[ ص: 224 ] سورة هود عليه السلام
مقصودها وصف الكتاب بالإحكام والتفصيل في حالتي البشارة والنذارة المقتضي ذلك لمنزله سبحانه وضع كل شيء في أتم محاله وإنفاذه مهما أريد الموجب للقدرة على كل شيء، وأنسب ما فيها لهذا المقصد ما ذكر في سياق قصة
هود عليه السلام من أحكام البشارة والنذارة بالعاجل والآجل والتصريح بالجزم بالمعالجة بالمبادرة الناظر إلى أعظم مدارات السورة
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=12فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك والعناية بكل دابة والقدرة على كل شيء من البعث وغيره المقتضي للعلم بكل معلوم اللازم منه التفرد بالملك. [وسيأتي في الأحقاف وجه اختصاص كل منهما باسمهما].
" بسم الله " أي الذي له تمام العلم وكمال الحكمة وجميع القدرة " الرحمن " لجميع خلقه بعموم البشارة والنذارة " الرحيم " لأهل ولايته بالحفظ في سلوك سبيله
nindex.php?page=treesubj&link=28723_28911_32450_34224_34225_34237_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1الر .
لما ختمت السورة التي قبلها - كما ترى - بالحث على اتباع الكتاب ولزومه والصبر على ما يتعقب ذلك من مرائر الضير المؤدية إلى مفاوز الخير اعتمادا على المتصف بالجلال والكبرياء والكمال. ابتدئت هذه بوصفه بما يرغب فيه، فقال بعد الإشارة إلى إعادة القرع بالتحدي على ما سلف
[ ص: 225 ] في البقرة:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1كتاب أي: عظيم جامع لكل خير، ثم وصفه بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1أحكمت بناه للمفعول بيانا لأن إحكامه أمر قد فرغ منه [على أيسر وجه عنه سبحانه] وأتقن إتقانا لا مزيد عليه
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1آياته أي: أتقنت إتقانا لا نقص معه فلا ينقصها الذي أنزلها بنسخها كلها بكتاب آخر ولا غيره، ولا يستطيع غيره نقص شيء منها ولا الطعن في شيء من بلاغتها أو فصاحتها بشيء يقبل، والمراد ب:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7محكمات في آل عمران عدم التشابه.
ولما كان للتفصيل رتبة هي في غاية العظمة، أتي بأداة التراخي فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1ثم أي: وبعد هذه الرتبة العالية التي لم يشاركه في مجموعها كتاب جعلت له رتبة أعلى منها جدا بحيث لم يشاركه في شيء منها كتاب؛ وذلك أنه
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1فصلت أي: جعلت لها - مع كونها مفصلة إلى حلال وحرام وقصص وأمثال - فواصل ونهايات تكون بها مفارقة لما بعدها و[ما] قبلها، يفهم منها علوم جمة ومعارف مهمة وإشارات إلى أحوال عالية، وموارد عذبة صافية، ومقامات من كل علة شافية، كما تفصل القلائد بالفرائد، وهذا التفصيل لم يشاركه في شيء منه شيء من الكتب السالفة، بل هي مدمجة إدماجا لا فواصل لها كما يعرف ذلك من طالعها، ويكفي في معرفة ذلك ما سقته منها في تضاعيف هذا الكتاب،
[ ص: 226 ] وما أنسب ختام هذه الآية للإحكام والتفصيل بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1من لدن أي: نزلت آياته محكمة مفصلة حال كونها مبتدئة من حضرة هي أغرب الحضرات الكائنة من إله
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1حكيم خبير منتهية إليك وأنت أعلى الناس في كل وصف فلذلك لا يلحق إحكامها ولا تفصيلها، أرسلناك به قائلا:
nindex.php?page=treesubj&link=28639_28662_31037_32026_34189_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=2ألا تعبدوا أي: بوجه من الوجوه
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=2إلا الله أي الإله الأعظم.
ولما كان هذا معظم ما أرسل به صلى الله عليه وسلم ومداره، استأنف الإخبار بأنه أرسله سبحانه مؤكدا له [لأجل إنكارهم] فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=2إنني ولما كان إرساله صلى الله عليه وسلم لأجل رحمة العالمين، قدم ضميرهم فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=2لكم منه أي: خاصة، ثم أجمل القرآن كله في وصفيه صلى الله عليه بقوله: [مقدما ما هو أنسب لختام التي قبلها بالصبر]:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=2نذير وبشير [كامل في كل من الوصفين غاية الكمال]، وهذا التقدير يرشد إليه قوله تعالى أول التي قبلها:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=2أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس مع إيضاحه لما عطف عليه قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=25ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه إني عطفناه عليه، وإظهاره لفائدة عطفه كما سيأتي إن شاء الله تعالى، ويرجح أن "لا" ناهية جازمة ل: " تعبدوا " عطف " أن استغفروا " عليه، فقد ظهر من
[ ص: 227 ] تلويح هذا وتصريحه وتصريح ما [في] بقية السورة أن مقصودها وصف الكتاب بالإحكام والتفصيل بما يعجز الخلق؛ لأنه من عند من هو شامل العلم كامل القدرة؛ فهو بالغ الحكمة يعيد الخلق للجزاء كما بدأهم للعمل فوجب إفراده بالعبادة وأن يمتثل جميع أمره، ولا يترك شيء منه رجاء إقبال أحد ولا خوف إدباره، ولا يخشى غيره. ولا يركن إلى سواه، على ذلك مضى جميع النبيين ودرج سائر المرسلين صلى الله عليه وسلم أجمعين.
[ ص: 224 ] سُورَةُ هُودٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ
مَقْصُودُهَا وَصْفُ الْكِتَابِ بِالْإِحْكَامِ وَالتَّفْصِيلِ فِي حَالَتَيِ الْبِشَارَةِ وَالنِّذَارَةِ الْمُقْتَضِي ذَلِكَ لِمُنَزِّلِهِ سُبْحَانَهُ وَضَعَ كُلِّ شَيْءٍ فِي أَتَمِّ مَحَالِّهِ وَإِنْفَاذِهِ مَهْمَا أُرِيدَ الْمُوجِبُ لِلْقُدْرَةِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَأَنْسَبُ مَا فِيهَا لِهَذَا الْمَقْصِدِ مَا ذُكِرَ فِي سِيَاقِ قِصَّةٍ
هُودٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ أَحْكَامِ الْبِشَارَةِ وَالنِّذَارَةِ بِالْعَاجِلِ وَالْآجِلِ وَالتَّصْرِيحِ بِالْجَزْمِ بِالْمُعَالَجَةِ بِالْمُبَادَرَةِ النَّاظِرِ إِلَى أَعْظَمِ مَدَارَاتِ السُّورَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=12فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَالْعِنَايَةِ بِكُلِّ دَابَّةٍ وَالْقُدْرَةِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْبَعْثِ وَغَيْرِهِ الْمُقْتَضِي لِلْعِلْمِ بِكُلِّ مَعْلُومٍ اللَّازِمِ مِنْهُ التَّفَرُّدُ بِالْمُلْكِ. [وَسَيَأْتِي فِي الْأَحْقَافِ وَجْهُ اخْتِصَاصِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِاسْمِهِمَا].
" بِسْمِ اللَّهِ " أَيِ الَّذِي لَهُ تَمَامُ الْعِلْمِ وَكَمَالُ الْحِكْمَةِ وَجَمِيعُ الْقُدْرَةِ " الرَّحْمَنِ " لِجَمِيعِ خَلْقِهِ بِعُمُومِ الْبِشَارَةِ وَالنِّذَارَةِ " الرَّحِيمِ " لِأَهْلِ وِلَايَتِهِ بِالْحِفْظِ فِي سُلُوكِ سَبِيلِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=28723_28911_32450_34224_34225_34237_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1الر .
لَمَّا خُتِمَتِ السُّورَةُ الَّتِي قَبْلَهَا - كَمَا تَرَى - بِالْحَثِّ عَلَى اتِّبَاعِ الْكِتَابِ وَلُزُومِهِ وَالصَّبْرِ عَلَى مَا يَتَعَقَّبُ ذَلِكَ مِنْ مَرَائِرِ الضَّيْرِ الْمُؤَدِّيَةِ إِلَى مَفَاوِزِ الْخَيْرِ اعْتِمَادًا عَلَى الْمُتَّصِفِ بِالْجَلَالِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْكَمَالِ. ابْتُدِئَتْ هَذِهِ بِوَصْفِهِ بِمَا يُرَغِّبُ فِيهِ، فَقَالَ بَعْدَ الْإِشَارَةِ إِلَى إِعَادَةِ الْقَرْعِ بِالتَّحَدِّي عَلَى مَا سَلَفَ
[ ص: 225 ] فِي الْبَقَرَةَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1كِتَابٌ أَيْ: عَظِيمٌ جَامِعٌ لِكُلٍّ خَيْرِ، ثُمَّ وَصَفَهُ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1أُحْكِمَتْ بَنَاهُ لِلْمَفْعُولِ بَيَانًا لِأَنَّ إِحْكَامَهُ أَمْرٌ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ [عَلَى أَيْسَرِ وَجْهٍ عَنْهُ سُبْحَانَهُ] وَأُتْقِنَ إِتْقَانًا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1آيَاتُهُ أَيْ: أُتْقِنَتْ إِتْقَانًا لَا نَقْصَ مَعَهُ فَلَا يَنْقُصُهَا الَّذِي أَنْزَلَهَا بِنَسْخِهَا كُلِّهَا بِكِتَابٍ آخَرَ وَلَا غَيْرِهِ، وَلَا يَسْتَطِيعُ غَيْرُهُ نَقْصَ شَيْءٍ مِنْهَا وَلَا الطَّعْنَ فِي شَيْءٍ مِنْ بَلَاغَتِهَا أَوْ فَصَاحَتِهَا بِشَيْءٍ يُقْبَلُ، وَالْمُرَادُ بِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7مُحْكَمَاتٌ فِي آلِ عِمْرَانَ عَدَمُ التَّشَابُهِ.
وَلَمَّا كَانَ لِلتَّفْصِيلِ رُتْبَةٌ هِيَ فِي غَايَةِ الْعَظَمَةِ، أُتِيَ بِأَدَاةِ التَّرَاخِي فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1ثُمَّ أَيْ: وَبَعْدَ هَذِهِ الرُّتْبَةِ الْعَالِيَةِ الَّتِي لَمْ يُشَارِكْهُ فِي مَجْمُوعِهَا كِتَابٌ جُعِلَتْ لَهُ رُتْبَةٌ أَعْلَى مِنْهَا جِدًّا بِحَيْثُ لَمْ يُشَارِكْهُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا كِتَابٌ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1فُصِّلَتْ أَيْ: جُعِلَتْ لَهَا - مَعَ كَوْنِهَا مُفَصَّلَةً إِلَى حَلَالٍ وَحَرَامٍ وَقَصَصٍ وَأَمْثَالٍ - فَوَاصِلَ وَنِهَايَاتٍ تَكُونُ بِهَا مُفَارِقَةً لِمَا بَعْدَهَا وَ[مَا] قَبْلَهَا، يُفْهَمُ مِنْهَا عُلُومٌ جَمَّةٌ وَمَعَارِفُ مُهِمَّةٌ وَإِشَارَاتٌ إِلَى أَحْوَالٍ عَالِيَةٍ، وَمَوَارِدَ عَذْبَةٍ صَافِيَةٍ، وَمَقَامَاتٍ مِنْ كُلِّ عِلَّةٍ شَافِيَةٍ، كَمَا تُفَصَّلُ الْقَلَائِدُ بِالْفَرَائِدِ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ لَمْ يُشَارِكْهُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ شَيْءٌ مِنَ الْكُتُبِ السَّالِفَةِ، بَلْ هِيَ مُدْمَجَةٌ إِدْمَاجًا لَا فَوَاصِلَ لَهَا كَمَا يَعْرِفُ ذَلِكَ مَنْ طَالَعَهَا، وَيَكْفِي فِي مَعْرِفَةِ ذَلِكَ مَا سُقْتُهُ مِنْهَا فِي تَضَاعِيفِ هَذَا الْكِتَابِ،
[ ص: 226 ] وَمَا أَنْسَبَ خِتَامَ هَذِهِ الْآيَةِ لِلْإِحْكَامِ وَالتَّفْصِيلِ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1مِنْ لَدُنْ أَيْ: نَزَلَتْ آيَاتُهُ مُحْكَمَةً مُفَصَّلَةً حَالَ كَوْنِهَا مُبْتَدِئَةً مِنْ حَضْرَةٍ هِيَ أَغْرَبُ الْحَضَرَاتِ الْكَائِنَةِ مِنْ إِلَهٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1حَكِيمٍ خَبِيرٍ مُنْتَهِيَةً إِلَيْكَ وَأَنْتَ أَعْلَى النَّاسِ فِي كُلِّ وَصْفٍ فَلِذَلِكَ لَا يُلْحَقُ إِحْكَامُهَا وَلَا تَفْصِيلُهَا، أَرْسَلْنَاكَ بِهِ قَائِلًا:
nindex.php?page=treesubj&link=28639_28662_31037_32026_34189_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=2أَلا تَعْبُدُوا أَيْ: بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=2إِلا اللَّهَ أَيِ الْإِلَهَ الْأَعْظَمَ.
وَلَمَّا كَانَ هَذَا مُعْظَمَ مَا أُرْسِلَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَدَارَهُ، اسْتَأْنَفَ الْإِخْبَارَ بِأَنَّهُ أَرْسَلَهُ سُبْحَانَهُ مُؤَكِّدًا لَهُ [لِأَجْلِ إِنْكَارِهِمْ] فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=2إِنَّنِي وَلَمَّا كَانَ إِرْسَالُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَجْلِ رَحْمَةِ الْعَالَمِينَ، قَدَّمَ ضَمِيرَهُمْ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=2لَكُمْ مِنْهُ أَيْ: خَاصَّةً، ثُمَّ أَجْمَلَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ فِي وَصْفَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: [مُقَدِّمًا مَا هُوَ أَنْسَبُ لِخِتَامِ الَّتِي قَبْلَهَا بِالصَّبْرِ]:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=2نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ [كَامِلٌ فِي كُلٍّ مِنَ الْوَصْفَيْنِ غَايَةَ الْكَمَالِ]، وَهَذَا التَّقْدِيرُ يُرْشِدُ إِلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى أَوَّلَ الَّتِي قَبْلَهَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=2أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ مَعَ إِيضَاحِهِ لَمَّا عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=25وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي عَطَفْنَاهُ عَلَيْهِ، وَإِظْهَارُهُ لِفَائِدَةِ عَطْفِهِ كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَيُرَجِّحُ أَنَّ "لَا" نَاهِيَةٌ جَازِمَةٌ لِ: " تَعْبُدُوا " عَطْفُ " أَنِ اسْتَغْفِرُوا " عَلَيْهِ، فَقَدْ ظَهَرَ مِنْ
[ ص: 227 ] تَلْوِيحِ هَذَا وَتَصْرِيحِهِ وَتَصْرِيحِ مَا [فِي] بَقِيَّةِ السُّورَةِ أَنَّ مَقْصُودَهَا وَصْفُ الْكِتَابِ بِالْإِحْكَامِ وَالتَّفْصِيلِ بِمَا يُعْجِزُ الْخَلْقَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ مَنْ هُوَ شَامِلُ الْعِلْمِ كَامِلُ الْقُدْرَةِ؛ فَهُوَ بَالِغُ الْحِكْمَةِ يُعِيدُ الْخَلْقَ لِلْجَزَاءِ كَمَا بَدَأَهُمْ لِلْعَمَلِ فَوَجَبَ إِفْرَادُهُ بِالْعِبَادَةِ وَأَنْ يُمْتَثَلَ جَمِيعُ أَمْرِهِ، وَلَا يُتْرَكَ شَيْءٌ مِنْهُ رَجَاءَ إِقْبَالِ أَحَدٍ وَلَا خَوْفَ إِدْبَارِهِ، وَلَا يُخْشَى غَيْرُهُ. وَلَا يُرْكَنُ إِلَى سِوَاهُ، عَلَى ذَلِكَ مَضَى جَمِيعُ النَّبِيِّينَ وَدَرَجَ سَائِرُ الْمُرْسَلِينَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْمَعِينَ.