قوله تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=29680_29694_33316_33961_34135_11006_11005_11446_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=221ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن (221):
وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر، أنه كان إذا سئل عن نكاح اليهودية والنصرانية قال: "إن الله تعالى حرم المشركات على المسلمين ولا أعلم شيئا من الشرك أكثر من أن يقول: (
عيسى ربنا)" ..
وأما الباقون فإنهم جوزوه تعلقا بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم .
ولا تعارض بين هذا وبين قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=221ولا تنكحوا المشركات ، فإن ظاهر لفظ المشرك لا يتناول أهل الكتاب، لقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=105ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل [ ص: 130 ] عليكم من خير من ربكم .
وقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=1لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين
ففرق بينهم في اللفظ، وظاهر العطف يقتضي مغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه، إلا بدليل يقتضي الإفراد تعظيما على خلاف ظاهر اللفظ، كقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=98من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل .
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=7وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح
إلا أن ذلك خلاف الوضع الأصلي، ولأن اسم الشرك عموم وليس بنص. وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب بعد قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5والمحصنات من المؤمنات نص، فلا تعارض بين المحتمل وبين ما ليس بمحتمل.
وليس من التأويل قول القائل: أراد بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم .
أي: أوتوا الكتاب من قبلكم وأسلموا.
وكقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=199وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله [ ص: 131 ] وما أنزل إليكم .
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=113من أهل الكتاب أمة قائمة الآية.
فإن الله تعالى قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5والمحصنات من المؤمنات ، ثم قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم .
والقسم الثاني على هذا الرأي هو القسم الأول بعينه.
ولأنه لا يشكل على أحد جواز التزوج بمن أسلمت وصارت من أعيان المسلمين.
قالوا: فقد قال الله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=221أولئك يدعون إلى النار ، (221)فجعل العلة في تحريم نكاحهن الدعاء إلى النار.
والجواب عنه أن ذلك علة لقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=221ولأمة مؤمنة خير من مشركة ، لأن المشرك يدعو إلى النار.
وهذه العلة تطرد عندنا في جميع الكفار، فإن المسلم خير من الكافر مطلقا، وهذا بين.
فإن زعموا أن قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله .
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا .
[ ص: 132 ] وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=28لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء .
صريح في تحريم النكاح، الذي هو سبب الاتحاد والوصلة والسكن والرحمة، وكيف يجوز أن يحصل لنا مع الكفار ما قاله الله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=21خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ؟
والجواب: أن ذلك منع من موادة ومخالطة، ترجع إلى المحاباة في أمر الدين، وما أوجب الله على المسلمين من قتالهم والتغليظ عليهم دون التودد إليهم، في حفظ ذمتهم وعصمتهم، ومبايعتهم ومشاراتهم والإنفاق عليهم، إذا كانوا مملوكين، إلى غير ذلك مما يخالف الشرع، ويورث المودة.
وقد قيل: إن الآية نزلت في مشركي العرب المحاربين، الذين كانوا لرسول الله أعداء وللمؤمنين، فنهوا عن نكاحهن، حتى لا يملن بهم إلى مودة أهاليهن من المشركين، فيؤدي ذلك إلى التقصير منهم في قتالهم دون أهل الذمة.
والمراد به غير الذين أمرنا بترك قتالهم، إلا أن أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي يتعلقون بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=221ولا تنكحوا المشركات ، في تحريم الأمة الكتابية مطلقا، في حالتي وجود طول الحرة وعدمها.
فقيل لهم: فقد قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ، وذلك يعارض هذا؟
[ ص: 133 ] فأجابوا بأن سياق الآية يدل على الاختصاص بالحرة لأنه قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن .
ثم قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=24فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة .
وكل ذلك مخصوص بالحرة، غير متصور في الأمة بحال.
ولأنه تعالى قال بعده:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات .
فلو كان اسم المحصنات يتناول الإماء لما قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم ، فدل أن المحصنة المذكورة ها هنا هي الحرة، فلا تعلق للمخالف بالآية.
ولهم أن يقولوا على ما تعلقنا به من عموم لفظ المشركة: إن الآية ظاهرها الحرة، فإنه تعالى قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=221ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو كانت المشركة عامة في الجميع، لما صح هذا القول.
[ ص: 134 ] فعلم أن الآية سيقت لبيان تحريم المشركات الحرائر، ثم المشركات الإماء معلومات من طريق الفحوى والأولى.
وظن قوم أن قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=221ولأمة مؤمنة خير من مشركة يدل على جواز
nindex.php?page=treesubj&link=33317_25800نكاح الأمة مع وجود الطول، لأن الله تعالى أمر المؤمنين بتزويج الأمة المؤمنة، بدلا من الحرة المشركة التي تعجبهم لوجدان الطول إليها، وواجد الطول إلى الحرة المشركة، هو واجده إلى الحرة المسلمة.
وهذا غلط من الكلام فإنه ليس في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=221ولأمة مؤمنة خير من مشركة ذكر نكاح الإماء في تلك الحال، وأنه لا خلاف في أن نكاح الإماء مكروه مع القدرة على طول الحرة، وإنما ذلك تنفير عن نكاح الحرة المشركة، فإن العرب كانوا بطباعهم نافرين عن نكاح الإماء، فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=221ولأمة مؤمنة خير من مشركة ، فإذا نفرتم عن نكاح الأمة المسلمة فإن المشركة أولى بأن تكرهوا نكاحها.
قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=29680_29694_33316_33961_34135_11006_11005_11446_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=221وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ (221):
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ نِكَاحِ الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ الْمُشْرِكَاتِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَلَا أَعْلَمُ شَيْئًا مِنَ الشِّرْكِ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يَقُولَ: (
عِيسَى رَبُّنَا)" ..
وَأَمَّا الْبَاقُونَ فَإِنَّهُمْ جَوَّزُوهُ تَعَلُّقًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنَ قَبْلِكُمْ .
وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=221وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ ، فَإِنَّ ظَاهِرَ لَفْظِ الْمُشْرِكِ لَا يَتَنَاوَلُ أَهْلَ الْكِتَابِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=105مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ [ ص: 130 ] عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ .
وَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=1لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ
فَفَرَّقَ بَيْنَهُمْ فِي اللَّفْظِ، وَظَاهِرُ الْعَطْفِ يَقْتَضِي مُغَايِرَةً بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، إِلَّا بِدَلِيلٍ يَقْتَضِي الْإِفْرَادَ تَعْظِيمًا عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِ اللَّفْظِ، كَقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=98مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=7وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ
إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ خِلَافُ الْوَضْعِ الْأَصْلِيِّ، وَلِأَنَّ اسْمَ الشِّرْكِ عُمُومٌ وَلَيْسَ بِنَصٍّ. وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بَعْدَ قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ نَصٌّ، فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْمُحْتَمَلِ وَبَيْنَ مَا لَيْسَ بِمُحْتَمَلٍ.
وَلَيْسَ مِنَ التَّأْوِيلِ قَوْلُ الْقَائِلِ: أَرَادَ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنَ قَبْلِكُمْ .
أَيْ: أُوتُوا الْكِتَابَ مَنْ قَبْلِكُمْ وَأَسْلَمُوا.
وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=199وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ [ ص: 131 ] وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ .
وَقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=113مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ الْآيَةُ.
فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ ، ثُمَّ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنَ قَبْلِكُمْ .
وَالْقِسْمُ الثَّانِي عَلَى هَذَا الرَّأْيِ هُوَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ بِعَيْنِهِ.
وَلِأَنَّهُ لَا يُشْكِلُ عَلَى أَحَدٍ جَوَازُ التَّزَوُّجِ بِمَنْ أَسْلَمَتْ وَصَارَتْ مِنْ أَعْيَانِ الْمُسْلِمِينَ.
قَالُوا: فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=221أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ، (221)فَجَعَلَ الْعِلَّةَ فِي تَحْرِيمِ نِكَاحِهِنَّ الدُّعَاءَ إِلَى النَّارِ.
وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ ذَلِكَ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=221وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ ، لِأَنَّ الْمُشْرِكَ يَدْعُو إِلَى النَّارِ.
وَهَذِهِ الْعِلَّةُ تَطَّرِدُ عِنْدَنَا فِي جَمِيعِ الْكُفَّارِ، فَإِنَّ الْمُسْلِمَ خَيْرٌ مِنَ الْكَافِرِ مُطْلَقًا، وَهَذَا بَيِّنٌ.
فَإِنْ زَعَمُوا أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ .
وَقَوْلَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالا .
[ ص: 132 ] وَقَوْلَهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=28لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ .
صَرِيحٌ فِي تَحْرِيمِ النِّكَاحِ، الَّذِي هُوَ سَبَبُ الِاتِّحَادِ وَالْوُصْلَةِ وَالسَّكَنِ وَالرَّحْمَةِ، وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَحْصُلَ لَنَا مَعَ الْكُفَّارِ مَا قَالَهُ اللَّهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=21خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ؟
وَالْجَوَابُ: أَنَّ ذَلِكَ مَنْعٌ مِنْ مُوَادَّةٍ وَمُخَالَطَةٍ، تَرْجِعُ إِلَى الْمُحَابَاةِ فِي أَمْرِ الدِّينِ، وَمَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ قِتَالِهِمْ وَالتَّغْلِيظِ عَلَيْهِمْ دُونَ التَّوَدُّدِ إِلَيْهِمْ، فِي حِفْظِ ذَمَّتِهِمْ وَعِصْمَتِهِمْ، وَمُبَايَعَتِهِمْ وَمُشَارَاتِهِمْ وَالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ، إِذَا كَانُوا مَمْلُوكِينَ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُخَالِفُ الشَّرْعَ، وَيُورِثُ الْمَوَدَّةَ.
وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي مُشْرِكِي الْعَرَبِ الْمُحَارِبِينَ، الَّذِينَ كَانُوا لِرَسُولِ اللَّهِ أَعْدَاءً وَلِلْمُؤْمِنِينَ، فَنُهُوا عَنْ نِكَاحِهِنَّ، حَتَّى لَا يَمِلْنَ بِهِمْ إِلَى مَوَدَّةِ أَهَالِيهِنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى التَّقْصِيرِ مِنْهُمْ فِي قِتَالِهِمْ دُونَ أَهْلِ الذِّمَّةِ.
وَالْمُرَادُ بِهِ غَيْرُ الَّذِينَ أُمِرْنَا بِتَرْكِ قِتَالِهِمْ، إِلَّا أَنَّ أَصْحَابَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ يَتَعَلَّقُونَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=221وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ ، فِي تَحْرِيمِ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ مُطْلَقًا، فِي حَالَتَيْ وُجُودِ طَوْلِ الْحُرَّةِ وَعَدَمِهَا.
فَقِيلَ لَهُمْ: فَقَدْ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنَ قَبْلِكُمْ ، وَذَلِكَ يُعَارِضُ هَذَا؟
[ ص: 133 ] فَأَجَابُوا بِأَنَّ سِيَاقَ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى الِاخْتِصَاصِ بِالْحُرَّةِ لِأَنَّهُ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنَ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ .
ثُمَّ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=24فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ .
وَكُلُّ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِالْحُرَّةِ، غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ فِي الْأَمَةِ بِحَالٍ.
وَلِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ بَعْدَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ .
فَلَوْ كَانَ اسْمُ الْمُحْصَنَاتِ يَتَنَاوَلُ الْإِمَاءَ لَمَا قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ، فَدَلَّ أَنَّ الْمُحْصَنَةَ الْمَذْكُورَةَ هَا هُنَا هِيَ الْحُرَّةُ، فَلَا تَعَلُّقَ لِلْمُخَالِفِ بِالْآيَةِ.
وَلَهُمْ أَنْ يَقُولُوا عَلَى مَا تَعَلَّقْنَا بِهِ مِنْ عُمُومِ لَفْظِ الْمُشْرِكَةِ: إِنَّ الْآيَةَ ظَاهِرُهَا الْحُرَّةُ، فَإِنَّهُ تَعَالَى قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=221وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ كَانَتِ الْمُشْرِكَةُ عَامَّةً فِي الْجَمِيعِ، لَمَا صَحَّ هَذَا الْقَوْلُ.
[ ص: 134 ] فَعُلِمَ أَنَّ الْآيَةَ سِيقَتْ لِبَيَانِ تَحْرِيمِ الْمُشْرِكَاتِ الْحَرَائِرِ، ثُمَّ الْمُشْرِكَاتُ الْإِمَاءُ مَعْلُومَاتٌ مِنْ طَرِيِقِ الْفَحْوَى وَالْأَوْلَى.
وَظَنَّ قَوْمٌ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=221وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ
nindex.php?page=treesubj&link=33317_25800نِكَاحِ الْأَمَةِ مَعَ وُجُودِ الطَّوْلِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِتَزْوِيجِ الْأَمَةِ الْمُؤْمِنَةِ، بَدَلًا مِنَ الْحُرَّةِ الْمُشْرِكَةِ الَّتِي تُعْجِبُهُمْ لِوِجْدَانِ الطَّوْلِ إِلَيْهَا، وَوَاجِدُ الطَّوْلِ إِلَى الْحُرَّةِ الْمُشْرِكَةِ، هُوَ وَاجِدُهُ إِلَى الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ.
وَهَذَا غَلَطٌ مِنَ الْكَلَامِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=221وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ ذِكْرُ نِكَاحِ الْإِمَاءِ فِي تِلْكَ الْحَالِ، وَأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّ نِكَاحَ الْإِمَاءِ مَكْرُوهٌ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى طَوْلِ الْحُرَّةِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ تَنْفِيرٌ عَنْ نِكَاحِ الْحُرَّةِ الْمُشْرِكَةِ، فَإِنَّ الْعَرَبَ كَانُوا بِطِبَاعِهِمْ نَافِرِينَ عَنْ نِكَاحِ الْإِمَاءِ، فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=221وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ ، فَإِذَا نَفَرْتُمْ عَنْ نِكَاحِ الْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ فَإِنَّ الْمُشْرِكَةَ أَوْلَى بِأَنْ تَكْرَهُوا نِكَاحَهَا.