وقد نقل لفظ الحقيقة عن السلف وأهل السنة
nindex.php?page=showalam&ids=13332أبو عمر ابن عبد البر وأبو القاسم التيمي الأصفهاني وأبو عبد الله القرطبي في تفسيره ، وقال :
nindex.php?page=treesubj&link=28728_28707لم ينكر أحد من السلف الصالح أن الله استوى على عرشه حقيقة .
وكلهم يقول : «مع نفي الكيفية والتشبيه عنها » ، ويقولون : إذا كانت ذات الله ثابتة حقيقة وأسماؤه على ظاهرها مع أنا لا نعلم كيفية ذاته وصفاته ، فكذلك صفاته ، إذ العلم بكيفية الصفة فرع على العلم بكيفية الموصوف ، فإذا قال السائل : كيف صفاته ؟ فقل : كيف هو في ذاته ؟ فإذا قال : لا أعلم كيفية ذاته ، فقل : لا أعلم كيفية صفاته .
ونقل طائفة منهم
nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض وغيره أن مذهب السلف إمرارها كما جاءت مع العلم أن الظاهر غير مراد .
قلت : يجمع بين النقلين بأن «الظاهر » لفظ مشترك ، فالذي نقل نفيه نفى ما يظهر لبعض الناس من التشبيه بصفات المخلوقين ، وما يقتضي نقص الخالق تعالى ، مثل أن يقال : ظاهر قوله «في السماء » أن السماء تحويه أو تحمله . ولا ريب أن هذا الظاهر لهذا غير مراد ، فإن الله سبحانه وتعالى لا يحتاج إلى مخلوقاته ولا يحصره شيء ، سبحانه وتعالى . بل
[ ص: 190 ] قد
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=255وسع كرسيه السماوات والأرض [البقرة :255] ، وهو الذي
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=41يمسك السماوات والأرض أن تزولا [فاطر :41] ،
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=67وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه [الزمر :67] .
nindex.php?page=treesubj&link=34084_28718_28713_28707فمن قال : إنه محتاج إلى ما يحمله ويقله ، أو أنه في شيء يحيط به ويظله ، فهو ضال مضل .
والذين نقلوا إثباته أرادوا به ما هو الظاهر اللائق بجلال الله تعالى الذي لا يقتضي نقصا ولا حدوثا . كما أنهم اتفقوا على أن هذا هو الظاهر في حياته وعلمه وسمعه وبصره وقدرته وإرادته ،
nindex.php?page=treesubj&link=29446_29443_28707واتفقوا على أنه موجود حقيقة حي حقيقة عليم حقيقة قدير حقيقة متكلم حقيقة ، إلى غير ذلك من أسمائه وصفاته وجرت بحوث فيها .
وَقَدْ نَقَلَ لَفْظَ الْحَقِيقَةِ عَنِ السَّلَفِ وَأَهْلِ السُّنَّةِ
nindex.php?page=showalam&ids=13332أَبُو عُمَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَأَبُو الْقَاسِمِ التَّيْمِيُّ الْأَصْفَهَانِيُّ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ ، وَقَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=28728_28707لَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ مِنَ السَّلَفِ الصَّالِحِ أَنَّ اللَّهَ اسْتَوَى عَلَى عَرْشِهِ حَقِيقَةً .
وَكُلُّهُمْ يَقُولُ : «مَعَ نَفْيِ الْكَيْفِيَّةِ وَالتَّشْبِيهِ عَنْهَا » ، وَيَقُولُونَ : إِذَا كَانَتْ ذَاتُ اللَّهِ ثَابِتَةً حَقِيقَةً وَأَسْمَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهَا مَعَ أَنَّا لَا نَعْلَمُ كَيْفِيَّةَ ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ ، فَكَذَلِكَ صِفَاتُهُ ، إِذِ الْعِلْمُ بِكَيْفِيَّةِ الصِّفَةِ فَرْعٌ عَلَى الْعِلْمِ بِكَيْفِيَّةِ الْمَوْصُوفِ ، فَإِذَا قَالَ السَّائِلُ : كَيْفَ صِفَاتُهُ ؟ فَقُلْ : كَيْفَ هُوَ فِي ذَاتِهِ ؟ فَإِذَا قَالَ : لَا أَعْلَمُ كَيْفِيَّةَ ذَاتِهِ ، فَقُلْ : لَا أَعْلَمُ كَيْفِيَّةَ صِفَاتِهِ .
وَنَقَلَ طَائِفَةٌ مِنْهُمُ
nindex.php?page=showalam&ids=14961الْقَاضِيَ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ أَنَّ مَذْهَبَ السَّلَفِ إِمْرَارُهَا كَمَا جَاءَتْ مَعَ الْعِلْمِ أَنَّ الظَّاهِرَ غَيْرُ مُرَادٍ .
قُلْتُ : يُجْمَعُ بَيْنَ النَّقْلِينَ بِأَنَّ «الظَّاهِرَ » لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ ، فَالَّذِي نَقَلَ نَفْيَهُ نَفَى مَا يَظْهَرُ لِبَعْضِ النَّاسِ مِنَ التَّشْبِيهِ بِصِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ ، وَمَا يَقْتَضِي نَقْصَ الْخَالِقِ تَعَالَى ، مِثْلَ أَنْ يُقَالَ : ظَاهِرُ قَوْلِهِ «فِي السَّمَاءِ » أَنَّ السَّمَاءَ تَحْوِيهِ أَوْ تَحْمِلُهُ . وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا الظَّاهِرَ لِهَذَا غَيْرُ مُرَادٍ ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا يَحْتَاجُ إِلَى مَخْلُوقَاتِهِ وَلَا يَحْصُرُهُ شَيْءٌ ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى . بَلْ
[ ص: 190 ] قَدْ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=255وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ [الْبَقَرَةِ :255] ، وَهُوَ الَّذِي
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=41يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا [فَاطِرٍ :41] ،
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=67وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ [الزُّمَرِ :67] .
nindex.php?page=treesubj&link=34084_28718_28713_28707فَمَنْ قَالَ : إِنَّهُ مُحْتَاجٌ إِلَى مَا يَحْمِلُهُ وَيُقِلُّهُ ، أَوْ أَنَّهُ فِي شَيْءٍ يُحِيطُ بِهِ وَيُظِلُّهُ ، فَهُوَ ضَالٌّ مُضِلٌّ .
وَالَّذِينَ نَقَلُوا إِثْبَاتَهُ أَرَادُوا بِهِ مَا هُوَ الظَّاهِرُ اللَّائِقُ بِجَلَالِ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي لَا يَقْتَضِي نَقْصًا وَلَا حُدُوثًا . كَمَا أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ فِي حَيَاتِهِ وَعِلْمِهِ وَسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَقُدْرَتِهِ وَإِرَادَتِهِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=29446_29443_28707وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ مَوْجُودٌ حَقِيقَةً حَيٌّ حَقِيقَةً عَلِيمٌ حَقِيقَةً قَدِيرٌ حَقِيقَةً مُتَكَلِّمٌ حَقِيقَةً ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَجَرَتْ بُحُوثٌ فِيهَا .