nindex.php?page=treesubj&link=20740_20739 [ الشرط ] الثالث : البلوغ : فالصبي ليس مكلفا أصلا لقصور فهمه عن إدراك معاني الخطاب .
قال
الإمام في الرسالة النظامية " : ومدرك شرطه الشرع ، ولو رددنا إلى العقل لم يستحل تكليف العاقل المميز من الصبيان .
[ ص: 57 ]
وقال في باب الحجر من النهاية " : كأن الشرع لم يلزم الصبي قضايا التكليف لأمرين :
أحدهما : أنه من مظنة الغباوة وضعف العقل فلا يستقل بأعباء التكليف .
وثانيهما : أنه عرى عن البلية العظمى ، وهي الشهوة فربط الشرع التزام التكليف بأمد وتركيب الشهوة ، أما الأمد فيشير إلى التهذيب بالتجارب ، وأما تركيب الشهوة فإنه يعرض للبلايا العظام ، فرأى الشرع تثبيت التكليف معه زاجرا .
وقول الفقهاء : تجب الزكاة في مال الصبي مرادهم وجوب الأخذ من ماله لا خطاب الأداء .
ونقل
ابن برهان أن الصبي مخاطب عند الفقهاء منا ومن الحنفية ، ولعل مراده خطاب الوضع .
وقال صاحب البيان " في الفقه من أصحابنا في باب كفارة القتل : الصبي والمجنون لا يدخلان في خطاب المواجهة ، كقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله } ويدخلان في خطاب الإلزام ، كقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=92ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية } وقوله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25182في كل أربعين شاة شاة } وذكر
ابن كج نحوه .
[ ص: 58 ]
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14960القاضي عبد الوهاب nindex.php?page=showalam&ids=14703والطرطوشي : الصبي لا يدخل في الخطاب المقصود منه التكليف إلا أن يكون عاما بالإخبار لا وجوب لا ينافيه الصغر لحقوق الآدميين من الزكاة وأرش الجناية فيتعلق الوجوب بماله ، ويخاطب بذلك وليه . وكذلك العدة تدخل في حق الأطفال من النساء في قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=240والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا } الآية .
وعن
أبي العباس بن سريج أن الصلاة تجب على ابن العشر وجوب مثله وإن لم يأثم بتركها ، إذ لو لم تجب عليه لما ضرب عليها
وقال
القاضي الروياني في البحر " قبيل باب اختلاف نية الإمام والمأموم : وأومأ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم " إلى أنها تجب قبل بلوغه ، ولكن لا يعاقب على تركها عقوبة البالغ . ورأيت كثيرا من المشايخ مرتكبين هذا القول في المناظرة ، وليس بمذهب ، لأنه غير مكلف أصلا ، وإنما هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في رواية أنها تجب عليه إذا بلغ عشرا . ا هـ .
وقد صرح في الرسالة " بأن الصلاة والصوم لا يجبان على الصبي والمجنون ، واستصوب
الإمام في الأساليب " قول
ابن سريج . قال : ومعناه أنه محمول عليها وملوم على تركها ، وما حكاه عن النص يمكن تأويله
[ ص: 59 ] على أنه يجب عليه من جهة وليه ، لأنه يأمره بها والأمر للوجوب ، والذي يستدعي التكليف إنما هو أمر الله .
وأما أفهمية العقاب فهو الضرب على تركها .
وهذا كله في الوجوب . أما الإيجاب ودخوله في خطاب ما أوجبه الله تعالى فالذي يقتضيه كلام الأصوليين وغيرهم أن الصبي لا يدخل فيه ، وذكر
الإمام أبو الحسين السبكي أن الصبي داخل في عموم نحو قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=83وأقيموا الصلاة } فإن الخطاب لجميع المؤمنين والناس وهو منهم ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لصبي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62348يا بني سم الله وكل مما يليك } قال : وعد الأصوليين ذلك في أمر التأديب لا يضرنا .
قال : والصبي مأمور بالصلاة أمر إيجاب ، والمراد بالإيجاب الأمر الجازم ، وهو موجود في الصبي لكن الوجوب تخلف عنه ، لعدم قبول المحل إن لم يكن مميزا بالأدلة . على أن الفهم شرط التكليف ، ولرفع القلم إن كان مميزا .
وإذا فسرنا الإيجاب بالأمر الجازم لم يمتنع تخلف الوجوب لمعنى التكليف عن الإيجاب بمعنى الجزم ، ولا نعني بالجازم المنع من هذه إنما الجزم صفة للطلب من حيث هو بالنسبة إلى رتبة ذلك الفعل ، فرتبة الفرض هي
[ ص: 60 ] العليا ، لأنه لا رخصة فيها ، والمندوب فيه رخصة منحطة عن رتبة الواجب ، وكلاهما سواء بالنسبة إلى البالغ والصبي : والشخص الذي يتعلق به ذلك الأمر يعتبر فيه أمور إن وجدت ترتب مقتضاه كالوجوب المترتب على الإيجاب وإلا فلا . ومن تأمل هذا المعنى لم يستبعده في حق الصبي المميز الذي اقتضت رخصة الله رفع القلم عنه . انتهى .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في المعرفة " في باب حج الصبي : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في القديم : وقد أوجب الله بعض الفرض على من لم يبلغ ، وذكر العدة وذكر ما يلزمه فيما استهلك من أمتعة الناس .
قال : وإنما معنى قول
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه : رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم أو يبلغ المأثم فأما غيره فلا . ألا ترى أن
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا هو أعلم بمعنى ما روى ؟ كان يؤدي الزكاة عن أموال اليتامى الصغار .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : وإنما نسب هذا الكلام إلى
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، لأنه عنه يصح ، وقد رفعه بعض أهل الرواية من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، ووقفه عليه أكثرهم . ا هـ .
وسلك
القفال طريقا آخر في الإيجاب ، فقال : إن الصبي مأمور بالصلاة أمر إيجاب ، لأنه آكد بالعقوبة على تركها .
[ ص: 61 ]
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي الحسين في الأسرار " : فقلت له : لم يأمر الله الصبي بالصلاة . قال : أمر الأولياء ليأمروه فهو كأمر الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم ، فيما يلزم أمته . وفيما قاله
القفال نظر ، فإن المخاطب الولي ، وفي أمر الأولياء بالضرب عند ترك الصلاة ما يصرح بنفي التكليف عنهم ، إذ لو كانوا مكلفين لم يختص ذلك بالولي كما بعد البلوغ ، وإنما هو ضرب استصلاح كالبهيمة .
وزعم
الحليمي nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي : أنه كان في صدر الإسلام الصبي مكلفا ، وهو من يمكن أن يولد له ، ثم اعتبر البلوغ بالسن ، وحملا عليه حديث : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62349رفع القلم عن الصبي } فإن الرفع يقتضي الوضع .
واختلف في
nindex.php?page=treesubj&link=20739_20740البلوغ هل هو شرط عقلي للتكليف ، لأن الصبي مظنة العبادة أو شرعي ؟ على قولين . تنبيهان : التنبيه الأول :
nindex.php?page=treesubj&link=20740لا يخاطب الصبي بالإيجاب والتحريم
على المشهور في الصبي فلا يخاطب من الأحكام بالإيجاب والتحريم ،
[ ص: 62 ] وهل انتفاء ذلك في حقه لعدم الحكم كما قبل الشرع أو حكم من الله تخفيفا عنه ؟ لم يتعرضوا لذلك ، وعليه ينبي ما سبق في معنى رفع القلم . وهل يخاطب بالندب والكراهة ؟ الجمهور على المنع خلافا
للغزالي ، وهو مقتضى كلام أصحابنا في الفروع حيث قالوا : إنه مأمور من جهة الشرع بالندب ، ولهذا جعلوا له إنكار المنكر ويثاب عليه . التنبيه الثاني :
nindex.php?page=treesubj&link=20740_20739إذا علقنا التكليف بالبلوغ ، فهل يصير مكلفا بمجرده أم لا بد من أن يمضي بعد البلوغ من الزمان ما يمكنه فيه التعريف والقبول ؟ فيه وجهان .
حكاهما
nindex.php?page=showalam&ids=15166الحارث المحاسبي في كتاب " فهم السنن " .
قال : وقولنا : إنه يصير مكلفا في الوقت إذا لم يكن فيه مانع ، فإذا انقضى وقت أدائه ولم يعلمه كان عاصيا بتركه العلم والعمل به .
nindex.php?page=treesubj&link=20740_20739 [ الشَّرْطُ ] الثَّالِثُ : الْبُلُوغُ : فَالصَّبِيُّ لَيْسَ مُكَلَّفًا أَصْلًا لِقُصُورِ فَهْمِهِ عَنْ إدْرَاكِ مَعَانِي الْخِطَابِ .
قَالَ
الْإِمَامُ فِي الرِّسَالَةِ النِّظَامِيَّةِ " : وَمُدْرِكُ شَرْطِهِ الشَّرْعُ ، وَلَوْ رَدَدْنَا إلَى الْعَقْلِ لَمْ يَسْتَحِلْ تَكْلِيفُ الْعَاقِلِ الْمُمَيِّزِ مِنْ الصِّبْيَانِ .
[ ص: 57 ]
وَقَالَ فِي بَابِ الْحَجْرِ مِنْ النِّهَايَةِ " : كَأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يُلْزِمْ الصَّبِيَّ قَضَايَا التَّكْلِيفِ لِأَمْرَيْنِ :
أَحَدِهِمَا : أَنَّهُ مِنْ مَظِنَّةِ الْغَبَاوَةِ وَضَعْفِ الْعَقْلِ فَلَا يَسْتَقِلُّ بِأَعْبَاءِ التَّكْلِيفِ .
وَثَانِيهِمَا : أَنَّهُ عَرَى عَنْ الْبَلِيَّةِ الْعُظْمَى ، وَهِيَ الشَّهْوَةُ فَرَبَطَ الشَّرْعُ الْتِزَامَ التَّكْلِيفِ بِأَمَدٍ وَتَرْكِيبِ الشَّهْوَةِ ، أَمَّا الْأَمَدُ فَيُشِيرُ إلَى التَّهْذِيبِ بِالتَّجَارِبِ ، وَأَمَّا تَرْكِيبُ الشَّهْوَةِ فَإِنَّهُ يُعَرِّضُ لِلْبَلَايَا الْعِظَامِ ، فَرَأَى الشَّرْعُ تَثْبِيتَ التَّكْلِيفِ مَعَهُ زَاجِرًا .
وَقَوْلُ الْفُقَهَاءِ : تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ مُرَادُهُمْ وُجُوبُ الْأَخْذِ مِنْ مَالِهِ لَا خِطَابُ الْأَدَاءِ .
وَنَقَلَ
ابْنُ بَرْهَانٍ أَنَّ الصَّبِيَّ مُخَاطَبٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ مِنَّا وَمِنْ الْحَنَفِيَّةِ ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ خِطَابُ الْوَضْعِ .
وَقَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ " فِي الْفِقْهِ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي بَابِ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ : الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ لَا يَدْخُلَانِ فِي خِطَابِ الْمُوَاجَهَةِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ } وَيَدْخُلَانِ فِي خِطَابِ الْإِلْزَامِ ، كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=92وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ } وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25182فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ } وَذَكَرَ
ابْنُ كَجٍّ نَحْوَهُ .
[ ص: 58 ]
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14960الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ nindex.php?page=showalam&ids=14703وَالطُّرْطُوشِيُّ : الصَّبِيُّ لَا يَدْخُلُ فِي الْخِطَابِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ التَّكْلِيفُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَامًّا بِالْإِخْبَارِ لَا وُجُوبَ لَا يُنَافِيهِ الصِّغَرُ لِحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ مِنْ الزَّكَاةِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ فَيَتَعَلَّقُ الْوُجُوبُ بِمَالِهِ ، وَيُخَاطَبُ بِذَلِكَ وَلِيُّهُ . وَكَذَلِكَ الْعِدَّةُ تَدْخُلُ فِي حَقِّ الْأَطْفَالِ مِنْ النِّسَاءِ فِي قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=240وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا } الْآيَةُ .
وَعَنْ
أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ أَنَّ الصَّلَاةَ تَجِبُ عَلَى ابْنِ الْعَشْرِ وُجُوبَ مِثْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ بِتَرْكِهَا ، إذْ لَوْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ لَمَا ضُرِبَ عَلَيْهَا
وَقَالَ
الْقَاضِي الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ " قُبَيْلَ بَابِ اخْتِلَافِ نِيَّةِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ : وَأَوْمَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ " إلَى أَنَّهَا تَجِبُ قَبْلَ بُلُوغِهِ ، وَلَكِنْ لَا يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهَا عُقُوبَةَ الْبَالِغِ . وَرَأَيْت كَثِيرًا مِنْ الْمَشَايِخِ مُرْتَكِبِينَ هَذَا الْقَوْلَ فِي الْمُنَاظَرَةِ ، وَلَيْسَ بِمَذْهَبٍ ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ أَصْلًا ، وَإِنَّمَا هَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ أَنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِ إذَا بَلَغَ عَشْرًا . ا هـ .
وَقَدْ صَرَّحَ فِي الرِّسَالَةِ " بِأَنَّ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ لَا يَجِبَانِ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ ، وَاسْتَصْوَبَ
الْإِمَامُ فِي الْأَسَالِيبِ " قَوْلَ
ابْنِ سُرَيْجٍ . قَالَ : وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَيْهَا وَمَلُومٌ عَلَى تَرْكِهَا ، وَمَا حَكَاهُ عَنْ النَّصِّ يُمْكِنُ تَأْوِيلُهُ
[ ص: 59 ] عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ وَلِيِّهِ ، لِأَنَّهُ يَأْمُرُهُ بِهَا وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ ، وَاَلَّذِي يَسْتَدْعِي التَّكْلِيفَ إنَّمَا هُوَ أَمْرُ اللَّهِ .
وَأَمَّا أَفْهَمِيَّةُ الْعِقَابِ فَهُوَ الضَّرْبُ عَلَى تَرْكِهَا .
وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْوُجُوبِ . أَمَّا الْإِيجَابُ وَدُخُولُهُ فِي خِطَابِ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْأُصُولِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الصَّبِيَّ لَا يَدْخُلُ فِيهِ ، وَذَكَرَ
الْإِمَامُ أَبُو الْحُسَيْنِ السُّبْكِيُّ أَنَّ الصَّبِيَّ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ نَحْوِ قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=83وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ } فَإِنَّ الْخِطَابَ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَالنَّاسِ وَهُوَ مِنْهُمْ ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِصَبِيٍّ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62348يَا بُنَيَّ سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيك } قَالَ : وَعَدُّ الْأُصُولِيِّينَ ذَلِكَ فِي أَمْرِ التَّأْدِيبِ لَا يَضُرُّنَا .
قَالَ : وَالصَّبِيُّ مَأْمُورٌ بِالصَّلَاةِ أَمْرَ إيجَابٍ ، وَالْمُرَادُ بِالْإِيجَابِ الْأَمْرُ الْجَازِمُ ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الصَّبِيِّ لَكِنَّ الْوُجُوبَ تَخَلَّفَ عَنْهُ ، لِعَدَمِ قَبُولِ الْمَحَلِّ إنْ لَمْ يَكُنْ مُمَيِّزًا بِالْأَدِلَّةِ . عَلَى أَنَّ الْفَهْمَ شَرْطُ التَّكْلِيفِ ، وَلِرَفْعِ الْقَلَمِ إنْ كَانَ مُمَيِّزًا .
وَإِذَا فَسَّرْنَا الْإِيجَابَ بِالْأَمْرِ الْجَازِمِ لَمْ يُمْتَنَعْ تَخَلُّفُ الْوُجُوبِ لِمَعْنَى التَّكْلِيفِ عَنْ الْإِيجَابِ بِمَعْنَى الْجَزْمِ ، وَلَا نَعْنِي بِالْجَازِمِ الْمَنْعَ مِنْ هَذِهِ إنَّمَا الْجَزْمُ صِفَةٌ لِلطَّلَبِ مِنْ حَيْثُ هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى رُتْبَةِ ذَلِكَ الْفِعْلِ ، فَرُتْبَةُ الْفَرْضِ هِيَ
[ ص: 60 ] الْعُلْيَا ، لِأَنَّهُ لَا رُخْصَةَ فِيهَا ، وَالْمَنْدُوبُ فِيهِ رُخْصَةٌ مُنْحَطَّةٌ عَنْ رُتْبَةِ الْوَاجِبِ ، وَكِلَاهُمَا سَوَاءٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْبَالِغِ وَالصَّبِيِّ : وَالشَّخْصُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ ذَلِكَ الْأَمْرُ يُعْتَبَرُ فِيهِ أُمُورٌ إنْ وُجِدَتْ تَرَتَّبَ مُقْتَضَاهُ كَالْوُجُوبِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الْإِيجَابِ وَإِلَّا فَلَا . وَمَنْ تَأَمَّلَ هَذَا الْمَعْنَى لَمْ يَسْتَبْعِدْهُ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ الَّذِي اقْتَضَتْ رُخْصَةُ اللَّهِ رَفْعَ الْقَلَمِ عَنْهُ . انْتَهَى .
وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ " فِي بَابِ حَجِّ الصَّبِيِّ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ : وَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ بَعْضَ الْفَرْضِ عَلَى مَنْ لَمْ يَبْلُغْ ، وَذَكَرَ الْعِدَّةَ وَذَكَرَ مَا يَلْزَمُهُ فِيمَا اُسْتُهْلِكَ مِنْ أَمْتِعَةِ النَّاسِ .
قَالَ : وَإِنَّمَا مَعْنَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ أَوْ يَبْلُغَ الْمَأْثَمَ فَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا . أَلَا تَرَى أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا هُوَ أَعْلَمُ بِمَعْنَى مَا رَوَى ؟ كَانَ يُؤَدِّي الزَّكَاةَ عَنْ أَمْوَالِ الْيَتَامَى الصِّغَارِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ : وَإِنَّمَا نَسَبَ هَذَا الْكَلَامَ إلَى
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ ، لِأَنَّهُ عَنْهُ يَصِحُّ ، وَقَدْ رَفَعَهُ بَعْضُ أَهْلِ الرِّوَايَةِ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ ، وَوَقَفَهُ عَلَيْهِ أَكْثَرُهُمْ . ا هـ .
وَسَلَكَ
الْقَفَّالُ طَرِيقًا آخَرَ فِي الْإِيجَابِ ، فَقَالَ : إنَّ الصَّبِيَّ مَأْمُورٌ بِالصَّلَاةِ أَمْرَ إيجَابٍ ، لِأَنَّهُ آكَدُ بِالْعُقُوبَةِ عَلَى تَرْكِهَا .
[ ص: 61 ]
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14958الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي الْأَسْرَارِ " : فَقُلْت لَهُ : لَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ الصَّبِيَّ بِالصَّلَاةِ . قَالَ : أَمَرَ الْأَوْلِيَاءَ لِيَأْمُرُوهُ فَهُوَ كَأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِيمَا يَلْزَمُ أُمَّتَهُ . وَفِيمَا قَالَهُ
الْقَفَّالُ نَظَرٌ ، فَإِنَّ الْمُخَاطَبَ الْوَلِيُّ ، وَفِي أَمْرِ الْأَوْلِيَاءِ بِالضَّرْبِ عِنْدَ تَرْكِ الصَّلَاةِ مَا يُصَرِّحُ بِنَفْيِ التَّكْلِيفِ عَنْهُمْ ، إذْ لَوْ كَانُوا مُكَلَّفِينَ لَمْ يَخْتَصَّ ذَلِكَ بِالْوَلِيِّ كَمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ ، وَإِنَّمَا هُوَ ضَرْبُ اسْتِصْلَاحٍ كَالْبَهِيمَةِ .
وَزَعَمَ
الْحَلِيمِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13933وَالْبَيْهَقِيُّ : أَنَّهُ كَانَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ الصَّبِيُّ مُكَلَّفًا ، وَهُوَ مَنْ يُمْكِنُ أَنْ يُولَدَ لَهُ ، ثُمَّ اُعْتُبِرَ الْبُلُوغُ بِالسِّنِّ ، وَحَمَلَا عَلَيْهِ حَدِيثَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62349رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ الصَّبِيِّ } فَإِنَّ الرَّفْعَ يَقْتَضِي الْوَضْعَ .
وَاخْتُلِفَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=20739_20740الْبُلُوغِ هَلْ هُوَ شَرْطٌ عَقْلِيٌّ لِلتَّكْلِيفِ ، لِأَنَّ الصَّبِيَّ مَظِنَّةُ الْعِبَادَةِ أَوْ شَرْعِيٌّ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ . تَنْبِيهَانِ : التَّنْبِيهُ الْأَوَّلُ :
nindex.php?page=treesubj&link=20740لَا يُخَاطَبُ الصَّبِيُّ بِالْإِيجَابِ وَالتَّحْرِيمِ
عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الصَّبِيِّ فَلَا يُخَاطَبُ مِنْ الْأَحْكَامِ بِالْإِيجَابِ وَالتَّحْرِيمِ ،
[ ص: 62 ] وَهَلْ انْتِفَاءُ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ لِعَدَمِ الْحُكْمِ كَمَا قَبْلَ الشَّرْعِ أَوْ حُكْمٌ مِنْ اللَّهِ تَخْفِيفًا عَنْهُ ؟ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِذَلِكَ ، وَعَلَيْهِ يُنْبِي مَا سَبَقَ فِي مَعْنَى رَفْعِ الْقَلَمِ . وَهَلْ يُخَاطَبُ بِالنَّدْبِ وَالْكَرَاهَةِ ؟ الْجُمْهُورُ عَلَى الْمَنْعِ خِلَافًا
لِلْغَزَالِيِّ ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ أَصْحَابِنَا فِي الْفُرُوعِ حَيْثُ قَالُوا : إنَّهُ مَأْمُورٌ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ بِالنَّدْبِ ، وَلِهَذَا جَعَلُوا لَهُ إنْكَارَ الْمُنْكَرِ وَيُثَابُ عَلَيْهِ . التَّنْبِيهُ الثَّانِي :
nindex.php?page=treesubj&link=20740_20739إذَا عَلَّقْنَا التَّكْلِيفَ بِالْبُلُوغِ ، فَهَلْ يَصِيرُ مُكَلَّفًا بِمُجَرَّدِهِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَمْضِيَ بَعْدَ الْبُلُوغِ مِنْ الزَّمَانِ مَا يُمْكِنُهُ فِيهِ التَّعْرِيفُ وَالْقَبُولُ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ .
حَكَاهُمَا
nindex.php?page=showalam&ids=15166الْحَارِثُ الْمُحَاسِبِيُّ فِي كِتَابِ " فَهْمِ السُّنَنِ " .
قَالَ : وَقَوْلُنَا : إنَّهُ يَصِيرُ مُكَلَّفًا فِي الْوَقْتِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَانِعٌ ، فَإِذَا انْقَضَى وَقْتُ أَدَائِهِ وَلَمْ يَعْلَمْهُ كَانَ عَاصِيًا بِتَرْكِهِ الْعِلْمَ وَالْعَمَلَ بِهِ .