مسألة القائلون بأن المجتهد مكلف بما غلب على ظنه وإن أخطأ ، قالوا بأنه
nindex.php?page=treesubj&link=22291مأجور على الاجتهاد وإن أخطأ ، والمخطئ غير مأجور على الخطأ ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12535ابن أبي هريرة : المخطئ آثم ، وقيل : غير مأجور ولا آثم ، والصحيح أنه غير آثم بل هو مأجور ، لقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=79وكلا آتينا حكما وعلما } قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري رحمه الله : لولا هذه الآية لرأيت أن الحكام قد هلكوا . ثم
nindex.php?page=treesubj&link=22291وعلى ماذا يؤجر ؟ اختلفوا ، فقال
الماوردي : مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنه مأجور على الاجتهاد وإن أخطأ فيه لقصده الصواب وإن لم يظفر به ، إنما لا يؤجر على الخطأ ، لأن الأجر للترغيب في المثاب ، ولا ترغيب في الخطأ . قال
أبو إسحاق : ويجوز أن يؤجر على قصده وإن كان الفعل خطأ ، كما لو اشترى رقبة فأعتقها تقربا إلى الله ثم وجدها حرة الأصل بعد تلف ثمنها ، وهو مأجور وإن لم يصح شراؤه وعتقه لم يقع ، لما أتى به من القصد إلى فك الرقبة والتقرب إلى الله .
قال : وقد نص
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي على هذا . وأيضا لا بد
nindex.php?page=treesubj&link=22283_22291للمجتهد أن يعدل في اجتهاده عن طرق فاسدة فيفتح له فاسدها إلى طرق مستقيمة يظن فيه الحق فعدوله عن تلك الطريقة الفاسدة اجتهاد صحيح فأثيب على ذلك . قال
أبو إسحاق : وفيه وجه آخر أنه يؤجر على نيته وعلى نفس
[ ص: 306 ] الاجتهاد ، ولا يؤجر على الحكم لخطئه فيه . فأما اجتهاده بما بلغ فيه فصواب ، وما بقي عليه من اجتهاده إلى بلوغ معرفة الحق فهو معذور في تخلفه عنه ، لأن فهمه بلغ فيه بعض طرقه ولم يبلغ به أقصى ما طلبه ، وهو فيما إذا أتى به منه مأجور ومصيب فيه ، ومنزلته منزلة الحاج الذي أمر بقطع المسافة ليبلغ به إلى بيت الله ، فسلك بعض الطريق وضعف عن باقيه وتلفت راحلته يؤجر على القدر الذي قصده ، وعبر
القفال عن هذا فقال : لا يستحق الأجر في قصده الخطأ الموضوع عنه ، وإنما يستحق على إنشاء قصد الثواب . ومثاله أن يقوم ليخرج إلى
مكة ، فأخطأ في وصف الطريق وعدل إلى طريق آخر ، فثوابه من ابتداء قصده إلى موضع عدوله عن الخطأ . قال : وهذا معنى قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا يؤجر على الخطأ ، إنما لا يؤجر على قصد الثواب . وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=38797نية المؤمن خير من عمله } .
وله ثلاث احتمالات : أحدها - أن نيته في الاجتهاد خير من خطئه في الاجتهاد . وثانيها - أن نيته خير من صواب عمله . وثالثها - أن النية أوسع من العمل ، لأنها تسبق الأقوال والأفعال فتعجل عليها . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب : ما قاله
أبو إسحاق أولا أصح ، لأن ذلك الاجتهاد هو خلاف الاجتهاد الذي يصيب به الحق ، لأنه لو وصفه في صفته ورتبه على ترتيبه لقضى به إلى الحق ، فلا يؤجر عليه ولا على بعض أجزائه . وقال
أبو عبد الله الطبري في " العدة " : يثاب المخطئ على ماذا ؟ فيه قولان : ( أحدهما ) على الاجتهاد ، كرجلين سلكا الجامع من طريقين ، قصد أحدهما الطريق أثيب عليه وإن لم يصل إلى الجامع .
[ ص: 307 ] و ( الثاني ) على القصد ، كرجلين رميا إلى كافر ، فأصابه أحدهما دون الآخر يثاب المخطئ على القصد . وحكاها
الروياني في " البحر " عن بعض أصحابنا
بخراسان ثم قال : وإطلاق القولين خطأ على ما بينت . وقال
إمام الحرمين : الذي ذهب إليه الأئمة أنه لا يؤجر على الخطأ ، بل على قصده الصواب . وقيل : بل على استداده في تقصي النظر ، فإن المخطئ يستد أولا ثم يزول ، قال : والأول أقرب ، لأن المخطئ قد يحيد في الأول عن سنن الصواب ثم هو مأجور بحكم الخبر لقصد الصواب وإن أخطأه .
وقال
الرافعي في " الشرح " ثم الأجر على ماذا ؟ فيه وجهان عن
nindex.php?page=showalam&ids=11817أبي إسحاق المروزي : ( أحدهما ) - وهو ظاهر النص واختيار
nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني وأبي الطيب - أنه على القصد إلى الصواب دون الاجتهاد ، لأنه أفضى به إلى الخطأ فكأنه لم يسلك الطريق المأمور به .
قلت : حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني في كتاب " ذم التقليد " عن النص فقال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الحديث {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9554إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر } : " لا يؤجر على الخطأ في الدين لم يؤمر به أحد ، وإنما يؤجر لإرادته الحق الذي أخطأه " . قال
nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني : فقد ثبت
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في هذا أن المخطئ أحدث في الدين ما لم يؤمر به ولم يكلفه ، وإنما أجره على نيته لا على خطئه . انتهى .
وشبهه
القفال في الفتاوى برجلين رميا إلى كافر ، فأخطأ أحدهما يؤجر على قصده الإصابة ، بخلاف الساعي إلى الجمعة إذا فاتته يؤجر على القصد وإن لم ينل ثواب العمل . و ( الثاني ) أنه يؤجر على القصد والاجتهاد جميعا ، لأنه بذل وسعه في طلب الحق والوقوف عليه . وربما سلك الطريق في الابتداء ولم يتيسر له الإتمام . قال
ابن الرفعة : وهذا مناسب إذا سلكه في الابتداء . فإن حاد عنه
[ ص: 308 ] في الأول تعين الوجه الأول . واستدل
nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي الحسين بأنه لو كان القصد لوجب أن يكون عشر أجر المصيب لقوله عليه السلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62747من هم بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة ، فإن عملها كتبت له عشر حسنات } .
قلت : وقد جاء ذلك مصرحا به في مسند
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل رحمه الله . وقد سبق بيان حاله في مسألة الاجتهاد في زمانه . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في " الرسالة " في الرجل يطأ أمته ثم تبين أنها أخته : أما في الغيب فلم تزل أخته أولا وآخرا . وأما في الظاهر فكانت له حلالا ما لم يعلم ، وعليه حرام حين علم . وقيل له : إن غيرك يقول : إنه لم يزل آثما بإصابتها ولكن الإثم مرفوع عنه .
مَسْأَلَةٌ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ مُكَلَّفٌ بِمَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وَإِنْ أَخْطَأَ ، قَالُوا بِأَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=22291مَأْجُورٌ عَلَى الِاجْتِهَادِ وَإِنْ أَخْطَأَ ، وَالْمُخْطِئُ غَيْرُ مَأْجُورٍ عَلَى الْخَطَأِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12535ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ : الْمُخْطِئُ آثِمٌ ، وَقِيلَ : غَيْرُ مَأْجُورٍ وَلَا آثِمٍ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ غَيْرُ آثِمٍ بَلْ هُوَ مَأْجُورٌ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=79وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا } قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : لَوْلَا هَذِهِ الْآيَةُ لَرَأَيْت أَنَّ الْحُكَّامَ قَدْ هَلَكُوا . ثُمَّ
nindex.php?page=treesubj&link=22291وَعَلَى مَاذَا يُؤْجَرُ ؟ اخْتَلَفُوا ، فَقَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ مَأْجُورٌ عَلَى الِاجْتِهَادِ وَإِنْ أَخْطَأَ فِيهِ لِقَصْدِهِ الصَّوَابَ وَإِنْ لَمْ يَظْفَرْ بِهِ ، إنَّمَا لَا يُؤْجَرُ عَلَى الْخَطَأِ ، لِأَنَّ الْأَجْرَ لِلتَّرْغِيبِ فِي الْمُثَابِ ، وَلَا تَرْغِيبَ فِي الْخَطَأِ . قَالَ
أَبُو إِسْحَاقَ : وَيَجُوزُ أَنْ يُؤْجَرَ عَلَى قَصْدِهِ وَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ خَطَأً ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى رَقَبَةً فَأَعْتَقَهَا تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ ثُمَّ وَجَدَهَا حُرَّةَ الْأَصْلِ بَعْدَ تَلَفِ ثَمَنِهَا ، وَهُوَ مَأْجُورٌ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ شِرَاؤُهُ وَعِتْقُهُ لَمْ يَقَعْ ، لِمَا أَتَى بِهِ مِنْ الْقَصْدِ إلَى فَكِّ الرَّقَبَةِ وَالتَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ .
قَالَ : وَقَدْ نَصَّ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ عَلَى هَذَا . وَأَيْضًا لَا بُدَّ
nindex.php?page=treesubj&link=22283_22291لِلْمُجْتَهِدِ أَنْ يَعْدِلَ فِي اجْتِهَادِهِ عَنْ طُرُقٍ فَاسِدَةٍ فَيَفْتَحَ لَهُ فَاسِدَهَا إلَى طُرُقٍ مُسْتَقِيمَةٍ يَظُنُّ فِيهِ الْحَقَّ فَعُدُولُهُ عَنْ تِلْكَ الطَّرِيقَةِ الْفَاسِدَةِ اجْتِهَادٌ صَحِيحٌ فَأُثِيبَ عَلَى ذَلِكَ . قَالَ
أَبُو إِسْحَاقَ : وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرَ أَنَّهُ يُؤْجَرُ عَلَى نِيَّتِهِ وَعَلَى نَفْسِ
[ ص: 306 ] الِاجْتِهَادِ ، وَلَا يُؤْجَرُ عَلَى الْحُكْمِ لِخَطَئِهِ فِيهِ . فَأَمَّا اجْتِهَادُهُ بِمَا بَلَغَ فِيهِ فَصَوَابٌ ، وَمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ اجْتِهَادِهِ إلَى بُلُوغِ مَعْرِفَةِ الْحَقِّ فَهُوَ مَعْذُورٌ فِي تَخَلُّفِهِ عَنْهُ ، لِأَنَّ فَهْمَهُ بَلَغَ فِيهِ بَعْضَ طُرُقِهِ وَلَمْ يَبْلُغْ بِهِ أَقْصَى مَا طَلَبَهُ ، وَهُوَ فِيمَا إذَا أَتَى بِهِ مِنْهُ مَأْجُورٌ وَمُصِيبٌ فِيهِ ، وَمَنْزِلَتُهُ مَنْزِلَةُ الْحَاجِّ الَّذِي أُمِرَ بِقَطْعِ الْمَسَافَةِ لِيَبْلُغَ بِهِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ ، فَسَلَكَ بَعْضَ الطَّرِيقِ وَضَعُفَ عَنْ بَاقِيهِ وَتَلِفَتْ رَاحِلَتُهُ يُؤْجَرُ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي قَصَدَهُ ، وَعَبَّرَ
الْقَفَّالُ عَنْ هَذَا فَقَالَ : لَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ فِي قَصْدِهِ الْخَطَأَ الْمَوْضُوعَ عَنْهُ ، وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ عَلَى إنْشَاءِ قَصْدِ الثَّوَابِ . وَمِثَالُهُ أَنْ يَقُومَ لِيَخْرُجَ إلَى
مَكَّةَ ، فَأَخْطَأَ فِي وَصْفِ الطَّرِيقِ وَعَدَلَ إلَى طَرِيقٍ آخَرَ ، فَثَوَابُهُ مِنْ ابْتِدَاءِ قَصْدِهِ إلَى مَوْضِعِ عُدُولِهِ عَنْ الْخَطَأِ . قَالَ : وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ : لَا يُؤْجَرُ عَلَى الْخَطَأِ ، إنَّمَا لَا يُؤْجَرُ عَلَى قَصْدِ الثَّوَابِ . وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=38797نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ } .
وَلَهُ ثَلَاثُ احْتِمَالَاتٍ : أَحَدُهَا - أَنَّ نِيَّتَهُ فِي الِاجْتِهَادِ خَيْرٌ مِنْ خَطَئِهِ فِي الِاجْتِهَادِ . وَثَانِيهَا - أَنَّ نِيَّتَهُ خَيْرٌ مِنْ صَوَابِ عَمَلِهِ . وَثَالِثُهَا - أَنَّ النِّيَّةَ أَوْسَعُ مِنْ الْعَمَلِ ، لِأَنَّهَا تَسْبِقُ الْأَقْوَالَ وَالْأَفْعَالَ فَتُعَجِّلُ عَلَيْهَا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11872الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ : مَا قَالَهُ
أَبُو إِسْحَاقَ أَوَّلًا أَصَحُّ ، لِأَنَّ ذَلِكَ الِاجْتِهَادَ هُوَ خِلَافُ الِاجْتِهَادِ الَّذِي يُصِيبُ بِهِ الْحَقَّ ، لِأَنَّهُ لَوْ وَصَفَهُ فِي صِفَتِهِ وَرَتَّبَهُ عَلَى تَرْتِيبِهِ لَقَضَى بِهِ إلَى الْحَقِّ ، فَلَا يُؤْجَرُ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى بَعْضِ أَجْزَائِهِ . وَقَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الطَّبَرِيُّ فِي " الْعُدَّةِ " : يُثَابُ الْمُخْطِئُ عَلَى مَاذَا ؟ فِيهِ قَوْلَانِ : ( أَحَدُهُمَا ) عَلَى الِاجْتِهَادِ ، كَرَجُلَيْنِ سَلَكَا الْجَامِعَ مِنْ طَرِيقَيْنِ ، قَصَدَ أَحَدُهُمَا الطَّرِيقَ أُثِيبَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى الْجَامِعِ .
[ ص: 307 ] وَ ( الثَّانِي ) عَلَى الْقَصْدِ ، كَرَجُلَيْنِ رَمَيَا إلَى كَافِرٍ ، فَأَصَابَهُ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ يُثَابُ الْمُخْطِئُ عَلَى الْقَصْدِ . وَحَكَاهَا
الرُّويَانِيُّ فِي " الْبَحْرِ " عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا
بِخُرَاسَانَ ثُمَّ قَالَ : وَإِطْلَاقُ الْقَوْلَيْنِ خَطَأٌ عَلَى مَا بَيَّنْت . وَقَالَ
إمَامُ الْحَرَمَيْنِ : الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْأَئِمَّةُ أَنَّهُ لَا يُؤْجَرُ عَلَى الْخَطَأِ ، بَلْ عَلَى قَصْدِهِ الصَّوَابَ . وَقِيلَ : بَلْ عَلَى اسْتِدَادِهِ فِي تَقَصِّي النَّظَرِ ، فَإِنَّ الْمُخْطِئَ يَسْتَدُّ أَوَّلًا ثُمَّ يَزُولُ ، قَالَ : وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ ، لِأَنَّ الْمُخْطِئَ قَدْ يَحِيدُ فِي الْأَوَّلِ عَنْ سُنَنِ الصَّوَابِ ثُمَّ هُوَ مَأْجُورٌ بِحُكْمِ الْخَبَرِ لِقَصْدِ الصَّوَابِ وَإِنْ أَخْطَأَهُ .
وَقَالَ
الرَّافِعِيُّ فِي " الشَّرْحِ " ثُمَّ الْأَجْرُ عَلَى مَاذَا ؟ فِيهِ وَجْهَانِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11817أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ : ( أَحَدُهُمَا ) - وَهُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ وَاخْتِيَارُ
nindex.php?page=showalam&ids=15215الْمُزَنِيّ وَأَبِي الطَّيِّبِ - أَنَّهُ عَلَى الْقَصْدِ إلَى الصَّوَابِ دُونَ الِاجْتِهَادِ ، لِأَنَّهُ أَفْضَى بِهِ إلَى الْخَطَأِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَسْلُكْ الطَّرِيقَ الْمَأْمُورَ بِهِ .
قُلْت : حَكَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15215الْمُزَنِيّ فِي كِتَابِ " ذَمِّ التَّقْلِيدِ " عَنْ النَّصِّ فَقَالَ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ فِي الْحَدِيثِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9554إذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ } : " لَا يُؤْجَرُ عَلَى الْخَطَأِ فِي الدِّينِ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ أَحَدٌ ، وَإِنَّمَا يُؤْجَرُ لِإِرَادَتِهِ الْحَقَّ الَّذِي أَخْطَأَهُ " . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15215الْمُزَنِيّ : فَقَدْ ثَبَتَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ فِي هَذَا أَنَّ الْمُخْطِئَ أَحْدَثَ فِي الدِّينِ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ وَلَمْ يُكَلِّفْهُ ، وَإِنَّمَا أَجْرُهُ عَلَى نِيَّتِهِ لَا عَلَى خَطَئِهِ . انْتَهَى .
وَشَبَّهَهُ
الْقَفَّالُ فِي الْفَتَاوَى بِرَجُلَيْنِ رَمَيَا إلَى كَافِرٍ ، فَأَخْطَأَ أَحَدُهُمَا يُؤْجَرُ عَلَى قَصْدِهِ الْإِصَابَةَ ، بِخِلَافِ السَّاعِي إلَى الْجُمُعَةِ إذَا فَاتَتْهُ يُؤْجَرُ عَلَى الْقَصْدِ وَإِنْ لَمْ يَنَلْ ثَوَابَ الْعَمَلِ . وَ ( الثَّانِي ) أَنَّهُ يُؤْجَرُ عَلَى الْقَصْدِ وَالِاجْتِهَادِ جَمِيعًا ، لِأَنَّهُ بَذَلَ وُسْعَهُ فِي طَلَبِ الْحَقِّ وَالْوُقُوفِ عَلَيْهِ . وَرُبَّمَا سَلَكَ الطَّرِيقَ فِي الِابْتِدَاءِ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ الْإِتْمَامَ . قَالَ
ابْنُ الرِّفْعَةِ : وَهَذَا مُنَاسِبٌ إذَا سَلَكَهُ فِي الِابْتِدَاءِ . فَإِنْ حَادَ عَنْهُ
[ ص: 308 ] فِي الْأَوَّلِ تَعَيَّنَ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ . وَاسْتَدَلَّ
nindex.php?page=showalam&ids=14958الْقَاضِي الْحُسَيْنُ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقَصْدُ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ عُشْرَ أَجْرِ الْمُصِيبِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62747مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ وَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ ، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ } .
قُلْت : وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي مُسْنَدِ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ . وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ حَالِهِ فِي مَسْأَلَةِ الِاجْتِهَادِ فِي زَمَانِهِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ فِي " الرِّسَالَةِ " فِي الرَّجُلِ يَطَأُ أَمَتَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا أُخْتُهُ : أَمَّا فِي الْغَيْبِ فَلَمْ تَزَلْ أُخْتَهُ أَوَّلًا وَآخِرًا . وَأَمَّا فِي الظَّاهِرِ فَكَانَتْ لَهُ حَلَالًا مَا لَمْ يَعْلَمْ ، وَعَلَيْهِ حَرَامٌ حِينَ عَلِمَ . وَقِيلَ لَهُ : إنَّ غَيْرَك يَقُولُ : إنَّهُ لَمْ يَزَلْ آثِمًا بِإِصَابَتِهَا وَلَكِنَّ الْإِثْمَ مَرْفُوعٌ عَنْهُ .