ولما كان هذا فعل من أعرض عن الله أصلا فلم يخطر شيئا من عظمته على باله، فكان ظانا أنه مهمل لا مالك له وأنه هو
[ ص: 115 ] السيد لا عبودية عليه، فلا يؤمر ولا ينهى [ولا يعمل -] إلا بمقتضى شهواته، قال منكرا عليه معبرا بالحسبان الذي الحامل عليه نقص العقل:
nindex.php?page=treesubj&link=28760_34308_29046nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=36أيحسب أي أيجوز لقلة عقله
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=36الإنسان أي الذي هو عبد مربوب ضعيف عاجز محتاج بما يرى في نفسه وأبناء جنسه.
ولما كان الحامل على الجراءة مطلق الترك هملا، لا كون الترك من معين، قال بانيا للمفعول:
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=36أن يترك [ أي يكون تركه بالكلية - ]
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=36سدى أي مهملا لاعبا لاهيا لا يكلف ولا يجازى ولا يعرض على الملك الأعظم الذي خلقه فيسأله عن شكره فيما أسدى إليه، فإن ذلك مناف للحكمة، فإنها تقتضي الأمر بالمحاسن والنهي عن المساوئ والجزاء على كل منهما، وأكثر الظالمين والمظلومين يموتون من غير جزاء، فاقتضت الحكمة ولا بد البعث للجزاء.
وَلَمَّا كَانَ هَذَا فِعْلُ مَنْ أَعْرَضَ عَنِ اللَّهِ أَصْلًا فَلَمْ يَخْطُرْ شَيْئًا مَنْ عَظَمَتِهِ عَلَى بَالِهِ، فَكَانَ ظَانًّا أَنَّهُ مُهْمِلٌ لَا مَالِكَ لَهُ وَأَنَّهُ هُوَ
[ ص: 115 ] السَّيِّدُ لَا عُبُودِيَّةَ عَلَيْهِ، فَلَا يُؤَمَرُ وَلَا يَنْهَى [وَلَا يَعْمَلُ -] إِلَّا بِمُقْتَضَى شَهَوَاتِهِ، قَالَ مُنْكِرًا عَلَيْهِ مُعَبِّرًا بِالْحُسْبَانِ الَّذِي الْحَامِلُ عَلَيْهِ نَقْصُ الْعَقْلِ:
nindex.php?page=treesubj&link=28760_34308_29046nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=36أَيَحْسَبُ أَيْ أَيَجُوزُ لِقِلَّةِ عَقْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=36الإِنْسَانُ أَيِ الَّذِي هُوَ عَبْدٌ مَرْبُوبٌ ضَعِيفٌ عَاجِزٌ مُحْتَاجٌ بِمَا يَرَى فِي نَفْسِهِ وَأَبْنَاءِ جِنْسِهِ.
وَلَمَّا كَانَ الْحَامِلُ عَلَى الْجَرَاءَةِ مُطْلَقَ التُّرْكِ هَمَلًا، لَا كَوْنَ التَّرْكِ مِنْ مُعَيَّنٍ، قَالَ بَانِيًا لِلْمَفْعُولِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=36أَنْ يُتْرَكَ [ أَيْ يَكُونُ تَرْكُهُ بِالْكُلِّيَّةِ - ]
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=36سُدًى أَيْ مُهْمَلًا لَاعِبًا لَاهِيًا لَا يُكَلَّفُ وَلَا يُجَازَى وَلَا يُعْرَضُ عَلَى الْمَلِكِ الْأَعْظَمِ الَّذِي خَلَقَهُ فَيَسْأَلُهُ عَنْ شُكْرِهِ فِيمَا أَسْدَى إِلَيْهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مُنَافٍ لِلْحِكْمَةِ، فَإِنَّهَا تَقْتَضِي الْأَمْرَ بِالْمَحَاسِنِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمَسَاوِئِ وَالْجَزَاءَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، وَأَكْثَرُ الظَّالِمِينَ وَالْمَظْلُومِينَ يَمُوتُونَ مِنْ غَيْرِ جَزَاءٍ، فَاقْتَضَتِ الْحِكْمَةَ وَلَا بُدَّ الْبَعْثُ لِلْجَزَاءِ.