ولما شدد سبحانه في أمر النجوى وكان لا يفعلها إلا أهل النفاق، فكان ربما ظن ظان أنه يحدث عنها ضرر لأهل الدين، قال سارا للمخلصين
[ ص: 373 ] [و]غاما للمنافقين ومبينا أن ضررها إنما يعود عليهم:
nindex.php?page=treesubj&link=19647_30451_32498_33679_34106_34339_29029nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=10إنما النجوى أي المعهودة وهي المنهي عنها، وهي ما كره صاحبه أن يطلع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: ما خيله الشيطان من الأحكام المكروهة للإنسان
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=10من الشيطان أي مبتدئة من المحترق بطرده عن رحمة الله تعالى فإنه الحامل عليها بتزيينها ففاعلها تابع لأعدى أعدائه مخالفة لأوليائه.
ولما بين أنها منه، بين الحامل له على تزيينها فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=10ليحزن أي الشيطان ليوقع الحزن في قلوب
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=10الذين آمنوا أي يتوهمهم أنهم بسبب شيء وقع ما يؤذيهم، والحزن: هم غليظ وتوجع يرق له القلب، حزنه وأحزنه بمعنى، وقال في القاموس: أو أحزنه: جعله حزينا، وحزنه: جعل فيه حزنا، فعلى هذا قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع من أحزن أشد في المعنى من قراءة الجماعة.
ولما كان ربما خيل هذا من في قلبه مرض أن في يد الشيطان شيئا [من الأشياء]، سلب ذلك بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=10وليس أي الشيطان وما حمل عليه من التناجي، وأكد النفي بالجار فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=10بضارهم أي
[ ص: 374 ] الذين آمنوا
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=10شيئا من الضرر وإن قل وإن خفي - بما أفهمه الإدغام
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=10إلا بإذن الله أي تمكين الملك المحيط بكل شيء علما وقدرة، روى الشيخان عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=661062إذا كنتم ثلاثة فلا يتناج اثنان دون الثالث إلا بإذنه فإن ذلك يحزنه.
ولما كان التقدير: فقد علم أنه لا يخشى أحد غير الله لأنه لا ينفذ إلا ما أراده، فإياه فليخش المربوبون، عطف عليه قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=10وعلى الله أي الملك الذي لا كفؤ له، لا على أحد غيره
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=10فليتوكل المؤمنون أي الراسخون في الإيمان في جميع أمورهم، فإنه القادر وحده على إصلاحها وإفسادها، ولا يحزنوا من أحد أن يكيدهم بسره ولا بجهره، فإنه إذا توكلوا عليه وفوضوا أمورهم إليه، لم يأذن في حزنهم، وإن لم يفعلوا أحزنهم، وخص الراسخين لإمكان ذلك منهم في العادة، وأما أصحاب البدايات فلا يكون ذلك منهم إلا خرق عادة.
وَلَمَّا شَدَّدَ سُبْحَانَهُ فِي أَمْرِ النَّجْوَى وَكَانَ لَا يَفْعَلُهَا إِلَّا أَهْلُ النِّفَاقِ، فَكَانَ رُبَّمَا ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّهُ يَحْدُثُ عَنْهَا ضَرَرٌ لِأَهْلِ الدِّينِ، قَالَ سَارًّا لِلْمُخْلِصِينَ
[ ص: 373 ] [وَ]غَامًّا لِلْمُنَافِقِينَ وَمُبَيِّنًا أَنَّ ضَرَرَهَا إِنَّمَا يَعُودُ عَلَيْهِمْ:
nindex.php?page=treesubj&link=19647_30451_32498_33679_34106_34339_29029nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=10إِنَّمَا النَّجْوَى أَيِ الْمَعْهُودَةُ وَهِيَ الْمَنْهِيُّ عَنْهَا، وَهِيَ مَا كَرِهَ صَاحِبُهُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقِيلَ: مَا خَيَّلَهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْأَحْكَامِ الْمَكْرُوهَةِ لِلْإِنْسَانِ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=10مِنَ الشَّيْطَانِ أَيْ مُبْتَدِئَةٌ مِنَ الْمُحْتَرِقِ بِطَرْدِهِ عَنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ الْحَامِلُ عَلَيْهَا بِتَزْيِينِهَا فَفَاعِلُهَا تَابِعٌ لِأَعْدَى أَعْدَائِهِ مُخَالَفَةً لِأَوْلِيَائِهِ.
وَلَمَّا بَيَّنَ أَنَّهَا مِنْهُ، بَيَّنَ الْحَامِلَ لَهُ عَلَى تَزْيِينِهَا فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=10لِيَحْزُنَ أَيِ الشَّيْطَانُ لِيُوقِعَ الْحُزْنَ فِي قُلُوبِ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=10الَّذِينَ آمَنُوا أَيْ يَتَوَهَّمُهُمْ أَنَّهُمْ بِسَبَبِ شَيْءٍ وَقَعَ مَا يُؤْذِيهِمْ، وَالْحُزْنُ: هَمٌّ غَلِيظٌ وَتَوَجُّعٌ يَرِقُّ لَهُ الْقَلْبُ، حَزَنَهُ وَأَحْزَنَهُ بِمَعْنًى، وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ: أَوْ أَحْزَنَهُ: جَعْلُهُ حَزِينًا، وَحَزَنَهُ: جَعَلَ فِيهِ حُزْنًا، فَعَلَى هَذَا قِرَاءَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نَافِعٍ مِنْ أَحْزَنَ أَشَدُّ فِي الْمَعْنَى مِنْ قِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ.
وَلَمَّا كَانَ رُبَّمَا خَيَّلَ هَذَا مَنْ فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ أَنَّ فِي يَدِ الشَّيْطَانِ شَيْئًا [مِنَ الْأَشْيَاءِ]، سَلَبَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=10وَلَيْسَ أَيِ الشَّيْطَانُ وَمَا حَمَلَ عَلَيْهِ مِنَ التَّنَاجِي، وَأَكَّدَ النَّفْيَ بِالْجَارِّ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=10بِضَارِّهِمْ أَيِ
[ ص: 374 ] الَّذِينَ آمَنُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=10شَيْئًا مِنَ الضَّرَرِ وَإِنْ قَلَّ وَإِنْ خَفِيَ - بِمَا أَفْهَمَهُ الْإِدْغَامُ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=10إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ أَيْ تَمْكِينِ الْمَلِكِ الْمُحِيطِ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا وَقُدْرَةً، رَوَى الشَّيْخَانِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=661062إِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً فَلَا يَتَنَاجَ اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ.
وَلَمَّا كَانَ التَّقْدِيرُ: فَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُخْشَى أَحَدٌ غَيْرُ اللَّهِ لِأَنَّهُ لَا يُنَفَّذُ إِلَّا مَا أَرَادَهُ، فَإِيَّاهُ فَلْيَخْشَ الْمَرْبُوبُونَ، عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=10وَعَلَى اللَّهِ أَيِ الْمَلِكِ الَّذِي لَا كُفْؤَ لَهُ، لَا عَلَى أَحَدٍ غَيْرِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=10فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ أَيِ الرَّاسِخُونَ فِي الْإِيمَانِ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِمْ، فَإِنَّهُ الْقَادِرُ وَحْدَهُ عَلَى إِصْلَاحِهَا وَإِفْسَادِهَا، وَلَا يَحْزَنُوا مِنْ أَحَدٍ أَنْ يَكِيدَهُمْ بِسِرِّهِ وَلَا بِجَهْرِهِ، فَإِنَّهُ إِذَا تَوَكَّلُوا عَلَيْهِ وَفَوَّضُوا أُمُورَهُمْ إِلَيْهِ، لَمْ يَأْذَنْ فِي حُزْنِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا أَحْزَنَهُمْ، وَخَصَّ الرَّاسِخِينَ لِإِمْكَانِ ذَلِكَ مِنْهُمْ فِي الْعَادَةِ، وَأَمَّا أَصْحَابُ الْبِدَايَاتِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُمْ إِلَّا خَرْقَ عَادَةٍ.