وكنموذج من قولهم الإثم في أبشع صوره يحكي القرآن الكريم قول اليهود الغبي اللئيم :
nindex.php?page=treesubj&link=28976_19059_28861_29676_29706_30726_31931_31951_32238_32420_32424_32516_34084_34092_34513nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=64وقالت اليهود يد الله مغلولة - غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا، بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء - . .
وذلك من
nindex.php?page=treesubj&link=29434_18984_29706_32423_32422سوء تصور يهود لله سبحانه . فقد حكى القرآن الكريم الكثير من سوء تصورهم ذاك . وقد قالوا : إن الله فقير ونحن أغنياء عندما سئلوا النفقة ! وقالوا : يد الله مغلولة ، يعللون بذلك بخلهم ; فالله - بزعمهم - لا يعطي الناس ولا يعطيهم إلا القليل . . فكيف ينفقون ؟ !
وقد بلغ من غلظ حسهم ، وجلافة قلوبهم ، ألا يعبروا عن المعنى الفاسد الكاذب الذي أرادوه وهو البخل بلفظه المباشر ; فاختاروا لفظا أشد وقاحة وتهجما وكفرا فقالوا : يد الله مغلولة !
ويجيء الرد عليهم بإحقاق هذه الصفة عليهم ، ولعنهم وطردهم من رحمة الله جزاء على قولهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=64غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا .
وكذلك كانوا ، فهم أبخل خلق الله بمال !
ثم يصحح هذا التصور الفاسد السقيم ; ويصف الله سبحانه بوصفه الكريم . وهو يفيض على عباده من فضله بلا حساب :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=64بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء . .
وعطاياه التي لا تكف ولا تنفد لكل مخلوق ظاهرة للعيان . . شاهدة باليد المبسوطة ، والفضل الغامر ، والعطاء الجزيل ، ناطقة بكل لسان . ولكن يهود لا تراها ; لأنها مشغولة عنها باللم والضم ، وبالكنود وبالجحود ، وبالبذاءة حتى في حق الله !
ويحدث الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - عما سيبدو من القوم ، وعما سيحل بهم ، بسبب حقدهم وغيظهم من اصطفاء الله له بالرسالة ; وبسبب ما تكشفه هذه الرسالة من أمرهم في القديم والحديث :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=64وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا . .
فبسبب من الحقد والحسد ، وبسبب من افتضاح أمرهم فيما أنزل الله إلى رسوله ، سيزيد الكثيرون منهم طغيانا وكفرا . لأنهم وقد أبوا الإيمان ، لا بد أن يشتطوا في الجانب المقابل ; ولا بد أن يزيدوا تبجحا ونكرا ، وطغيانا وكفرا . فيكون الرسول - صلى الله عليه وسلم - رحمة للمؤمنين ، ووبالا عن المنكرين .
ثم يحدثه عما قدر الله لهم من التعادي والتباغض فيما بينهم ; ومن إبطال كيدهم وهو في أشد سعيره تلهبا ; ومن عودتهم بالخيبة فيما يشنونه من حرب على الجماعة المسلمة :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=64وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة. كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله . .
وما تزال طوائف اليهود متعادية . وإن بدا في هذه الفترة أن اليهودية العالمية تتساند ; وتوقد نار الحرب على
[ ص: 930 ] البلاد الإسلامية وتفلح ! ولكن ينبغي ألا ننظر إلى فترة قصيرة من الزمان ولا إلى مظهر لا يشتمل على الحقيقة كاملة . ففي خلال ألف وثلاثمائة عام . . بل من قبل الإسلام . . واليهود في شحناء وفي ذل كذلك وتشرد . ومصيرهم إلى مثل ما كانوا فيه . مهما تقم حولهم الأسناد . ولكن مفتاح الموقف كله في وجود العصبة المؤمنة ، التي يتحقق لها وعد الله . . فأين هي العصبة المؤمنة اليوم ، التي تتلقى وعد الله ، وتقف ستارا لقدر الله ، ويحقق الله بها في الأرض ما يشاء ؟
ويوم تفيء الأمة المسلمة إلى الإسلام : تؤمن به على حقيقته ; وتقيم حياتها كلها على منهجه وشريعته . . يومئذ يحق وعد الله على شر خلق الله . . واليهود يعرفون هذا ، ومن ثم يسلطون كل ما في جعبتهم من شر وكيد ; ويصبون كل ما في أيديهم من بطش وفتك ، على طلائع البعث الإسلامي في كل شبر من الأرض ، ويضربون - لا بأيديهم ولكن بأيدي عملائهم - ضربات وحشية منكرة ; لا ترعى في العصبة المؤمنة إلا ولا ذمة . . ولكن الله غالب على أمره . ووعد الله لا بد أن يتحقق :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=64وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة. كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله . .
إن هذا
nindex.php?page=treesubj&link=31931الشر والفساد الذي تمثله يهود ، لا بد أن يبعث الله عليه من يوقفه ويحطمه ; فالله لا يحب الفساد في الأرض ; وما لا يحبه الله لا بد أن يبعث عليه من عباده من يزيله ويعفي عليه :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=64ويسعون في الأرض فسادا، والله لا يحب المفسدين . .
وَكَنَمُوذَجٍ مِنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ فِي أَبْشَعِ صُوَرِهِ يَحْكِي الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ قَوْلَ الْيَهُودِ الْغَبِيَّ اللَّئِيمَ :
nindex.php?page=treesubj&link=28976_19059_28861_29676_29706_30726_31931_31951_32238_32420_32424_32516_34084_34092_34513nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=64وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ - غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا، بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ - . .
وَذَلِكَ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=29434_18984_29706_32423_32422سُوءِ تُصَوَّرِ يَهُودَ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ . فَقَدْ حَكَى الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ الْكَثِيرَ مِنْ سُوءِ تَصَوُّرِهِمْ ذَاكَ . وَقَدْ قَالُوا : إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ عِنْدَمَا سُئِلُوا النَّفَقَةَ ! وَقَالُوا : يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ، يُعَلِّلُونَ بِذَلِكَ بُخْلَهُمْ ; فَاللَّهُ - بِزَعْمِهِمْ - لَا يُعْطِي النَّاسَ وَلَا يُعْطِيهِمْ إِلَّا الْقَلِيلَ . . فَكَيْفَ يُنْفِقُونَ ؟ !
وَقَدْ بَلَغَ مِنْ غِلَظِ حِسِّهِمْ ، وَجَلَافَةِ قُلُوبِهِمْ ، أَلَّا يُعَبِّرُوا عَنِ الْمَعْنَى الْفَاسِدِ الْكَاذِبِ الَّذِي أَرَادُوهُ وَهُوَ الْبُخْلُ بِلَفْظِهِ الْمُبَاشِرِ ; فَاخْتَارُوا لَفْظًا أَشَدَّ وَقَاحَةً وَتَهَجُّمًا وَكُفْرًا فَقَالُوا : يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ !
وَيَجِيءُ الرَّدُّ عَلَيْهِمْ بِإِحْقَاقِ هَذِهِ الصِّفَةِ عَلَيْهِمْ ، وَلَعْنِهِمْ وَطَرْدِهِمْ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ جَزَاءً عَلَى قَوْلِهِمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=64غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا .
وَكَذَلِكَ كَانُوا ، فَهُمْ أَبْخَلُ خَلْقِ اللَّهِ بِمَالٍ !
ثُمَّ يُصَحِّحُ هَذَا التَّصَوُّرَ الْفَاسِدَ السَّقِيمَ ; وَيَصِفُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بِوَصْفِهِ الْكَرِيمِ . وَهُوَ يَفِيضُ عَلَى عِبَادِهِ مِنْ فَضْلِهِ بِلَا حِسَابٍ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=64بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ . .
وَعَطَايَاهُ الَّتِي لَا تُكَفُّ وَلَا تَنْفَدُ لِكُلِّ مَخْلُوقٍ ظَاهِرَةٌ لِلْعِيَانِ . . شَاهِدَةٌ بِالْيَدِ الْمَبْسُوطَةِ ، وَالْفَضْلِ الْغَامِرِ ، وَالْعَطَاءِ الْجَزِيلِ ، نَاطِقَةٌ بِكُلِّ لِسَانٍ . وَلَكِنَّ يَهُودَ لَا تَرَاهَا ; لِأَنَّهَا مَشْغُولَةٌ عَنْهَا بِاللَّمِّ وَالضَّمِّ ، وَبِالْكَنُودِ وَبِالْجُحُودِ ، وَبِالْبَذَاءَةِ حَتَّى فِي حَقِّ اللَّهِ !
وَيُحَدِّثُ اللَّهُ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمَّا سَيَبْدُو مِنَ الْقَوْمِ ، وَعَمَّا سَيَحِلُّ بِهِمْ ، بِسَبَبِ حِقْدِهِمْ وَغَيْظِهِمْ مِنَ اصْطِفَاءِ اللَّهِ لَهُ بِالرِّسَالَةِ ; وَبِسَبَبِ مَا تَكْشِفُهُ هَذِهِ الرِّسَالَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=64وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا . .
فَبِسَبَبٍ مِنَ الْحِقْدِ وَالْحَسَدِ ، وَبِسَبَبٍ مِنَ افْتِضَاحِ أَمْرِهِمْ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَى رَسُولِهِ ، سَيَزِيدُ الْكَثِيرُونَ مِنْهُمْ طُغْيَانًا وَكُفْرًا . لِأَنَّهُمْ وَقَدْ أَبَوُا الْإِيمَانَ ، لَا بُدَّ أَنْ يَشْتَطُّوا فِي الْجَانِبِ الْمُقَابِلِ ; وَلَا بُدَّ أَنْ يَزِيدُوا تَبَجُّحًا وَنُكْرًا ، وَطُغْيَانًا وَكُفْرًا . فَيَكُونُ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ ، وَوَبَالًا عَنِ الْمُنْكِرِينَ .
ثُمَّ يُحَدِّثُهُ عَمَّا قَدَّرَ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ التَّعَادِي وَالتَّبَاغُضِ فِيمَا بَيْنَهُمْ ; وَمِنْ إِبْطَالِ كَيْدِهِمْ وَهُوَ فِي أَشَدِّ سَعِيرِهِ تَلَهُّبًا ; وَمِنْ عَوْدَتِهِمْ بِالْخَيْبَةِ فِيمَا يَشُنُّونَهُ مِنْ حَرْبٍ عَلَى الْجَمَاعَةِ الْمُسْلِمَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=64وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ . .
وَمَا تَزَالُ طَوَائِفُ الْيَهُودِ مُتَعَادِيَةً . وَإِنْ بَدَا فِي هَذِهِ الْفَتْرَةِ أَنَّ الْيَهُودِيَّةَ الْعَالَمِيَّةَ تَتَسَانَدُ ; وَتُوقِدُ نَارَ الْحَرْبِ عَلَى
[ ص: 930 ] الْبِلَادِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَتَفْلَحُ ! وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَلَّا نَنْظُرَ إِلَى فَتْرَةٍ قَصِيرَةٍ مِنَ الزَّمَانِ وَلَا إِلَى مَظْهَرٍ لَا يَشْتَمِلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ كَامِلَةً . فَفِي خِلَالِ أَلْفٍ وَثَلَاثِمِائَةِ عَامٍ . . بَلْ مِنْ قَبْلِ الْإِسْلَامِ . . وَالْيَهُودُ فِي شَحْنَاءَ وَفِي ذُلٍّ كَذَلِكَ وَتَشَرُّدٍ . وَمَصِيرُهُمْ إِلَى مِثْلِ مَا كَانُوا فِيهِ . مَهْمَا تُقَمْ حَوْلَهُمُ الْأَسْنَادُ . وَلَكِنَّ مِفْتَاحَ الْمَوْقِفِ كُلِّهِ فِي وُجُودِ الْعُصْبَةِ الْمُؤْمِنَةِ ، الَّتِي يَتَحَقَّقُ لَهَا وَعْدُ اللَّهِ . . فَأَيْنَ هِيَ الْعُصْبَةُ الْمُؤْمِنَةُ الْيَوْمَ ، الَّتِي تَتَلَقَّى وَعْدَ اللَّهِ ، وَتَقِفُ سِتَارًا لِقَدَرِ اللَّهِ ، وَيُحَقِّقُ اللَّهُ بِهَا فِي الْأَرْضِ مَا يَشَاءُ ؟
وَيَوْمَ تَفِيءُ الْأُمَّةُ الْمُسْلِمَةُ إِلَى الْإِسْلَامِ : تُؤْمِنُ بِهِ عَلَى حَقِيقَتِهِ ; وَتُقِيمُ حَيَاتَهَا كُلَّهَا عَلَى مَنْهَجِهِ وَشَرِيعَتِهِ . . يَوْمَئِذٍ يَحِقُّ وَعْدُ اللَّهِ عَلَى شَرِّ خَلْقِ اللَّهِ . . وَالْيَهُودُ يَعْرِفُونَ هَذَا ، وَمِنْ ثَمَّ يُسَلِّطُونَ كُلَّ مَا فِي جَعْبَتِهِمْ مِنْ شَرٍّ وَكَيْدٍ ; وَيَصُبُّونَ كُلَّ مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ بَطْشٍ وَفَتْكٍ ، عَلَى طَلَائِعِ الْبَعْثِ الْإِسْلَامِيِّ فِي كُلِّ شِبْرٍ مِنَ الْأَرْضِ ، وَيَضْرِبُونَ - لَا بِأَيْدِيهِمْ وَلَكِنْ بِأَيْدِي عُمَلَائِهِمْ - ضَرَبَاتٍ وَحْشِيَّةً مُنْكَرَةً ; لَا تَرْعَى فِي الْعُصْبَةِ الْمُؤْمِنَةِ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً . . وَلَكِنَّ اللَّهَ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ . وَوَعْدَ اللَّهِ لَا بُدَّ أَنْ يَتَحَقَّقَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=64وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ . .
إِنَّ هَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=31931الشَّرَّ وَالْفَسَادَ الَّذِي تُمَثِّلُهُ يَهُودُ ، لَا بُدَّ أَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَنْ يُوقِفُهُ وَيُحَطِّمُهُ ; فَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ; وَمَا لَا يُحِبُّهُ اللَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادِهِ مَنْ يُزِيلُهُ وَيُعْفِي عَلَيْهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=64وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا، وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ . .