[ ص: 30 ] وقال شيخ الإسلام هذا تفسير آيات أشكلت حتى لا يوجد في طائفة من كتب التفسير إلا ما هو خطأ . [ فيها ] ومنها
nindex.php?page=treesubj&link=28978قوله : { nindex.php?page=tafseer&surano=1050&ayano=7لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا } الآية وما في معناها .
التحقيق : أن الله سبحانه إنما يصطفي لرسالته من كان خيار قومه حتى في النسب كما في حديث
هرقل . ومن نشأ بين قوم مشركين جهال لم يكن عليه نقص إذا كان على مثل دينهم إذا كان معروفا بالصدق والأمانة وفعل ما يعرفون وجوبه وترك ما يعرفون قبحه .
قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2061&ayano=17وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } فلم يكن هؤلاء مستوجبين العذاب وليس في هذا ما ينفر عن القبول منهم ; ولهذا لم يذكره أحد من
المشركين قادحا .
وقد اتفقوا على جواز بعثة رسول لا يعرف ما جاءت به الرسل قبله من النبوة والشرائع وأن من لم يقر بذلك بعد الرسالة فهو كافر
[ ص: 31 ] والرسل قبل الوحي لا تعلمه فضلا عن أن تقر به . قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1919&ayano=16ينزل الملائكة بالروح من أمره } الآية . وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4188&ayano=40يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق } فجعل إنذارهم بالتوحيد كالإنذار بيوم التلاق وكلاهما عرفوه بالوحي .
وما ذكر أنه صلى الله عليه وسلم بغضت إليه الأوثان لا يجب أن يكون لكل نبي فإنه سيد ولد
آدم والرسول الذي ينشأ بين أهل الكفر الذين لا نبوة لهم يكون أكمل من غيره من جهة تأييد الله له بالعلم والهدى وبالنصر والقهر كما كان
نوح وإبراهيم .
ولهذا يضيف الله الأمر إليهما في مثل قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5158&ayano=57ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم } الآية . {
nindex.php?page=tafseer&surano=329&ayano=3إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم } الآية . وذلك أن
نوحا أول رسول بعث إلى المشركين وكان مبدأ شركهم من تعظيم الموتى الصالحين . وقوم
إبراهيم مبدؤه من عبادة الكواكب ذاك الشرك الأرضي وهذا السماوي ; ولهذا سد صلى الله عليه وسلم ذريعة هذا وهذا .
[ ص: 30 ] وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ هَذَا تَفْسِيرُ آيَاتٍ أَشْكَلَتْ حَتَّى لَا يُوجَدَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ كُتُبِ التَّفْسِيرِ إلَّا مَا هُوَ خَطَأٌ . [ فِيهَا ] وَمِنْهَا
nindex.php?page=treesubj&link=28978قَوْلُهُ : { nindex.php?page=tafseer&surano=1050&ayano=7لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا } الْآيَةُ وَمَا فِي مَعْنَاهَا .
التَّحْقِيقُ : أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ إنَّمَا يَصْطَفِي لِرِسَالَتِهِ مَنْ كَانَ خِيَارَ قَوْمِهِ حَتَّى فِي النَّسَبِ كَمَا فِي حَدِيثِ
هِرَقْلَ . وَمَنْ نَشَأَ بَيْنَ قَوْمٍ مُشْرِكِينَ جُهَّالٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ نَقْصٌ إذَا كَانَ عَلَى مِثْلِ دِينِهِمْ إذَا كَانَ مَعْرُوفًا بِالصِّدْقِ وَالْأَمَانَةِ وَفِعْلِ مَا يَعْرِفُونَ وُجُوبَهُ وَتَرْكِ مَا يَعْرِفُونَ قُبْحَهُ .
قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2061&ayano=17وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا } فَلَمْ يَكُنْ هَؤُلَاءِ مُسْتَوْجِبِينَ الْعَذَابَ وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يُنَفِّرُ عَنْ الْقَبُولِ مِنْهُمْ ; وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ مِنْ
الْمُشْرِكِينَ قَادِحًا .
وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ بَعْثَةِ رَسُولٍ لَا يَعْرِفُ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ قَبْلَهُ مِنْ النُّبُوَّةِ وَالشَّرَائِعِ وَأَنَّ مَنْ لَمْ يُقِرَّ بِذَلِكَ بَعْدَ الرِّسَالَةِ فَهُوَ كَافِرٌ
[ ص: 31 ] وَالرُّسُلُ قَبْلَ الْوَحْيِ لَا تَعْلَمُهُ فَضْلًا عَنْ أَنْ تُقِرَّ بِهِ . قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1919&ayano=16يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ } الْآيَةُ . وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4188&ayano=40يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ } فَجَعَلَ إنْذَارَهُمْ بِالتَّوْحِيدِ كَالْإِنْذَارِ بِيَوْمِ التلاق وَكِلَاهُمَا عَرَفُوهُ بِالْوَحْيِ .
وَمَا ذَكَرَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُغِّضَتْ إلَيْهِ الْأَوْثَانُ لَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ نَبِيٍّ فَإِنَّهُ سَيِّدُ وَلَدِ
آدَمَ وَالرَّسُولُ الَّذِي يَنْشَأُ بَيْنَ أَهْلِ الْكُفْرِ الَّذِينَ لَا نُبُوَّةَ لَهُمْ يَكُونُ أَكْمَلَ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ جِهَةِ تَأْيِيدِ اللَّهِ لَهُ بِالْعِلْمِ وَالْهُدَى وَبِالنَّصْرِ وَالْقَهْرِ كَمَا كَانَ
نُوحٌ وَإِبْرَاهِيمُ .
وَلِهَذَا يُضِيفُ اللَّهُ الْأَمْرَ إلَيْهِمَا فِي مِثْلِ قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5158&ayano=57وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ } الْآيَةُ . {
nindex.php?page=tafseer&surano=329&ayano=3إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إبْرَاهِيمَ } الْآيَةُ . وَذَلِكَ أَنَّ
نُوحًا أَوَّلُ رَسُولٍ بُعِثَ إلَى الْمُشْرِكِينَ وَكَانَ مَبْدَأُ شِرْكِهِمْ مِنْ تَعْظِيمِ الْمَوْتَى الصَّالِحِينَ . وَقَوْمُ
إبْرَاهِيمَ مَبْدَؤُهُ مِنْ عِبَادَةِ الْكَوَاكِبِ ذَاكَ الشِّرْكُ الْأَرْضِيُّ وَهَذَا السَّمَاوِيُّ ; وَلِهَذَا سَدَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَرِيعَةَ هَذَا وَهَذَا .