بسم الله ( فصل : الرواية )
nindex.php?page=treesubj&link=28422الرواية في اصطلاح العلماء ( إخبار ) يحترز به عن الإنشاء ( عن ) أمر ( عام ) من قول أو فعل ( لا يختص ) واحد منهما ( ب ) شخص ( معين ) من
[ ص: 271 ] الأمة ( و ) من صفة هذا الإخبار : أنه ( لا ترافع فيه ممكن عند الحكام ) . ( وعكسه ) أي وعكس هذا المذكور ( الشهادة ) فإنها إخبار بلفظ خاص عن خاص علمه مختص بمعين يمكن الترافع فيه عند الحكام ( ومن
nindex.php?page=treesubj&link=21609_21475_21474_21476شروط راو : عقل ) إجماعا ; إذ لا وازع لغير عاقل يمنعه من الكذب ، ولا عبارة أيضا . كالطفل ( و ) منها ( إسلام ) إجماعا لتهمة عداوة الكافر للرسول صلى الله عليه وسلم ولشرعه ( و ) منها ( بلوغ ) عند الأئمة الأربعة وغيرهم من الأئمة ، لاحتمال كذب من لم يبلغ ، كالفاسق بل أولى ; لأنه غير مكلف ، فلا يخاف العقاب . وقال بعض أصحابنا : يتخرج في روايته روايتان . كشهادته . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد رضي الله عنه : أن شهادة المميز تقبل . وعنه ابن عشر .
واختلف الصحابة والتابعون في قبول شهادته ( و ) منها ( ضبط ) لئلا يغير اللفظ والمعنى فلا يوثق به . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد رضي الله عنه : لا ينبغي لمن لا يعرف الحديث أن يحدث به . والشرط غلبة ضبطه وذكره على سهوه لحصول الظن إذا . ذكره
الآمدي وجماعة . قال
ابن مفلح : وهو محتمل . وفي الواضح
nindex.php?page=showalam&ids=13372لابن عقيل قول
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، وقيل له : متى تترك حديث الرجل . ؟ قال : إذا غلب عليه الخطأ ، ولأن أئمة الحديث تركوا رواية كثير ممن ضعف ضبطه ممن سمع كثيرا ضابطا . فإن جهل حاله . فذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13439الموفق في الروضة وغيره : أنها لا تقبل ; لأنه لا غالب لحال الرواة . قال
ابن مفلح : وفيه نظر ، وأنه يحتمل ما قال
الآمدي : من أنه يحمل على غالب حال الرواة . فإن جهل حالهم : اعتبر حاله . فإن قيل : ظاهر حال العدل ألا يروي إلا ما يضبطه . وقد أنكر على
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة الإكثار . وأجيب : بأنه لم ينكر عليه لعدم الضبط ، بل خيف ذلك لإكثاره . فإن قيل : الخبر دليل . والأصل صحته فلا يترك باحتمال ، كاحتمال حدث بعد طهارة . رد إنما هو دليل مع الظن ، ولا ظن مع تساوي المعارض واحتمال الحدث ورد على يقين الطهر ، فلم يؤثر ( و ) منها ( عدالة ) إجماعا لما سبق من الأدلة ( ظاهرا وباطنا ) عند
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وغيرهما . وذكره
الآمدي عن
[ ص: 272 ] الأكثر . وعند
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي وابن البناء ، وغيرهما : تكفي العدالة ظاهرا للمشقة . كما قلنا في الشهادة على رواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد . اختارها
أبو بكر عبد العزيز . وصاحب روضة الفقه من أصحابنا ( ومن روى ) حال كونه ( بالغا مسلما عدلا وقد تحمل ) حال كونه ( صغيرا ضابطا ، أو ) حال كونه ( كافرا ) ضابطا ( أو ) حال كونه ( فاسقا ) ضابطا ( قبل ) ما رواه ، لاجتماع الشروط فيه حال روايته ( وهي ) أي العدالة في اللغة : التوسط في الأمر من غير زيادة ولا نقصان ، وهي في اصطلاح أهل الشرع ( صفة ) أي كيفية نفسانية ، وتسمى قبل رسوخها حالا ( راسخة في النفس ) أي نفس المتصف بها ( تحمله ) على ملازمة التقوى والمروءة ، وتحمله أيضا على ( ترك الكبائر ) . ( ومنها ) أي من الكبائر : غيبة ونميمة . قال في شرح التحرير : اختلف في الغيبة والنميمة . هل هما من الصغائر أو من الكبائر ؟ والصحيح من المذهب أنهما من الكبائر . وقدمه
ابن مفلح في أصوله ، وهو ظاهر ما قدمه في فروعه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي : لا خلاف أن الغيبة من الكبائر . انتهى . وقيل : إنهما من الصغائر اختاره جماعة ، منهم صاحب الفصول والغنية والمستوعب ( و ) تحمله أيضا على ترك ( الرذائل ) المباحة . كالأكل في السوق ونحو ذلك . فلا يأتي بكبيرة للآية الكريمة في القاذف . وقيس عليه الباقي من الكبائر . ويشترط مع ذلك أن يكون ( بلا بدعة مغلظة ) وسيأتي الكلام عليها ( وتقبل رواية ) من اتصف بذلك ، ولو أنه ( قاذف بلفظ الشهادة ) قال أصحابنا وغيرهم : إن قذف بلفظ الشهادة قبلت روايته ; لأن نقص العدد ليس من جهته . زاد
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي في العدة : وليس بصريح في القذف . وقد اختلفوا في الحد ، ويسوغ فيه الاجتهاد ، ولا ترد الشهادة بما يسوغ فيه الاجتهاد . وكذا زاد
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل . قال
الشيرازي في اللمع :
nindex.php?page=showalam&ids=130وأبو بكرة ومن شهد معه تقبل روايتهم ; لأنهم أخرجوا ألفاظهم مخرج الإخبار ، لا مخرج القذف . وجلدهم
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر باجتهاده ( ويحد ) القاذف بلفظ الشهادة مع قبول روايته .
قال في شرح التحرير : واتفق الناس على الرواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=130أبي بكرة . والمذهب عندهم
[ ص: 273 ] يحد . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : أنه لا يحد . قال
ابن مفلح : فيتوجه من هذه الرواية بقاء عدالته . وقاله الشافعية ، وهو معنى ما جزم به
الآمدي ومن وافقه ، وأنه ليس من الجرح ; لأنه لم يصرح بالقذف . وقال
الشيخ تقي الدين : صرح
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي في قياس الشبه من العدالة بعدالة من أتى بكبيرة أي واحدة لقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=8فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون } وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد فيمن أكل الربا : إن أكثر لم يصل خلفه . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي nindex.php?page=showalam&ids=13372وابن عقيل : فاعتبر الكثرة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13439الموفق في المغني : إن أخذ صدقة محرمة وتكرر ذلك منه ، ردت روايته ( والصغائر ) وهي كل قول أو فعل محرم لا حد فيه في الدنيا ولا وعيد في الآخرة ( وهن ) مع كثرة صورهن ( سواء حكما ) أي في الحكم . قال في التحرير : ولم يفرق أصحابنا وغيرهم في الصغائر ، بل أطلقوا . فظاهره أنه لا فرق ( إن لم تتكرر تكررا يخل بالثقة بصدقه ) أي صدق الراوي ( لم تقدح ) في صحة روايته ( لتكفيرها ) أي تكفير الصغائر ( باجتناب الكبائر ومصائب الدنيا ) على الأصح في كون الذنوب تنقسم إلى صغائر وكبائر ، وهو مذهب الجمهور . وقال
الأستاذ nindex.php?page=showalam&ids=12604والقاضي أبو بكر بن الباقلاني nindex.php?page=showalam&ids=13428وابن فورك والقشيري والسبكي . وحكي عن
الأشعرية : إن جميع الذنوب كبائر . قال
القرافي : كأنهم كرهوا تسمية معصية الله تعالى صغيرة إجلالا له ، مع موافقتهم في الجرح أنه ليس بمطلق المعصية ، بل منه ما يقدح ، ومنه ما لا يقدح . وإنما الخلاف في التسمية . انتهى . استدل الجمهور بقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=31إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه } - الآية وبقوله صلى الله عليه وسلم ، في تكفير الصلوات الخمس والجمعة ما بينهما إذا اجتنبت الكبائر ; إذ لو كان الكل كبائر لم يبق بعد ذلك ما يكفر بما ذكر . وفي الحديث {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14757الكبائر سبع } وفي رواية {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46636تسع - وعدها } فلو كانت الذنوب كلها كبائر لما ساغ ذلك . وما أحسن ما قال
الكوراني في شرح جمع الجوامع : إن أرادوا إسقاط العدالة فقد خالفوا الإجماع . وإن أرادوا قبح المعصية نظرا إلى كبريائه تعالى ، وأن مخالفته لا تعد أمرا صغيرا . فنعم القول . انتهى .
وعلى الأصح في كون
[ ص: 274 ] الصغائر سواء حكما . وقال
الآمدي ، ومن وافقه : إن مثل سرقة لقمة والتطفيف بحبة ، واشتراط أخذ الأجرة على إسماع الحديث يعتبر تركه كالكبائر . وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد رضي الله عنه في اشتراط أخذ الأجرة : لا يكتب عنه الحديث ولا كرامة . وقاله
nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه nindex.php?page=showalam&ids=11971وأبو حاتم . قال
ابن مفلح : ويعتبر ترك ما فيه دناءة وترك مروءة كأكله في السوق بين الناس الكثير . ومد رجليه وكشف رأسه بينهم والبول في الشوارع واللعب بالحمام وصحبة الأراذل والإفراط في المزح ، لحديث
nindex.php?page=showalam&ids=91أبي مسعود البدري {
nindex.php?page=hadith&LINKID=10550إذا لم تستح فاصنع ما شئت } رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، يعني : إذا صنع ما شاء فلا يوثق به . انتهى .
وعلى الأصح في كون الصغائر إن لم تتكرر منه تكررا يخل الثقة بصدق الراوي لم يقدح في روايته . قال
ابن قاضي الجبل في أصوله : حد الإصرار المانع في الصغائر : أن تتكرر منه تكررا يخل الثقة بصدقه . انتهى .
وقيل : يقدح تكرارها في الجملة . وقيل : ثلاثا . قاله
ابن حمدان في المقنع وآداب المفتي . وقال في الترغيب وغيره : تقدح كثرة الصغائر وإدمان واحدة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13439الموفق في المقنع : لا يدمن على صغيرة ، وهو مراد الأول . وعليه أكثر الأصحاب فالإدمان هنا كما قال
ابن قاضي الجبل في أصوله كما تقدم . وعلى الأصح في كون الصغائر تكفر باجتناب الكبائر وبمصائب الدنيا لظاهر قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=31إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم } ولما دلت عليه السنة من تكفير الصغائر بمصائب الدنيا . واختار ذلك
الشيخ تقي الدين في الرد على
الرافضي .
وحكاه عن الجمهور ( ويرد كاذب ولو تدين ) أي تحرز عن الكذب ( في الحديث ) عند أكثر العلماء ، منهم الإمامان
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وغيرهما ; لأنه لا يؤمن عليه أن يكذب فيه . وعنه ولو بكذبة واحدة . واختاره
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل في الواضح وغيره .
واحتج
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد رضي الله عنه بأن النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46637رد شهادة رجل في كذبة } وإسناده جيد ، لكنه مرسل . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12352إبراهيم الحربي nindex.php?page=showalam&ids=14243والخلال وجعله في التمهيد إن صح للزجر . وفيه وعيد في منامه صلى الله عليه وسلم في الصحيح . وفي الصحيحين :
[ ص: 275 ] الزجر عن شهادة الزور ، وأنها من الكبائر . وذكر في الفصول في الشهادة : أن بعضهم اختار هذه الرواية . وقاس عليها بقية الصغائر . والصحيح من المذهب : أن الكذبة الواحدة لا تقدح للمشقة وعدم دليله . وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل في الشهادة من الفصول : أنه ظاهر مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد . وعليه جمهور أصحابه . وقياس بقية الصغائر عليها بعيد ، لأن الكذب معصية فيما تحصل به الشهادة ، وهو الخبر العام . انتهى ( وتقدح كذبة ) واحدة ( فيه ) أي في الحديث ( ولو تاب ) منها . نص على ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد رضي الله عنه . وقال : لا تقبل توبته مطلقا . وقاله
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبو يعلى وغيره من أصحابنا وغيرهم ، قال : لأنه زنديق . فتخرج توبته على توبته وفارق الشهادة ; لأنه قد يكذب فيها لرشوة إلى أرباب الدنيا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل : هذا فرق بعيد ; لأن الرغبة إليهم بأخبار الرجاء ، أو الوعيد غاية الفسق ، وظاهر كلام جماعة من أصحابنا : أن توبته تقبل . وقاله كثير من العلماء ، لكن في غير ما كذب فيه . كتوبته فيما أقر بتزويره . وقبلها
الدامغاني الحنفي فيه أيضا . قال : لأن ردها ليس بحكم ، ورد الشهادة حكم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبو يعلى : سألت
nindex.php?page=showalam&ids=14561أبا بكر الشاشي عنه . فقال : لا يقبل خبره فيما رد ، ويقبل في غيره اعتبارا بالشهادة . قال : وسألت
قاضي القضاة الدامغاني . فقال : يقبل حديثه المردود وغيره ، بخلاف شهادته إذا ردت ثم تاب لم تقبل تلك خاصة . قال : لأن هناك حكما من الحاكم بردها . فلا ينقض ، ورد الخبر ممن روي له ليس بحكم . انتهى .
قال
الشيخ تقي الدين : وهذا يتوجه لو رددنا الحديث لفسقه ، بل ينبغي أن يكون هو المذهب . فأما إذا علمنا كذبه فيه فأين هذا من الشهادة ؟ فنظيره أن يتوب من شهادة زور ويقر فيها بالتزوير ( والكبيرة ) عند
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد رضي الله عنه ، ونقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ( ما فيه حد في الدنيا أو ) فيه ( وعيد ) خاص ( في الآخرة . وزيد ) أي وزاد
الشيخ تقي الدين وأتباعه ( أو ) ما فيه ( لعنة أو غضب أو نفي إيمان ) اختلف الناس في الكبيرة ، هل لها ضابط تعرف به أو لا ؟ فذهب بعض العلماء إلى أنها لا يعرف ضابطها قال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي في المعتمد : معنى الكبيرة أن عقابها أعظم والصغيرة أقل ، ولا يعلمان إلا بتوقيف . قال
الواحدي : الصحيح أن الكبائر ليس لها حد تعرف به ، وإلا لاقتحم الناس الصغائر واستباحوها ،
[ ص: 276 ] ولكن الله تعالى أخفى ذلك عن العباد ليجتهدوا في اجتناب المنهي عنه ، رجاء أن تجتنب الكبائر . نظيره إخفاء الصلاة الوسطى وليلة القدر وساعة الإجابة في يوم الجمعة وقيام الساعة ونحو ذلك . وذهب الأكثرون إلى أن لها ضابطا معروفا ، ثم اختلفوا في ذلك الضابط على أقوال . الأول - وهو المعتمد - أن الكبيرة ما فيه حد في الدنيا أو وعيد في الآخرة ، لوعد الله مجتنبها بتكفير الصغائر . قال
ابن مفلح : ولأنه معنى قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=12074وأبو عبيد . وألحق بذلك ما فيه لعنة أو غضب أو نفي إيمان ; لأنه لا يجوز أن يقع نفي الإيمان لأمر مستحب ، بل لكمال واجب .
قال
الشيخ تقي الدين : وليس لأحد أن يحمل كلام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد إلا على معنى يبين من كلامه ما يدل على أنه مراده ، لا على ما يحتمله اللفظ من كلام كل أحد . القول الثاني - وهو
nindex.php?page=showalam&ids=16004لسفيان الثوري - أن ما تعلق بحق الله تعالى صغيرة ، وما تعلق بحق الآدمي كبيرة . والقول الثالث - ونسب إلى الأكثر - أن الكبيرة ما فيه وعيد شديد بنص كتاب أو سنة . الرابع : ما أوجب حدا فهو كبيرة وغيره صغيرة ، وهو لجماعة . الخامس - وهو
للهروي - أن الكبيرة كل معصية يجب في جنسها حد من قتل وغيره . وترك كل فريضة مأمور بها على الفور ، والكذب في الشهادة والرواية وفي اليمين . القول السادس - وهو
لإمام الحرمين - أن الكبيرة كل جريمة تؤذن بقلة اكتراث مرتكبها بالدين ورقة الديانة . ورجحه كثير من العلماء . ومجموعة ما جاء منصوصا عليه في الأحاديث من الكبائر خمس وعشرون : الشرك بالله تعالى ، وقتل النفس بغير حق ، والزنا ، وأفحشه بحليلة الجار ، والفرار من الزحف ، والسحر ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، وقذف المحصنات ، والاستطالة في عرض المسلم بغير حق ، وشهادة الزور ، واليمين الغموس ، والنميمة ، والسرقة ، وشرب الخمر ، واستحلال بيت الله الحرام ، ونكث الصفقة ، وترك السنة ، والتعرب بعد الهجرة ، واليأس من روح الله ، والأمن من مكر الله ، ومنع ابن السبيل من فضل الماء ، وعدم التنزه من البول ، وعقوق الوالدين ، والتسبب إلى شتمهما ، والإضرار في
[ ص: 277 ] الوصية
بِسْمِ اللَّهِ ( فَصْلٌ : الرِّوَايَةُ )
nindex.php?page=treesubj&link=28422الرِّوَايَةُ فِي اصْطِلَاحِ الْعُلَمَاءِ ( إخْبَارٌ ) يُحْتَرَزُ بِهِ عَنْ الْإِنْشَاءِ ( عَنْ ) أَمْرٍ ( عَامٍّ ) مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ ( لَا يَخْتَصُّ ) وَاحِدٌ مِنْهُمَا ( بِ ) شَخْصٍ ( مُعَيَّنٍ ) مِنْ
[ ص: 271 ] الْأُمَّةِ ( وَ ) مِنْ صِفَةِ هَذَا الْإِخْبَارِ : أَنَّهُ ( لَا تَرَافُعَ فِيهِ مُمْكِنٌ عِنْدَ الْحُكَّامِ ) . ( وَعَكْسُهُ ) أَيْ وَعَكْسُ هَذَا الْمَذْكُورِ ( الشَّهَادَةُ ) فَإِنَّهَا إخْبَارٌ بِلَفْظٍ خَاصٍّ عَنْ خَاصٍّ عِلْمُهُ مُخْتَصٌّ بِمُعَيَّنٍ يُمْكِنُ التَّرَافُعُ فِيهِ عِنْدَ الْحُكَّامِ ( وَمِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=21609_21475_21474_21476شُرُوطِ رَاوٍ : عَقْلٌ ) إجْمَاعًا ; إذْ لَا وَازِعَ لِغَيْرِ عَاقِلٍ يَمْنَعُهُ مِنْ الْكَذِبِ ، وَلَا عِبَارَةَ أَيْضًا . كَالطِّفْلِ ( وَ ) مِنْهَا ( إسْلَامٌ ) إجْمَاعًا لِتُهْمَةِ عَدَاوَةِ الْكَافِرِ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِشَرْعِهِ ( وَ ) مِنْهَا ( بُلُوغٌ ) عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْأَئِمَّةِ ، لِاحْتِمَالِ كَذِبِ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ ، كَالْفَاسِقِ بَلْ أَوْلَى ; لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ ، فَلَا يَخَافُ الْعِقَابَ . وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : يَتَخَرَّجُ فِي رِوَايَتِهِ رِوَايَتَانِ . كَشَهَادَتِهِ . وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ شَهَادَةَ الْمُمَيِّزِ تُقْبَلُ . وَعَنْهُ ابْنُ عَشْرٍ .
وَاخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِ ( وَ ) مِنْهَا ( ضَبْطٌ ) لِئَلَّا يُغَيِّرَ اللَّفْظَ وَالْمَعْنَى فَلَا يُوثَقُ بِهِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : لَا يَنْبَغِي لِمَنْ لَا يَعْرِفُ الْحَدِيثَ أَنْ يُحَدِّثَ بِهِ . وَالشَّرْطُ غَلَبَةُ ضَبْطِهِ وَذِكْرِهِ عَلَى سَهْوِهِ لِحُصُولِ الظَّنِّ إذًا . ذَكَرَهُ
الْآمِدِيُّ وَجَمَاعَةٌ . قَالَ
ابْنُ مُفْلِحٍ : وَهُوَ مُحْتَمَلٌ . وَفِي الْوَاضِحِ
nindex.php?page=showalam&ids=13372لِابْنِ عَقِيلٍ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ ، وَقِيلَ لَهُ : مَتَى تَتْرُكُ حَدِيثَ الرَّجُلِ . ؟ قَالَ : إذَا غَلَبَ عَلَيْهِ الْخَطَأُ ، وَلِأَنَّ أَئِمَّةَ الْحَدِيثِ تَرَكُوا رِوَايَةَ كَثِيرٍ مِمَّنْ ضَعُفَ ضَبْطُهُ مِمَّنْ سَمِعَ كَثِيرًا ضَابِطًا . فَإِنْ جُهِلَ حَالُهُ . فَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=13439الْمُوَفَّقُ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرُهُ : أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ ; لِأَنَّهُ لَا غَالِبَ لِحَالِ الرُّوَاةِ . قَالَ
ابْنُ مُفْلِحٍ : وَفِيهِ نَظَرٌ ، وَأَنَّهُ يُحْتَمَلُ مَا قَالَ
الْآمِدِيُّ : مِنْ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى غَالِبِ حَالِ الرُّوَاةِ . فَإِنْ جُهِلَ حَالُهُمْ : اُعْتُبِرَ حَالُهُ . فَإِنْ قِيلَ : ظَاهِرُ حَالِ الْعَدْلِ أَلَّا يَرْوِيَ إلَّا مَا يَضْبِطُهُ . وَقَدْ أُنْكِرَ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ الْإِكْثَارُ . وَأُجِيبُ : بِأَنَّهُ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الضَّبْطِ ، بَلْ خِيفَ ذَلِكَ لِإِكْثَارِهِ . فَإِنْ قِيلَ : الْخَبَرُ دَلِيلٌ . وَالْأَصْلُ صِحَّتُهُ فَلَا يُتْرَكُ بِاحْتِمَالٍ ، كَاحْتِمَالِ حَدَثٍ بَعْدَ طَهَارَةٍ . رُدَّ إنَّمَا هُوَ دَلِيلٌ مَعَ الظَّنِّ ، وَلَا ظَنَّ مَعَ تَسَاوِي الْمُعَارِضِ وَاحْتِمَالُ الْحَدَثِ وَرَدَ عَلَى يَقِينِ الطُّهْرِ ، فَلَمْ يُؤَثِّرْ ( وَ ) مِنْهَا ( عَدَالَةٌ ) إجْمَاعًا لِمَا سَبَقَ مِنْ الْأَدِلَّةِ ( ظَاهِرًا وَبَاطِنًا ) عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا . وَذَكَرَهُ
الْآمِدِيُّ عَنْ
[ ص: 272 ] الْأَكْثَرِ . وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي وَابْنِ الْبَنَّاءِ ، وَغَيْرِهِمَا : تَكْفِي الْعَدَالَةُ ظَاهِرًا لِلْمَشَقَّةِ . كَمَا قُلْنَا فِي الشَّهَادَةِ عَلَى رِوَايَةٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ . اخْتَارَهَا
أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ . وَصَاحِبُ رَوْضَةِ الْفِقْهِ مِنْ أَصْحَابِنَا ( وَمَنْ رَوَى ) حَالَ كَوْنِهِ ( بَالِغًا مُسْلِمًا عَدْلًا وَقَدْ تَحَمَّلَ ) حَالَ كَوْنِهِ ( صَغِيرًا ضَابِطًا ، أَوْ ) حَالَ كَوْنِهِ ( كَافِرًا ) ضَابِطًا ( أَوْ ) حَالَ كَوْنِهِ ( فَاسِقًا ) ضَابِطًا ( قُبِلَ ) مَا رَوَاهُ ، لِاجْتِمَاعِ الشُّرُوطِ فِيهِ حَالَ رِوَايَتِهِ ( وَهِيَ ) أَيْ الْعَدَالَةُ فِي اللُّغَةِ : التَّوَسُّطُ فِي الْأَمْرِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ ، وَهِيَ فِي اصْطِلَاحِ أَهْلِ الشَّرْعِ ( صِفَةٌ ) أَيْ كَيْفِيَّةٌ نَفْسَانِيَّةٌ ، وَتُسَمَّى قَبْلَ رُسُوخِهَا حَالًا ( رَاسِخَةٌ فِي النَّفْسِ ) أَيْ نَفْسِ الْمُتَّصِفِ بِهَا ( تَحْمِلُهُ ) عَلَى مُلَازَمَةِ التَّقْوَى وَالْمُرُوءَةِ ، وَتَحْمِلُهُ أَيْضًا عَلَى ( تَرْكِ الْكَبَائِرِ ) . ( وَمِنْهَا ) أَيْ مِنْ الْكَبَائِرِ : غِيبَةٌ وَنَمِيمَةٌ . قَالَ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ : اُخْتُلِفَ فِي الْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ . هَلْ هُمَا مِنْ الصَّغَائِرِ أَوْ مِنْ الْكَبَائِرِ ؟ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُمَا مِنْ الْكَبَائِرِ . وَقَدَّمَهُ
ابْنُ مُفْلِحٍ فِي أُصُولِهِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي فُرُوعِهِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14979الْقُرْطُبِيُّ : لَا خِلَافَ أَنَّ الْغِيبَةَ مِنْ الْكَبَائِرِ . انْتَهَى . وَقِيلَ : إنَّهُمَا مِنْ الصَّغَائِرِ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ ، مِنْهُمْ صَاحِبُ الْفُصُولِ وَالْغُنْيَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ ( وَ ) تَحْمِلُهُ أَيْضًا عَلَى تَرْكِ ( الرَّذَائِلِ ) الْمُبَاحَةِ . كَالْأَكْلِ فِي السُّوقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ . فَلَا يَأْتِي بِكَبِيرَةٍ لِلْآيَةِ الْكَرِيمَةِ فِي الْقَاذِفِ . وَقِيسَ عَلَيْهِ الْبَاقِي مِنْ الْكَبَائِرِ . وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ ( بِلَا بِدْعَةٍ مُغَلَّظَةٍ ) وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا ( وَتُقْبَلُ رِوَايَةُ ) مَنْ اتَّصَفَ بِذَلِكَ ، وَلَوْ أَنَّهُ ( قَاذِفٌ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ ) قَالَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ : إنْ قَذَفَ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ قُبِلَتْ رِوَايَتُهُ ; لِأَنَّ نَقْصَ الْعَدَدِ لَيْسَ مِنْ جِهَتِهِ . زَادَ
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي فِي الْعُدَّةِ : وَلَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي الْقَذْفِ . وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي الْحَدِّ ، وَيَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ ، وَلَا تُرَدُّ الشَّهَادَةُ بِمَا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ . وَكَذَا زَادَ
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابْنُ عَقِيلٍ . قَالَ
الشِّيرَازِيُّ فِي اللُّمَعِ :
nindex.php?page=showalam&ids=130وَأَبُو بَكْرَةَ وَمَنْ شَهِدَ مَعَهُ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُمْ ; لِأَنَّهُمْ أَخْرَجُوا أَلْفَاظَهُمْ مَخْرَجَ الْإِخْبَارِ ، لَا مَخْرَجَ الْقَذْفِ . وَجَلَدَهُمْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بِاجْتِهَادِهِ ( وَيُحَدُّ ) الْقَاذِفُ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ مَعَ قَبُولِ رِوَايَتِهِ .
قَالَ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ : وَاتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى الرِّوَايَةِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=130أَبِي بَكْرَةَ . وَالْمَذْهَبُ عِنْدَهُمْ
[ ص: 273 ] يُحَدُّ . وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ : أَنَّهُ لَا يُحَدُّ . قَالَ
ابْنُ مُفْلِحٍ : فَيُتَوَجَّهُ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ بَقَاءُ عَدَالَتِهِ . وَقَالَهُ الشَّافِعِيَّةُ ، وَهُوَ مَعْنَى مَا جَزَمَ بِهِ
الْآمِدِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْجَرْحِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْقَذْفِ . وَقَالَ
الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : صَرَّحَ
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي فِي قِيَاسِ الشَّبَهِ مِنْ الْعَدَالَةِ بِعَدَالَةِ مَنْ أَتَى بِكَبِيرَةٍ أَيْ وَاحِدَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=8فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ } وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ فِيمَنْ أَكَلَ الرِّبَا : إنْ أَكْثَرَ لَمْ يُصَلَّ خَلَفَهُ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي nindex.php?page=showalam&ids=13372وَابْنُ عَقِيلٍ : فَاعْتَبَرَ الْكَثْرَةَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13439الْمُوَفَّقُ فِي الْمُغْنِي : إنْ أَخَذَ صَدَقَةً مُحَرَّمَةً وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ ، رُدَّتْ رِوَايَتُهُ ( وَالصَّغَائِرُ ) وَهِيَ كُلُّ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ مُحَرَّمٍ لَا حَدَّ فِيهِ فِي الدُّنْيَا وَلَا وَعِيدَ فِي الْآخِرَةِ ( وَهُنَّ ) مَعَ كَثْرَةِ صُوَرِهِنَّ ( سَوَاءٌ حُكْمًا ) أَيْ فِي الْحُكْمِ . قَالَ فِي التَّحْرِيرِ : وَلَمْ يُفَرِّقْ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ فِي الصَّغَائِرِ ، بَلْ أَطْلَقُوا . فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ ( إنْ لَمْ تَتَكَرَّرْ تَكَرُّرًا يُخِلُّ بِالثِّقَةِ بِصِدْقِهِ ) أَيْ صِدْقِ الرَّاوِي ( لَمْ تَقْدَحْ ) فِي صِحَّةِ رِوَايَتِهِ ( لِتَكْفِيرِهَا ) أَيْ تَكْفِيرِ الصَّغَائِرِ ( بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ وَمَصَائِبِ الدُّنْيَا ) عَلَى الْأَصَحِّ فِي كَوْنِ الذُّنُوبِ تَنْقَسِمُ إلَى صَغَائِرَ وَكَبَائِرَ ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ . وَقَالَ
الْأُسْتَاذُ nindex.php?page=showalam&ids=12604وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْبَاقِلَّانِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=13428وَابْنُ فُورَكٍ وَالْقُشَيْرِيُّ وَالسُّبْكِيُّ . وَحُكِيَ عَنْ
الْأَشْعَرِيَّةِ : إنَّ جَمِيعَ الذُّنُوبِ كَبَائِرُ . قَالَ
الْقَرَافِيُّ : كَأَنَّهُمْ كَرِهُوا تَسْمِيَةَ مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى صَغِيرَةً إجْلَالًا لَهُ ، مَعَ مُوَافَقَتِهِمْ فِي الْجَرْحِ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُطْلَقِ الْمَعْصِيَةِ ، بَلْ مِنْهُ مَا يَقْدَحُ ، وَمِنْهُ مَا لَا يَقْدَحُ . وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي التَّسْمِيَةِ . انْتَهَى . اسْتَدَلَّ الْجُمْهُورُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=31إنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ } - الْآيَةَ وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِي تَكْفِيرِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالْجُمُعَةِ مَا بَيْنَهُمَا إذَا اُجْتُنِبَتْ الْكَبَائِرُ ; إذْ لَوْ كَانَ الْكُلُّ كَبَائِرَ لَمْ يَبْقَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا يُكَفَّرُ بِمَا ذُكِرَ . وَفِي الْحَدِيثِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14757الْكَبَائِرُ سَبْعٌ } وَفِي رِوَايَةٍ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46636تِسْعٌ - وَعَدَّهَا } فَلَوْ كَانَتْ الذُّنُوبُ كُلُّهَا كَبَائِرَ لَمَا سَاغَ ذَلِكَ . وَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَ
الْكُورَانِيُّ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ : إنْ أَرَادُوا إسْقَاطَ الْعَدَالَةِ فَقَدْ خَالَفُوا الْإِجْمَاعَ . وَإِنْ أَرَادُوا قُبْحَ الْمَعْصِيَةِ نَظَرًا إلَى كِبْرِيَائِهِ تَعَالَى ، وَأَنَّ مُخَالَفَتَهُ لَا تُعَدُّ أَمْرًا صَغِيرًا . فَنِعْمَ الْقَوْلُ . انْتَهَى .
وَعَلَى الْأَصَحِّ فِي كَوْنِ
[ ص: 274 ] الصَّغَائِرِ سَوَاءً حُكْمًا . وَقَالَ
الْآمِدِيُّ ، وَمَنْ وَافَقَهُ : إنَّ مِثْلَ سَرِقَةِ لُقْمَةٍ وَالتَّطْفِيفِ بِحَبَّةٍ ، وَاشْتِرَاطِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى إسْمَاعِ الْحَدِيثِ يُعْتَبَرُ تَرْكُهُ كَالْكَبَائِرِ . وَقَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي اشْتِرَاطِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ : لَا يُكْتَبُ عَنْهُ الْحَدِيثُ وَلَا كَرَامَةَ . وَقَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12418إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ nindex.php?page=showalam&ids=11971وَأَبُو حَاتِمٍ . قَالَ
ابْنُ مُفْلِحٍ : وَيُعْتَبَرُ تَرْكُ مَا فِيهِ دَنَاءَةٌ وَتَرْكُ مُرُوءَةٍ كَأَكْلِهِ فِي السُّوقِ بَيْنَ النَّاسِ الْكَثِيرِ . وَمَدِّ رِجْلَيْهِ وَكَشْفِ رَأْسِهِ بَيْنَهُمْ وَالْبَوْلِ فِي الشَّوَارِعِ وَاللَّعِبِ بِالْحَمَامِ وَصُحْبَةِ الْأَرَاذِلِ وَالْإِفْرَاطِ فِي الْمَزْحِ ، لِحَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=91أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=10550إذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْت } رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ ، يَعْنِي : إذَا صَنَعَ مَا شَاءَ فَلَا يُوثَقُ بِهِ . انْتَهَى .
وَعَلَى الْأَصَحِّ فِي كَوْنِ الصَّغَائِرِ إنْ لَمْ تَتَكَرَّرْ مِنْهُ تَكَرُّرًا يُخِلُّ الثِّقَةَ بِصِدْقِ الرَّاوِي لَمْ يُقْدَحْ فِي رِوَايَتِهِ . قَالَ
ابْنُ قَاضِي الْجَبَلِ فِي أُصُولِهِ : حَدُّ الْإِصْرَارِ الْمَانِعِ فِي الصَّغَائِرِ : أَنْ تَتَكَرَّرَ مِنْهُ تَكَرُّرًا يُخِلُّ الثِّقَةَ بِصِدْقِهِ . انْتَهَى .
وَقِيلَ : يَقْدَحُ تَكْرَارُهَا فِي الْجُمْلَةِ . وَقِيلَ : ثَلَاثًا . قَالَهُ
ابْنُ حَمْدَانَ فِي الْمُقْنِعِ وَآدَابِ الْمُفْتِي . وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ : تَقْدَحُ كَثْرَةُ الصَّغَائِرِ وَإِدْمَانُ وَاحِدَةٍ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13439الْمُوَفَّقُ فِي الْمُقْنِعِ : لَا يُدْمِنُ عَلَى صَغِيرَةٍ ، وَهُوَ مُرَادُ الْأَوَّلِ . وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ فَالْإِدْمَانُ هُنَا كَمَا قَالَ
ابْنُ قَاضِي الْجَبَلِ فِي أُصُولِهِ كَمَا تَقَدَّمَ . وَعَلَى الْأَصَحِّ فِي كَوْنِ الصَّغَائِرِ تُكَفَّرُ بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ وَبِمَصَائِب الدُّنْيَا لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=31إنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ } وَلِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ مِنْ تَكْفِيرِ الصَّغَائِرِ بِمَصَائِبِ الدُّنْيَا . وَاخْتَارَ ذَلِكَ
الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الرَّدِّ عَلَى
الرَّافِضِيِّ .
وَحَكَاهُ عَنْ الْجُمْهُورِ ( وَيُرَدُّ كَاذِبٌ وَلَوْ تَدَيَّنَ ) أَيْ تَحَرَّزَ عَنْ الْكَذِبِ ( فِي الْحَدِيثِ ) عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ ، مِنْهُمْ الْإِمَامَانِ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ nindex.php?page=showalam&ids=12251وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا ; لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ أَنْ يَكْذِبَ فِيهِ . وَعَنْهُ وَلَوْ بِكَذْبَةٍ وَاحِدَةٍ . وَاخْتَارَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْوَاضِحِ وَغَيْرُهُ .
وَاحْتَجَّ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46637رَدَّ شَهَادَةَ رَجُلٍ فِي كَذْبَةٍ } وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ ، لَكِنَّهُ مُرْسَلٌ . رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12352إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=14243وَالْخَلَّالُ وَجَعَلَهُ فِي التَّمْهِيدِ إنْ صَحَّ لِلزَّجْرِ . وَفِيهِ وَعِيدٌ فِي مَنَامِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّحِيحِ . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ :
[ ص: 275 ] الزَّجْرُ عَنْ شَهَادَةِ الزُّورِ ، وَأَنَّهَا مِنْ الْكَبَائِرِ . وَذَكَرَ فِي الْفُصُولِ فِي الشَّهَادَةِ : أَنَّ بَعْضَهُمْ اخْتَارَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ . وَقَاسَ عَلَيْهَا بَقِيَّةَ الصَّغَائِرِ . وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ : أَنَّ الْكَذْبَةَ الْوَاحِدَةَ لَا تَقْدَحُ لِلْمَشَقَّةِ وَعَدَمِ دَلِيلِهِ . وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابْنُ عَقِيلٍ فِي الشَّهَادَةِ مِنْ الْفُصُولِ : أَنَّهُ ظَاهِرُ مَذْهَبِ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ . وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِهِ . وَقِيَاسُ بَقِيَّةِ الصَّغَائِرِ عَلَيْهَا بَعِيدٌ ، لِأَنَّ الْكَذِبَ مَعْصِيَةٌ فِيمَا تَحْصُلُ بِهِ الشَّهَادَةُ ، وَهُوَ الْخَبَرُ الْعَامُّ . انْتَهَى ( وَتَقْدَحُ كَذْبَةٌ ) وَاحِدَةٌ ( فِيهِ ) أَيْ فِي الْحَدِيثِ ( وَلَوْ تَابَ ) مِنْهَا . نَصَّ عَلَى ذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . وَقَالَ : لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ مُطْلَقًا . وَقَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ ، قَالَ : لِأَنَّهُ زِنْدِيقٌ . فَتُخَرَّجُ تَوْبَتُهُ عَلَى تَوْبَتِهِ وَفَارَقَ الشَّهَادَةَ ; لِأَنَّهُ قَدْ يَكْذِبُ فِيهَا لِرِشْوَةٍ إلَى أَرْبَابِ الدُّنْيَا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابْنُ عَقِيلٍ : هَذَا فَرْقٌ بَعِيدٌ ; لِأَنَّ الرَّغْبَةَ إلَيْهِمْ بِأَخْبَارِ الرَّجَاءِ ، أَوْ الْوَعِيدِ غَايَةُ الْفِسْقِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا : أَنَّ تَوْبَتَهُ تُقْبَلُ . وَقَالَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ ، لَكِنْ فِي غَيْرِ مَا كَذَبَ فِيهِ . كَتَوْبَتِهِ فِيمَا أَقَرَّ بِتَزْوِيرِهِ . وَقَبِلَهَا
الدَّامَغَانِيُّ الْحَنَفِيُّ فِيهِ أَيْضًا . قَالَ : لِأَنَّ رَدَّهَا لَيْسَ بِحُكْمٍ ، وَرَدُّ الشَّهَادَةِ حُكْمٌ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى : سَأَلْت
nindex.php?page=showalam&ids=14561أَبَا بَكْرٍ الشَّاشِيَّ عَنْهُ . فَقَالَ : لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ فِيمَا رُدَّ ، وَيُقْبَلُ فِي غَيْرِهِ اعْتِبَارًا بِالشَّهَادَةِ . قَالَ : وَسَأَلْت
قَاضِي الْقُضَاةِ الدَّامَغَانِيَّ . فَقَالَ : يُقْبَلُ حَدِيثُهُ الْمَرْدُودُ وَغَيْرُهُ ، بِخِلَافِ شَهَادَتِهِ إذَا رُدَّتْ ثُمَّ تَابَ لَمْ تُقْبَلْ تِلْكَ خَاصَّةً . قَالَ : لِأَنَّ هُنَاكَ حُكْمًا مِنْ الْحَاكِمِ بِرَدِّهَا . فَلَا يُنْقَضُ ، وَرَدُّ الْخَبَرِ مِمَّنْ رُوِيَ لَهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ . انْتَهَى .
قَالَ
الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : وَهَذَا يَتَوَجَّهُ لَوْ رَدَدْنَا الْحَدِيثَ لِفِسْقِهِ ، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَذْهَبُ . فَأَمَّا إذَا عَلِمْنَا كَذِبَهُ فِيهِ فَأَيْنَ هَذَا مِنْ الشَّهَادَةِ ؟ فَنَظِيرُهُ أَنْ يَتُوبَ مِنْ شَهَادَةِ زُورٍ وَيُقِرَّ فِيهَا بِالتَّزْوِيرِ ( وَالْكَبِيرَةُ ) عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَنُقِلَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ( مَا فِيهِ حَدٌّ فِي الدُّنْيَا أَوْ ) فِيهِ ( وَعِيدٌ ) خَاصٌّ ( فِي الْآخِرَةِ . وَزِيدَ ) أَيْ وَزَادَ
الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَأَتْبَاعُهُ ( أَوْ ) مَا فِيهِ ( لَعْنَةٌ أَوْ غَضَبٌ أَوْ نَفْيُ إيمَانٍ ) اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْكَبِيرَةِ ، هَلْ لَهَا ضَابِطٌ تُعْرَفُ بِهِ أَوْ لَا ؟ فَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّهَا لَا يُعْرَفُ ضَابِطُهَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي فِي الْمُعْتَمَدِ : مَعْنَى الْكَبِيرَةِ أَنَّ عِقَابَهَا أَعْظَمُ وَالصَّغِيرَةُ أَقَلُّ ، وَلَا يُعْلَمَانِ إلَّا بِتَوْقِيفٍ . قَالَ
الْوَاحِدِيُّ : الصَّحِيحُ أَنَّ الْكَبَائِرَ لَيْسَ لَهَا حَدٌّ تُعْرَفُ بِهِ ، وَإِلَّا لَاقْتَحَمَ النَّاسُ الصَّغَائِرَ وَاسْتَبَاحُوهَا ،
[ ص: 276 ] وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْفَى ذَلِكَ عَنْ الْعِبَادِ لِيَجْتَهِدُوا فِي اجْتِنَابِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ ، رَجَاءَ أَنْ تُجْتَنَبَ الْكَبَائِرُ . نَظِيرُهُ إخْفَاءُ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَلَيْلَةِ الْقَدْرِ وَسَاعَةِ الْإِجَابَةِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَقِيَامِ السَّاعَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ . وَذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ إلَى أَنَّ لَهَا ضَابِطًا مَعْرُوفًا ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ الضَّابِطِ عَلَى أَقْوَالٍ . الْأَوَّلُ - وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ - أَنَّ الْكَبِيرَةَ مَا فِيهِ حَدٌّ فِي الدُّنْيَا أَوْ وَعِيدٌ فِي الْآخِرَةِ ، لِوَعْدِ اللَّهِ مُجْتَنِبَهَا بِتَكْفِيرِ الصَّغَائِرِ . قَالَ
ابْنُ مُفْلِحٍ : وَلِأَنَّهُ مَعْنَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ . ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ nindex.php?page=showalam&ids=12074وَأَبُو عُبَيْدٍ . وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ مَا فِيهِ لَعْنَةٌ أَوْ غَضَبٌ أَوْ نَفْيُ إيمَانٍ ; لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ نَفْيُ الْإِيمَانِ لِأَمْرٍ مُسْتَحَبٍّ ، بَلْ لِكَمَالٍ وَاجِبٍ .
قَالَ
الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْمِلَ كَلَامَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ إلَّا عَلَى مَعْنًى يُبَيِّنُ مِنْ كَلَامِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُرَادُهُ ، لَا عَلَى مَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ مِنْ كَلَامِ كُلِّ أَحَدٍ . الْقَوْلُ الثَّانِي - وَهُوَ
nindex.php?page=showalam&ids=16004لِسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ - أَنَّ مَا تَعَلَّقَ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى صَغِيرَةٌ ، وَمَا تَعَلَّقَ بِحَقِّ الْآدَمِيِّ كَبِيرَةٌ . وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ - وَنُسِبَ إلَى الْأَكْثَرِ - أَنَّ الْكَبِيرَةَ مَا فِيهِ وَعِيدٌ شَدِيدٌ بِنَصِّ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ . الرَّابِعُ : مَا أَوْجَبَ حَدًّا فَهُوَ كَبِيرَةٌ وَغَيْرُهُ صَغِيرَةٌ ، وَهُوَ لِجَمَاعَةٍ . الْخَامِسُ - وَهُوَ
لِلْهَرَوِيِّ - أَنَّ الْكَبِيرَةَ كُلُّ مَعْصِيَةٍ يَجِبُ فِي جِنْسِهَا حَدٌّ مِنْ قَتْلٍ وَغَيْرِهِ . وَتَرْكُ كُلِّ فَرِيضَةٍ مَأْمُورٍ بِهَا عَلَى الْفَوْرِ ، وَالْكَذِبُ فِي الشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ وَفِي الْيَمِينِ . الْقَوْلُ السَّادِسُ - وَهُوَ
لِإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ - أَنَّ الْكَبِيرَةَ كُلُّ جَرِيمَةٍ تُؤْذِنُ بِقِلَّةِ اكْتِرَاثِ مُرْتَكِبِهَا بِالدِّينِ وَرِقَّةِ الدِّيَانَةِ . وَرَجَّحَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ . وَمَجْمُوعَةُ مَا جَاءَ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ فِي الْأَحَادِيثِ مِنْ الْكَبَائِرِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ : الشِّرْكُ بِاَللَّهِ تَعَالَى ، وَقَتْلُ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ ، وَالزِّنَا ، وَأَفْحَشُهُ بِحَلِيلَةِ الْجَارِ ، وَالْفِرَارُ مِنْ الزَّحْفِ ، وَالسِّحْرُ ، وَأَكْلُ الرِّبَا ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ ، وَالِاسْتِطَالَةُ فِي عِرْضِ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ ، وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ ، وَالنَّمِيمَةُ ، وَالسَّرِقَةُ ، وَشُرْبُ الْخَمْرِ ، وَاسْتِحْلَالُ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ ، وَنَكْثُ الصَّفْقَةِ ، وَتَرْكُ السُّنَّةِ ، وَالتَّعَرُّبُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ ، وَالْيَأْسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ ، وَالْأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ ، وَمَنْعُ ابْنِ السَّبِيلِ مِنْ فَضْلِ الْمَاءِ ، وَعَدَمُ التَّنَزُّهِ مِنْ الْبَوْلِ ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ ، وَالتَّسَبُّبُ إلَى شَتْمِهِمَا ، وَالْإِضْرَارُ فِي
[ ص: 277 ] الْوَصِيَّةِ