[ ص: 33 ] قال شيخ الإسلام رحمه الله فصل
nindex.php?page=treesubj&link=28978قال الله تعالى : { nindex.php?page=tafseer&surano=1166&ayano=7واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال } فأمر بذكر الله في نفسه فقد يقال : هو ذكره في قلبه بلا لسانه ; لقوله بعد ذلك : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1166&ayano=7ودون الجهر من القول } وقد يقال وهو أصح : بل ذكر الله في نفسه باللسان مع القلب وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1166&ayano=7ودون الجهر من القول } كقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2156&ayano=17ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا } .
وفي الصحيح عن
عائشة قالت نزلت في الدعاء . وفي الصحيح عن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=597650ابن عباس قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر بالقرآن فإذا سمعه المشركون سبوا القرآن ومن أنزله ومن أنزل عليه فقال الله : لا تجهر بالقرآن فيسمعه المشركون فيسبوا القرآن ولا تخافت به عن أصحابك فلا يسمعوه } . فنهاه عن الجهر والمخافتة . فالمخافتة هي ذكره في نفسه والجهر المنهي عنه هو الجهر المذكور في قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1166&ayano=7ودون الجهر }
[ ص: 34 ] فإن الجهر هو الإظهار الشديد يقال : رجل جهوري الصوت ورجل جهير .
وكذلك قول
عائشة في الدعاء فإن الدعاء كما قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1016&ayano=7ادعوا ربكم تضرعا وخفية } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2272&ayano=19إذ نادى ربه نداء خفيا } فالإخفاء قد يكون بصوت يسمعه القريب وهو المناجاة والجهر مثل المناداة المطلقة وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=597651لما رفع أصحابه أصواتهم بالتكبير فقال : أيها الناس أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إنما تدعون سميعا قريبا إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته } " ونظير قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1166&ayano=7واذكر ربك في نفسك } قوله صلى الله عليه وسلم فيما روى عن ربه " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=70607من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي . ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه } " وهذا يدخل فيه ذكره باللسان في نفسه فإنه جعله قسيم الذكر في الملأ وهو نظير قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1166&ayano=7ودون الجهر من القول } والدليل على ذلك أنه قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1166&ayano=7بالغدو والآصال } ومعلوم أن
nindex.php?page=treesubj&link=28978_24431_24413ذكر الله المشروع بالغدو والآصال في الصلاة وخارج الصلاة هو باللسان مع القلب مثل صلاتي الفجر والعصر
nindex.php?page=treesubj&link=24431_24413والذكر المشروع عقب الصلاتين وما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وعلمه وفعله من الأذكار والأدعية المأثورة من عمل اليوم والليلة المشروعة
[ ص: 35 ] طرفي النهار بالغدو والآصال .
وقد يدخل في ذلك أيضا ذكر الله بالقلب فقط ; لكن يكون الذكر في النفس كاملا وغير كامل ; فالكامل باللسان مع القلب وغير الكامل بالقلب فقط .
ويشبه ذلك قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5170&ayano=58ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول } فإن القائلين بأن الكلام المطلق كلام النفس استدلوا بهذه الآية وأجاب عنها أصحابنا وغيرهم بجوابين : " أحدهما " أنهم قالوا بألسنتهم قولا خفيا .
و " الثاني " أنه قيده بالنفس وإذا قيد القول بالنفس فإن دلالة المقيد خلاف دلالة المطلق . وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=89226إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل به } " فقوله حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به دليل على أن حديث النفس ليس هو الكلام المطلق وأنه ليس باللسان .
وقد احتج بعض هؤلاء بقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5321&ayano=67وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور } وجعلوا القول المسر في القلب دون اللسان ; لقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5321&ayano=8إنه عليم بذات الصدور } وهذه حجة ضعيفة جدا ; لأن
[ ص: 36 ] قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5321&ayano=67وأسروا قولكم أو اجهروا به } يبين أن القول يسر به تارة ويجهر به أخرى وهذا إنما هو فيما يكون في القول الذي هو بحروف مسموعة .
وقوله بعد ذلك : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5321&ayano=8إنه عليم بذات الصدور } من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى فإنه إذا كان عليما بذات الصدور فعلمه بالقول المسر والمجهور به أولى .
ونظيره قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1730&ayano=13سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار } .
[ ص: 33 ] قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ فَصْلٌ
nindex.php?page=treesubj&link=28978قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { nindex.php?page=tafseer&surano=1166&ayano=7وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ } فَأُمِرَ بِذِكْرِ اللَّهِ فِي نَفْسِهِ فَقَدْ يُقَالُ : هُوَ ذِكْرُهُ فِي قَلْبِهِ بِلَا لِسَانِهِ ; لِقَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1166&ayano=7وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ } وَقَدْ يُقَالُ وَهُوَ أَصَحُّ : بَلْ ذِكْرُ اللَّهِ فِي نَفْسِهِ بِاللِّسَانِ مَعَ الْقَلْبِ وَقَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1166&ayano=7وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ } كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2156&ayano=17وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا } .
وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ نَزَلَتْ فِي الدُّعَاءِ . وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=597650ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْهَرُ بِالْقُرْآنِ فَإِذَا سَمِعَهُ الْمُشْرِكُونَ سَبُّوا الْقُرْآنَ وَمَنْ أَنْزَلَهُ وَمَنْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ فَقَالَ اللَّهُ : لَا تَجْهَرْ بِالْقُرْآنِ فَيَسْمَعَهُ الْمُشْرِكُونَ فَيَسُبُّوا الْقُرْآنَ وَلَا تُخَافِتْ بِهِ عَنْ أَصْحَابِك فَلَا يَسْمَعُوهُ } . فَنَهَاهُ عَنْ الْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ . فَالْمُخَافَتَةُ هِيَ ذِكْرُهُ فِي نَفْسِهِ وَالْجَهْرُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ هُوَ الْجَهْرُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1166&ayano=7وَدُونَ الْجَهْرِ }
[ ص: 34 ] فَإِنَّ الْجَهْرَ هُوَ الْإِظْهَارُ الشَّدِيدُ يُقَالُ : رَجُلٌ جَهْوَرِيُّ الصَّوْتِ وَرَجُلٌ جَهِيرٌ .
وَكَذَلِكَ قَوْلُ
عَائِشَةَ فِي الدُّعَاءِ فَإِنَّ الدُّعَاءَ كَمَا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1016&ayano=7ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2272&ayano=19إذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا } فَالْإِخْفَاءُ قَدْ يَكُونُ بِصَوْتِ يَسْمَعُهُ الْقَرِيبُ وَهُوَ الْمُنَاجَاةُ وَالْجَهْرُ مِثْلُ الْمُنَادَاةِ الْمُطْلَقَةِ وَهَذَا كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=597651لَمَّا رَفَعَ أَصْحَابُهُ أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّكْبِيرِ فَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ أَرْبِعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا إنَّمَا تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا إنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ أَقْرَبُ إلَى أَحَدِكُمْ مِنْ عُنُقِ رَاحِلَتِهِ } " وَنَظِيرُ قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1166&ayano=7وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ } قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رَوَى عَنْ رَبِّهِ " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=70607مَنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْته فِي نَفْسِي . وَمَنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْته فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْهُ } " وَهَذَا يَدْخُلُ فِيهِ ذِكْرُهُ بِاللِّسَانِ فِي نَفْسِهِ فَإِنَّهُ جَعَلَهُ قَسِيمَ الذِّكْرِ فِي الْمَلَأِ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1166&ayano=7وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ } وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1166&ayano=7بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ } وَمَعْلُومٌ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28978_24431_24413ذِكْرَ اللَّهِ الْمَشْرُوعَ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجَ الصَّلَاةِ هُوَ بِاللِّسَانِ مَعَ الْقَلْبِ مِثْلَ صَلَاتَيْ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ
nindex.php?page=treesubj&link=24431_24413وَالذِّكْرِ الْمَشْرُوعِ عَقِبَ الصَّلَاتَيْنِ وَمَا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَّمَهُ وَفَعَلَهُ مِنْ الْأَذْكَارِ وَالْأَدْعِيَةِ الْمَأْثُورَةِ مِنْ عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ الْمَشْرُوعَةِ
[ ص: 35 ] طَرَفَيْ النَّهَارِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ .
وَقَدْ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا ذِكْرُ اللَّهِ بِالْقَلْبِ فَقَطْ ; لَكِنْ يَكُونُ الذِّكْرُ فِي النَّفْسِ كَامِلًا وَغَيْرَ كَامِلٍ ; فَالْكَامِلُ بِاللِّسَانِ مَعَ الْقَلْبِ وَغَيْرُ الْكَامِلِ بِالْقَلْبِ فَقَطْ .
وَيُشْبِهُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5170&ayano=58وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ } فَإِنَّ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْكَلَامَ الْمُطْلَقَ كَلَامُ النَّفْسِ اسْتَدَلُّوا بِهَذِهِ الْآيَةِ وَأَجَابَ عَنْهَا أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ بِجَوَابَيْنِ : " أَحَدُهُمَا " أَنَّهُمْ قَالُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ قَوْلًا خَفِيًّا .
و " الثَّانِي " أَنَّهُ قَيَّدَهُ بِالنَّفْسِ وَإِذَا قُيِّدَ الْقَوْلُ بِالنَّفْسِ فَإِنَّ دَلَالَةَ الْمُقَيَّدِ خِلَافُ دَلَالَةِ الْمُطْلَقِ . وَهَذَا كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=89226إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ بِهِ أَوْ تَعْمَلْ بِهِ } " فَقَوْلُهُ حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ بِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ النَّفْسِ لَيْسَ هُوَ الْكَلَامَ الْمُطْلَقَ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِاللِّسَانِ .
وَقَدْ احْتَجَّ بَعْضُ هَؤُلَاءِ بِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5321&ayano=67وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } وَجَعَلُوا الْقَوْلَ الْمُسَرَّ فِي الْقَلْبِ دُونَ اللِّسَانِ ; لِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5321&ayano=8إنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } وَهَذِهِ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ جِدًّا ; لِأَنَّ
[ ص: 36 ] قَوْلَهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5321&ayano=67وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ } يُبَيِّنُ أَنَّ الْقَوْلَ يُسَرُّ بِهِ تَارَةً وَيُجْهَرُ بِهِ أُخْرَى وَهَذَا إنَّمَا هُوَ فِيمَا يَكُونُ فِي الْقَوْلِ الَّذِي هُوَ بِحُرُوفِ مَسْمُوعَةٍ .
وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5321&ayano=8إنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } مِنْ بَابِ التَّنْبِيهِ بِالْأَدْنَى عَلَى الْأَعْلَى فَإِنَّهُ إذَا كَانَ عَلِيمًا بِذَاتِ الصُّدُورِ فَعِلْمُهُ بِالْقَوْلِ الْمُسَرِّ وَالْمَجْهُورِ بِهِ أَوْلَى .
وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1730&ayano=13سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ } .