[ ص: 395 ] قوله تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=19605_237_25833_28640_29723_30504_310_315_316_32577_326_34_44_53_57_6_60_722_727_28976nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون
[قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ] : ثنا
عبد الله بن يوسف: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن
nindex.php?page=showalam&ids=16337عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت
nindex.php?page=hadith&LINKID=650322خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش انقطع عقد لي فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على التماسه وأقام الناس معه وليسوا على ماء فأتى الناس إلى nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق فقالوا ألا ترى ما صنعت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أقامت برسول الله صلى الله عليه وسلم والناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء فجاء nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع رأسه على فخذي قد نام فقال حبست رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء فقالت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة فعاتبني nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر وقال ما شاء الله أن يقول وجعل يطعنني بيده في خاصرتي فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أصبح على غير ماء فأنزل الله nindex.php?page=treesubj&link=312_32268آية التيمم فتيمموا فقال nindex.php?page=showalam&ids=168أسيد بن الحضير ما هي بأول بركتكم يا آل nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر قالت فبعثنا البعير الذي كنت [ ص: 396 ] عليه فأصبنا العقد تحته .
قيل: إن الرواية هنا:
nindex.php?page=hadith&LINKID=650322 "فقام حتى أصبح " ورواه في "التفسير" بلفظ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=653396 "فنام حتى أصبح " وهو لفظ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، وكذا في "الموطأ" .
هذا السياق سياق
nindex.php?page=showalam&ids=16337عبد الرحمن بن القاسم لهذا الحديث عن أبيه، عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة . وقد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه، عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة فخالف في بعض ألفاظه ومعانيه مما لا يضر . وقد خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في موضع آخر، وفي بعض ألفاظه اختلاف على
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة - أيضا .
ومما خالف فيه: أنه ذكر
nindex.php?page=hadith&LINKID=650324أن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة استعارت قلادة من nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء فسقطت . وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أرسل رجلين في طلبها وليس معهما ماء فنزلت آية التيمم .
وفي رواية: أنهما صليا بغير وضوء .
وهذا يمكن الجمع بينه وبين حديث
nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة بأن القلادة لما سقطت ظنوا أنها سقطت في المنزل الماضي، فأرسلوا في طلبها وأقاموا في منزلهم وباتوا فيه، وفقد الجميع الماء حتى تعذر عليهم الوضوء . وفي حديث
هشام : أن ذلك كان ليلة الأبواء . وفي رواية عنه: أن ذلك المكان كان يقال له:
الصلصل .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : حدثني
يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه، عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، قالت:
nindex.php?page=hadith&LINKID=705981أقبلنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره، حتى إذا كنا بتربان - بلد بينه وبين المدينة بريد وأميال، وهو بلد لا ماء به - وذلك من [ ص: 397 ] السحر، انسلت قلادة لي من عنقي فوقعت - وذكر بقية الحديث .
خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد .
وقد روي هذا الحديث من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار بن ياسر - أيضا -
nindex.php?page=hadith&LINKID=666573أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عرس بأولات الجيش ومعه nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، فانقطع عقد لها من جزع ظفار، فحبس الناس ابتغاء عقدها ذلك حتى أضاء الفجر، وليس مع الناس ماء، فتغيظ عليها nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر وقال: حبست الناس وليس معهم ماء؟ فأنزل الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - رخصة nindex.php?page=treesubj&link=340_32599التطهر بالصعيد الطيب، فتيمم المسلمون مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكر الحديث .
خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود - وهذا لفظه -
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه . وفي إسناده اختلاف .
والآية التي نزلت بسبب هذه القصة كانت آية المائدة، فإن
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري خرج هذا الحديث في "التفسير" من كتابه هذا من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، عن
عمرو عن
nindex.php?page=showalam&ids=16337عبد الرحمن بن القاسم ، وقال في حديثه: فنزلت:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم هذه الآية .
وهذا السفر الذي سقط فيه قلادة
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أو عقدها كان لغزوة المريسيع إلى
بني المصطلق من
خزاعة سنة ست، وقيل: سنة خمس، وهو الذي ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=16965ابن سعد عن جماعة من العلماء، قالوا: وفي هذه الغزوة كان حديث الإفك .
وقد ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : أن قصة التيمم كانت في غزوة
بني المصطلق، وقال:
[ ص: 398 ] أخبرني بذلك عدد من
قريش من أهل العلم بالمغازي وغيرهم . فإن قيل: فقد ذكر غير واحد، منهم:
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : أنه يحتمل أن يكون الذي نزل بسبب قصة
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة الآية التي في سورة النساء، فإنها نزلت قبل سورة المائدة بيقين، وسورة المائدة
nindex.php?page=treesubj&link=32268_28860من أواخر ما نزل من القرآن، حتى قيل: إنها نزلت كلها أو غالبها في حجة الوداع، وآية النساء نزولها متقدم .
وفي "صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم " من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص أنها نزلت فيه لما ضربه رجل قد سكر بلحي بعير، ففزر أنفه .
وفي "سنن
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود" nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي، أن رجلا صلى وقد شرب الخمر، فخلط في قراءته، فنزلت آية النساء .
فقد تبين بهذا: أن الآية التي في سورة النساء نزلت قبل تحريم الخمر . والخمر حرمت بعد غزوة
أحد، ويقال: إنها حرمت في محاصرة
بني النضير بعد
أحد بيسير، وآية النساء فيها ذكر التيمم، فلو كانت قد نزلت قبل قصة
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة لما توقفوا حينئذ في التيمم، ولا انتظروا نزول آية أخرى فيه . قيل: هذا لا يصح; لوجوه:
أحدها: أن سبب نزول آية النساء قد صح أنه كان ما ينشأ من شرب الخمر من المفاسد في الصلاة وغيرها، وهذا غير السبب الذي اتفقت الروايات عليه في قصة
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، فدل على أن قصة
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة نزل بسببها آية غير آية النساء . وليس سوى آية المائدة .
[ ص: 399 ] والثاني: أن آية النساء لم تحرم الخمر مطلقا بل عند حضور الصلاة، وهذا كان قبل
أحد، وقصة
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة كانت بعد غزوة
أحد بغير خلاف، وليس في قصتها ما يناسب النهي عن قربان الصلاة مع السكر حتى تصدر به الآية .
وأما تصدير الآية بذكر الوضوء فلم يكن لأصل مشروعيته، فإن الوضوء كان شرع قبل ذلك بكثير، كما سبق تقريره في أول "كتاب الوضوء"، وإنما كان تمهيدا للانتقال عنه إلى التيمم عند العجز عنه . ولهذا قالت
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : فنزلت آية التيمم، ولم تقل: آية الوضوء .
والثالث: أنه قد ورد التصريح بذلك في "صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري " كما ذكرناه .
وأما توقفهم في التيمم حتى نزلت آية المائدة مع سبق نزول التيمم في سورة النساء، فالظاهر - والله أعلم - أنهم توقفوا في جواز التيمم في مثل هذه الواقعة، لأن فقدهم للماء إنما كان بسبب إقامتهم لطلب عقد أو قلادة، وإرسالهم في طلبها من لا ماء معه مع إمكان سيرهم جميعا إلى مكان فيه ماء، فاعتقدوا أن في ذلك تقصيرا في طلب الماء، فلا يباح معه التيمم . فنزلت آية المائدة مبينة جواز التيمم في مثل هذه الحال، وأن هذه الصورة داخلة في عموم آية النساء .
ولا يستبعد هذا، فقد كان طائفة من الصحابة يعتقدون أنه لا يجوز استباحة رخص السفر من الفطر والقصر إلا في سفر طاعة دون الأسفار المباحة، ومنهم من خص ذلك بالسفر الواجب كالحج والجهاد، فلذلك توقفوا في جواز التيمم للاحتباس عن الماء لطلب شيء من الدنيا حتى بين لهم جوازه ودخوله في عموم قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فلم تجدوا ماء ويدل ذلك على
[ ص: 400 ] جواز
nindex.php?page=treesubj&link=315التيمم في سفر التجارة وما أشبهه من الأسفار المباحة، وهذا مما يستأنس به من يقول: إن الرخص لا تستباح في سفر المعصية .
وأما دعوى نزول سورة المائدة كلها في حجة الوداع فلا تصح، فإن فيها آيات نزلت قبل ذلك بكثير، وقد صح
أن المقداد قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر: لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون، فدل هذا على أن هذه الآية نزلت قبل غزوة
بدر . والله أعلم .
وقد ذكر الله تعالى التيمم في الآيتين بلفظ واحد، فقال فيهما:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه
فقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6وإن كنتم مرضى أو على سفر ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=314_316شيئين مبيحين للتيمم:
أحدهما: المرض، والمراد به عند جمهور العلماء: ما كان استعمال الماء معه يخشى منه الضرر .
والثاني: السفر، واختلفوا: هل هو شرط للتيمم مع عدم الماء، أم وقع ذكره لكونه مظنة عدم الماء غالبا، فإن عدم الماء في الحضر قليل أو نادر، كما قال الجمهور في ذكر السفر في آية الرهن، أنه إنما ذكر السفر لأنه مظنة عدم الكاتب، وليس بشرط للرهن . والجمهور: على أن السفر ليس بشرط للرهن ولا للتيمم مع عدم الماء . وأنه يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=5583_5571الرهن في الحضر، والتيمم مع عدم الماء في الحضر .
وقالت
الظاهرية: السفر شرط في الرهن والتيمم .
[ ص: 401 ] وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رواية باشتراط السفر للتيمم خاصة، وحكي رواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وعن طائفة من أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك .
وعلى هذا: فلا فرق بين السفر الطويل والقصير على الأصح عندهم . وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء
قد قيل: إن "أو" هنا بمعنى الواو، كما يقول الكوفيون ومن وافقهم، فإنه لما ذكر السببين المبيحين للتيمم، وهما التضرر باستعماله بالمرض ومظنة فقده بالسفر ذكر ما يستباح منه الصلاة بالتيمم وهو الحدث، فإن التيمم يبيح الصلاة من الحدث الموجود ولا يرفعه عند كثير من العلماء، وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وظاهر مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وأصحابه، ولهذا قالوا: يجب عليه أن ينوي ما يستبيحه من العبادات وما يستبيح فعل العبادات منه من الأحداث .
وقالت طائفة: بل التيمم يرفع الحدث رفعا مؤقتا بعدم القدرة على استعمال الماء، وربما استدل بعضهم بهذه الآية، وقالوا: إنما أمر الله بالتيمم مع وجود الحدث، ولو كان التيمم واجبا لكل صلاة أو لوقت كل صلاة - كما يقوله من يقول: إن التيمم لا يرفع الحدث، على اختلاف بينهم في ذلك - لما كان لذكر الحدث معنى .
والأظهر - والله أعلم -: أن "أو" ها هنا ليست بمعنى الواو، بل هي على بابها، وأريد بها: التقسيم والتنويع، وأن التيمم يباح في هذه الحالات الثلاث، واثنتان منهما مظنتان، وهما: المرض والسفر، فالمرض مظنة التضرر باستعمال الماء، والسفر مظنة عدم الماء، فإن وجدت الحقيقة في هاتين المظنتين جاز التيمم، وإلا فلا .
[ ص: 402 ] ثم ذكر قسما ثالثا، وهو وجود الحقيقة نفسها، فذكر أن من كان محدثا ولم يجد ماء فليتيمم، وهذا يشمل المسافر وغيره، ففي هذا دليل على أن التيمم يجوز لمن لم يجد الماء، مسافرا كان أو غير مسافر، والله أعلم .
وقد ذكر سبحانه حدثين:
أحدهما: الحدث الأصغر، وهو المجيء من الغائط، وهو كناية عن قضاء الحاجة والتخلي، ويلتحق به كل ما كان في معناه، كخروج الريح أو النجاسات من البدن عند من يرى ذلك .
والثاني: ملامسة النساء، واختلفوا: هل المراد بها الجماع خاصة، فيكون حينئذ قد أمر بالتيمم من الحدث الأصغر والأكبر، وفي ذلك رد على من خالف في التيمم للجنابة كما سيأتي ذكره - إن شاء الله تعالى - أو المراد بالملامسة مقدمات الجماع من القبلة والمباشرة لشهوة، أو مطلق التقاء البشرتين، وعلى هذين القولين فلم يذكر في الآية غير التيمم من الحدث الأصغر .
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فلم تجدوا ماء متعلق بمن أحدث، سواء كان على سفر أو لم يكن، كما سبق تقريره، دون المريض، لأن المريض لا يشترط لتيممه فقد الماء، هذا هو الذي عمل به الأمة سلفا وخلفا .
وحكي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن : أن فقد الماء شرط للتيمم مع المرض - أيضا - فلا يباح للمريض أن يتيمم مع وجود الماء وإن خشي التلف . وهذا بعيد الصحة عنهما، فإنه لو لم يجز التيمم إلا لفقد الماء لكان ذكر المرض لا فائدة له .
[ ص: 403 ] وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فتيمموا أصل
nindex.php?page=treesubj&link=25282التيمم في اللغة القصد، ثم صار علما على هذه الطهارة المخصوصة .
وقوله: (صعيدا) ، اختلفوا في المراد بالصعيد، فمنهم من فسره بما تصاعد على وجه الأرض من أجزائها، ومنهم: من فسره بالتراب خاصة .
وقوله: (طيبا) ، فسره من قال: الصعيد: ما تصاعد على وجه الأرض " بالطاهر، ومن فسره بالتراب، قال: المراد بالصعيد التراب المنبت، كقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=58والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه وهذا مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد في المشهور عنه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : الصعيد الطيب تراب الحرث .
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه كقوله في الوضوء:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6وامسحوا برءوسكم
وقد ذكرنا فيما سبق في "أبواب الوضوء" أن كثيرا من العلماء أوجبوا
nindex.php?page=treesubj&link=53_9_56استيعاب مسح الرأس بالماء، وخالف فيه آخرون، وأكثرهم وافقوا هاهنا . وقالوا: يجب استيعاب الوجه والكفين بالتيمم، ومنهم من قال: يجزئ أكثرهما، ومنهم من قال: يجزئ مسح بعضهما كالرأس - أيضا . وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -
لعمار: nindex.php?page=hadith&LINKID=657561 "إنما يكفيك أن تضرب بيديك الأرض، ثم تمسح بهما وجهك وكفيك "يرد ذلك ويبين أن المأمور به مسح جميعهما .
وسيأتي الكلام على حد اليدين المأمور بمسحهما في التيمم - إن شاء تعالى .
وقوله تعالى: (منه) يستدل به من قال: لا تيمم إلا بتراب له
[ ص: 404 ] غبار يعلق باليد، فإن قوله: (منه) ، يقتضي أن يكون الممسوح به الوجه واليدان بعض الصعيد، ولا يمكن ذلك إلا فيما له غبار يعلق باليد حتى يقع المسح به، ومن خالف في ذلك، جعل "من" هاهنا لأبعد الغاية، لا للتبعيض، وهو بعيد يأباه سياق الكلام، والله تعالى أعلم .
[ ص: 395 ] قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=19605_237_25833_28640_29723_30504_310_315_316_32577_326_34_44_53_57_6_60_722_727_28976nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
[قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ ] : ثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16337عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ
nindex.php?page=hadith&LINKID=650322خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ أَوْ بِذَاتِ الْجَيْشِ انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْتِمَاسِهِ وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ فَأَتَى النَّاسُ إِلَى nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَقَالُوا أَلَا تَرَى مَا صَنَعَتْ nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةُ أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسِ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَجَاءَ nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِي قَدْ نَامَ فَقَالَ حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسَ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَقَالَتْ nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةُ فَعَاتَبَنِي nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ وَجَعَلَ يَطْعُنُنِي بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي فَلَا يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ إِلَّا مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَخِذِي فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ nindex.php?page=treesubj&link=312_32268آيَةَ التَّيَمُّمِ فَتَيَمَّمُوا فَقَالَ nindex.php?page=showalam&ids=168أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ فَبَعَثْنَا الْبَعِيرَ الَّذِي كُنْتُ [ ص: 396 ] عَلَيْهِ فَأَصَبْنَا الْعِقْدَ تَحْتَهُ .
قِيلَ: إِنَّ الرِّوَايَةَ هُنَا:
nindex.php?page=hadith&LINKID=650322 "فَقَامَ حَتَّى أَصْبَحَ " وَرَوَاهُ فِي "التَّفْسِيرِ" بِلَفْظِ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=653396 "فَنَامَ حَتَّى أَصْبَحَ " وَهُوَ لَفْظُ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٍ ، وَكَذَا فِي "الْمُوَطَّأِ" .
هَذَا السِّيَاقُ سِيَاقُ
nindex.php?page=showalam&ids=16337عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ . وَقَدْ رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17245هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ فَخَالَفَ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ وَمَعَانِيهِ مِمَّا لَا يَضُرُّ . وَقَدْ خَرَّجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ اخْتِلَافٌ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=16561عُرْوَةَ - أَيْضًا .
وَمِمَّا خَالَفَ فِيهِ: أَنَّهُ ذَكَرَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=650324أَنَّ nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ اسْتَعَارَتْ قِلَادَةً مِنْ nindex.php?page=showalam&ids=64أَسْمَاءَ فَسَقَطَتْ . وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْسَلَ رَجُلَيْنِ فِي طَلَبِهَا وَلَيْسَ مَعَهُمَا مَاءٌ فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ .
وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّهُمَا صَلَّيَا بِغَيْرِ وُضُوءِ .
وَهَذَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=14946الْقَاسِمِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ بِأَنَّ الْقِلَادَةَ لَمَّا سَقَطَتْ ظَنُّوا أَنَّهَا سَقَطَتْ فِي الْمَنْزِلِ الْمَاضِي، فَأَرْسَلُوا فِي طَلَبِهَا وَأَقَامُوا فِي مَنْزِلِهِمْ وَبَاتُوا فِيهِ، وَفَقَدَ الْجَمِيعُ الْمَاءَ حَتَّى تَعَذَّرَ عَلَيْهِمُ الْوُضُوءُ . وَفِي حَدِيثِ
هِشَامٍ : أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لَيْلَةَ الْأَبْوَاءِ . وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: أَنَّ ذَلِكَ الْمَكَانَ كَانَ يُقَالُ لَهُ:
الصَّلْصَلُ .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ : حَدَّثَنِي
يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ ، قَالَتْ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=705981أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِتُرْبَانَ - بَلَدٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ بَرِيدٌ وَأَمْيَالٌ، وَهُوَ بَلَدٌ لَا مَاءَ بِهِ - وَذَلِكَ مِنْ [ ص: 397 ] السَّحَرِ، انْسَلَّتْ قِلَادَةٌ لِي مِنْ عُنُقِي فَوَقَعَتْ - وَذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ .
خَرَّجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ .
وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=56عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ - أَيْضًا -
nindex.php?page=hadith&LINKID=666573أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرَّسَ بِأُولَاتِ الْجَيْشِ وَمَعَهُ nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةُ ، فَانْقَطَعَ عِقْدٌ لَهَا مِنْ جِزْعِ ظَفَارِ، فَحُبِسَ النَّاسُ ابْتِغَاءَ عِقْدِهَا ذَلِكَ حَتَّى أَضَاءَ الْفَجْرُ، وَلَيْسَ مَعَ النَّاسِ مَاءٌ، فَتَغَيَّظَ عَلَيْهَا nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ: حَبَسْتِ النَّاسَ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رُخْصَةَ nindex.php?page=treesubj&link=340_32599التَّطَهُّرِ بِالصَّعِيدِ الطَّيِّبِ، فَتَيَمَّمَ الْمُسْلِمُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَكَرَ الْحَدِيثَ .
خَرَّجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ nindex.php?page=showalam&ids=11998وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -
nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنُ مَاجَهْ . وَفِي إِسْنَادِهِ اخْتِلَافٌ .
وَالْآيَةُ الَّتِي نَزَلَتْ بِسَبَبِ هَذِهِ الْقِصَّةِ كَانَتْ آيَةَ الْمَائِدَةِ، فَإِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيَّ خَرَّجَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي "التَّفْسِيرِ" مِنْ كِتَابِهِ هَذَا مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابْنِ وَهْبٍ ، عَنْ
عَمْرٍو عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16337عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ ، وَقَالَ فِي حَدِيثِهِ: فَنَزَلَتْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ هَذِهِ الْآيَةُ .
وَهَذَا السَّفَرُ الَّذِي سَقَطَ فِيهِ قِلَادَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ أَوْ عِقْدُهَا كَانَ لِغَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ إِلَى
بَنِي الْمُصْطَلِقِ مِنْ
خُزَاعَةَ سَنَةَ سِتٍّ، وَقِيلَ: سَنَةَ خَمْسٍ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16965ابْنُ سَعْدٍ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ، قَالُوا: وَفِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ كَانَ حَدِيثُ الْإِفْكِ .
وَقَدْ ذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : أَنَّ قِصَّةَ التَّيَمُّمِ كَانَتْ فِي غَزْوَةِ
بَنِي الْمُصْطَلِقِ، وَقَالَ:
[ ص: 398 ] أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ عَدَدٌ مِنْ
قُرَيْشٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْمَغَازِي وَغَيْرِهِمْ . فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ، مِنْهُمُ:
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي نَزَلَ بِسَبَبِ قِصَّةِ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ الْآيَةَ الَّتِي فِي سُورَةِ النِّسَاءِ، فَإِنَّهَا نَزَلَتْ قَبْلَ سُورَةِ الْمَائِدَةِ بِيَقِينٍ، وَسُورَةُ الْمَائِدَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=32268_28860مِنْ أَوَاخِرِ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ، حَتَّى قِيلَ: إِنَّهَا نَزَلَتْ كُلُّهَا أَوْ غَالِبُهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَآيَةُ النِّسَاءِ نُزُولُهَا مُتَقَدِّمٌ .
وَفِي "صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٍ " مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=37سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِ لَمَّا ضَرَبَهُ رَجُلٌ قَدْ سَكِرَ بِلَحْيِ بَعِيرٍ، فَفَزَرَ أَنْفَهُ .
وَفِي "سُنَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11998أَبِي دَاوُدَ" nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنِ مَاجَهْ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ، أَنَّ رَجُلًا صَلَّى وَقَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ، فَخَلَّطَ فِي قِرَاءَتِهِ، فَنَزَلَتْ آيَةُ النِّسَاءِ .
فَقَدْ تَبَيَّنَ بِهَذَا: أَنَّ الْآيَةَ الَّتِي فِي سُورَةِ النِّسَاءِ نَزَلَتْ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ . وَالْخَمْرُ حُرِّمَتْ بَعْدَ غَزْوَةِ
أُحُدٍ، وَيُقَالُ: إِنَّهَا حُرِّمَتْ فِي مُحَاصَرَةِ
بَنِي النَّضِيرِ بَعْدَ
أُحُدٍ بِيَسِيرٍ، وَآيَةُ النِّسَاءِ فِيهَا ذِكْرُ التَّيَمُّمِ، فَلَوْ كَانَتْ قَدْ نَزَلَتْ قَبْلَ قِصَّةِ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ لَمَا تَوَقَّفُوا حِينَئِذٍ فِي التَّيَمُّمِ، وَلَا انْتَظَرُوا نُزُولَ آيَةٍ أُخْرَى فِيهِ . قِيلَ: هَذَا لَا يَصِحُّ; لِوُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ سَبَبَ نُزُولِ آيَةِ النِّسَاءِ قَدْ صَحَّ أَنَّهُ كَانَ مَا يَنْشَأُ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ مِنَ الْمَفَاسِدِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا، وَهَذَا غَيْرُ السَّبَبِ الَّذِي اتَّفَقَتِ الرِّوَايَاتُ عَلَيْهِ فِي قِصَّةِ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ قِصَّةَ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ نَزَلَ بِسَبَبِهَا آيَةٌ غَيْرُ آيَةِ النِّسَاءِ . وَلَيْسَ سِوَى آيَةِ الْمَائِدَةِ .
[ ص: 399 ] وَالثَّانِي: أَنَّ آيَةَ النِّسَاءِ لَمْ تُحَرِّمِ الْخَمْرَ مُطْلَقًا بَلْ عِنْدَ حُضُورِ الصَّلَاةِ، وَهَذَا كَانَ قَبْلَ
أُحُدٍ، وَقِصَّةُ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ كَانَتْ بَعْدَ غَزْوَةِ
أُحُدٍ بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَلَيْسَ فِي قِصَّتِهَا مَا يُنَاسِبُ النَّهْيَ عَنْ قُرْبَانِ الصَّلَاةِ مَعَ السُّكْرِ حَتَّى تُصَدَّرَ بِهِ الْآيَةُ .
وَأَمَّا تَصْدِيرُ الْآيَةِ بِذِكْرِ الْوُضُوءِ فَلَمْ يَكُنْ لِأَصْلِ مَشْرُوعِيَّتِهِ، فَإِنَّ الْوُضُوءَ كَانَ شُرِعَ قَبْلَ ذَلِكَ بِكَثِيرٍ، كَمَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ فِي أَوَّلِ "كِتَابِ الْوُضُوءِ"، وَإِنَّمَا كَانَ تَمْهِيدًا لِلِانْتِقَالِ عَنْهُ إِلَى التَّيَمُّمِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ . وَلِهَذَا قَالَتْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةُ : فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ، وَلَمْ تَقُلْ: آيَةُ الْوُضُوءِ .
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فِي "صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ " كَمَا ذَكَرْنَاهُ .
وَأَمَّا تَوَقُّفُهُمْ فِي التَّيَمُّمِ حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الْمَائِدَةِ مَعَ سَبْقِ نُزُولِ التَّيَمُّمِ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ، فَالظَّاهِرُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُمْ تَوَقَّفُوا فِي جَوَازِ التَّيَمُّمِ فِي مَثَلِ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ، لِأَنَّ فَقْدَهُمْ لِلْمَاءِ إِنَّمَا كَانَ بِسَبَبِ إِقَامَتِهِمْ لِطَلَبِ عِقْدٍ أَوْ قِلَادَةٍ، وَإِرْسَالِهِمْ فِي طَلَبِهَا مَنْ لَا مَاءَ مَعَهُ مَعَ إِمْكَانِ سَيْرِهِمْ جَمِيعًا إِلَى مَكَانٍ فِيهِ مَاءٌ، فَاعْتَقَدُوا أَنَّ فِي ذَلِكَ تَقْصِيرًا فِي طَلَبِ الْمَاءِ، فَلَا يُبَاحُ مَعَهُ التَّيَمُّمُ . فَنَزَلَتْ آيَةُ الْمَائِدَةِ مُبَيِّنَةً جَوَازَ التَّيَمُّمِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ، وَأَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ دَاخِلَةٌ فِي عُمُومِ آيَةِ النِّسَاءِ .
وَلَا يُسْتَبْعَدُ هَذَا، فَقَدْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِبَاحَةُ رُخَصِ السَّفَرِ مِنَ الْفِطْرِ وَالْقَصْرِ إِلَّا فِي سَفَرِ طَاعَةٍ دُونَ الْأَسْفَارِ الْمُبَاحَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّ ذَلِكَ بِالسَّفَرِ الْوَاجِبِ كَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ، فَلِذَلِكَ تَوَقَّفُوا فِي جَوَازِ التَّيَمُّمِ لِلِاحْتِبَاسِ عَنِ الْمَاءِ لِطَلَبِ شَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى بَيَّنَ لَهُمْ جَوَازَهُ وَدُخُولَهُ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً وَيَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى
[ ص: 400 ] جَوَازِ
nindex.php?page=treesubj&link=315التَّيَمُّمِ فِي سَفَرِ التِّجَارَةِ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنَ الْأَسْفَارِ الْمُبَاحَةِ، وَهَذَا مِمَّا يَسْتَأْنِسُ بِهِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ الرُّخَصَ لَا تُسْتَبَاحُ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ .
وَأَمَّا دَعْوَى نُزُولِ سُورَةِ الْمَائِدَةِ كُلِّهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَلَا تَصِحُّ، فَإِنَّ فِيهَا آيَاتٍ نَزَلَتْ قَبْلَ ذَلِكَ بِكَثِيرٍ، وَقَدْ صَحَّ
أَنَّ الْمِقْدَادَ قَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ بَدْرٍ: لَا نَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلًا إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ، فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ قَبْلَ غَزْوَةِ
بَدْرٍ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى التَّيَمُّمَ فِي الْآيَتَيْنِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ فِيهِمَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ
فَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ ذَكَرَ
nindex.php?page=treesubj&link=314_316شَيْئَيْنِ مُبِيحَيْنِ لِلتَّيَمُّمِ:
أَحَدُهُمَا: الْمَرَضُ، وَالْمُرَادُ بِهِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ: مَا كَانَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ مَعَهُ يُخْشَى مِنْهُ الضَّرَرُ .
وَالثَّانِي: السَّفَرُ، وَاخْتَلَفُوا: هَلْ هُوَ شَرْطٌ لِلتَّيَمُّمِ مَعَ عَدَمِ الْمَاءِ، أَمْ وَقَعَ ذِكْرُهُ لِكَوْنِهِ مَظِنَّةَ عَدَمِ الْمَاءِ غَالِبًا، فَإِنَّ عَدَمَ الْمَاءِ فِي الْحَضَرِ قَلِيلٌ أَوْ نَادِرٌ، كَمَا قَالَ الْجُمْهُورُ فِي ذِكْرِ السَّفَرِ فِي آيَةِ الرَّهْنِ، أَنَّهُ إِنَّمَا ذُكِرَ السَّفَرُ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ عَدَمِ الْكَاتِبِ، وَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِلرَّهْنِ . وَالْجُمْهُورُ: عَلَى أَنَّ السَّفَرَ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِلرَّهْنِ وَلَا لِلتَّيَمُّمِ مَعَ عَدَمِ الْمَاءِ . وَأَنَّهُ يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=5583_5571الرَّهْنُ فِي الْحَضَرِ، وَالتَّيَمُّمُ مَعَ عَدَمِ الْمَاءِ فِي الْحَضَرِ .
وَقَالَتِ
الظَّاهِرِيَّةُ: السَّفَرُ شَرْطٌ فِي الرَّهْنِ وَالتَّيَمُّمِ .
[ ص: 401 ] وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ رِوَايَةٌ بِاشْتِرَاطِ السَّفَرِ لِلتَّيَمُّمِ خَاصَّةً، وَحُكِيَ رِوَايَةً عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ وَعَنْ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ .
وَعَلَى هَذَا: فَلَا فَرْقَ بَيْنَ السَّفَرِ الطَّوِيلِ وَالْقَصِيرِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَهُمْ . وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ
قَدْ قِيلَ: إِنَّ "أَوْ" هُنَا بِمَعْنَى الْوَاوِ، كَمَا يَقُولُ الْكُوفِيُّونَ وَمَنْ وَافَقَهُمْ، فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ السَّبَبَيْنِ الْمُبِيحَيْنِ لِلتَّيَمُّمِ، وَهُمَا التَّضَرُّرُ بِاسْتِعْمَالِهِ بِالْمَرَضِ وَمَظِنَّةُ فَقْدِهِ بِالسَّفَرِ ذَكَرَ مَا يُسْتَبَاحُ مِنْهُ الصَّلَاةُ بِالتَّيَمُّمِ وَهُوَ الْحَدَثُ، فَإِنَّ التَّيَمُّمَ يُبِيحُ الصَّلَاةَ مِنَ الْحَدَثِ الْمَوْجُودِ وَلَا يَرْفَعُهُ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ ، وَظَاهِرُ مَذْهَبِ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ، وَلِهَذَا قَالُوا: يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْوِيَ مَا يَسْتَبِيحُهُ مِنَ الْعِبَادَاتِ وَمَا يَسْتَبِيحُ فِعْلَ الْعِبَادَاتِ مِنْهُ مِنَ الْأَحْدَاثِ .
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: بَلِ التَّيَمُّمُ يَرْفَعُ الْحَدَثَ رَفْعًا مُؤَقَّتًا بِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ، وَرُبَّمَا اسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَقَالُوا: إِنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ بِالتَّيَمُّمِ مَعَ وُجُودِ الْحَدَثِ، وَلَوْ كَانَ التَّيَمُّمُ وَاجِبًا لِكُلِّ صَلَاةٍ أَوْ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ - كَمَا يَقُولُهُ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ، عَلَى اخْتِلَافٍ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ - لَمَا كَانَ لِذِكْرِ الْحَدَثِ مَعْنًى .
وَالْأَظْهَرُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -: أَنَّ "أَوْ" هَا هُنَا لَيْسَتْ بِمَعْنَى الْوَاوِ، بَلْ هِيَ عَلَى بَابِهَا، وَأُرِيدَ بِهَا: التَّقْسِيمُ وَالتَّنْوِيعُ، وَأَنَّ التَّيَمُّمَ يُبَاحُ فِي هَذِهِ الْحَالَاتِ الثَّلَاثِ، وَاثْنَتَانِ مِنْهُمَا مَظِنَّتَانِ، وَهُمَا: الْمَرَضُ وَالسَّفَرُ، فَالْمَرَضُ مَظِنَّةُ التَّضَرُّرِ بِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ، وَالسَّفَرُ مَظِنَّةُ عَدَمِ الْمَاءِ، فَإِنْ وُجِدَتِ الْحَقِيقَةُ فِي هَاتَيْنِ الْمَظِنَّتَيْنِ جَازَ التَّيَمُّمُ، وَإِلَّا فَلَا .
[ ص: 402 ] ثُمَّ ذَكَرَ قِسْمًا ثَالِثًا، وَهُوَ وُجُودُ الْحَقِيقَةِ نَفْسِهَا، فَذَكَرَ أَنَّ مَنْ كَانَ مُحْدِثًا وَلَمْ يَجِدْ مَاءً فَلْيَتَيَمَّمْ، وَهَذَا يَشْمَلُ الْمُسَافِرَ وَغَيْرَهُ، فَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ يَجُوزُ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ، مُسَافِرًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُسَافِرٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَدْ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ حَدَثَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ، وَهُوَ الْمَجِيءُ مِنَ الْغَائِطِ، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَالتَّخَلِّي، وَيَلْتَحِقُ بِهِ كُلُّ مَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ، كَخُرُوجِ الرِّيحِ أَوِ النَّجَاسَاتِ مِنَ الْبَدَنِ عِنْدَ مَنْ يَرَى ذَلِكَ .
وَالثَّانِي: مُلَامَسَةُ النِّسَاءِ، وَاخْتَلَفُوا: هَلِ الْمُرَادُ بِهَا الْجِمَاعُ خَاصَّةً، فَيَكُونُ حِينَئِذٍ قَدْ أَمَرَ بِالتَّيَمُّمِ مِنَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَالْأَكْبَرِ، وَفِي ذَلِكَ رَدٌّ عَلَى مَنْ خَالَفَ فِي التَّيَمُّمِ لِلْجَنَابَةِ كَمَا سَيَأْتِي ذِكْرُهُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - أَوِ الْمُرَادُ بِالْمُلَامَسَةِ مُقَدِّمَاتُ الْجِمَاعِ مِنَ الْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ لِشَهْوَةٍ، أَوْ مُطْلَقُ الْتِقَاءِ الْبَشْرَتَيْنِ، وَعَلَى هَذَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فَلَمْ يُذْكَرْ فِي الْآيَةِ غَيْرُ التَّيَمُّمِ مِنَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً مُتَعَلِّقٌ بِمَنْ أَحْدَثَ، سَوَاءٌ كَانَ عَلَى سَفَرٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ، كَمَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ، دُونَ الْمَرِيضِ، لِأَنَّ الْمَرِيضَ لَا يُشْتَرَطُ لِتَيَمُّمِهِ فَقْدُ الْمَاءِ، هَذَا هُوَ الَّذِي عَمِلَ بِهِ الْأُمَّةُ سَلَفًا وَخَلَفًا .
وَحُكِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16568عَطَاءٍ nindex.php?page=showalam&ids=14102وَالْحَسَنِ : أَنَّ فَقْدَ الْمَاءِ شَرْطٌ لِلتَّيَمُّمِ مَعَ الْمَرَضِ - أَيْضًا - فَلَا يُبَاحُ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَتَيَمَّمَ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ وَإِنْ خَشِيَ التَّلَفَ . وَهَذَا بَعِيدُ الصِّحَّةِ عَنْهُمَا، فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يَجُزِ التَّيَمُّمُ إِلَّا لِفَقْدِ الْمَاءِ لَكَانَ ذِكْرُ الْمَرَضِ لَا فَائِدَةَ لَهُ .
[ ص: 403 ] وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فَتَيَمَّمُوا أَصْلُ
nindex.php?page=treesubj&link=25282التَّيَمُّمِ فِي اللُّغَةِ الْقَصْدُ، ثُمَّ صَارَ عَلَمًا عَلَى هَذِهِ الطَّهَارَةِ الْمَخْصُوصَةِ .
وَقَوْلُهُ: (صَعِيدًا) ، اخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِالصَّعِيدِ، فَمِنْهُمْ مَنْ فَسَّرَهُ بِمَا تَصَاعَدَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِنْ أَجْزَائِهَا، وَمِنْهُمْ: مَنْ فَسَّرَهُ بِالتُّرَابِ خَاصَّةً .
وَقَوْلُهُ: (طَيِّبًا) ، فَسَّرَهُ مَنْ قَالَ: الصَّعِيدُ: مَا تَصَاعَدَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ " بِالطَّاهِرِ، وَمَنْ فَسَّرَهُ بِالتُّرَابِ، قَالَ: الْمُرَادُ بِالصَّعِيدِ التُّرَابُ الْمُنْبِتُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=58وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَهَذَا مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=12251وَأَحْمَدَ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ تُرَابُ الْحَرْثِ .
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ كَقَوْلِهِ فِي الْوُضُوءِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا سَبَقَ فِي "أَبْوَابِ الْوُضُوءِ" أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْعُلَمَاءِ أَوْجَبُوا
nindex.php?page=treesubj&link=53_9_56اسْتِيعَابَ مَسْحِ الرَّأْسِ بِالْمَاءِ، وَخَالَفَ فِيهِ آخَرُونَ، وَأَكْثَرُهُمْ وَافَقُوا هَاهُنَا . وَقَالُوا: يَجِبُ اسْتِيعَابُ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ بِالتَّيَمُّمِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يُجْزِئُ أَكْثَرُهُمَا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يُجْزِئُ مَسْحُ بَعْضِهِمَا كَالرَّأْسِ - أَيْضًا . وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
لِعَمَّارٍ: nindex.php?page=hadith&LINKID=657561 "إِنَّمَا يَكْفِيكَ أَنْ تَضْرِبَ بِيَدَيْكَ الْأَرْضَ، ثُمَّ تَمْسَحَ بِهِمَا وَجْهَكَ وَكَفَّيْكَ "يَرُدُّ ذَلِكَ وَيُبَيِّنُ أَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ مَسْحُ جَمِيعِهِمَا .
وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى حَدِّ الْيَدَيْنِ الْمَأُمُورِ بِمَسْحِهِمَا فِي التَّيَمُّمِ - إِنْ شَاءَ تَعَالَى .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (مِّنْهُ) يَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ قَالَ: لَا تَيَمُّمَ إِلَّا بِتُرَابٍ لَهُ
[ ص: 404 ] غُبَارٌ يَعْلَقُ بِالْيَدِ، فَإِنَّ قَوْلَهُ: (مِّنْهُ) ، يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمَمْسُوحُ بِهِ الْوَجْهُ وَالْيَدَانِ بَعْضَ الصَّعِيدِ، وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ إِلَّا فِيمَا لَهُ غُبَارٌ يَعْلَقُ بِالْيَدِ حَتَّى يَقَعَ الْمَسْحُ بِهِ، وَمَنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ، جَعَلَ "مِنْ" هَاهُنَا لِأَبْعَدِ الْغَايَةِ، لَا لِلتَّبْعِيضِ، وَهُوَ بَعِيدٌ يَأْبَاهُ سِيَاقُ الْكَلَامِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .