[ ص: 291 ] وقال شيخ الإسلام رحمه الله فصل في قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح .
{
nindex.php?page=hadith&LINKID=16133بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء } . لا يقتضي هذا أنه إذا صار غريبا يجوز تركه - والعياذ بالله بل الأمر كما قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=381&ayano=3ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=315&ayano=3إن الدين عند الله الإسلام } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=398&ayano=3يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=139&ayano=2ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=140&ayano=2إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=141&ayano=2ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون } .
[ ص: 292 ] وقد بسطنا الكلام على هذا في موضع آخر . وبينا أن
nindex.php?page=treesubj&link=28639الأنبياء كلهم كان دينهم الإسلام من
نوح إلى
المسيح .
ولهذا لما بدأ الإسلام غريبا لم يكن غيره من الدين مقبولا بل قد ثبت في الحديث الصحيح - حديث
عياض بن حمار - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598202إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم - عربهم وعجمهم - إلا بقايا من أهل الكتاب } الحديث .
ولا يقتضي هذا أنه إذا صار غريبا أن المتمسك به يكون في شر بل هو أسعد الناس كما قال في تمام الحديث {
nindex.php?page=hadith&LINKID=24294فطوبى للغرباء } . و " طوبى " من الطيب قال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=1749&ayano=13طوبى لهم وحسن مآب } فإنه يكون من جنس السابقين الأولين الذين اتبعوه لما كان غريبا .
وهم أسعد الناس . أما في الآخرة فهم أعلى الناس درجة بعد الأنبياء عليهم السلام .
وأما في الدنيا فقد
nindex.php?page=treesubj&link=28979قال تعالى { nindex.php?page=tafseer&surano=1232&ayano=8يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين } أي أن الله حسبك وحسب متبعك . وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=1157&ayano=7إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين } وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4133&ayano=39أليس الله بكاف عبده } وقال {
nindex.php?page=tafseer&surano=5284&ayano=65ومن يتق الله يجعل له مخرجا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5285&ayano=65ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه } . فالمسلم المتبع للرسول : الله تعالى حسبه وكافيه وهو وليه حيث كان ومتى كان .
ولهذا يوجد المسلمون المتمسكون بالإسلام في بلاد الكفر لهم السعادة كلما كانوا أتم تمسكا بالإسلام فإن دخل عليهم شر كان بذنوبهم ; حتى إن
المشركين وأهل الكتاب إذا رأوا المسلم القائم بالإسلام عظموه وأكرموه وأعفوه من الأعمال التي يستعملون بها المنتسبين إلى ظاهر الإسلام من غير عمل بحقيقته لم يكرم .
وكذلك كان المسلمون في أول الإسلام وفي كل وقت .
فإنه لا بد أن يحصل للناس في الدنيا شر ولله على عباده نعم لكن الشر الذي يصيب المسلم أقل والنعم التي تصل إليه أكثر . فكان المسلمون في أول الإسلام وإن ابتلوا بأذى الكفار والخروج من الديار فالذي حصل للكفار من الهلاك كان أعظم بكثير والذي كان يحصل للكفار من عز أو مال كان يحصل للمسلمين أكثر منه حتى من الأجانب .
[ ص: 294 ] فرسول الله صلى الله عليه وسلم - مع ما كان المشركون يسعون في أذاه بكل طريق - كان الله يدفع عنه ويعزه ويمنعه وينصره من حيث كان أعز
قريش ما منهم إلا من كان يحصل له من يؤذيه ويهينه من لا يمكنه دفعه إذ لكل كبير كبير يناظره ويناويه ويعاديه . وهذه حال من لم يتبع الإسلام - يخاف بعضهم بعضا ويرجو بعضهم بعضا .
وأتباعه الذين هاجروا إلى
الحبشة أكرمهم ملك
الحبشة وأعزهم غاية الإكرام والعز والذين هاجروا إلى
المدينة فكانوا أكرم وأعز .
والذي كان يحصل لهم من أذى الدنيا كانوا يعوضون عنه عاجلا من الإيمان وحلاوته ولذته ما يحتملون به ذلك الأذى . وكان أعداؤهم يحصل لهم من الأذى والشر أضعاف ذلك من غير عوض لا آجلا ولا عاجلا إذ كانوا معاقبين بذنوبهم .
وكان المؤمنون ممتحنين ليخلص إيمانهم وتكفر سيئاتهم . وذلك أن
nindex.php?page=treesubj&link=19576المؤمن يعمل لله فإن أوذي احتسب أذاه على الله وإن بذل سعيا أو مالا بذله لله فاحتسب أجره على الله .
[ ص: 295 ] nindex.php?page=treesubj&link=29679والإيمان له حلاوة في القلب ولذة لا يعدلها شيء ألبتة . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598203ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان : من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ومن كان يحب المرء لا يحبه إلا لله ومن كان يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار } أخرجاه في الصحيحين . وفي صحيح
مسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36429ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا } .
وكما أن الله نهى نبيه أن يصيبه حزن أو ضيق ممن لم يدخل في الإسلام في أول الأمر فكذلك في آخره . فالمؤمن منهي أن يحزن عليهم أو يكون في ضيق من مكرهم .
وكثير من الناس إذا رأى المنكر أو تغير كثير من أحوال الإسلام جزع وكل وناح كما ينوح أهل المصائب وهو منهي عن هذا ; بل هو مأمور بالصبر والتوكل والثبات على دين الإسلام وأن يؤمن بالله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون وأن العاقبة للتقوى . وأن ما يصيبه فهو بذنوبه فليصبر إن وعد الله حق وليستغفر لذنبه وليسبح بحمد ربه بالعشي والإبكار .
وقوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16133ثم يعود غريبا كما بدأ } يحتمل شيئين :
[ ص: 296 ] أحدهما أنه في أمكنة وأزمنة يعود غريبا بينهم ثم يظهر كما كان في أول الأمر غريبا ثم ظهر . ولهذا قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16133سيعود غريبا كما بدأ } . وهو لما بدأ كان غريبا لا يعرف ثم ظهر وعرف فكذلك يعود حتى لا يعرف ثم يظهر ويعرف . فيقل من يعرفه في أثناء الأمر كما كان من يعرفه أولا .
ويحتمل أنه في آخر الدنيا لا يبقى مسلما إلا قليل . وهذا إنما يكون بعد
الدجال ويأجوج ومأجوج عند قرب الساعة . وحينئذ يبعث الله ريحا تقبض روح كل مؤمن ومؤمنة ثم تقوم القيامة .
وأما قبل ذلك فقد قال صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=21286لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة } . وهذا الحديث في الصحيحين ومثله من عدة أوجه .
فقد أخبر الصادق المصدوق أنه لا تزال طائفة ممتنعة من أمته على الحق أعزاء لا يضرهم المخالف ولا خلاف الخاذل . فأما بقاء الإسلام غريبا ذليلا في الأرض كلها قبل الساعة فلا يكون هذا .
وقوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16133ثم يعود غريبا كما بدأ } أعظم
[ ص: 297 ] ما تكون غربته إذا ارتد الداخلون فيه عنه وقد قال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=728&ayano=5من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم } . فهؤلاء يقيمونه إذا ارتد عنه أولئك .
وكذلك بدأ غريبا ولم يزل يقوى حتى انتشر . فهكذا يتغرب في كثير من الأمكنة والأزمنة ثم يظهر حتى يقيمه الله عز وجل كما كان
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز لما ولي قد تغرب كثير من الإسلام على كثير من الناس حتى كان منهم من لا يعرف تحريم الخمر . فأظهر الله به في الإسلام ما كان غريبا .
وفي السنن : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598204إن الله يبعث لهذه الأمة في رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها } . والتجديد إنما يكون بعد الدروس وذاك هو غربة الإسلام .
وهذا الحديث يفيد المسلم أنه لا يغتم بقلة من يعرف حقيقة الإسلام ولا يضيق صدره بذلك ولا يكون في شك من دين الإسلام كما كان الأمر حين بدأ .
قال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=1468&ayano=10فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك } إلى غير ذلك من الآيات
[ ص: 298 ] والبراهين الدالة على صحة الإسلام .
وكذلك إذا تغرب يحتاج صاحبه من الأدلة والبراهين إلى نظير ما احتاج إليه في أول الأمر . وقد قال له {
nindex.php?page=tafseer&surano=909&ayano=6أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=910&ayano=6وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم } {
nindex.php?page=tafseer&surano=911&ayano=6وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون } وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2924&ayano=25أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا } .
وقد تكون الغربة في بعض شرائعه وقد يكون ذلك في بعض الأمكنة . ففي كثير من الأمكنة يخفى عليهم من شرائعه ما يصير [ به ] غريبا بينهم لا يعرفه منهم إلا الواحد بعد الواحد .
ومع هذا فطوبى لمن تمسك بتلك الشريعة كما أمر الله ورسوله . فإن إظهاره والأمر به والإنكار على من خالفه هو بحسب القوة والأعوان . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=26106من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه [ ص: 299 ] ليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل } .
وإذا قدر أن في الناس من حصل له سوء في الدنيا والآخرة بخلاف ما وعد الله به رسوله وأتباعه فهذا من ذنوبه ونقص إسلامه كالهزيمة التي أصابتهم يوم
أحد .
وإلا فقد قال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4224&ayano=40إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد } وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=3996&ayano=37ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3997&ayano=37إنهم لهم المنصورون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3998&ayano=37وإن جندنا لهم الغالبون } . وفيما قصه الله تعالى من قصص الأنبياء وأتباعهم ونصرهم ونجاتهم وهلاك أعدائهم عبرة والله أعلم .
فإن قيل : قوله تبارك وتعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=728&ayano=5من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه } هو خطاب لذلك القرن كقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2870&ayano=24وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم } . ولهذا بين النبي صلى الله عليه وسلم أنهم
أهل اليمن الذين دخلوا في الإسلام لما ارتد من ارتد من
العرب : ويدل على ذلك أنه في آخر الأمر لا يبقى مؤمن .
قيل : قوله تبارك وتعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=113&ayano=2يا أيها الذين آمنوا } خطاب لكل من
[ ص: 300 ] بلغه القرآن من المؤمنين كسائر أنواع هذا الخطاب كقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=680&ayano=5يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة } وأمثالها . وكذلك قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2870&ayano=24وعد الله الذين آمنوا منكم } .
وكلاهما وقع ويقع كما أخبر الله عز وجل . فإنه
nindex.php?page=treesubj&link=28821ما ارتد عن الإسلام طائفة إلا أتى الله بقوم يحبهم يجاهدون عنه وهم الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة .
يبين ذلك أنه ذكر هذا في سياق النهي عن موالاة الكفار فقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=725&ayano=5يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=726&ayano=5فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين } - إلى قوله - {
nindex.php?page=tafseer&surano=728&ayano=5يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه } . فالمخاطبون بالنهي عن موالاة
اليهود والنصارى هم المخاطبون بآية الردة . ومعلوم أن هذا يتناول جميع قرون الأمة .
وهو لما نهى عن
nindex.php?page=treesubj&link=28802موالاة الكفار وبين أن من تولاهم من المخاطبين فإنه منهم بين أن من تولاهم وارتد عن دين الإسلام لا يضر الإسلام شيئا .
[ ص: 301 ] بل سيأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه فيتولون المؤمنين دون الكفار ويجاهدون في سبيل الله لا يخافون لومة لائم كما قال في أول الأمر {
nindex.php?page=tafseer&surano=884&ayano=6فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين } .
فهؤلاء الذين لم يدخلوا في الإسلام وأولئك الذين خرجوا منه بعد الدخول فيه - لا يضرون الإسلام شيئا . بل يقيم الله من يؤمن بما جاء به رسوله وينصر دينه إلى قيام الساعة .
وأهل اليمن هم ممن جاء الله بهم لما ارتد من ارتد إذ ذاك . وليست الآية مختصة بهم ولا في الحديث ما يوجب تخصيصهم . بل قد أخبر الله أنه يأتي بغير
أهل اليمن كأبناء فارس لا يختص الوعد بهم .
بل قد قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1282&ayano=9يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل } {
nindex.php?page=tafseer&surano=1283&ayano=9إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شيء قدير } وهذا أيضا خطاب لكل قرن وقد أخبر فيه أنه من نكل عن الجهاد المأمور به عذبه واستبدل به من يقوم بالجهاد . وهذا هو الواقع .
وكذلك قوله في الآية الأخرى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4630&ayano=47هاأنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم } . فقد أخبر تعالى أنه من يتول عن الجهاد بنفسه أو عن الإنفاق في سبيل الله استبدل به .
فهذه حال الجبان البخيل يستبدل الله به من ينصر الإسلام وينفق فيه . فكيف تكون حال أصل [ الإسلام ] من ارتد عنه ؟ أتى الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم .
وهذا موجود في أهل العلم والعبادة والقتال والمال ; مع الطوائف الأربعة مؤمنون مجاهدون منصورون إلى قيام الساعة كما منهم من يرتد أو من ينكل عن الجهاد والإنفاق .
وكذلك قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2870&ayano=24وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض } . فهذا الوعد مناسب لكل من اتصف بهذا الوصف . فلما اتصف به الأولون استخلفهم الله كما وعد . وقد اتصف بعدهم به قوم بحسب إيمانهم وعملهم الصالح . فمن كان أكمل إيمانا وعمل صالحا كان استخلافه المذكور أتم . فإن كان فيه نقص وخلل كان في تمكينه خلل ونقص . وذلك أن هذا جزاء هذا العمل فمن قام بذلك العمل استحق ذلك الجزاء .
[ ص: 303 ] لكن ما بقي قرن مثل القرن الأول فلا جرم ما بقي قرن يتمكن تمكن القرن الأول . قال صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18601خير القرون القرن الذين بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم } .
ولكن قد يكون هذا لبعض أهل القرن كما يحصل هذا لبعض المسلمين في بعض الجهات كما هو معروف في كل زمان .
وأما قوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598205إن الله يبعث ريحا تقبض روح كل مؤمن } فذاك ليس فيه ردة بل فيه موت المؤمنين . وهو لم يقل " إذا مات كل مؤمن أن يستبدل الله موضعه آخر وإنما وعد بهذا إذا ارتد بعضهم عن دينه .
وهو مما يستدل به على أن الأمة لا تجتمع على ضلالة ولا ترتد جميعها بل لا بد أن يبقي الله من المؤمنين من هو ظاهر إلى قيام الساعة . فإذا مات كل مؤمن فقد جاءت الساعة .
وهذا كما في حديث العلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598206إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء . فإذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا } . والحديث مشهور في الصحاح من حديث
عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 304 ] فإن قيل : ففي حديث
ابن مسعود وغيره أنه قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598207يسري على القرآن فلا يبقى في المصاحف منه آية ولا في الصدور منه آية } وهذا يناقض هذا .
قيل : ليس كذلك . فإن قبض العلم ليس قبض القرآن بدليل الحديث الآخر {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598208هذا أوان يقبض العلم . فقال بعض الأنصار : وكيف يقبض وقد قرأنا القرآن وأقرأناه نساءنا وأبناءنا ؟ فقال : ثكلتك أمك إن كنت لأحسبك لمن أفقه أهل المدينة أو ليست التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى ؟ فماذا يغني عنهم ؟ } .
فتبين أن مجرد بقاء حفظ الكتاب لا يوجب هذا العلم لا سيما أن القرآن يقرؤه المنافق والمؤمن ويقرؤه الأمي الذي لا يعلم الكتاب إلا أماني . وقد قال
الحسن البصري : " العلم علمان : علم في القلب وعلم على اللسان . فعلم القلب هو العلم النافع وعلم اللسان حجة الله على عباده " . فإذا قبض الله العلماء بقي من يقرأ القرآن بلا علم فيسري عليه من المصاحف والصدور .
فإن قيل : ففي حديث
حذيفة الذي في الصحيحين أنه حدثهم عن قبض الأمانة وأن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598209الرجل ينام النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل الوكت . ثم ينام النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل [ ص: 305 ] أثرها مثل أثر المجل كجمر دحرجته على رجلك فتراه منتبرا وليس فيه شيء } .
قيل : وقبض الأمانة والإيمان ليس هو قبض العلم . فإن الإنسان قد يؤتى إيمانا مع نقص علمه . فمثل هذا الإيمان قد يرفع من صدره كإيمان
بني إسرائيل لما رأوا العجل . وأما من أوتي العلم مع الإيمان فهذا لا يرفع من صدره . ومثل هذا لا يرتد عن الإسلام قط بخلاف مجرد القرآن أو مجرد الإيمان فإن هذا قد يرتفع . فهذا هو الواقع .
لكن أكثر ما نجد الردة فيمن عنده قرآن بلا علم وإيمان أو من عنده إيمان بلا علم وقرآن . فأما من أوتي القرآن والإيمان فحصل فيه العلم فهذا لا يرفع من صدره . والله أعلم .
[ ص: 291 ] وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ فَصْلٌ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ .
{
nindex.php?page=hadith&LINKID=16133بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ } . لَا يَقْتَضِي هَذَا أَنَّهُ إذَا صَارَ غَرِيبًا يَجُوزُ تَرْكُهُ - وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ بَلْ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=381&ayano=3وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=315&ayano=3إنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=398&ayano=3يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=139&ayano=2وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إبْرَاهِيمَ إلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=140&ayano=2إذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=141&ayano=2وَوَصَّى بِهَا إبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } .
[ ص: 292 ] وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَذَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ . وَبَيَّنَّا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28639الْأَنْبِيَاءَ كُلَّهُمْ كَانَ دِينُهُمْ الْإِسْلَامَ مِنْ
نُوحٍ إلَى
الْمَسِيحِ .
وَلِهَذَا لَمَّا بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ مِنْ الدِّينِ مَقْبُولًا بَلْ قَدْ ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ - حَدِيثِ
عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ - عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598202إنَّ اللَّهَ نَظَرَ إلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَمَقَتَهُمْ - عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ - إلَّا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ } الْحَدِيثَ .
وَلَا يَقْتَضِي هَذَا أَنَّهُ إذَا صَارَ غَرِيبًا أَنَّ الْمُتَمَسِّكَ بِهِ يَكُونُ فِي شَرٍّ بَلْ هُوَ أَسْعَدُ النَّاسِ كَمَا قَالَ فِي تَمَامِ الْحَدِيثِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=24294فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ } . و " طُوبَى " مِنْ الطِّيبِ قَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=1749&ayano=13طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ } فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنْ جِنْسِ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ لِمَا كَانَ غَرِيبًا .
وَهُمْ أَسْعَدُ النَّاسِ . أَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَهُمْ أَعْلَى النَّاسِ دَرَجَةً بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ .
وَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَقَدْ
nindex.php?page=treesubj&link=28979قَالَ تَعَالَى { nindex.php?page=tafseer&surano=1232&ayano=8يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } أَيْ أَنَّ اللَّهَ حَسْبُك وَحَسْبُ مُتَّبِعِك . وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=1157&ayano=7إنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ } وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4133&ayano=39أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ } وَقَالَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=5284&ayano=65وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5285&ayano=65وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } . فَالْمُسْلِمُ الْمُتَّبِعُ لِلرَّسُولِ : اللَّهُ تَعَالَى حَسْبُهُ وَكَافِيهِ وَهُوَ وَلِيُّهُ حَيْثُ كَانَ وَمَتَى كَانَ .
وَلِهَذَا يُوجَدُ الْمُسْلِمُونَ الْمُتَمَسِّكُونَ بِالْإِسْلَامِ فِي بِلَادِ الْكُفْرِ لَهُمْ السَّعَادَةُ كُلَّمَا كَانُوا أَتَمَّ تَمَسُّكًا بِالْإِسْلَامِ فَإِنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ شَرٌّ كَانَ بِذُنُوبِهِمْ ; حَتَّى إنَّ
الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلَ الْكِتَابِ إذَا رَأَوْا الْمُسْلِمَ الْقَائِمَ بِالْإِسْلَامِ عَظَّمُوهُ وَأَكْرَمُوهُ وَأَعْفَوْهُ مِنْ الْأَعْمَالِ الَّتِي يَسْتَعْمِلُونَ بِهَا الْمُنْتَسِبِينَ إلَى ظَاهِرِ الْإِسْلَامِ مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ بِحَقِيقَتِهِ لَمْ يُكْرِمْ .
وَكَذَلِكَ كَانَ الْمُسْلِمُونَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ وَفِي كُلِّ وَقْتٍ .
فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَحْصُلَ لِلنَّاسِ فِي الدُّنْيَا شَرٌّ وَلِلَّهِ عَلَى عِبَادِهِ نِعَمٌ لَكِنْ الشَّرُّ الَّذِي يُصِيبُ الْمُسْلِمَ أَقَلُّ وَالنِّعَمُ الَّتِي تَصِلُ إلَيْهِ أَكْثَرُ . فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ اُبْتُلُوا بِأَذَى الْكُفَّارِ وَالْخُرُوجِ مِنْ الدِّيَارِ فَاَلَّذِي حَصَلَ لِلْكُفَّارِ مِنْ الْهَلَاكِ كَانَ أَعْظَمَ بِكَثِيرِ وَاَلَّذِي كَانَ يَحْصُلُ لِلْكُفَّارِ مِنْ عِزٍّ أَوْ مَالٍ كَانَ يَحْصُلُ لِلْمُسْلِمِينَ أَكْثَرُ مِنْهُ حَتَّى مِنْ الْأَجَانِبِ .
[ ص: 294 ] فَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ مَا كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَسْعَوْنَ فِي أَذَاهُ بِكُلِّ طَرِيقٍ - كَانَ اللَّهُ يَدْفَعُ عَنْهُ وَيُعِزُّهُ وَيَمْنَعُهُ وَيَنْصُرُهُ مِنْ حَيْثُ كَانَ أَعَزَّ
قُرَيْشٍ مَا مِنْهُمْ إلَّا مَنْ كَانَ يَحْصُلُ لَهُ مَنْ يُؤْذِيه وَيُهِينُهُ مَنْ لَا يُمْكِنُهُ دَفْعُهُ إذْ لِكُلِّ كَبِيرٍ كَبِيرٌ يُنَاظِرُهُ ويناويه وَيُعَادِيهِ . وَهَذِهِ حَالُ مَنْ لَمْ يَتَّبِعْ الْإِسْلَامَ - يَخَافُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَيَرْجُو بَعْضُهُمْ بَعْضًا .
وَأَتْبَاعُهُ الَّذِينَ هَاجَرُوا إلَى
الْحَبَشَةِ أَكْرَمَهُمْ مَلِكُ
الْحَبَشَةِ وَأَعَزَّهُمْ غَايَةَ الْإِكْرَامِ وَالْعِزِّ وَاَلَّذِينَ هَاجَرُوا إلَى
الْمَدِينَةِ فَكَانُوا أَكْرَمَ وَأَعَزَّ .
وَاَلَّذِي كَانَ يَحْصُلُ لَهُمْ مِنْ أَذَى الدُّنْيَا كَانُوا يُعَوَّضُونَ عَنْهُ عَاجِلًا مِنْ الْإِيمَانِ وَحَلَاوَتِهِ وَلَذَّتِهِ مَا يَحْتَمِلُونَ بِهِ ذَلِكَ الْأَذَى . وَكَانَ أَعْدَاؤُهُمْ يَحْصُلُ لَهُمْ مِنْ الْأَذَى وَالشَّرِّ أَضْعَافُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ لَا آجِلًا وَلَا عَاجِلًا إذْ كَانُوا مُعَاقِبِينَ بِذُنُوبِهِمْ .
وَكَانَ الْمُؤْمِنُونَ مُمْتَحِنِينَ لِيَخْلُصَ إيمَانُهُمْ وَتُكَفَّرَ سَيِّئَاتُهُمْ . وَذَلِكَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19576الْمُؤْمِنَ يَعْمَلُ لِلَّهِ فَإِنْ أُوذِيَ احْتَسَبَ أَذَاهُ عَلَى اللَّهِ وَإِنْ بَذَلَ سَعْيًا أَوْ مَالًا بَذَلَهُ لِلَّهِ فَاحْتَسَبَ أَجْرَهُ عَلَى اللَّهِ .
[ ص: 295 ] nindex.php?page=treesubj&link=29679وَالْإِيمَانُ لَهُ حَلَاوَةٌ فِي الْقَلْبِ وَلَذَّةٌ لَا يَعْدِلُهَا شَيْءٌ أَلْبَتَّةَ . وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598203ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ : مَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَمَنْ كَانَ يُحِبُّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إلَّا لِلَّهِ وَمَنْ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ إذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ } أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ . وَفِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36429ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاَللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدِ نَبِيًّا } .
وَكَمَا أَنَّ اللَّهَ نَهَى نَبِيَّهُ أَنْ يُصِيبَهُ حَزَنٌ أَوْ ضِيقٌ مِمَّنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْإِسْلَامِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ فَكَذَلِكَ فِي آخِرِهِ . فَالْمُؤْمِنُ مَنْهِيٌّ أَنْ يَحْزَنَ عَلَيْهِمْ أَوْ يَكُونَ فِي ضَيْقٍ مِنْ مَكْرِهِمْ .
وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ إذَا رَأَى الْمُنْكَرَ أَوْ تَغَيَّرَ كَثِيرٌ مِنْ أَحْوَالِ الْإِسْلَامِ جَزِعَ وَكَلَّ وَنَاحَ كَمَا يَنُوحُ أَهْلُ الْمَصَائِبِ وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْ هَذَا ; بَلْ هُوَ مَأْمُورٌ بِالصَّبْرِ وَالتَّوَكُّلِ وَالثَّبَاتِ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ وَأَنْ يُؤْمِنَ بِاَللَّهِ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَاَلَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ وَأَنَّ الْعَاقِبَةَ لِلتَّقْوَى . وَأَنَّ مَا يُصِيبُهُ فَهُوَ بِذُنُوبِهِ فَلْيَصْبِرْ إنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلْيَسْتَغْفِرْ لِذَنْبِهِ وَلْيُسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّهِ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ .
وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16133ثُمَّ يَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ } يَحْتَمِلُ شَيْئَيْنِ :
[ ص: 296 ] أَحَدُهُمَا أَنَّهُ فِي أَمْكِنَةٍ وَأَزْمِنَةٍ يَعُودُ غَرِيبًا بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَظْهَرُ كَمَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ غَرِيبًا ثُمَّ ظَهَرَ . وَلِهَذَا قَالَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16133سَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ } . وَهُوَ لَمَّا بَدَأَ كَانَ غَرِيبًا لَا يُعْرَفُ ثُمَّ ظَهَرَ وَعُرِفَ فَكَذَلِكَ يَعُودُ حَتَّى لَا يُعْرَفَ ثُمَّ يَظْهَرُ وَيُعْرَفُ . فَيَقِلُّ مَنْ يَعْرِفُهُ فِي أَثْنَاءِ الْأَمْرِ كَمَا كَانَ مَنْ يَعْرِفُهُ أَوَّلًا .
وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ فِي آخِرِ الدُّنْيَا لَا يَبْقَى مُسْلِمًا إلَّا قَلِيلٌ . وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ
الدَّجَّالِ وَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ عِنْدَ قُرْبِ السَّاعَةِ . وَحِينَئِذٍ يَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا تَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ ثُمَّ تَقُومُ الْقِيَامَةُ .
وَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=21286لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ وَلَا مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ } . وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَمِثْلُهُ مِنْ عِدَّةِ أَوْجُهٍ .
فَقَدْ أَخْبَرَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ أَنَّهُ لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مُمْتَنِعَةٌ مِنْ أُمَّتِهِ عَلَى الْحَقِّ أَعِزَّاءٌ لَا يَضُرُّهُمْ الْمُخَالِفُ وَلَا خِلَافُ الْخَاذِلِ . فَأَمَّا بَقَاءُ الْإِسْلَامِ غَرِيبًا ذَلِيلًا فِي الْأَرْضِ كُلِّهَا قَبْلَ السَّاعَةِ فَلَا يَكُونُ هَذَا .
وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16133ثُمَّ يَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ } أَعْظَمُ
[ ص: 297 ] مَا تَكُونُ غُرْبَتُهُ إذَا ارْتَدَّ الدَّاخِلُونَ فِيهِ عَنْهُ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=728&ayano=5مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةً عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةً عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ } . فَهَؤُلَاءِ يُقِيمُونَهُ إذَا ارْتَدَّ عَنْهُ أُولَئِكَ .
وَكَذَلِكَ بَدَأَ غَرِيبًا وَلَمْ يَزَلْ يَقْوَى حَتَّى انْتَشَرَ . فَهَكَذَا يَتَغَرَّبُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَمْكِنَةِ وَالْأَزْمِنَةِ ثُمَّ يَظْهَرُ حَتَّى يُقِيمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ كَمَا كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=16673عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَمَّا وُلِّيَ قَدْ تَغَرَّبَ كَثِيرٌ مِنْ الْإِسْلَامِ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ حَتَّى كَانَ مِنْهُمْ مَنْ لَا يَعْرِفُ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ . فَأَظْهَرَ اللَّهُ بِهِ فِي الْإِسْلَامِ مَا كَانَ غَرِيبًا .
وَفِي السُّنَنِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598204إنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ فِي رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا } . وَالتَّجْدِيدُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الدُّرُوسِ وَذَاكَ هُوَ غُرْبَةُ الْإِسْلَامِ .
وَهَذَا الْحَدِيثُ يُفِيدُ الْمُسْلِمَ أَنَّهُ لَا يَغْتَمُّ بِقِلَّةِ مَنْ يَعْرِفُ حَقِيقَةَ الْإِسْلَامِ وَلَا يَضِيقُ صَدْرُهُ بِذَلِكَ وَلَا يَكُونُ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ كَمَا كَانَ الْأَمْرُ حِينَ بَدَأَ .
قَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=1468&ayano=10فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ } إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْآيَاتِ
[ ص: 298 ] وَالْبَرَاهِينِ الدَّالَّةِ عَلَى صِحَّةِ الْإِسْلَامِ .
وَكَذَلِكَ إذَا تَغَرَّبَ يَحْتَاجُ صَاحِبُهُ مِنْ الْأَدِلَّةِ وَالْبَرَاهِينِ إلَى نَظِيرِ مَا احْتَاجَ إلَيْهِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ . وَقَدْ قَالَ لَهُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=909&ayano=6أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=910&ayano=6وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=911&ayano=6وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إنْ يَتَّبِعُونَ إلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إلَّا يَخْرُصُونَ } وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2924&ayano=25أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إنْ هُمْ إلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا } .
وَقَدْ تَكُونُ الْغُرْبَةُ فِي بَعْضِ شَرَائِعِهِ وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْأَمْكِنَةِ . فَفِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَمْكِنَةِ يَخْفَى عَلَيْهِمْ مِنْ شَرَائِعِهِ مَا يَصِيرُ [ بِهِ ] غَرِيبًا بَيْنَهُمْ لَا يَعْرِفُهُ مِنْهُمْ إلَّا الْوَاحِدُ بَعْدَ الْوَاحِدِ .
وَمَعَ هَذَا فَطُوبَى لِمَنْ تَمَسَّكَ بِتِلْكَ الشَّرِيعَةِ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ . فَإِنَّ إظْهَارَهُ وَالْأَمْرَ بِهِ وَالْإِنْكَارَ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ هُوَ بِحَسَبِ الْقُوَّةِ وَالْأَعْوَانِ . وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=26106مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ [ ص: 299 ] لَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ } .
وَإِذَا قُدِّرَ أَنَّ فِي النَّاسِ مَنْ حَصَلَ لَهُ سُوءٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بِخِلَافِ مَا وَعَدَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ وَأَتْبَاعَهُ فَهَذَا مِنْ ذُنُوبِهِ وَنَقْصِ إسْلَامِهِ كَالْهَزِيمَةِ الَّتِي أَصَابَتْهُمْ يَوْمَ
أُحُدٍ .
وَإِلَّا فَقَدْ قَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4224&ayano=40إنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ } وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=3996&ayano=37وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3997&ayano=37إنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3998&ayano=37وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ } . وَفِيمَا قَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ قَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ وَأَتْبَاعِهِمْ وَنَصْرِهِمْ وَنَجَاتِهِمْ وَهَلَاكِ أَعْدَائِهِمْ عِبْرَةً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
فَإِنْ قِيلَ : قَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=728&ayano=5مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } هُوَ خِطَابٌ لِذَلِكَ الْقَرْنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2870&ayano=24وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } . وَلِهَذَا بَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ
أَهْلُ الْيَمَنِ الَّذِينَ دَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ لَمَّا ارْتَدَّ مَنْ ارْتَدَّ مِنْ
الْعَرَبِ : وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ فِي آخِرِ الْأَمْرِ لَا يَبْقَى مُؤْمِنٌ .
قِيلَ : قَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=113&ayano=2يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } خِطَابٌ لِكُلِّ مَنْ
[ ص: 300 ] بَلَغَهُ الْقُرْآنُ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ كَسَائِرِ أَنْوَاعِ هَذَا الْخِطَابِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=680&ayano=5يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ } وَأَمْثَالِهَا . وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2870&ayano=24وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ } .
وَكِلَاهُمَا وَقَعَ وَيَقَعُ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ . فَإِنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=28821مَا ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ طَائِفَةٌ إلَّا أَتَى اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ يُجَاهِدُونَ عَنْهُ وَهُمْ الطَّائِفَةُ الْمَنْصُورَةُ إلَى قِيَامِ السَّاعَةِ .
يَبِينُ ذَلِكَ أَنَّهُ ذَكَرَ هَذَا فِي سِيَاقِ النَّهْيِ عَنْ مُوَالَاةِ الْكُفَّارِ فَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=725&ayano=5يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=726&ayano=5فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ } - إلَى قَوْلِهِ - {
nindex.php?page=tafseer&surano=728&ayano=5يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } . فَالْمُخَاطَبُونَ بِالنَّهْيِ عَنْ مُوَالَاةِ
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى هَمّ الْمُخَاطَبُونَ بِآيَةِ الرِّدَّةِ . وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ قُرُونِ الْأُمَّةِ .
وَهُوَ لَمَّا نَهَى عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28802مُوَالَاةِ الْكُفَّارِ وَبَيَّنَ أَنَّ مَنْ تَوَلَّاهُمْ مِنْ الْمُخَاطَبِينَ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ بَيَّنَ أَنَّ مَنْ تَوَلَّاهُمْ وَارْتَدَّ عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ لَا يَضُرُّ الْإِسْلَامَ شَيْئًا .
[ ص: 301 ] بَلْ سَيَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ فَيَتَوَلَّوْنَ الْمُؤْمِنِينَ دُونَ الْكُفَّارِ وَيُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ كَمَا قَالَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=884&ayano=6فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ } .
فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَمْ يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ وَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْهُ بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهِ - لَا يَضُرُّونَ الْإِسْلَامَ شَيْئًا . بَلْ يُقِيمُ اللَّهُ مَنْ يُؤْمِنُ بِمَا جَاءَ بِهِ رَسُولُهُ وَيَنْصُرُ دِينَهُ إلَى قِيَامِ السَّاعَةِ .
وَأَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ مِمَّنْ جَاءَ اللَّهُ بِهِمْ لَمَّا ارْتَدَّ مَنْ ارْتَدَّ إذْ ذَاكَ . وَلَيْسَتْ الْآيَةُ مُخْتَصَّةً بِهِمْ وَلَا فِي الْحَدِيثِ مَا يُوجِبُ تَخْصِيصَهُمْ . بَلْ قَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّهُ يَأْتِي بِغَيْرِ
أَهْلِ الْيَمَنِ كَأَبْنَاءِ فَارِسَ لَا يَخْتَصُّ الْوَعْدُ بِهِمْ .
بَلْ قَدْ قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1282&ayano=9يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إلَّا قَلِيلٌ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=1283&ayano=9إلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } وَهَذَا أَيْضًا خِطَابٌ لِكُلِّ قَرْنٍ وَقَدْ أَخْبَرَ فِيهِ أَنَّهُ مَنْ نَكَلَ عَنْ الْجِهَادِ الْمَأْمُورِ بِهِ عَذَّبَهُ وَاسْتَبْدَلَ بِهِ مَنْ يَقُومُ بِالْجِهَادِ . وَهَذَا هُوَ الْوَاقِعُ .
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4630&ayano=47هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ } . فَقَدْ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ مَنْ يَتَوَلَّ عَنْ الْجِهَادِ بِنَفْسِهِ أَوْ عَنْ الْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ اُسْتُبْدِلَ بِهِ .
فَهَذِهِ حَالُ الْجَبَانِ الْبَخِيلِ يَسْتَبْدِلُ اللَّهُ بِهِ مَنْ يَنْصُرُ الْإِسْلَامَ وَيُنْفِقُ فِيهِ . فَكَيْفَ تَكُونُ حَالُ أَصْلِ [ الْإِسْلَامِ ] مَنْ ارْتَدَّ عَنْهُ ؟ أَتَى اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّه وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ .
وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْعِبَادَةِ وَالْقِتَالِ وَالْمَالِ ; مَعَ الطَّوَائِفِ الْأَرْبَعَةِ مُؤْمِنُونَ مُجَاهِدُونَ مَنْصُورُونَ إلَى قِيَامِ السَّاعَةِ كَمَا مِنْهُمْ مَنْ يَرْتَدُّ أَوْ مَنْ يَنْكُلُ عَنْ الْجِهَادِ وَالْإِنْفَاقِ .
وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2870&ayano=24وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ } . فَهَذَا الْوَعْدُ مُنَاسِبٌ لِكُلِّ مَنْ اتَّصَفَ بِهَذَا الْوَصْفِ . فَلَمَّا اتَّصَفَ بِهِ الْأَوَّلُونَ اسْتَخْلَفَهُمْ اللَّهُ كَمَا وَعَدَ . وَقَدْ اتَّصَفَ بَعْدَهُمْ بِهِ قَوْمٌ بِحَسَبِ إيمَانِهِمْ وَعَمَلِهِمْ الصَّالِحِ . فَمَنْ كَانَ أَكْمَلَ إيمَانًا وَعَمِلَ صَالِحًا كَانَ اسْتِخْلَافُهُ الْمَذْكُورُ أَتَمَّ . فَإِنْ كَانَ فِيهِ نَقْصٌ وَخَلَلٌ كَانَ فِي تَمْكِينِهِ خَلَلٌ وَنَقْصٌ . وَذَلِكَ أَنَّ هَذَا جَزَاءُ هَذَا الْعَمَلِ فَمَنْ قَامَ بِذَلِكَ الْعَمَلِ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ الْجَزَاءَ .
[ ص: 303 ] لَكِنْ مَا بَقِيَ قَرْنٌ مِثْلَ الْقَرْنِ الْأَوَّلِ فَلَا جَرَمَ مَا بَقِيَ قَرْنٌ يَتَمَكَّنُ تَمَكُّنَ الْقَرْنِ الْأَوَّلِ . قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18601خَيْرُ الْقُرُونِ الْقَرْنُ الَّذِينَ بُعِثْت فِيهِمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ } .
وَلَكِنْ قَدْ يَكُونُ هَذَا لِبَعْضِ أَهْلِ الْقَرْنِ كَمَا يَحْصُلُ هَذَا لِبَعْضِ الْمُسْلِمِينَ فِي بَعْضِ الْجِهَاتِ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي كُلِّ زَمَانٍ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598205إنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ رِيحًا تَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ } فَذَاكَ لَيْسَ فِيهِ رِدَّةٌ بَلْ فِيهِ مَوْتُ الْمُؤْمِنِينَ . وَهُوَ لَمْ يَقُلْ " إذَا مَاتَ كُلُّ مُؤْمِنٍ أَنْ يَسْتَبْدِلَ اللَّهُ مَوْضِعَهُ آخَرَ وَإِنَّمَا وَعَدَ بِهَذَا إذَا ارْتَدَّ بَعْضُهُمْ عَنْ دِينِهِ .
وَهُوَ مِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْأُمَّةَ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ وَلَا تَرْتَدُّ جَمِيعُهَا بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يُبْقِيَ اللَّهُ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ هُوَ ظَاهِرٌ إلَى قِيَامِ السَّاعَةِ . فَإِذَا مَاتَ كُلُّ مُؤْمِنٍ فَقَدْ جَاءَتْ السَّاعَةُ .
وَهَذَا كَمَا فِي حَدِيثِ الْعِلْمِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598206إنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ النَّاسِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ . فَإِذَا لَمْ يَبْقَ عَالِمٌ اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَّلُوا وَأَضَلُّوا } . وَالْحَدِيثُ مَشْهُورٌ فِي الصِّحَاحِ مِنْ حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
[ ص: 304 ] فَإِنْ قِيلَ : فَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ قَالَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598207يَسْرِي عَلَى الْقُرْآنِ فَلَا يَبْقَى فِي الْمَصَاحِفِ مِنْهُ آيَةٌ وَلَا فِي الصُّدُورِ مِنْهُ آيَةٌ } وَهَذَا يُنَاقِضُ هَذَا .
قِيلَ : لَيْسَ كَذَلِكَ . فَإِنَّ قَبْضَ الْعِلْمِ لَيْسَ قَبْضَ الْقُرْآنِ بِدَلِيلِ الْحَدِيثِ الْآخَرِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598208هَذَا أَوَانٌ يُقْبَضُ الْعِلْمُ . فَقَالَ بَعْضُ الْأَنْصَارِ : وَكَيْفَ يُقْبَضُ وَقَدْ قَرَأْنَا الْقُرْآنَ وَأَقْرَأْنَاهُ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا ؟ فَقَالَ : ثَكِلَتْك أُمُّك إنْ كُنْت لَأَحْسِبُك لَمِنْ أَفْقَهِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَوْ لَيْسَتْ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ عِنْدَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ؟ فَمَاذَا يُغْنِي عَنْهُمْ ؟ } .
فَتَبَيَّنَ أَنَّ مُجَرَّدَ بَقَاءِ حِفْظِ الْكِتَابِ لَا يُوجِبُ هَذَا الْعِلْمَ لَا سِيَّمَا أَنَّ الْقُرْآنَ يَقْرَؤُهُ الْمُنَافِقُ وَالْمُؤْمِنُ وَيَقْرَؤُهُ الْأُمِّيُّ الَّذِي لَا يَعْلَمُ الْكِتَابَ إلَّا أَمَانِيَّ . وَقَدْ قَالَ
الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : " الْعِلْمُ عِلْمَانِ : عِلْمٌ فِي الْقَلْبِ وَعِلْمٌ عَلَى اللِّسَانِ . فَعِلْمُ الْقَلْبِ هُوَ الْعِلْمُ النَّافِعُ وَعِلْمُ اللِّسَانِ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ " . فَإِذَا قَبَضَ اللَّهُ الْعُلَمَاءَ بَقِيَ مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ بِلَا عِلْمٍ فَيَسْرِي عَلَيْهِ مِنْ الْمَصَاحِفِ وَالصُّدُورِ .
فَإِنْ قِيلَ : فَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ الَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ عَنْ قَبْضِ الْأَمَانَةِ وَأَنَّ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598209الرَّجُلَ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الْأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ الْوَكْتِ . ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الْأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ فَيَظَلُّ [ ص: 305 ] أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ الْمَجْلِ كَجَمْرِ دَحْرَجْته عَلَى رِجْلِك فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ } .
قِيلَ : وَقَبْضُ الْأَمَانَةِ وَالْإِيمَانِ لَيْسَ هُوَ قَبْضِ الْعِلْمِ . فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يُؤْتَى إيمَانًا مَعَ نَقْصِ عِلْمِهِ . فَمِثْلُ هَذَا الْإِيمَانِ قَدْ يُرْفَعُ مِنْ صَدْرِهِ كَإِيمَانِ
بَنِي إسْرَائِيلَ لَمَّا رَأَوْا الْعِجْلَ . وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ الْعِلْمَ مَعَ الْإِيمَانِ فَهَذَا لَا يُرْفَعُ مِنْ صَدْرِهِ . وَمِثْلُ هَذَا لَا يَرْتَدُّ عَنْ الْإِسْلَامِ قَطُّ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ الْقُرْآنِ أَوْ مُجَرَّدِ الْإِيمَانِ فَإِنَّ هَذَا قَدْ يَرْتَفِعُ . فَهَذَا هُوَ الْوَاقِعُ .
لَكِنْ أَكْثَرُ مَا نَجِدُ الرِّدَّةَ فِيمَنْ عِنْدَهُ قُرْآنٌ بِلَا عِلْمٍ وَإِيمَانٍ أَوْ مَنْ عِنْدَهُ إيمَانٌ بِلَا عِلْمٍ وَقُرْآنٍ . فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ الْقُرْآنَ وَالْإِيمَانَ فَحَصَلَ فِيهِ الْعِلْمُ فَهَذَا لَا يُرْفَعُ مِنْ صَدْرِهِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .