وقوله تعالى:
[ ص: 3322 ] القول في تأويل قوله تعالى:
[ 2 ]
nindex.php?page=treesubj&link=30549_31037_31791_32026_34211_34513_28981nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=2أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم قال الكافرون إن هذا لساحر مبين nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=2أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم الهمزة لإنكار التعجب والتعجيب منه، وإنما أنكر ذلك لكون سنة الله جارية أبدا على هذا الأسلوب في الإيحاء إلى الرجال، وإنما كان تعجبهم لبعدهم عن مقامه، وعدم مناسبة حالهم لحاله، ومنافاة ما جاء به لما اعتقدوه، و (القدم) بمعنى السبق مجازا، لكونه سببه وآلته، كما تطلق (اليد) على النعمة، و (العين) على الجاسوس، و (الرأس) على الرئيس. ثم إن السبق مجاز عن الفضل والتقدم المعنوي إلى المنازل الرفيعة، فهو مجاز بمرتبتين أو (القدم) بمعنى المقام كـ:
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=55مقعد صدق بإطلاق الحال وإرادة المحل، وإضافته إلى الصدق من إضافة الموصوف إلى الصفة. وأصله (قدم صدق) أي محققة مقررة، وفيه مبالغة لجعلها عين الصدق، وتنبيه على أنهم إنما نالوا ما نالوا بصدقهم، ظاهرا وباطنا.
قال في (الانتصاف): ولم يرد في سابقة السوء تسميتها (قدما) إما لأن المجاز لا يطرد، وإما أن يكون مطردا، ولكن غلب العرف على قصرها، كما يغلب في الحقيقة.
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=2قال الكافرون وهم المتعجبون "إن هذا" أي الكتاب الحكيم
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=76لسحر مبين أي ظاهر. وقرئ "لساحر" على أن الإشارة إلى الرسول صلوات الله عليه. وهو دليل عجزهم واعترافهم، وإن كانوا كاذبين في تسميته سحرا، وذلك لأن التعجب أولا، ثم التكلم بما هو معلوم الانتفاء قطعا، حتى عند نفس المعارض، دأب العاجز المفحم.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
[ ص: 3322 ] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
[ 2 ]
nindex.php?page=treesubj&link=30549_31037_31791_32026_34211_34513_28981nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=2أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=2أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ الْهَمْزَةُ لِإِنْكَارِ التَّعَجُّبِ وَالتَّعْجِيبِ مِنْهُ، وَإِنَّمَا أَنْكَرَ ذَلِكَ لِكَوْنِ سُنَّةِ اللَّهِ جَارِيَةً أَبَدًا عَلَى هَذَا الْأُسْلُوبِ فِي الْإِيحَاءِ إِلَى الرِّجَالِ، وَإِنَّمَا كَانَ تَعَجُّبُهُمْ لِبُعْدِهِمْ عَنْ مَقَامِهِ، وَعَدَمِ مُنَاسَبَةِ حَالِهِمْ لِحَالِهِ، وَمُنَافَاةِ مَا جَاءَ بِهِ لِمَا اعْتَقَدُوهُ، وَ (الْقَدَمُ) بِمَعْنَى السَّبْقِ مَجَازًا، لِكَوْنِهِ سَبَبَهُ وَآلَتَهُ، كَمَا تُطْلَقُ (الْيَدُ) عَلَى النِّعْمَةِ، وَ (الْعَيْنُ) عَلَى الْجَاسُوسِ، وَ (الرَّأْسُ) عَلَى الرَّئِيسِ. ثُمَّ إِنَّ السَّبْقَ مَجَازٌ عَنِ الْفَضْلِ وَالتَّقَدُّمِ الْمَعْنَوِيِّ إِلَى الْمَنَازِلِ الرَّفِيعَةِ، فَهُوَ مَجَازٌ بِمَرْتَبَتَيْنِ أَوِ (الْقَدَمُ) بِمَعْنَى الْمَقَامِ كَـ:
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=55مَقْعَدِ صِدْقٍ بِإِطْلَاقِ الْحَالِّ وَإِرَادَةِ الْمَحَلِّ، وَإِضَافَتُهُ إِلَى الصِّدْقِ مِنْ إِضَافَةِ الْمَوْصُوفِ إِلَى الصِّفَةِ. وَأَصْلُهُ (قَدَمٌ صِدْقٌ) أَيْ مُحَقِّقَةٌ مُقَرِّرَةٌ، وَفِيهِ مُبَالَغَةٌ لِجَعْلِهَا عَيْنَ الصِّدْقِ، وَتَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُمْ إِنَّمَا نَالُوا مَا نَالُوا بِصِدْقِهِمْ، ظَاهِرًا وَبَاطِنًا.
قَالَ فِي (الِانْتِصَافِ): وَلَمْ يَرِدْ فِي سَابِقَةِ السُّوءِ تَسْمِيَتُهَا (قَدَمًا) إِمَّا لِأَنَّ الْمَجَازَ لَا يَطَّرِدُ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُطَّرِدًا، وَلَكِنْ غَلَبَ الْعُرْفُ عَلَى قَصْرِهَا، كَمَا يَغْلِبُ فِي الْحَقِيقَةِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=2قَالَ الْكَافِرُونَ وَهُمُ الْمُتَعَجِّبُونَ "إِنَّ هَذَا" أَيِ الْكِتَابَ الْحَكِيمَ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=76لَسِحْرٌ مُبِينٌ أَيْ ظَاهِرٌ. وَقُرِئَ "لَسَاحِرٌ" عَلَى أَنَّ الْإِشَارَةَ إِلَى الرَّسُولِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ. وَهُوَ دَلِيلُ عَجْزِهِمْ وَاعْتِرَافِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا كَاذِبِينَ فِي تَسْمِيَتِهِ سِحْرًا، وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّعَجُّبَ أَوَّلًا، ثُمَّ التَّكَلُّمَ بِمَا هُوَ مَعْلُومُ الِانْتِفَاءِ قَطْعًا، حَتَّى عِنْدَ نَفْسِ الْمَعَارِضِ، دَأْبُ الْعَاجِزِ الْمُفْحَمِ.