ولما أقام سبحانه الأدلة على أنه نور السماوات والأرض بأنه لا قيام لشيء إلا به سبحانه، وختم بالتحذير لكل مخالف، أنتج ذلك أن له كل شيء فقال:
nindex.php?page=treesubj&link=28723_29687_30347_30497_34091_28995nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=64ألا إن لله أي الذي له جميع المجد جميع
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=64ما في السماوات ولثبوت أنه سبحانه محيط العلم والقدرة، لم يقتض المقام التأكيد بإعادة الموصول فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=64والأرض أي من جوهر وعرض، وهما له أيضا لأن الأرض في السماء، وكل سماء في التي فوقها حتى ينتهي ذلك إلى العرش الذي صرح في غير آية أنه صاحبه، وهو سماء أيضا لعلوه عما دونه، فكل ما فيه له، وذلك أبلغ - لدلالته بطريق المجاز - مما لو صرح به، فدل ذلك - بعد الدلالة
[ ص: 327 ] على وجوده - على وحدانيته، وكمال علمه وقدرته.
ولما كانت أحوالهم من جملة ما له، كان من المعلوم أنها لم تقم في أصلها ولا بقاء لها إلا بعلمه ولأنها بخلقه، فلذلك قال محققا مؤكدا مرهبا:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=64قد يعلم ما أنتم أيها الناس كلكم
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=64عليه أي الآن، والمراد بالمضارع هنا وجود الوصف من غير نظر إلى زمان، ولو عبر بالماضي لتوهم الاختصاص به، والكلام في إدخال "قد" عليه كما مضى آنفا باعتبار أولي النفوذ في البصر، وأهل الكلال والكدر
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=64ويوم أي ويعلم ما هم عليه يوم
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=64يرجعون أي بقهر قاهر لهم على ذلك، لا يقدرون له على دفاع، ولا نوع امتناع
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=64إليه وكان الأصل: ما أنتم عليه، ولكنه أعرض عنهم تهويلا للأمر، أو يكون ذلك خاصا بالمتولين المعرضين إشارة إلى أنهم يناقشون الحساب، ويكون سر الالتفاف التنبيه على الإعراض عن المكذب بالقيامة، والإقبال على المصدق، صونا لنفيس الكلام، عن الجفاة الأغبياء اللئام
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=64فينبئهم أي فيتسبب عن ذلك أنه يخبرهم تخبيرا عظيما
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=64بما عملوا فليعدوا لكل شيء منه جوابا
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=64والله أي الذي له الإحاطة الكاملة
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=64بكل شيء من ذلك وغيره
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=64عليم فلذلك أنزل الآيات
[ ص: 328 ] البينات، وكان نور الأرض والسماوات، فقد رد الختام على المبدأ، والتحم الآخر بالأول والأثنا - والله الهادي.
وَلَمَّا أَقَامَ سُبْحَانَهُ الْأَدِلَّةَ عَلَى أَنَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بِأَنَّهُ لَا قِيَامَ لِشَيْءٍ إِلَّا بِهِ سُبْحَانَهُ، وَخَتَمَ بِالتَّحْذِيرِ لِكُلِّ مُخَالِفٍ، أَنْتَجَ ذَلِكَ أَنَّ لَهُ كُلَّ شَيْءٍ فَقَالَ:
nindex.php?page=treesubj&link=28723_29687_30347_30497_34091_28995nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=64أَلا إِنَّ لِلَّهِ أَيِ الَّذِي لَهُ جَمِيعُ الْمَجْدِ جَمِيعَ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=64مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَلِثُبُوتِ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ مُحِيطُ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ، لَمْ يَقْتَضِ الْمَقَامُ التَّأْكِيدَ بِإِعَادَةِ الْمَوْصُولِ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=64وَالأَرْضِ أَيْ مِنْ جَوْهَرٍ وَعَرَضٍ، وَهُمَا لَهُ أَيْضًا لِأَنَّ الْأَرْضَ فِي السَّمَاءِ، وَكُلُّ سَمَاءٍ فِي الَّتِي فَوْقَهَا حَتَّى يَنْتَهِيَ ذَلِكَ إِلَى الْعَرْشِ الَّذِي صَرَّحَ فِي غَيْرِ آيَةٍ أَنَّهُ صَاحِبُهُ، وَهُوَ سَمَاءٌ أَيْضًا لِعُلُوِّهِ عَمَّا دُونَهُ، فَكُلُّ مَا فِيهِ لَهُ، وَذَلِكَ أَبْلَغُ - لِدَلَالَتِهِ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ - مِمَّا لَوْ صَرَّحَ بِهِ، فَدَلَّ ذَلِكَ - بَعْدَ الدَّلَالَةِ
[ ص: 327 ] عَلَى وُجُودِهِ - عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ، وَكَمَالِ عِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ.
وَلَمَّا كَانَتْ أَحْوَالُهُمْ مِنْ جُمْلَةِ مَا لَهُ، كَانَ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهَا لَمْ تَقُمْ فِي أَصْلِهَا وَلَا بَقَاءَ لَهَا إِلَّا بِعِلْمِهِ وَلِأَنَّهَا بِخَلْقِهِ، فَلِذَلِكَ قَالَ مُحَقِّقًا مُؤَكِّدًا مُرَهِّبًا:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=64قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ أَيُّهَا النَّاسُ كُلُّكُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=64عَلَيْهِ أَيِ الْآنَ، وَالْمُرَادُ بِالْمُضَارِعِ هُنَا وُجُودُ الْوَصْفِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إِلَى زَمَانٍ، وَلَوْ عَبَّرَ بِالْمَاضِي لَتُوُهِّمَ الِاخْتِصَاصُ بِهِ، وَالْكَلَامُ فِي إِدْخَالِ "قَدْ" عَلَيْهِ كَمَا مَضَى آنِفًا بِاعْتِبَارِ أُولِي النُّفُوذِ فِي الْبَصَرِ، وَأَهْلِ الْكَلَالِ وَالْكَدَرِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=64وَيَوْمَ أَيْ وَيَعْلَمُ مَا هُمْ عَلَيْهِ يَوْمَ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=64يُرْجَعُونَ أَيْ بِقَهْرِ قَاهِرٍ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، لَا يَقْدِرُونَ لَهُ عَلَى دِفَاعٍ، وَلَا نَوْعِ امْتِنَاعٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=64إِلَيْهِ وَكَانَ الْأَصْلُ: مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ أَعْرَضَ عَنْهُمْ تَهْوِيلًا لِلْأَمْرِ، أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ خَاصًّا بِالْمُتَوَلِّينَ الْمُعْرِضِينَ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُمْ يُنَاقِشُونَ الْحِسَابَ، وَيَكُونُ سِرُّ الِالْتِفَافِ التَّنْبِيهَ عَلَى الْإِعْرَاضِ عَنِ الْمُكَذِّبِ بِالْقِيَامَةِ، وَالْإِقْبَالِ عَلَى الْمُصَدِّقِ، صَوْنًا لِنَفِيسِ الْكَلَامِ، عَنِ الْجُفَاةِ الْأَغْبِيَاءِ اللِّئَامِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=64فَيُنَبِّئُهُمْ أَيْ فَيَتَسَبَّبُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يُخْبِرُهُمْ تَخْبِيرًا عَظِيمًا
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=64بِمَا عَمِلُوا فَلْيُعِدُّوا لِكُلِّ شَيْءٍ مِنْهُ جَوَابًا
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=64وَاللَّهُ أَيِ الَّذِي لَهُ الْإِحَاطَةُ الْكَامِلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=64بِكُلِّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَغَيْرِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=64عَلِيمٌ فَلِذَلِكَ أَنْزَلَ الْآيَاتِ
[ ص: 328 ] الْبَيِّنَاتِ، وَكَانَ نُورَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ، فَقَدْ رَدَّ الْخِتَامَ عَلَى الْمَبْدَأِ، وَالْتَحَمَ الْآخِرُ بِالْأَوَّلِ وَالِأَثْنَا - وَاللَّهُ الْهَادِي.