وقد عقب السياق بسؤال استنكاري على موقف يهود - سواء كان في هذه القضية أو تلك فهو موقف عام منهم وتصرف مطرد - فقال :
nindex.php?page=treesubj&link=28976_28803_31931_32424_32428_34089_34180_34330nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=43وكيف يحكمونك - وعندهم التوراة فيها حكم الله - ثم يتولون من بعد ذلك؟ . .
فهي كبيرة مستنكرة أن يحكموا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيحكم بشريعة الله وحكم الله ، وعندهم - إلى جانب هذا - التوراة فيها شريعة الله وحكمه ; فيتطابق حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
[ ص: 895 ] وما عندهم في التوراة ; مما جاء القرآن مصدقا له ومهيمنا عليه . . ثم من بعد ذلك يتولون ويعرضون . سواء كان التولي بعدم التزام الحكم ; أو بعدم الرضى به . .
ولا يكتفي السياق بالاستنكار . ولكنه يقرر الحكم الإسلامي في مثل هذا الموقف :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=43وما أولئك بالمؤمنين . .
فما يمكن أن يجتمع الإيمان ، وعدم تحكيم شريعة الله ، أو عدم الرضى بحكم هذه الشريعة . والذين يزعمون لأنفسهم أو لغيرهم أنهم "مؤمنون " ثم هم لا يحكمون شريعة الله في حياتهم ، أو لا يرضون حكمها إذا طبق عليهم . . إنما يدعون دعوى كاذبة ; وإنما يصطدمون بهذا النص القاطع :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=43وما أولئك بالمؤمنين . فليس الأمر في هذا هو أمر عدم تحكيم شريعة الله من الحكام فحسب ; بل إنه كذلك عدم الرضى بحكم الله من المحكومين ، يخرجهم من دائرة الإيمان ، مهما ادعوه باللسان .
وهذا النص هنا يطابق النص الآخر ، في سورة النساء :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=65فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت، ويسلموا تسليما . . فكلاهما يتعلق بالمحكومين لا بالحكام . وكلاهما يخرج من الإيمان ، وينفي صفة الإيمان عمن لا يرضى بحكم الله ورسوله ، ومن يتولى عنه ويرفض قبوله .
ومرد الأمر كما قلنا في مطلع الحديث عن هذا الدرس . . أن القضية هي قضية
nindex.php?page=treesubj&link=28663الإقرار بألوهية الله - وحده - وربوبيته وقوامته على البشر . أو رفض هذا الإقرار . وأن قبول شريعة الله والرضى بحكمها هو مظهر الإقرار بألوهيته وربوبيته وقوامته ; ورفضها والتولي عنها هو مظهر رفض هذا الإقرار .
وَقَدْ عَقَّبَ السِّيَاقُ بِسُؤَالٍ اسْتِنْكَارِيٍّ عَلَى مَوْقِفِ يَهُودٍ - سَوَاءٌ كَانَ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ أَوْ تِلْكَ فَهُوَ مَوْقِفٌ عَامٌّ مِنْهُمْ وَتَصَرُّفٌ مُطَّرِدٌ - فَقَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=28976_28803_31931_32424_32428_34089_34180_34330nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=43وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ - وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ - ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ؟ . .
فَهِيَ كَبِيرَةٌ مُسْتَنْكَرَةٌ أَنْ يُحَكِّمُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَحْكُمُ بِشَرِيعَةِ اللَّهِ وَحُكْمِ اللَّهِ ، وَعِنْدَهُمْ - إِلَى جَانِبِ هَذَا - التَّوْرَاةُ فِيهَا شَرِيعَةُ اللَّهِ وَحُكْمُهُ ; فَيَتَطَابَقُ حُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[ ص: 895 ] وَمَا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ; مِمَّا جَاءَ الْقُرْآنُ مُصَدِّقًا لَهُ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ . . ثُمَّ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ يَتَوَلَّوْنَ وَيُعْرِضُونَ . سَوَاءٌ كَانَ التَّوَلِّي بِعَدَمِ الْتِزَامِ الْحُكْمِ ; أَوْ بِعَدَمِ الرِّضَى بِهِ . .
وَلَا يَكْتَفِي السِّيَاقُ بِالِاسْتِنْكَارِ . وَلَكِنَّهُ يُقَرِّرُ الْحُكْمَ الْإِسْلَامِيَّ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْقِفِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=43وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ . .
فَمَا يُمْكِنُ أَنْ يَجْتَمِعَ الْإِيمَانُ ، وَعَدَمُ تَحْكِيمِ شَرِيعَةِ اللَّهِ ، أَوْ عَدَمُ الرِّضَى بِحُكْمِ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ . وَالَّذِينَ يَزْعُمُونَ لِأَنْفُسِهِمْ أَوْ لِغَيْرِهِمْ أَنَّهُمْ "مُؤْمِنُونَ " ثُمَّ هُمْ لَا يُحَكِّمُونَ شَرِيعَةَ اللَّهِ فِي حَيَاتِهِمْ ، أَوْ لَا يَرْضَوْنَ حُكْمَهَا إِذَا طُبِّقَ عَلَيْهِمْ . . إِنَّمَا يَدَّعُونَ دَعْوَى كَاذِبَةً ; وَإِنَّمَا يَصْطَدِمُونَ بِهَذَا النَّصِّ الْقَاطِعِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=43وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ . فَلَيْسَ الْأَمْرُ فِي هَذَا هُوَ أَمْرُ عَدَمِ تَحْكِيمِ شَرِيعَةِ اللَّهِ مِنَ الْحُكَّامِ فَحَسْبُ ; بَلْ إِنَّهُ كَذَلِكَ عَدَمُ الرِّضَى بِحُكْمِ اللَّهِ مِنَ الْمَحْكُومِينَ ، يُخْرِجُهُمْ مِنْ دَائِرَةِ الْإِيمَانِ ، مَهْمَا ادَّعَوْهُ بِاللِّسَانِ .
وَهَذَا النَّصُّ هُنَا يُطَابِقُ النَّصَّ الْآخَرَ ، فِي سُورَةِ النِّسَاءِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=65فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ، وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا . . فَكِلَاهُمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَحْكُومِينَ لَا بِالْحُكَّامِ . وَكِلَاهُمَا يُخْرِجُ مِنَ الْإِيمَانِ ، وَيَنْفِي صِفَةَ الْإِيمَانِ عَمَّنْ لَا يَرْضَى بِحُكْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَمَنْ يَتَوَلَّى عَنْهُ وَيَرْفُضُ قَبُولَهُ .
وَمَرَدُّ الْأَمْرِ كَمَا قُلْنَا فِي مَطْلَعِ الْحَدِيثِ عَنْ هَذَا الدَّرْسِ . . أَنَّ الْقَضِيَّةَ هِيَ قَضِيَّةُ
nindex.php?page=treesubj&link=28663الْإِقْرَارِ بِأُلُوهِيَّةِ اللَّهِ - وَحْدَهُ - وَرُبُوبِيَّتِهِ وَقَوَامَتِهِ عَلَى الْبَشَرِ . أَوْ رَفْضُ هَذَا الْإِقْرَارِ . وَأَنَّ قَبُولَ شَرِيعَةِ اللَّهِ وَالرِّضَى بِحُكْمِهَا هُوَ مَظْهَرُ الْإِقْرَارِ بِأُلُوهِيَّتِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ وَقَوَامَتِهِ ; وَرَفْضَهَا وَالتَّوَلِّي عَنْهَا هُوَ مَظْهَرُ رَفْضِ هَذَا الْإِقْرَارِ .