاة ، فيكون شرطا لوجوبها ، أصله مجيء الساعي في الغنم .
ولكل قول وجه كما ترون ; لكن الصحيح وجوب الزكاة بالطيب ، لما بيناه من الدليل ; وإنما خرص عليهم ليعلم قدر الواجب في ثمارهم .
والأصل في الخرص حديث الموطإ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=3068أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث nindex.php?page=showalam&ids=82عبد الله بن رواحة إلى أهل خيبر فخرص عليهم وخيرهم بين أن يأخذوا وله ما قال ، أو ينخلوا ولهم ما قال : فقالوا : بهذا قامت السموات والأرض } . ويا ويح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري يتخير على
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، ولا يدخل هذا الحديث في باب الخرص ، ويدخل منه حديث النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=8332أنه مر في غزوة تبوك بحديقة فقال : اخرصوا هذه فخرصوا ; فلما رجع عن الغزو وسأل المرأة كم جاءت حديقتك ؟ فأخبرته أنها جاءت كما قال ؟ } فكانت إحدى معجزاته في قول .
فإن
nindex.php?page=treesubj&link=3082_3078تلفت بعد الطيب فلا شيء فيها على المالك ، وهي :
المسألة الثانية عشرة : إن الله ذهب بماله وما عليه ، ولم يلزمه أن يخرجها من غيره ،
nindex.php?page=treesubj&link=2686_2901_2850_2874وإن تلفت بعد الخرص وهي :
المسألة الثالثة عشرة : فلا بد له أن يقيم البينة على تلفها .
[ ص: 289 ]
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يحلف لأنها أمانة عنده ، وليس كذلك ; بل هي واجبة عليه ، فلا يبرئه منها إلا إيجاد البراءة ; وإنما ذلك في الأمانات التي تكون مستحفظة عنده من غيره ، وفي ذلك تفصيل ذكره : في الفروع .
المسألة الرابعة عشرة :
تركبت على هذه الأصول مسألة ; وهي أن الله تعالى أوجب الزكاة في الكرم والفروع والنخل مطلقا ، ثم فسر النصاب بقوله : ليس فيما دون خمسة أوسق من تمر ولا حب صدقة . فمن حصل له من تمر وزبيب معا خمسة أوسق ، أو من زبيب خمسة أوسق وجبت عليه الزكاة فيها ، فإن حصل له من تمر وزبيب معا خمسة أوسق لم تلزمه زكاته إجماعا في الوجهين ; لأنهما صنفان مختلفان . فإن حصل له من طعام بر وشعير معا خمسة أوسق زكاهما [ معا ] عند
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا يجمعان ، وكذلك غيرهما ، وإنما هي أنواع كلها يعتبر النصاب في كل واحد منها على الانفراد ; لأنهما يختلفان في الاسم الخاص ; وفي حالة الطعم .
والصحيح ضمهما ; لأنهما قوتان يتقاربان ، فلا يضر اختلاف الاسم . وقد بيناه في كتب الفروع .
الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ : قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=141وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } :
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=2907_2858وَقْتِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي هَذِهِ الْأَمْوَالِ النَّبَاتِيَّةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ :
الْأَوَّلِ : أَنَّهَا تَجِبُ وَقْتَ الْجِدَادِ ; قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=80مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ ; بِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=141وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } .
[ ص: 288 ]
الثَّانِي : أَنَّهَا تَجِبُ يَوْمَ الطِّيبِ لِأَنَّ مَا قَبْلَ الطِّيبِ يَكُونُ عَلَفًا لَا قُوتًا وَلَا طَعَامًا ; فَإِذَا طَابَتْ وَكَانَ الْأَكْلُ الَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ وَجَبَ الْحَقُّ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ ، إذْ بِتَمَامِ النِّعْمَةِ يَجِبُ شُكْرُ النِّعْمَةِ ، وَيَكُونُ الْإِيتَاءُ يَوْمَ الْحَصَادِ لِمَا قَدْ وَجَبَ يَوْمَ الطِّيبِ .
الثَّالِثِ : أَنَّهُ يَكُونُ بَعْدَ تَمَامِ الْخَرْصِ ; قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=19الْمُغِيرَةُ ; لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَتَحَقَّقُ الْوَاجِبُ فِيهِ مِنْ الزَّكَاةِ ، فَيَكُونُ شَرْطًا لِوُجُوبِهَا ، أَصْلُهُ مَجِيءُ السَّاعِي فِي الْغَنَمِ .
وَلِكُلِّ قَوْلٍ وَجْهٌ كَمَا تَرَوْنَ ; لَكِنَّ الصَّحِيحَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ بِالطِّيبِ ، لِمَا بَيَّنَّاهُ مِنْ الدَّلِيلِ ; وَإِنَّمَا خَرَصَ عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمَ قَدْرَ الْوَاجِبِ فِي ثِمَارِهِمْ .
وَالْأَصْلُ فِي الْخَرْصِ حَدِيثُ الْمُوَطَّإِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=3068أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ nindex.php?page=showalam&ids=82عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ إلَى أَهْلِ خَيْبَرَ فَخَرَصَ عَلَيْهِمْ وَخَيَّرَهُمْ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذُوا وَلَهُ مَا قَالَ ، أَوْ يَنْخُلُوا وَلَهُمْ مَا قَالَ : فَقَالُوا : بِهَذَا قَامَتْ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ } . وَيَا وَيْحَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيَّ يَتَخَيَّرُ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ ، وَلَا يُدْخِلُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي بَابِ الْخَرْصِ ، وَيُدْخِلُ مِنْهُ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=8332أَنَّهُ مَرَّ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ بِحَدِيقَةٍ فَقَالَ : اُخْرُصُوا هَذِهِ فَخَرَصُوا ; فَلَمَّا رَجَعَ عَنْ الْغَزْوِ وَسَأَلَ الْمَرْأَةَ كَمْ جَاءَتْ حَدِيقَتُك ؟ فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا جَاءَتْ كَمَا قَالَ ؟ } فَكَانَتْ إحْدَى مُعْجِزَاتِهِ فِي قَوْلٍ .
فَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=3082_3078تَلِفَتْ بَعْدَ الطِّيبِ فَلَا شَيْءَ فِيهَا عَلَى الْمَالِكِ ، وَهِيَ :
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ : إنَّ اللَّهَ ذَهَبَ بِمَالِهِ وَمَا عَلَيْهِ ، وَلَمْ يُلْزِمْهُ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ غَيْرِهِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=2686_2901_2850_2874وَإِنْ تَلِفَتْ بَعْدَ الْخَرْصِ وَهِيَ :
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ : فَلَا بُدَّ لَهُ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى تَلَفِهَا .
[ ص: 289 ]
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : يَحْلِفُ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ عِنْدَهُ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ; بَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ ، فَلَا يُبَرِّئُهُ مِنْهَا إلَّا إيجَادُ الْبَرَاءَةِ ; وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْأَمَانَاتِ الَّتِي تَكُونُ مُسْتَحْفَظَةً عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِهِ ، وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ ذَكَرَهُ : فِي الْفُرُوعِ .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ :
تَرَكَّبَتْ عَلَى هَذِهِ الْأُصُولِ مَسْأَلَةٌ ; وَهِيَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي الْكَرْمِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّخْلِ مُطْلَقًا ، ثُمَّ فَسَّرَ النِّصَابَ بِقَوْلِهِ : لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنْ تَمْرٍ وَلَا حَبٍّ صَدَقَةٌ . فَمَنْ حَصَلَ لَهُ مِنْ تَمْرٍ وَزَبِيبٍ مَعًا خَمْسَةُ أَوْسُقٍ ، أَوْ مِنْ زَبِيبٍ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ فِيهَا ، فَإِنْ حَصَلَ لَهُ مِنْ تَمْرٍ وَزَبِيبٍ مَعًا خَمْسَةُ أَوْسُقٍ لَمْ تَلْزَمْهُ زَكَاتُهُ إجْمَاعًا فِي الْوَجْهَيْنِ ; لِأَنَّهُمَا صِنْفَانِ مُخْتَلِفَانِ . فَإِنْ حَصَلَ لَهُ مِنْ طَعَامٍ بُرٍّ وَشَعِيرٍ مَعًا خَمْسَةُ أَوْسُقٍ زَكَّاهُمَا [ مَعًا ] عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : لَا يُجْمَعَانِ ، وَكَذَلِكَ غَيْرُهُمَا ، وَإِنَّمَا هِيَ أَنْوَاعٌ كُلُّهَا يُعْتَبَرُ النِّصَابُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَلَى الِانْفِرَادِ ; لِأَنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ فِي الِاسْمِ الْخَاصِّ ; وَفِي حَالَةِ الطَّعْمِ .
وَالصَّحِيحُ ضَمُّهُمَا ; لِأَنَّهُمَا قُوَّتَانِ يَتَقَارَبَانِ ، فَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُ الِاسْمِ . وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي كُتُبِ الْفُرُوعِ .