ولما ذكر ما يحزن من السر لكونه اختصاصا عن الجليس بالمقال فينشأ عنه ظن الكدر وتباعد القلوب، أتبعه الاختصاص بالمجلس الذي هو مباعدة الأجسام اللازم لها من الظن ما لزم من الاختصاص بالسر في الكلام فينشأ عنه الحزن، معلما لهم بكمال رحمته وتمام رأفته بمراعاة
[ ص: 375 ] حسن الأدب بينهم وإن كان من أمور العادة دون أحكام العبادة، فقال مخاطبا لأهل الدرجة الدنيا في الإيمان لأنهم المحتاجون لمثل هذا الأدب:
nindex.php?page=treesubj&link=18405_18467_28723_30497_30531_32090_34149_29029nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11يا أيها الذين آمنوا حداهم بهذا الوصف على الامتثال
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11إذا قيل لكم أي من أي قائل كان فإن الخير يرغب فيه لذاته:
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11تفسحوا أي توسعوا أي كلفوا أنفسكم في إيساع المواضع
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11في المجالس أي الجلوس أو مكانه لأجل من يأتي فلا يجد مجلسا يجلس فيه، والمراد بالمجلس جنس المكان الذي هم ماكثون به بجلوس أو قيام في صلاة أو غيرها لأنه أهل لأن يجلس فيه. وذلك في كل عصر، ومجلس النبي صلى الله عليه وسلم أولى بذلك، وقراءة
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم بالجمع موضحة لإرادة الجنس
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11فافسحوا أي وسعوا فيه عن سعة صدر
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11يفسح الله أي الذي له الأمر كله والعظمة الكاملة
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11لكم في كل ما تكرهون ضيقه من الدارين.
ولما كانت التوسعة يكفي فيها التزحزح مع دوام الجلوس تارة وأخرى تدعو الحاجة فيها إلى القيام للتحول من مكان إلى آخر قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11وإذا قيل أي من قائل كان - كما مضى - إذا كان يريد الإصلاح
[ ص: 376 ] والخير
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11انشزوا أي ارتفعوا وانهضوا إلى الموضع الذي تؤمرون به أو يقتضيه الحال للتوسعة أو غيرها من الأوامر كالصلاة أو الجهاد وغيرهما
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11فانشزوا [أي] فارتفعوا وانهضوا
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11يرفع الله الذي له جميع صفات الكمال، عبر بالجلالة وأعاد إظهارها موضع الضمير ترغيبا في الامتثال لما للنفس من الشح بما يخالف المألوف
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11الذين آمنوا وإن كانوا غير علماء
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11منكم أيها المأمورون بالتفسح السامعون للأوامر، المبادرون إليها في الدنيا والآخرة بالنصر وحسن الذكر بالتمكن في وصف الإيمان الموجب لعلو الشأن بطاعتهم لرسوله صلى الله عليه وسلم في سعة صدورهم بتوسعتهم لإخوانهم.
ولما كان المؤمن قد لا يكون من المشهورين بالعلم قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11والذين ولما كان العلم في نفسه كافيا في الإعلاء من غير نظر إلى مؤت معين، بنى للمفعول قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11أوتوا العلم أي وهم مؤمنون
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11درجات درجة بامتثال الأمر وأخرى بالإيمان، ودرجة بفضل علمهم وسابقتهم - روى
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني nindex.php?page=showalam&ids=12181وأبو نعيم في كتاب العلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=930719من جاءه أجله وهو يطلب العلم ليحيي [ ص: 377 ] به الإسلام لم يفضله النبيون إلا بدرجة واحدة ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14274الدارمي nindex.php?page=showalam&ids=12769وابن السني في رياضة المتعلمين عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن غير منسوب، قال شيخنا: فقيل: هو البصري فيكون مرسلا، وعن
الزبير: العلم ذكر فلا يحبه إلا ذكور الرجال.
وكلما كان الإنسان أعلم كان أذكر، ولعله ترك التقييد بـ "من" في هذا وإن كانت مرادة ليفهم أن العلم يعلي صاحبه مطلقا، فإن كان مؤمنا عاملا بعلمه كان النهاية، وإن كان عاصيا كان أرفع من مؤمن عاص وعار عن العلم، وإن كان كافرا كانت رفعته دنيوية بالنسبة إلى كافر لا يعلم، ودل على ذلك بختم الآية بقوله مرغبا مرهبا:
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11والله أي والحال أن المحيط بكل شيء قدرة وعلما
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11بما تعملون أي حال الأمر وغيره
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11خبير أي عالم بظاهره وباطنه، فإن كان العلم مزينا بالعمل بامتثال الأوامر واجتناب النواهي وتصفية الباطن كانت الرفعة على حسبه، وإن كان على غير ذلك فكذلك، وقدم الجار ومدخوله وإن كان علمه سبحانه بالأشياء كلها على حد سواء تنبيها على مزيد الاعتناء بالأعمال، لا سيما الباطنة من الإيمان والعلم اللذين هما الروح الأعظم، لأن المقام لنزول الإنسان عن مكانه بالتفسح والانخفاض والارتفاع، ولا يخفى
[ ص: 378 ] ما في ذلك من حظ النفس الحامل على الجري مع الدسائس، فكان جديرا بمزيد الترهيب، وسبب الآية أن أهل العلم لما كانوا أحق بصدر المجلس لأنهم أوعى لما يقول صاحب المجلس، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
nindex.php?page=hadith&LINKID=662581ليليني أولو الأحلام منكم والنهى ،
وكان صلى الله عليه وسلم يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار فجاء أناس من أهل بدر منهم nindex.php?page=showalam&ids=215ثابت بن قيس بن شماس وقد سبق غيرهم إلى المجلس فقاموا حيال النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، فرد عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ثم سلموا على القوم فردوا عليهم فقاموا على أرجلهم ينتظرون أن يوسع لهم فلم يفعلوا فقال لمن حوله من [غير] أهل بدر: قم يا فلان وأنت يا فلان، فأقام من المجلس بقدر القادمين من أهل بدر، فشق ذلك على من أقيم، وعرف النبي صلى الله عليه وسلم الكراهية في وجوههم، فقال المنافقون: ألستم تزعمون أن صاحبكم يعدل، فوالله ما عدل على هؤلاء، إن قوما أخذوا مجالسهم وأحبوا القرب من نبيهم فأقامهم وأجلس من أبطأ عنه مكانهم، فأنزل الله هذه الآية، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
nindex.php?page=hadith&LINKID=688953 "لا يقيم الرجل [الرجل] من مجلسه ثم يجلس فيه، ولكن افسحوا يفسح الله لكم" رواه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن: بلغني
أن [ ص: 379 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قاتل المشركين فصف أصحابه رضي الله عنهم للقتال تشاحوا على الصف الأول فيقول الرجل لإخوانه: توسعوا لنلقى العدو فنصيب الشهادة، فلا يوسعون له رغبة منهم في الجهاد والشهادة، فأنزل الله هذه الآية، وهي دالة على أن الصالح إن كره مجاورة فاسق منع من مجاورته لأنه يؤذيه ويشغله عن كثير من مهماته، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=678845لا ضرر ولا ضرار وقال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=102356أعوذ بك من nindex.php?page=treesubj&link=19583جار السوء في دار المقامة فإن جار البادية يتحول. وقال:
nindex.php?page=treesubj&link=34320_30484شر الناس من لا يأمن جاره بوائقه، فقال تعالى معظما لرسوله صلى الله عليه وسلم وناهيا عن إبرامه صلى الله عليه وسلم بالسؤال والمناجاة، ونافعا للفقراء والتمييز بين المخلص والمنافق ومحب الآخرة ومحب الدنيا،
وَلَمَّا ذَكَرَ مَا يُحْزِنُ مِنَ السِّرِّ لِكَوْنِهِ اخْتِصَاصًا عَنِ الْجَلِيسِ بِالْمَقَالِ فَيَنْشَأُ عَنْهُ ظَنُّ الْكَدَرِ وَتَبَاعُدُ الْقُلُوبِ، أَتْبَعَهُ الِاخْتِصَاصَ بِالْمَجْلِسِ الَّذِي هُوَ مُبَاعَدَةُ الْأَجْسَامِ اللَّازِمُ لَهَا مِنَ الظَّنِّ مَا لَزِمَ مِنَ الِاخْتِصَاصِ بِالسِّرِّ فِي الْكَلَامِ فَيَنْشَأُ عَنْهُ الْحُزْنُ، مُعْلِمًا لَهُمْ بِكَمَالِ رَحْمَتِهِ وَتَمَامِ رَأْفَتِهِ بِمُرَاعَاةِ
[ ص: 375 ] حُسْنِ الْأَدَبِ بَيْنَهُمْ وَإِنْ كَانَ مِنْ أُمُورِ الْعَادَةِ دُونَ أَحْكَامِ الْعِبَادَةِ، فَقَالَ مُخَاطِبًا لِأَهْلِ الدَّرَجَةِ الدُّنْيَا فِي الْإِيمَانِ لِأَنَّهُمُ الْمُحْتَاجُونَ لِمِثْلِ هَذَا الْأَدَبِ:
nindex.php?page=treesubj&link=18405_18467_28723_30497_30531_32090_34149_29029nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا حَدَاهُمْ بِهَذَا الْوَصْفِ عَلَى الِامْتِثَالِ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11إِذَا قِيلَ لَكُمْ أَيْ مِنْ أَيِّ قَائِلٍ كَانَ فَإِنَّ الْخَيْرَ يُرْغَبُ فِيهِ لِذَاتِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11تَفَسَّحُوا أَيْ تَوَسَّعُوا أَيْ كَلِّفُوا أَنْفُسَكُمْ فِي إِيسَاعِ الْمَوَاضِعِ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11فِي الْمَجَالِسِ أَيِ الْجُلُوسِ أَوْ مَكَانِهِ لِأَجْلِ مَنْ يَأْتِي فَلَا يَجِدُ مَجْلِسًا يَجْلِسُ فِيهِ، وَالْمُرَادُ بِالْمَجْلِسِ جِنْسُ الْمَكَانِ الَّذِي هُمْ مَاكِثُونَ بِهِ بِجُلُوسٍ أَوْ قِيَامٍ فِي صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِأَنْ يُجْلَسَ فِيهِ. وَذَلِكَ فِي كُلِّ عَصْرٍ، وَمَجْلِسُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى بِذَلِكَ، وَقِرَاءَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=16273عَاصِمٍ بِالْجَمْعِ مُوَضِّحَةٌ لِإِرَادَةِ الْجِنْسِ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11فَافْسَحُوا أَيْ وَسِّعُوا فِيهِ عَنْ سَعَةِ صَدْرٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11يَفْسَحِ اللَّهُ أَيِ الَّذِي لَهُ الْأَمْرُ كُلُّهُ وَالْعَظَمَةُ الْكَامِلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11لَكُمْ فِي كُلِّ مَا تَكْرَهُونَ ضِيقَهُ مِنَ الدَّارَيْنِ.
وَلَمَّا كَانَتِ التَّوْسِعَةُ يَكْفِي فِيهَا التَّزَحْزُحُ مَعَ دَوَامِ الْجُلُوسِ تَارَةً وَأُخْرَى تَدْعُو الْحَاجَةُ فِيهَا إِلَى الْقِيَامِ لِلتَّحَوُّلِ مِنْ مَكَانٍ إِلَى آخَرَ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11وَإِذَا قِيلَ أَيْ مِنْ قَائِلٍ كَانَ - كَمَا مَضَى - إِذَا كَانَ يُرِيدُ الْإِصْلَاحَ
[ ص: 376 ] وَالْخَيْرَ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11انْشُزُوا أَيِ ارْتَفِعُوا وَانْهَضُوا إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي تُؤْمَرُونَ بِهِ أَوْ يَقْتَضِيهِ الْحَالُ لِلتَّوْسِعَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الْأَوَامِرِ كَالصَّلَاةِ أَوِ الْجِهَادِ وَغَيْرِهِمَا
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11فَانْشُزُوا [أَيْ] فَارْتَفِعُوا وَانْهَضُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِي لَهُ جَمِيعُ صِفَاتِ الْكَمَالِ، عَبَّرَ بِالْجَلَالَةِ وَأَعَادَ إِظْهَارَهَا مَوْضِعَ الضَّمِيرِ تَرْغِيبًا فِي الِامْتِثَالِ لِمَا لِلنَّفْسِ مِنَ الشُّحِّ بِمَا يُخَالِفُ الْمَأْلُوفَ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11الَّذِينَ آمَنُوا وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ عُلَمَاءَ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11مِنْكُمْ أَيُّهَا الْمَأْمُورُونَ بِالتَّفَسُّحِ السَّامِعُونَ لِلْأَوَامِرِ، الْمُبَادِرُونَ إِلَيْهَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بِالنَّصْرِ وَحُسْنِ الذِّكْرِ بِالتَّمَكُّنِ فِي وَصْفِ الْإِيمَانِ الْمُوجِبِ لِعُلُوِّ الشَّأْنِ بِطَاعَتِهِمْ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَعَةِ صُدُورِهِمْ بِتَوْسِعَتِهِمْ لِإِخْوَانِهِمْ.
وَلَمَّا كَانَ الْمُؤْمِنُ قَدْ لَا يَكُونُ مِنَ الْمَشْهُورِينَ بِالْعِلْمِ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11وَالَّذِينَ وَلَمَّا كَانَ الْعِلْمُ فِي نَفْسِهِ كَافِيًا فِي الْإِعْلَاءِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إِلَى مُؤْتٍ مُعَيَّنٍ، بَنَى لِلْمَفْعُولِ قَوْلَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11أُوتُوا الْعِلْمَ أَيْ وَهُمْ مُؤْمِنُونَ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11دَرَجَاتٍ دَرَجَةً بِامْتِثَالِ الْأَمْرِ وَأُخْرَى بِالْإِيمَانِ، وَدَرَجَةً بِفَضْلِ عِلْمِهِمْ وَسَابِقَتِهِمْ - رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطَّبَرَانِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=12181وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=930719مَنْ جَاءَهُ أَجَلُهُ وَهُوَ يَطْلُبُ الْعِلْمَ لِيُحْيِيَ [ ص: 377 ] بِهِ الْإِسْلَامَ لَمْ يَفْضُلْهُ النَّبِيُّونَ إِلَّا بِدَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ ، رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14274الدَّارِمِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=12769وَابْنُ السُّنِّيِّ فِي رِيَاضَةِ الْمُتَعَلِّمِينَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ غَيْرَ مَنْسُوبٍ، قَالَ شَيْخُنَا: فَقِيلَ: هُوَ الْبَصْرِيُّ فَيَكُونُ مُرْسَلًا، وَعَنِ
الزُّبَيْرِ: الْعِلْمُ ذَكَرٌ فَلَا يُحِبُّهُ إِلَّا ذُكُورُ الرِّجَالِ.
وَكُلَّمَا كَانَ الْإِنْسَانُ أَعْلَمَ كَانَ أَذْكَرَ، وَلَعَلَّهُ تَرَكَ التَّقْيِيدَ بِـ "مِنْ" فِي هَذَا وَإِنْ كَانَتْ مُرَادَةً لِيُفْهِمَ أَنَّ الْعِلْمَ يُعْلِي صَاحِبَهُ مُطْلَقًا، فَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا عَامِلًا بِعِلْمِهِ كَانَ النِّهَايَةَ، وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا كَانَ أَرْفَعَ مِنْ مُؤْمِنٍ عَاصٍ وَعَارٍ عَنِ الْعِلْمِ، وَإِنْ كَانَ كَافِرًا كَانَتْ رِفْعَتُهُ دُنْيَوِيَّةً بِالنِّسْبَةِ إِلَى كَافِرٍ لَا يَعْلَمُ، وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِخَتْمِ الْآيَةِ بِقَوْلِهِ مُرَغِّبًا مُرَهِّبًا:
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11وَاللَّهُ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمُحِيطَ بِكُلِّ شَيْءٍ قُدْرَةً وَعِلْمًا
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11بِمَا تَعْمَلُونَ أَيْ حَالَ الْأَمْرِ وَغَيْرِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11خَبِيرٌ أَيْ عَالِمٌ بِظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ، فَإِنْ كَانَ الْعِلْمُ مُزَيَّنًا بِالْعَمَلِ بِامْتِثَالِ الْأَوَامِرِ وَاجْتِنَابِ النَّوَاهِي وَتَصْفِيَةِ الْبَاطِنِ كَانَتِ الرِّفْعَةُ عَلَى حَسَبِهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ، وَقَدَّمَ الْجَارَّ وَمَدْخُولَهُ وَإِنْ كَانَ عِلْمُهُ سُبْحَانَهُ بِالْأَشْيَاءِ كُلِّهَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ تَنْبِيهًا عَلَى مَزِيدِ الِاعْتِنَاءِ بِالْأَعْمَالِ، لَا سِيَّمَا الْبَاطِنَةُ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْعِلْمِ اللَّذَيْنِ هُمَا الرُّوحُ الْأَعْظَمُ، لِأَنَّ الْمَقَامَ لِنُزُولِ الْإِنْسَانِ عَنْ مَكَانِهِ بِالتَّفَسُّحِ وَالِانْخِفَاضِ وَالِارْتِفَاعِ، وَلَا يَخْفَى
[ ص: 378 ] مَا فِي ذَلِكَ مِنْ حَظِّ النَّفْسِ الْحَامِلِ عَلَى الْجَرْيِ مَعَ الدَّسَائِسِ، فَكَانَ جَدِيرًا بِمَزِيدِ التَّرْهِيبِ، وَسَبَبُ الْآيَةِ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ لَمَّا كَانُوا أَحَقَّ بِصَدْرِ الْمَجْلِسِ لِأَنَّهُمْ أَوَعَى لِمَا يَقُولُ صَاحِبُ الْمَجْلِسِ، كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=662581لِيَلِيَنِي أُولُو الْأَحْلَامِ مِنْكُمْ وَالنُّهَى ،
وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْرِمُ أَهْلَ بَدْرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فَجَاءَ أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ مِنْهُمْ nindex.php?page=showalam&ids=215ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ وَقَدْ سَبَقَ غَيْرُهُمْ إِلَى الْمَجْلِسِ فَقَامُوا حِيَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَرَدَّ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ سَلَّمُوا عَلَى الْقَوْمِ فَرَدُّوا عَلَيْهِمْ فَقَامُوا عَلَى أَرْجُلِهِمْ يَنْتَظِرُونَ أَنْ يُوَسَّعَ لَهُمْ فَلَمْ يَفْعَلُوا فَقَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ مِنْ [غَيْرِ] أَهْلِ بَدْرٍ: قُمْ يَا فُلَانُ وَأَنْتَ يَا فُلَانُ، فَأَقَامَ مِنَ الْمَجْلِسِ بِقَدْرِ الْقَادِمِينَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى مَنْ أُقِيمَ، وَعَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَرَاهِيَةَ فِي وُجُوهِهِمْ، فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ: أَلَسْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ صَاحِبَكُمْ يَعْدِلُ، فَوَاللَّهِ مَا عَدَلَ عَلَى هَؤُلَاءِ، إِنَّ قَوْمًا أَخَذُوا مَجَالِسَهُمْ وَأَحَبُّوا الْقُرْبَ مِنْ نَبِيِّهِمْ فَأَقَامَهُمْ وَأَجْلَسَ مَنْ أَبْطَأَ عَنْهُ مَكَانَهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=688953 "لَا يُقِيمُ الرَّجُلُ [الرَّجُلَ] مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ يَجْلِسُ فِيهِ، وَلَكِنِ افْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ" رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٌ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ: بَلَغَنِي
أَنَّ [ ص: 379 ] رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَاتَلَ الْمُشْرِكِينَ فَصَفَّ أَصْحَابَهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لِلْقِتَالِ تَشَاحُّوا عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ فَيَقُولُ الرَّجُلُ لِإِخْوَانِهِ: تَوَسَّعُوا لِنَلْقَى الْعَدُوَّ فَنُصِيبَ الشَّهَادَةَ، فَلَا يُوَسِّعُونَ لَهُ رَغْبَةً مِنْهُمْ فِي الْجِهَادِ وَالشَّهَادَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ، وَهِيَ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الصَّالِحَ إِنْ كَرِهَ مُجَاوَرَةَ فَاسِقٍ مُنِعَ مِنْ مُجَاوَرَتِهِ لِأَنَّهُ يُؤْذِيهِ وَيَشْغَلُهُ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ مُهِمَّاتِهِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=678845لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ وَقَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=102356أَعُوذُ بِكَ مِنْ nindex.php?page=treesubj&link=19583جَارِ السُّوءِ فِي دَارِ الْمُقَامَةِ فَإِنَّ جَارَ الْبَادِيَةِ يَتَحَوَّلُ. وَقَالَ:
nindex.php?page=treesubj&link=34320_30484شَرُّ النَّاسِ مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ، فَقَالَ تَعَالَى مُعَظِّمًا لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَاهِيًا عَنْ إِبْرَامِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسُّؤَالِ وَالْمُنَاجَاةِ، وَنَافِعًا لِلْفُقَرَاءِ وَالتَّمْيِيزِ بَيْنَ الْمُخْلِصِ وَالْمُنَافِقِ وَمُحِبِّ الْآخِرَةِ وَمُحِبِّ الدُّنْيَا،