الحالة الثالثة : أن يكون الحرب سجالا بين الجندين فتارة له اليد عليها ، وتارة لها عليه ، وهذا من المجاهدين يعد مثله لا من الظافرين ، وأهل هذه الحالة هم الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم هذا باعتبار القوة والضعف ويتطرق إليه أيضا ثلاثة أحوال باعتبار عدد ما يصبر عنه ، فإنه إما أن يغلب جميع
nindex.php?page=treesubj&link=19597الشهوات أو لا يغلب شيئا منها أو يغلب بعضها دون بعض وتنزيل قوله تعالى خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا على من عجز عن بعض الشهوات دون بعض أولى والتاركون للمجاهدة مع الشهوات مطلقا يشبهون بالأنعام بل هم أضل سبيلا ، إذ البهيمة لم تخلق لها المعرفة والقدرة التي بها تجاهد مقتضى الشهوات ، وهذا قد خلق ذلك له وعطله فهو الناقص حقا المدبر يقينا ولذلك قيل :
ولم أر في عيوب الناس عيبا كنقص القادرين على التمام
.
الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ : أَنْ يَكُونَ الْحَرْبُ سِجَالًا بَيْنَ الْجُنْدَيْنِ فَتَارَةً لَهُ الْيَدُ عَلَيْهَا ، وَتَارَةً لَهَا عَلَيْهِ ، وَهَذَا مِنَ الْمُجَاهِدِينَ يُعَدُّ مِثْلَهُ لَا مِنَ الظَّافِرِينَ ، وَأَهْلُ هَذِهِ الْحَالَةِ هُمُ الَّذِينَ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ هَذَا بِاعْتِبَارِ الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ وَيَتَطَرَّقَ إِلَيْهِ أَيْضًا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ بِاعْتِبَارِ عَدَدِ مَا يَصْبِرُ عَنْهُ ، فَإِنَّهُ إِمَّا أَنْ يَغْلِبَ جَمِيعَ
nindex.php?page=treesubj&link=19597الشَّهَوَاتِ أَوْ لَا يَغْلِبَ شَيْئًا مِنْهَا أَوْ يَغْلِبَ بَعْضَهَا دُونَ بَعْضٍ وَتَنْزِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَلَى مَنْ عَجَزَ عَنْ بَعْضِ الشَّهَوَاتِ دُونَ بَعْضٍ أَوْلَى وَالتَّارِكُونَ لِلْمُجَاهَدَةِ مَعَ الشَّهَوَاتِ مُطْلَقًا يُشَبَّهُونَ بِالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ، إِذِ الْبَهِيمَةُ لَمْ تُخْلَقْ لَهَا الْمَعْرِفَةُ وَالْقُدْرَةُ الَّتِي بِهَا تُجَاهِدُ مُقْتَضَى الشَّهَوَاتِ ، وَهَذَا قَدْ خُلِقَ ذَلِكَ لَهُ وَعَطَّلَهُ فَهُوَ النَّاقِصُ حَقًّا الْمُدَبِّرُ يَقِينًا وَلِذَلِكَ قِيلَ :
وَلَمْ أَرَ فِي عُيُوبِ النَّاسِ عَيْبًا كَنَقْصِ الْقَادِرِينَ عَلَى التَّمَامِ
.