nindex.php?page=treesubj&link=30354_30362_31037_34165_34219_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=41فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا
* * *
الاستفهام هنا للتنبيه، وبيان ما سيكون يوم القيامة من حساب يتبعه عقاب عادل، أو ثواب يتبعه جزاء سابغ وعطاء غير ممنون. والمعنى تنبهوا أي هؤلاء الذين يجحدون الأدلة القائمة، والرسالات الثابتة، وتصوروا حالكم، وأعمالكم تنطق بها ألسنتكم وجوارحكم، ومعكم النبيون يشهدون عليكم بالتبليغ والبيان، وأنه لم يكن لكم حجة في كفر، ولا معذرة في جحود. والشهيد هو الشاهد الناطق بالحق، المتحري المستقصي الذي لا يترك حقا لم يبينه. ومعنى قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=41وجئنا بك على هؤلاء شهيدا أنه يؤتى لكل أمة من الأمم بشهيد منها هو نبيها الذي بعث فيها ودعاها إلى الحق، فمنهم من آمن ومنهم من كفر، فكل نبي يشهد على قومه بالتبليغ والبيان. وما من أمة إلا كان لها نذير، فقد قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=24وإن من أمة إلا خلا فيها نذير [فاطر]، وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=15وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا [الإسراء].
وقد اختلف في الإشارة في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=41وجئنا بك على هؤلاء شهيدا فقال بعض المفسرين: إن الإشارة في هؤلاء إلى النبيين السابقين،
nindex.php?page=treesubj&link=31037_25027فالنبي -صلى الله عليه وسلم- باعتباره خاتم النبيين، وأن رسالته خالدة إلى يوم القيامة، ولتكريم الله تعالى، يكون شاهدا على كل النبيين السابقين، والشهادة عليهم بمعنى أداء الشهادة بأنهم بلغوا، وكانت التعدية بـ على للإشارة إلى معنى المحافظة على أصول الشرائع السابقة لاشتمال القرآن الكريم عليها، ونشرها خالصة سائغة واضحة بينة للأجيال.
[ ص: 1688 ] هذا هو القول الأول - والقول الثاني أن المشار إليهم في النص الكريم هم أمة
محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهي أكثر الأمم عددا; لأن
محمدا -صلى الله عليه وسلم- أكثر الأنبياء تابعا; إذ دينه لم يحرف ولم يبدل، فقد حفظت أصوله في القرآن الكريم، وهو نور الله تعالى الباقي إلى يوم القيامة، كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=9إنا نحن نـزلنا الذكر وإنا له لحافظون [الحجر]، وإن الكثيرين على الأول؛ لأن للنبي -صلى الله عليه وسلم- شهادتين؛ إحداهما شهادته للرسالات السابقة بالصدق والبيان، وقد اطلع على هذه الشهادة المسلمون ببيان القرآن، والثانية شهادته على أمته، وقد جمع الشهادتين قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا [البقرة]، وإن تلك منزلة عالية للنبي -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين به إيمانا صادقا الذين يذعنون للحق دائما، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يستعظم أمر هذه الشهادة، فقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في مسنده،
nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري في صحيحه،
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي في سننهما، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود أنه قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=654216 "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: اقرأ علي، قلت: يا رسول الله، أقرأ عليك، وعليك أنزل؟! قال: "نعم أحب أن أسمع من غيري"، فقرأت سورة النساء، حتى أتيت إلى هذه الآية: nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=41فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا فقال: "أمسك"، وفي رواية: "حسبك الآن"، فإذا عيناه تذرفان . وكأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لفرط إيمانه بالله تعالى تخوف يوم الحساب والعقاب، واستعظم تلك الشهادة التي وضعت في عنقه، وهي أعظم أمانة، فسالت عبرات عينيه -صلى الله عليه وسلم- .
* * *
nindex.php?page=treesubj&link=30354_30362_31037_34165_34219_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=41فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا
* * *
الِاسْتِفْهَامُ هُنَا لِلتَّنْبِيهِ، وَبَيَانِ مَا سَيَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ حِسَابٍ يَتْبَعُهُ عِقَابٌ عَادِلٌ، أَوْ ثَوَابٍ يَتْبَعُهُ جَزَاءٌ سَابِغٌ وَعَطَاءٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ. وَالْمَعْنَى تَنَبَّهُوا أَيْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَجْحَدُونَ الْأَدِلَّةَ الْقَائِمَةَ، وَالرِّسَالَاتِ الثَّابِتَةَ، وَتَصَوَّرُوا حَالَكُمْ، وَأَعْمَالَكُمْ تَنْطِقُ بِهَا أَلْسِنَتُكُمْ وَجَوَارِحُكُمْ، وَمَعَكُمُ النَّبِيُّونَ يَشْهَدُونَ عَلَيْكُمْ بِالتَّبْلِيغِ وَالْبَيَانِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ حُجَّةٌ فِي كُفْرٍ، وَلَا مَعْذِرَةٌ فِي جُحُودٍ. وَالشَّهِيدُ هُوَ الشَّاهِدُ النَّاطِقُ بِالْحَقِّ، الْمُتَحَرِّي الْمُسْتَقْصِي الَّذِي لَا يَتْرُكُ حَقًّا لَمْ يُبَيِّنْهُ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=41وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا أَنَّهُ يُؤْتَى لِكُلِّ أُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ بِشَهِيدٍ مِنْهَا هُوَ نَبِيُّهَا الَّذِي بُعِثَ فِيهَا وَدَعَاهَا إِلَى الْحَقِّ، فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ، فَكُلُّ نَبِيٍّ يَشْهَدُ عَلَى قَوْمِهِ بِالتَّبْلِيغِ وَالْبَيَانِ. وَمَا مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا كَانَ لَهَا نَذِيرٌ، فَقَدْ قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=24وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ [فَاطِرٍ]، وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=15وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا [الْإِسْرَاءِ].
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْإِشَارَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=41وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا فَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: إِنَّ الْإِشَارَةَ فِي هَؤُلَاءِ إِلَى النَّبِيِّينَ السَّابِقِينَ،
nindex.php?page=treesubj&link=31037_25027فَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِاعْتِبَارِهِ خَاتَمَ النَّبِيِّينَ، وَأَنَّ رِسَالَتَهُ خَالِدَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَلِتَكْرِيمِ اللَّهِ تَعَالَى، يَكُونُ شَاهِدًا عَلَى كُلِّ النَّبِيِّينَ السَّابِقِينَ، وَالشَّهَادَةُ عَلَيْهِمْ بِمَعْنَى أَدَاءِ الشَّهَادَةِ بِأَنَّهُمْ بَلَّغُوا، وَكَانَتِ التَّعْدِيَةُ بِـ عَلَى لِلْإِشَارَةِ إِلَى مَعْنَى الْمُحَافَظَةِ عَلَى أُصُولِ الشَّرَائِعِ السَّابِقَةِ لِاشْتِمَالِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ عَلَيْهَا، وَنَشْرِهَا خَالِصَةً سَائِغَةً وَاضِحَةً بَيِّنَةً لِلْأَجْيَالِ.
[ ص: 1688 ] هَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ - وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ الْمُشَارَ إِلَيْهِمْ فِي النَّصِّ الْكَرِيمِ هُمْ أُمَّةُ
مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَهِيَ أَكْثَرُ الْأُمَمِ عَدَدًا; لِأَنَّ
مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَكْثَرُ الْأَنْبِيَاءِ تَابِعًا; إِذْ دِينُهُ لَمْ يُحَرَّفْ وَلَمْ يُبَدَّلْ، فَقَدْ حُفِظَتْ أُصُولَهُ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَهُوَ نُورُ اللَّهِ تَعَالَى الْبَاقِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=9إِنَّا نَحْنُ نَـزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الْحِجْرِ]، وَإِنَّ الْكَثِيرِينَ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ للنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَهَادَتَيْنِ؛ إِحْدَاهُمَا شَهَادَتُهُ لِلرِّسَالَاتِ السَّابِقَةِ بِالصِّدْقِ وَالْبَيَانِ، وَقَدِ اطَّلَعَ عَلَى هَذِهِ الشَّهَادَةِ الْمُسْلِمُونَ بِبَيَانِ الْقُرْآنِ، وَالثَّانِيَةُ شَهَادَتُهُ عَلَى أُمَّتِهِ، وَقَدْ جَمَعَ الشَّهَادَتَيْنِ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا [الْبَقَرَةِ]، وَإِنَّ تِلْكَ مَنْزِلَةٌ عَالِيَةٌ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْمُؤْمِنِينَ بِهِ إِيمَانًا صَادِقًا الَّذِينَ يُذْعِنُونَ لِلْحَقِّ دَائِمًا، وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْتَعْظِمُ أَمْرَ هَذِهِ الشَّهَادَةِ، فَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ،
nindex.php?page=showalam&ids=12070وَالْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِمَا، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=654216 "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: اقْرَأْ عَلَيَّ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَقْرَأُ عَلَيْكَ، وَعَلَيْكَ أُنْزَلَ؟! قَالَ: "نَعَمْ أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَ مِنْ غَيْرِي"، فَقَرَأْتُ سُورَةَ النِّسَاءِ، حَتَّى أَتَيْتُ إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ: nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=41فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا فَقَالَ: "أَمْسِكْ"، وَفِي رِوَايَةٍ: "حَسْبُكَ الْآنَ"، فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ . وَكَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِفَرْطِ إِيمَانِهِ بِاللَّهِ تَعَالَى تَخَوَّفَ يَوْمَ الْحِسَابِ وَالْعِقَابِ، وَاسْتَعْظَمَ تِلْكَ الشَّهَادَةَ الَّتِي وُضِعَتْ فِي عُنُقِهِ، وَهِيَ أَعْظَمُ أَمَانَةً، فَسَالَتْ عَبَرَاتُ عَيْنَيْهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- .
* * *