الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
288 - " nindex.php?page=treesubj&link=32217اختلاف أمتي رحمة " ؛ نصر المقدسي؛ في الحجة؛ nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي ؛ في الرسالة الأشعرية؛ بغير سند؛ وأورده nindex.php?page=showalam&ids=14164الحليمي؛ والقاضي حسين ؛ وإمام الحرمين؛ وغيرهم؛ ولعله خرج في بعض كتب الحفاظ التي لم تصل إلينا.
(اختلاف) ؛ " افتعال" ؛ من " الخلف" ؛ وهو ما يقع من افتراق بعد اجتماع؛ في أمر من الأمور؛ ذكره الحراني ؛ (أمتي) ؛ أي: مجتهدي أمتي؛ في الفروع التي يسوغ الاجتهاد فيها؛ فالكلام في الاجتهاد في الأحكام؛ كما في تفسير القاضي؛ قال: فالنهي مخصوص بالتفرق في الأصول؛ لا الفروع؛ انتهى؛ قال السبكي: ولا شك أن الاختلاف في الأصول ضلال؛ وسبب كل فساد؛ كما أشار إليه القرآن؛ وأما ما ذهب إليه جمع من أن المراد الاختلاف في الحرف والصنائع؛ فرده السبكي بأنه كان المناسب على هذا أن يقال: " اختلاف الناس رحمة" ؛ إذ لا خصوص للأمة بذلك؛ فإن كل الأمم مختلفون في الحرف والصنائع؛ فلا بد من خصوصية؛ قال: وما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12441إمام الحرمين في النهاية كالحليمي؛ من أن المراد اختلافهم في المناصب والدرجات والمراتب؛ فلا ينساق الذهن من لفظ الاختلاف إليه؛ (رحمة) ؛ للناس؛ كذا هو ثابت في رواية من عزا المصنف الحديث إليه؛ فسقطت اللفظة منه سهوا؛ أي: اختلافهم توسعة على الناس؛ بجعل المذاهب كشرائع متعددة؛ بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - بكلها؛ لئلا تضيق بهم الأمور من إضافة الحق الذي فرضه الله (تعالى) على المجتهدين؛ دون غيرهم؛ ولم يكلفوا ما لا طاقة لهم به؛ توسعة في شريعتهم السمحة السهلة؛ فاختلاف المذاهب نعمة كبيرة؛ وفضيلة جسيمة خصت بها هذه الأمة؛ فالمذاهب التي استنبطها أصحابه فمن بعدهم؛ من أقواله؛ وأفعاله؛ على تنوعها؛ كشرائع متعددة له؛ وقد وعد بوقوع ذلك؛ فوقع؛ وهو من معجزاته - صلى الله عليه وسلم -؛ أما الاجتهاد في العقائد فضلال؛ ووبال؛ كما تقرر؛ والحق ما عليه أهل السنة؛ والجماعة؛ فقط؛ فالحديث إنما هو في الاختلاف في الأحكام؛ و" رحمة" ؛ نكرة في سياق الإثبات؛ لا تقتضي عموما؛ فيكفي في صحته أن يحصل في الاختلاف رحمة ما؛ في وقت ما؛ في حال ما؛ على وجه ما؛ وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي ؛ في المدخل؛ عن nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد ؛ أو nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز : لا يسرني أن أصحاب محمد لم يختلفوا؛ لأنهم لو لم يختلفوا لم تكن رخصة؛ ويدل لذلك ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ؛ مرفوعا: " nindex.php?page=hadith&LINKID=1084أصحابي بمنزلة النجوم في السماء؛ فبأيهم اقتديتم اهتديتم؛ واختلاف أصحابي لكم رحمة" ؛ قال السمهودي: واختلاف الصحابة في فتيا؛ اختلاف الأمة؛ وما روي من أن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا لما أراده الرشيد على الذهاب معه إلى العراق؛ وأن يحمل الناس [ ص: 210 ] على الموطإ؛ كما حمل عثمان الناس على القرآن؛ فقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : أما حمل الناس على الموطإ فلا سبيل إليه؛ لأن الصحابة - رضي الله (تعالى) عنهم - افترقوا بعد موته - صلى الله عليه وسلم - في الأمصار؛ فحدثوا؛ فعند أهل كل مصر علم؛ وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: " اختلاف أمتي رحمة" ؛ كالصريح في أن المراد الاختلاف في الأحكام؛ كما نقله nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح ؛ عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ؛ من أنه قال في اختلاف أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مخطئ؛ ومصيب؛ فعليك بالاجتهاد؛ قال: وليس كما قال ناس: فيه توسعة على الأمة بالاجتهاد؛ إنما هو بالنسبة إلى المجتهد؛ لقوله: " فعليك بالاجتهاد" ؛ فالمجتهد مكلف بما أداه إليه اجتهاده؛ فلا توسعة عليه في اختلافهم؛ وإنما التوسعة على المقلد؛ فقول الحديث: " اختلاف أمتي رحمة للناس" ؛ أي: لمقلديهم؛ ومساق قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : " مخطئ؛ ومصيب..." ؛ إلخ؛ إنما هو الرد على من قال: من كان أهلا للاجتهاد له تقليد الصحابة؛ دون غيرهم؛ وفي العقائد لابن قدامة الحنبلي أن nindex.php?page=treesubj&link=32217اختلاف الأئمة رحمة؛ واتفاقهم حجة؛ انتهى.
فإن قلت: هذا كله لا يجامع نهي الله (تعالى) عن الاختلاف؛ بقوله (تعالى): nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=103واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ؛ وقوله (تعالى): nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=105ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات ؛ الآية؛ قلت: هذه دسيسة ظهرت من بعض من في قلبه مرض؛ وقد قام بأعباء الرد عليه جمع جم؛ منهم ابن العربي؛ وغيره؛ بما منه أنه - سبحانه وتعالى - إنما ذم كثرة الاختلاف على الرسل كفاحا؛ كما دل عليه خبر: " إنما أهلك الذين من قبلكم كثرة اختلافهم على أنبيائهم" ؛ وأما هذه الأمة فمعاذ الله (تعالى) أن يدخل فيها أحد من العلماء المختلفين؛ لأنه أوعد الذين اختلفوا بعذاب عظيم؛ والمعترض موافق على أن اختلاف هذه الأمة في الفروع؛ مغفور لمن أخطأ منهم؛ فتعين أن الآية فيمن اختلف على الأنبياء؛ فلا تعارض بينها وبين الحديث؛ وفيه رد على المتعصبين لبعض الأئمة؛ على بعض؛ وقد عمت به البلوى؛ وعظم به الخطب؛ قال الذهبي : وبين الأئمة اختلاف كبير في الفروع؛ وبعض الأصول؛ وللقليل منهم غلطات وزلقات ومفردات منكرة؛ وإنما أمرنا باتباع أكثرهم صوابا؛ ونجزم بأن غرضهم ليس إلا اتباع الكتاب والسنة؛ وكل ما خالفوا فيه؛ لقياس؛ أو تأويل؛ قال: وإذا رأيت فقيها خالف حديثا؛ أو رد حديثا؛ أو حرف معناه؛ فلا تبادر لتغليطه؛ فقد قال nindex.php?page=showalam&ids=8علي - كرم الله وجهه - لمن قال له: أتظن أن nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة ؛ nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير ؛ كانا على باطل؟ -: " يا هذا؛ إنه ملبوس عليك؛ إن الحق لا يعرف بالرجال؛ اعرف الحق؛ تعرف أهله" ؛ وما زال nindex.php?page=treesubj&link=32217الاختلاف بين الأئمة واقعا في الفروع؛ وبعض الأصول؛ مع اتفاق الكل على تعظيم الباري - جل جلاله -؛ وأنه ليس كمثله شيء؛ وأن ما شرعه رسوله حق؛ وأن كتابهم واحد؛ ونبيهم واحد؛ وقبلتهم واحدة؛ وإنما وضعت المناظرة لكشف الحق؛ وإفادة العالم الأذكى العلم لمن دونه؛ وتنبيه الأغفل الأضعف؛ فإن داخلها زهو من الأكمل؛ وانكسار من الأصغر؛ فذاك دأب النفوس الزكية في بعض الأحيان؛ غفلة عن الله؛ فما الظن بالنفوس الشريرة المنطفية؛ انتهى.
ويجب علينا أن نعتقد أن الأئمة الأربعة والسفيانين؛ nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ؛ وداود الظاهري؛ وإسحاق بن راهويه ؛ وسائر الأئمة على هدى؛ ولا التفات لمن تكلم فيهم بما هم بريئون منه؛ والصحيح وفاقا للجمهور أن المصيب في الفروع واحد؛ ولله (تعالى) فيما حكم عليه أمارة؛ وأن المجتهد كلف بإصابته؛ وأن مخطئه لا يأثم؛ بل يؤجر؛ فمن أصاب فله أجران؛ ومن أخطأ فأجر؛ نعم؛ إن قصر المجتهد أثم؛ اتفاقا؛ وعلى غير المجتهد أن يقلد مذهبا معينا؛ وقضية جعل الحديث الاختلاف رحمة: جواز nindex.php?page=treesubj&link=25919الانتقال من مذهب لآخر؛ والصحيح عند الشافعية جوازه؛ لكن لا يجوز تقليد الصحابة؛ وكذا التابعين؛ كما قاله إمام الحرمين؛ من كل من لم يدون مذهبه؛ فيمتنع تقليد غير الأربعة في القضاء؛ والإفتاء؛ لأن المذاهب الأربعة انتشرت؛ وتحررت؛ حتى ظهر تقييد مطلقها؛ وتخصيص عامها؛ بخلاف غيرهم؛ لانقراض أتباعهم؛ وقد نقل nindex.php?page=showalam&ids=11970الإمام الرازي - رحمه الله (تعالى) - إجماع المحققين على منع العوام من تقليد أعيان الصحابة؛ وأكابرهم؛ انتهى.
نعم؛ يجوز لغير عامي من الفقهاء المقلدين تقليد غير الأربعة في العمل لنفسه؛ إن علم نسبته لمن يجوز تقليده؛ وجمع شروطه عنده؛ لكن بشرط ألا يتتبع الرخصة بأن يأخذ من كل مذهب الأهون؛ بحيث تنحل ربقة التكليف من عنقه؛ وإلا لم يجز؛ خلافا لابن عبد السلام؛ حيث أطلق جواز تتبعها؛ وقد يحمل كلامه على ما إذا تتبعها على وجه لا يصل [ ص: 211 ] إلى الانحلال المذكور؛ وقول nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب ؛ كالآمدي: من عمل في مسألة بقول إمام ليس له العمل فيها بقول غيره اتفاقا؛ إن أراد به اتفاق الأصوليين؛ فلا يقضي على اتفاق الفقهاء؛ والكلام فيه؛ وإلا فهو مردود؛ ومرفوض؛ فيما لو بقي من آثار العمل الأول ما يستلزم تركب حقيقة لا يقول بها كل من الإمامين؛ كتقليد الإمام nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في مسح بعض الرأس؛ والإمام nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في طهارة الكلب في صلاة واحدة؛ فعلم أنه إنما يمتنع تقليد الغير في تلك الواقعة نفسها؛ لا مثلها؛ كأن أفتى ببينونة زوجته بنحو تعليق؛ فنكح أختها؛ ثم أفتى بأن لا بينونة؛ ليس له الرجوع للأولى بغير إبانتها؛ وكأن أخذ بشفعة جوار؛ تقييدا للحنفي؛ ثم استحقت عليه؛ فيمتنع تقليده nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في تركها؛ لأن كلا من الإمامين لا يقول به؛ فلو اشترى بعده عقارا؛ وقلد الإمام nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في عدم القول بشفعة الجوار؛ لم يمنعه ما تقدم من تقليده في ذلك؛ فله الامتناع في تسليم العقار الثاني؛ وإن قال الآمدي وابن الحاجب - ومن على قدمهما كالمحلي - بالمنع في هذا؛ وعمومه في جميع صور ما وقع العمل به أولا؛ فهو ممنوع؛ وزعم الاتفاق عليه باطل؛ وحكى الزركشي أن القاضي أبا الطيب أقيمت صلاة الجمعة؛ فهم بالتكبير؛ فذرق عليه طير؛ فقال: أنا حنبلي؛ فأحرم؛ ولم يمنعه عمله بمذهبه من تقليد المخالف عند الحاجة؛ وممن جرى على ذلك السبكي؛ فقال: المنتقل من مذهب لآخر له أحوال: الأول: أن يعتقد رحجان مذهب الغير؛ فيجوز عمله به؛ اتباعا للراجح في ظنه؛ الثاني: أن يعتقد رجحان شيء؛ فيجوز؛ الثالث: أن يقصد بتقليده الرخصة فيما يحتاجه؛ لحاجة لحقته؛ أو ضرورة أرهقته؛ فيجوز؛ الرابع: أن يقصد مجرد الترخص؛ فيمتنع؛ لأنه متبع لهواه؛ لا للدين؛ الخامس: أن يكثر ذلك؛ ويجعل اتباع الرخص ديدنه؛ فيمتنع؛ لما ذكر؛ ولزيادة فحشه؛ السادس: أن يجتمع من ذلك حقيقة مركبة ممتنعة بالإجماع؛ فيمتنع؛ السابع: أن يعمل بتقليد الأول؛ كحنفي يدعي شفعة جوار؛ فيأخذها بمذهب الحنفي؛ فتستحق عليه؛ فيريد تقليد الإمام nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ؛ فيمتنع؛ لخطئه في الأولى؛ أو الثانية؛ وهو شخص واحد مكلف.
قال: وكلام الآمدي وابن حجاب منزل عليه؛ وسئل البلقيني عن nindex.php?page=treesubj&link=28268التقليد في المسألة السريجية؛ فقال: أنا لا أفتي بصحة الدور؛ لكن إذا قلد من قال بعدم وقوع الطلاق كفي؛ ولا يؤاخذه الله - سبحانه وتعالى - لأن الفروع الاجتهادية لا يعاقب عليها؛ أي: مع التقليد؛ وهو ذهاب منه إلى جواز تقليد المرجوح؛ وتتبعه؛ قال بعضهم: ومحل ما مر من منع تتبع الرخص؛ إذا لم يقصد به مصلحة دينية؛ وإلا فلا منع؛ كبيع مال الغائب؛ فإن السبكي أفتى بأن الأولى تقليد nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فيه؛ لاحتياج الناس غالبا في نحو مأكول ومشروب إليه؛ والأمر إذا ضاق اتسع؛ وعدم تكرير الفدية بتكرر المحرم اللبس؛ فالأولى تقليد nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك فيه؛ كما أفتى به الإبشيطي؛ وذهب الحنفية إلى منع الانتقال مطلقا؛ قال في فتح القدير: المنتقل من مذهب لمذهب؛ باجتهاد وبرهان؛ آثم؛ عليه التعزير؛ وبدونهما أولى؛ ثم حقيقة الانتقال إنما تتحقق في حكم مسألة خاصة قلد فيها؛ وعمل بها؛ وإلا فقوله: قلدت أبا حنيفة فيما أفتى به من المسائل؛ أو التزمت العمل به على الإجمال؛ وهو لا يعرف صورها؛ ليس حقيقة التقليد؛ بل وعد به؛ أو تعليق له؛ كأنه التزم العمل بقوله فيما يقع له؛ فإذا أراد بهذا الالتزام فلا دليل على وجوب اتباع المجتهد بإلزامه نفسه بذلك؛ قولا؛ أو نية؛ شرعا؛ بل الدليل اقتضى العمل بقول المجتهد فيما يحتاجه؛ بقوله (تعالى): nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=43فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ؛ والمسؤول عنه إنما يتحقق عند وقوع الحادثة؛ قال: والغالب أن مثل هذه الالتزامات لكف الناس عن تتبع الرخص؛ إلا أن أخذ العامي في كل مسألة بقول مجتهد أخف عليه؛ ولا يدرى ما يمنع هذا من النقل؛ والعقل؛ انتهى؛ وذهب بعض المالكية إلى جواز الانتقال؛ بشروط؛ ففي التنقيح للقرافي عن nindex.php?page=showalam&ids=14425الزناتي: nindex.php?page=treesubj&link=22311_22312التقليد يجوز بثلاثة شروط: ألا يجمع بينهما على وجه يخالف الإجماع؛ كمن تزوج بلا صداق ولا ولي ولا شهود؛ فإنه لم يقل به أحد؛ وأن يعتقد في مقلده الفضل؛ وألا يتتبع الرخص والمذاهب؛ وعن غيره يجوز فيما لا ينقض فيه قضاء القاضي؛ وهو ما خالف الإجماع؛ أو القواعد الكلية؛ أو القياس الجلي؛ ونقل عن الحنابلة ما يدل للجواز؛ وقد انتقل جماعة من المذاهب الأربعة من مذهبه لغيره؛ منهم عبد العزيز بن عمران ؛ كان مالكيا؛ فلما قدم الإمام nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله (تعالى) - مصر؛ تفقه عليه؛ وأبو ثور ؛ من مذهب الحنفي إلى مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ؛ وابن عبد الحكم؛ من مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك إلى nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ؛ ثم عاد؛ وأبو جعفر بن نصر؛ من الحنبلي إلى nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ؛ nindex.php?page=showalam&ids=14695والطحاوي ؛ من nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إلى الحنفي؛ والإمام السمعاني؛ من الحنفي إلى nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ؛ والخطيب البغدادي ؛ والآمدي؛ وابن برهان؛ من الحنبلي إلى nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ؛ وابن فارس؛ صاحب المجمل؛ من nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي [ ص: 212 ] للمالكي؛ وابن الدهان؛ من الحنبلي للحنفي؛ ثم تحول شافعيا؛ وابن دقيق العيد؛ من المالكي nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي ؛ وأبو حيان؛ من الظاهري nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي ؛ ذكره الإسنوي وغيره؛ وإنما أطلنا وخرجنا عن جادة الكتاب لشدة الحاجة لذلك؛ وقد ذكر جمع أنه من المهمات التي يتعين إتقانها.
(تنبيه) : قال بعض علماء الروم: المهدي يرفع الخلاف؛ ويجعل الأحكام مختلفة في مسألة واحدة حكما واحدا؛ هو ما في علم الله؛ وتصير المذاهب مذهبا واحدا؛ لشهوده الأمر على ما هو عليه؛ في علم الله؛ لارتفاع الحجاب عن عين جسمه وقلبه؛ كما كان في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ انتهى؛ فإن أراد بالمهدي عيسى - عليه الصلاة والسلام - فظاهر؛ أو الخليفة الفاطمي الذي يأتي آخر الزمان؛ وقد ملئت الأرض ظلما وجورا؛ فممنوع؛ والله - سبحانه وتعالى - أعلم.
(نصر المقدسي؛ في الحجة) ؛ أي: في كتاب الحجة؛ له كذا؛ عزاه له الزركشي في الأحاديث المشتهرة؛ ولم يذكر سنده ولا صحابيه؛ وتبعه المؤلف عليه؛ ( nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي ؛ في الرسالة الأشعرية) ؛ معلقا؛ (بغير سند) ؛ لكنه لم يجزم به؛ كما فعل المؤلف؛ بل قال: " روي..." ؛ (وأورده nindex.php?page=showalam&ids=14164الحليمي) ؛ الحسين بن الحسن؛ الإمام أبو عبد الله ؛ أحد أئمة الدهر؛ وشيخ الشافعية؛ بما وراء النهر؛ في كتاب الشهادات؛ من تعليقه؛ ( والقاضي حسين ) ؛ أحد أركان مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ؛ ورفعائه؛ (وإمام الحرمين) ؛ الأسد بن الأسد؛ والسبكي؛ وولده التاج؛ (وغيرهم) ؛ قال السبكي: وليس بمعروف عند المحدثين؛ ولم أقف له على سند صحيح؛ ولا ضعيف؛ ولا موضوع؛ (ولعله خرج في بعض كتب الحفاظ التي لم تصل إلينا) ؛ وأسنده في المدخل؛ وكذا nindex.php?page=showalam&ids=16138الديلمي في مسند الفردوس؛ كلاهما من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ؛ مرفوعا؛ بلفظ: " اختلاف أصحابي رحمة" ؛ واختلاف الصحابة في حكم اختلاف الأمة؛ كما مر؛ لكن هذا الحديث قال الحافظ العراقي : سنده ضعيف؛ وقال ولده المحقق nindex.php?page=showalam&ids=12013أبو زرعة : رواه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=11790آدم بن أبي إياس ؛ في كتاب العلم؛ بلفظ: " اختلاف أصحابي لأمتي رحمة" ؛ وهو مرسل؛ ضعيف؛ وفي طبقات ابن سعد عن nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد نحوه.
هو الحافظ العلامة ، الثبت ، الفقيه ، شيخ الإسلام أبو بكر ، أحمد [ ص: 164 ] بن الحسين بن علي بن موسى الخسروجردي الخراساني . وبيهق : عدة قرى من أعمال نيسابور على يومين منها .
ولد في سنة أربع وثمانين وثلاثمائة في شعبان .
وسمع وهو ابن خمس عشرة سنة من : أبي الحسن محمد بن الحسين العلوي ; صاحب أبي حامد بن الشرقي ، وهو أقدم شيخ عنده ، وفاته السماع من أبي نعيم الإسفراييني ; صاحب أبي عوانة ، وروى عنه بالإجازة في البيوع ، وسمع من الحاكم أبي عبد الله الحافظ ، فأكثر جدا ، وتخرج به ، ومن أبي طاهر بن محمش الفقيه ، وعبد الله بن يوسف الأصبهاني ، وأبي علي الروذباري ، وأبي عبد الرحمن السلمي ، وأبي بكر بن فورك المتكلم ، وحمزة بن عبد العزيز المهلبي ، والقاضي أبي بكر الحيري ، ويحيى بن إبراهيم المزكي ، وأبي سعيد الصيرفي ، وعلي بن محمد بن السقا ، وظفر بن محمد العلوي ، وعلي بن أحمد بن عبدان ، وأبي سعد أحمد بن محمد الماليني الصوفي ، والحسن بن علي المؤملي ، وأبي عمر محمد بن الحسين البسطامي ، ومحمد بن يعقوب الفقيه ، بالطابران وخلق سواهم . ومن أبي بكر محمد بن أحمد بن منصور ، بنوقان . وأبي نصر محمد بن علي الشيرازي ، ومحمد بن محمد بن أحمد [ ص: 165 ] بن رجاء الأديب ، وأحمد بن محمد الشاذياخي ، وأحمد بن محمد بن مزاحم الصفار ، وأبي نصر أحمد بن علي بن أحمد الفامي ، وإبراهيم بن محمد الطوسي الفقيه ، وإبراهيم بن محمد بن معاوية العطار ، وإسحاق بن محمد بن يوسف السوسي ، والحسن بن محمد بن حبيب المفسر ، وسعيد بن محمد بن محمد بن عبدان ، وأبي الطيب الصعلوكي ، وعبد الله بن محمد المهرجاني وعبد الرحمن بن أبي حامد المقرئ ، وعبد الرحمن بن محمد بن بالويه ، وعبيد بن محمد بن مهدي ، وعلي بن محمد بن علي الإسفراييني ، وعلي بن محمد السبعي ، وعلي بن حسن الطهماني ، ومنصور بن الحسين المقرئ ، ومسعود بن محمد الجرجاني ; وهؤلاء العشرون من أصحاب الأصم . وسمع ببغداد من هلال بن محمد بن جعفر الحفار ، وعلي بن يعقوب الإيادي ، وأبي الحسين بن بشران ، وطبقتهم . وبمكة من الحسن بن أحمد بن فراس ، وغيره . وبالكوفة من جناح بن نذير القاضي ، وطائفة .
وبورك له في علمه ، وصنف التصانيف النافعة ، ولم يكن عنده " سنن النسائي " ، ولا " سنن ابن ماجه " ، ولا " جامع أبي عيسى " ، بلى عنده عن الحاكم وقر بعير أو نحو ذلك ، وعنده " سنن أبي داود " عاليا ، وتفقه على ناصر العمري ، وغيره .
وانقطع بقريته مقبلا على الجمع والتأليف ، فعمل " السنن الكبير " في [ ص: 166 ] عشر مجلدات ليس لأحد مثله ، وألف كتاب " السنن والآثار " في أربع مجلدات وكتاب " الأسماء والصفات " في مجلدتين وكتاب " المعتقد " مجلد ، وكتاب " البعث " مجلد ، وكتاب " الترغيب والترهيب " مجلد ، وكتاب " الدعوات " مجلد ، وكتاب " الزهد " مجلد ، وكتاب " الخلافيات " ثلاث مجلدات ، وكتاب " نصوص الشافعي " مجلدان ، وكتاب " دلائل النبوة " أربع مجلدات وكتاب " السنن الصغير " مجلد ضخم ، وكتاب " شعب الإيمان " مجلدان وكتاب " المدخل إلى السنن " مجلد ، وكتاب " الآداب " مجلد ، وكتاب " فضائل الأوقات " مجيليد ، وكتاب " الأربعين الكبرى " مجيليد ، وكتاب " الأربعين الصغرى " ، وكتاب " الرؤية " جزء ، وكتاب " الإسراء " وكتاب " مناقب الشافعي " مجلد وكتاب " مناقب أحمد " مجلد ، وكتاب " فضائل [ ص: 167 ] الصحابة " مجلد ، وأشياء لا يحضرني ذكرها .
قال الحافظ عبد الغافر بن إسماعيل في " تاريخه " : كان البيهقي على سيرة العلماء ، قانعا باليسير ، متجملا في زهده وورعه .
وقال أيضا : هو أبو بكر الفقيه ، الحافظ الأصولي ، الدين الورع ، واحد زمانه في الحفظ ، وفرد أقرانه في الإتقان والضبط ، من كبار أصحاب الحاكم ، ويزيد على الحاكم بأنواع من العلوم ، كتب الحديث ، وحفظه من صباه ، وتفقه وبرع ، وأخذ فن الأصول ، وارتحل إلى العراق والجبال والحجاز ، ثم صنف ، وتواليفه تقارب ألف جزء مما لم يسبقه إليه أحد ، جمع بين علم الحديث والفقه ، وبيان علل الحديث ، ووجه الجمع بين الأحاديث ، طلب منه الأئمة الانتقال من بيهق إلى نيسابور ، لسماع الكتب ، فأتى في سنة إحدى وأربعين وأربعمائة ، وعقدوا له المجلس لسماع كتاب " المعرفة " وحضره الأئمة .
قال شيخ القضاة أبو علي إسماعيل بن البيهقي : حدثنا أبي قال : حين ابتدأت بتصنيف هذا الكتاب -يعني كتاب " المعرفة في السنن والآثار " - وفرغت من تهذيب أجزاء منه ، سمعت الفقيه محمد بن أحمد -وهو من صالحي أصحابي وأكثرهم تلاوة وأصدقهم لهجة - يقول : رأيت الشافعي [ ص: 168 ] -رحمه الله- في النوم ، وبيده أجزاء من هذا الكتاب ، وهو يقول : قد كتبت اليوم من كتاب الفقيه أحمد سبعة أجزاء . أو قال : قرأتها . ورآه يعتد بذلك . قال : وفي صباح ذلك اليوم رأى فقيه آخر من إخواني الشافعي قاعدا في الجامع على سرير وهو يقول : قد استفدت اليوم من كتاب الفقيه حديث كذا وكذا .
وأخبرنا أبي قال : سمعت الفقيه أبا محمد الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ يقول : سمعت الفقيه محمد بن عبد العزيز المروزي يقول : رأيت في المنام كأن تابوتا علا في السماء يعلوه نور ، فقلت : ما هذا ؟ قال : هذه تصنيفات أحمد البيهقي . ثم قال شيخ القضاة : سمعت الحكايات الثلاث من الثلاثة المذكورين .
قلت : هذه رؤيا حق ، فتصانيف البيهقي عظيمة القدر ، غزيرة الفوائد ، قل من جود تواليفه مثل الإمام أبي بكر ، فينبغي للعالم أن يعتني بهؤلاء سيما " سننه الكبير " وقد قدم قبل موته بسنة أو أكثر إلى نيسابور ، وتكاثر عليه الطلبة ، وسمعوا منه كتبه ، وجلبت إلى العراق والشام والنواحي ، واعتنى بها الحافظ أبو القاسم الدمشقي ، وسمعها من أصحاب البيهقي ، ونقلها إلى دمشق هو وأبو الحسن المرادي .
وبلغنا عن إمام الحرمين أبي المعالي الجويني قال : ما من فقيه شافعي إلا وللشافعي عليه منة إلا أبا بكر البيهقي ، فإن المنة له على الشافعي لتصانيفه في نصرة مذهبه . [ ص: 169 ]
قلت : أصاب أبو المعالي ، هكذا هو ، ولو شاء البيهقي أن يعمل لنفسه مذهبا يجتهد فيه ، لكان قادرا على ذلك ، لسعة علومه ، ومعرفته بالاختلاف ، ولهذا تراه يلوح بنصر مسائل مما صح فيها الحديث . ولما سمعوا منه ما أحبوا في قدمته الأخيرة ، مرض وحضرت المنية ، فتوفي في عاشر شهر جمادى الأولى ، سنة ثمان وخمسين وأربعمائة فغسل وكفن ، وعمل له تابوت ، فنقل ودفن ببيهق ، وهي ناحية قصبتها خسروجرد ، هي محتده ، وهي على يومين من نيسابور ، وعاش أربعا وسبعين سنة .
ومن الرواة عنه شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاري ، بالإجازة ، وولده إسماعيل بن أحمد ، وحفيده أبو الحسن عبيد الله بن محمد بن أحمد ، وأبو زكريا يحيى بن منده الحافظ ، وأبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي ، وزاهر بن طاهر الشحامي ، وأبو المعالي محمد بن إسماعيل الفارسي ، وعبد الجبار بن عبد الوهاب الدهان ، وعبد الجبار بن محمد الخواري وأخوه عبد الحميد بن محمد الخواري ، وأبو بكر عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن البحيري النيسابوري ، المتوفى سنة أربعين وخمسمائة ، وطائفة سواهم .
ومات معه الطيب عبد الرزاق بن عمر بن شمة الأصبهاني صاحب ابن المقرئ ، وإمام اللغة أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده وشيخ الحنابلة القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين بن الفراء البغدادي . [ ص: 170 ]
أخبرنا الشيخ أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن أحمد سماعا ، عن زينب بنت عبد الرحمن ، أخبرنا محمد بن إسماعيل الفارسي ، أخبرنا أبو بكر البيهقي ، أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان ، أخبرنا أحمد بن عبيد ، أخبرنا أبو بكر بن حجة ، حدثنا أبو الوليد ، حدثنا عمرو بن العلاء اليشكري ، عن صالح بن سرج ، عن عمران بن حطان ، عن عائشة قالت : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : يؤتى بالقاضي العدل يوم القيامة ، فيلقى من شدة الحساب ما يتمنى أنه لم يقض بين اثنين في تمرة قط غريب جدا .
أخبرنا أحمد بن هبة الله ، أخبرنا زين الأمناء الحسن بن محمد ، ومحمد بن عبد الوهاب بن الشيرجي ، وابن غسان قالوا : أخبرنا علي بن الحسن الحافظ ، أخبرنا أبو القاسم المستملي ، أخبرنا أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا عبد الله بن يوسف ، أخبرنا ابن الأعرابي ، حدثنا ابن أبي الدنيا ، حدثني أبو علي المدائني ، حدثنا فطر بن حماد بن واقد ، حدثنا أبي : سمعت مالك بن دينار يقول : يقولون : مالك زاهد ! أي زهد عند مالك وله جبة وكساء ؟ إنما الزاهد عمر بن عبد العزيز ، أتته الدنيا فاغرة فاها فأعرض عنها .