nindex.php?page=treesubj&link=16905_16975_16989_19995_28639_28640_28723_29694_30547_30578_32445_33217_33220_33259_34274_34385_34389_34390_34391_34392_28976nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق
(3) هذا الذي حولنا الله عليه في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1إلا ما يتلى عليكم واعلم أن الله تبارك وتعالى لا يحرم ما يحرم إلا صيانة لعباده، وحماية لهم من الضرر الموجود في المحرمات، وقد يبين للعباد ذلك وقد لا يبين.
فأخبر أنه حرم
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3الميتة والمراد بالميتة: ما فقدت حياته بغير ذكاة شرعية، فإنها تحرم لضررها، وهو احتقان الدم في جوفها ولحمها المضر بآكلها. وكثيرا ما تموت بعلة تكون سببا لهلاكها، فتضر بالآكل.
ويستثنى من ذلك
nindex.php?page=treesubj&link=25292ميتة الجراد والسمك، فإنه حلال.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3والدم أي: المسفوح، كما قيد في الآية الأخرى.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3ولحم الخنزير وذلك شامل لجميع أجزائه، وإنما نص الله عليه من بين سائر الخبائث من السباع، لأن طائفة من أهل الكتاب من النصارى يزعمون أن الله أحله لهم. أي: فلا تغتروا بهم، بل هو محرم من جملة الخبائث.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وما أهل لغير الله به أي: ذكر عليه اسم غير الله تعالى، من الأصنام والأولياء والكواكب وغير ذلك من المخلوقين. فكما أن ذكر الله تعالى يطيب الذبيحة، فذكر اسم غيره عليها، يفيدها خبثا معنويا، لأنه شرك بالله تعالى.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3والمنخنقة أي: الميتة بخنق، بيد أو حبل، أو إدخالها رأسها بشيء ضيق، فتعجز عن إخراجه حتى تموت.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3والموقوذة أي:
nindex.php?page=treesubj&link=16940الميتة بسبب الضرب بعصا أو حصى أو خشبة، أو هدم شيء عليها، بقصد أو بغير قصد.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3والمتردية أي: الساقطة من علو، كجبل أو جدار أو سطح ونحوه، فتموت بذلك.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3والنطيحة وهي التي تنطحها غيرها فتموت.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وما أكل السبع من ذئب أو أسد أو نمر، أو من الطيور التي تفترس الصيود، فإنها إذا ماتت بسبب أكل السبع، فإنها لا تحل.
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3إلا ما ذكيتم راجع لهذه المسائل، من منخنقة، وموقوذة، ومتردية، ونطيحة، وأكيلة سبع،
[ ص: 394 ] إذا ذكيت وفيها حياة مستقرة لتتحقق الذكاة فيها، ولهذا قال الفقهاء: " لو
nindex.php?page=treesubj&link=16936أبان السبع أو غيره حشوتها، أو قطع حلقومها، كان وجود حياتها كعدمها، لعدم فائدة الذكاة فيها " وبعضهم لم يعتبر فيها إلا وجود الحياة فإذا ذكاها وفيها حياة حلت ولو كانت مبانة الحشوة وهو ظاهر الآية الكريمة .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وأن تستقسموا بالأزلام أي: وحرم عليكم
nindex.php?page=treesubj&link=30547الاستقسام بالأزلام. ومعنى الاستقسام: طلب ما يقسم لكم ويقدر بها، وهي قداح ثلاثة كانت تستعمل في الجاهلية، مكتوب على أحدها "افعل" وعلى الثاني "لا تفعل" والثالث غفل لا كتابة فيه.
فإذا هم أحدهم بسفر أو عرس أو نحوهما، أجال تلك القداح المتساوية في الجرم، ثم أخرج واحدا منها، فإن خرج المكتوب عليه "افعل" مضى في أمره، وإن ظهر المكتوب عليه "لا تفعل" لم يفعل ولم يمض في شأنه، وإن ظهر الآخر الذي لا شيء عليه، أعادها حتى يخرج أحد القدحين فيعمل به. فحرمه الله عليهم، الذي في هذه الصورة وما يشبهه، وعوضهم عنه بالاستخارة لربهم في جميع أمورهم.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3ذلكم فسق الإشارة لكل ما تقدم من المحرمات، التي حرمها الله صيانة لعباده، وأنها فسق، أي: خروج عن طاعته إلى طاعة الشيطان.
ثم امتن على عباده بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم .
واليوم المشار إليه يوم عرفة، إذ أتم الله دينه، ونصر عبده ورسوله، وانخذل أهل الشرك انخذالا بليغا، بعد ما كانوا حريصين على رد المؤمنين عن دينهم، طامعين في ذلك.
فلما رأوا عز الإسلام وانتصاره وظهوره، يئسوا كل اليأس من المؤمنين، أن يرجعوا إلى دينهم، وصاروا يخافون منهم ويخشون، ولهذا في هذه السنة التي حج فيها النبي صلى الله عليه وسلم سنة عشر حجة الوداع - لم يحج فيها مشرك، ولم يطف بالبيت
[ ص: 395 ] عريان.
ولهذا قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3فلا تخشوهم واخشون أي: فلا تخشوا المشركين، واخشوا الله الذي نصركم عليهم وخذلهم، ورد كيدهم في نحورهم.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3اليوم أكملت لكم دينكم بتمام النصر، وتكميل الشرائع الظاهرة والباطنة، الأصول والفروع، ولهذا كان الكتاب والسنة كافيين كل الكفاية، في أحكام الدين أصوله وفروعه.
فكل متكلف يزعم أنه لا بد للناس في معرفة عقائدهم وأحكامهم إلى علوم غير علم الكتاب والسنة، من علم الكلام وغيره، فهو جاهل، مبطل في دعواه، قد زعم أن الدين لا يكمل إلا بما قاله ودعا إليه، وهذا من أعظم الظلم والتجهيل لله ولرسوله.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وأتممت عليكم نعمتي الظاهرة والباطنة
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3ورضيت لكم الإسلام دينا أي: اخترته واصطفيته لكم دينا، كما ارتضيتكم له، فقوموا به شكرا لربكم، واحمدوا الذي من عليكم بأفضل الأديان وأشرفها وأكملها.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3فمن اضطر أي:
nindex.php?page=treesubj&link=23988ألجأته الضرورة إلى أكل شيء من المحرمات السابقة، في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3حرمت عليكم الميتة nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3في مخمصة أي: مجاعة
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3غير متجانف أي: مائل
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3لإثم بأن لا يأكل حتى يضطر، ولا يزيد في الأكل على كفايته
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3فإن الله غفور رحيم حيث أباح له الأكل في هذه الحال، ورحمه بما يقيم به بنيته من غير نقص يلحقه في دينه.
nindex.php?page=treesubj&link=16905_16975_16989_19995_28639_28640_28723_29694_30547_30578_32445_33217_33220_33259_34274_34385_34389_34390_34391_34392_28976nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ
(3) هَذَا الَّذِي حَوَّلَنَا اللَّهُ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَا يُحَرِّمُ مَا يُحَرِّمُ إِلَّا صِيَانَةً لِعِبَادِهِ، وَحِمَايَةً لَهُمْ مِنَ الضَّرَرِ الْمَوْجُودِ فِي الْمُحَرَّمَاتِ، وَقَدْ يُبَيِّنُ لِلْعِبَادِ ذَلِكَ وَقَدْ لَا يُبَيِّنُ.
فَأَخْبَرَ أَنَّهُ حَرَّمَ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3الْمَيْتَةُ وَالْمُرَادُ بِالْمَيْتَةِ: مَا فُقِدَتْ حَيَاتُهُ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ شَرْعِيَّةٍ، فَإِنَّهَا تُحَرَّمُ لِضَرَرِهَا، وَهُوَ احْتِقَانُ الدَّمِ فِي جَوْفِهَا وَلَحْمِهَا الْمُضِرِّ بِآكِلِهَا. وَكَثِيرًا مَا تَمُوتُ بِعِلَّةٍ تَكُونُ سَبَبًا لِهَلَاكِهَا، فَتَضُرُّ بِالْآكِلِ.
وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=25292مَيْتَةُ الْجَرَادِ وَالسَّمَكِ، فَإِنَّهُ حَلَالٌ.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وَالدَّمُ أَيِ: الْمَسْفُوحُ، كَمَا قُيِّدَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَذَلِكَ شَامِلٌ لِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ، وَإِنَّمَا نَصَّ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْخَبَائِثِ مِنَ السِّبَاعِ، لِأَنَّ طَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنَ النَّصَارَى يَزْعُمُونَ أَنَّ اللَّهَ أَحَلَّهُ لَهُمْ. أَيْ: فَلَا تَغْتَرُّوا بِهِمْ، بَلْ هُوَ مُحَرَّمٌ مِنْ جُمْلَةِ الْخَبَائِثِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ أَيْ: ذُكِرَ عَلَيْهِ اسْمُ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى، مِنَ الْأَصْنَامِ وَالْأَوْلِيَاءِ وَالْكَوَاكِبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ. فَكَمَا أَنَّ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى يُطَيِّبُ الذَّبِيحَةَ، فَذِكْرُ اسْمِ غَيْرِهِ عَلَيْهَا، يُفِيدُهَا خُبْثًا مَعْنَوِيًّا، لِأَنَّهُ شِرْكٌ بِاللَّهِ تَعَالَى.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وَالْمُنْخَنِقَةُ أَيِ: الْمَيِّتَةُ بِخَنْقٍ، بِيَدٍ أَوْ حَبْلٍ، أَوْ إِدْخَالِهَا رَأْسَهَا بِشَيْءٍ ضَيِّقٍ، فَتَعْجِزُ عَنْ إِخْرَاجِهِ حَتَّى تَمُوتَ.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وَالْمَوْقُوذَةُ أَيِ:
nindex.php?page=treesubj&link=16940الْمَيِّتَةُ بِسَبَبِ الضَّرْبِ بِعَصًا أَوْ حَصًى أَوْ خَشَبَةٍ، أَوْ هَدْمِ شَيْءٍ عَلَيْهَا، بِقَصْدٍ أَوْ بِغَيْرِ قَصْدٍ.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وَالْمُتَرَدِّيَةُ أَيِ: السَّاقِطَةُ مِنْ عُلُوٍّ، كَجَبَلٍ أَوْ جِدَارٍ أَوْ سَطْحٍ وَنَحْوِهِ، فَتَمُوتُ بِذَلِكَ.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وَالنَّطِيحَةُ وَهِيَ الَّتِي تَنْطَحُهَا غَيْرُهَا فَتَمُوتُ.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ مِنْ ذِئْبٍ أَوْ أَسَدٍ أَوْ نَمِرِ، أَوْ مِنَ الطُّيُورِ الَّتِي تَفْتَرِسُ الصُّيُودَ، فَإِنَّهَا إِذَا مَاتَتْ بِسَبَبِ أَكْلِ السَّبُعِ، فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ رَاجِعٌ لِهَذِهِ الْمَسَائِلِ، مِنْ مُنْخَنِقَةٍ، وَمَوْقُوذَةٍ، وَمُتَرَدِّيَةٍ، وَنَطِيحَةٍ، وَأَكِيلَةِ سَبُعٍ،
[ ص: 394 ] إِذَا ذُكِّيَتْ وَفِيهَا حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ لِتَتَحَقَّقَ الذَّكَاةُ فِيهَا، وَلِهَذَا قَالَ الْفُقَهَاءُ: " لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=16936أَبَانَ السَّبُعُ أَوْ غَيْرُهُ حَشَوْتَهَا، أَوْ قَطَعَ حُلْقُومَهَا، كَانَ وُجُودُ حَيَاتِهَا كَعَدَمِهَا، لِعَدَمِ فَائِدَةِ الذَّكَاةِ فِيهَا " وَبَعْضُهُمْ لَمْ يَعْتَبِرْ فِيهَا إِلَّا وُجُودَ الْحَيَاةِ فَإِذَا ذَكَّاهَا وَفِيهَا حَيَاةٌ حَلَّتْ وَلَوْ كَانَتْ مُبَانَةَ الْحَشْوَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ أَيْ: وَحُرِّمَ عَلَيْكُمُ
nindex.php?page=treesubj&link=30547الِاسْتِقْسَامُ بِالْأَزْلَامِ. وَمَعْنَى الِاسْتِقْسَامِ: طَلَبُ مَا يُقْسَمُ لَكُمْ وَيُقَدَّرُ بِهَا، وَهِيَ قِدَاحٌ ثَلَاثَةٌ كَانَتْ تُسْتَعْمَلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، مَكْتُوبٌ عَلَى أَحَدِهَا "افْعَلْ" وَعَلَى الثَّانِي "لَا تَفْعَلْ" وَالثَّالِثُ غُفْلٌ لَا كِتَابَةَ فِيهِ.
فَإِذَا هَمَّ أَحَدُهُمْ بِسِفْرٍ أَوْ عُرْسٍ أَوْ نَحْوِهِمَا، أَجَالَ تِلْكَ الْقِدَاحَ الْمُتَسَاوِيَةَ فِي الْجِرْمِ، ثُمَّ أَخْرَجَ وَاحِدًا مِنْهَا، فَإِنْ خَرَجَ الْمَكْتُوبُ عَلَيْهِ "افْعَلْ" مَضَى فِي أَمْرِهِ، وَإِنْ ظَهَرَ الْمَكْتُوبُ عَلَيْهِ "لَا تَفْعَلْ" لَمْ يَفْعَلْ وَلَمْ يَمْضِ فِي شَأْنِهِ، وَإِنْ ظَهَرَ الْآخَرُ الَّذِي لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، أَعَادَهَا حَتَّى يَخْرُجَ أَحَدُ الْقَدَحَيْنِ فَيَعْمَلُ بِهِ. فَحَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، الَّذِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَمَا يُشْبِهُهُ، وَعَوَّضَهُمْ عَنْهُ بِالِاسْتِخَارَةِ لِرَبِّهِمْ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِمْ.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْإِشَارَةُ لِكُلِّ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ، الَّتِي حَرَّمَهَا اللَّهُ صِيَانَةً لِعِبَادِهِ، وَأَنَّهَا فِسْقٌ، أَيْ: خُرُوجٌ عَنْ طَاعَتِهِ إِلَى طَاعَةِ الشَّيْطَانِ.
ثُمَّ امْتَنَّ عَلَى عِبَادِهِ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ .
وَالْيَوْمُ الْمُشَارُ إِلَيْهِ يَوْمُ عَرَفَةَ، إِذْ أَتَمَّ اللَّهُ دِينَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَرَسُولَهُ، وَانْخَذَلَ أَهْلُ الشِّرْكِ انْخِذَالًا بَلِيغًا، بَعْدَ مَا كَانُوا حَرِيصِينَ عَلَى رَدِّ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ دِينِهِمْ، طَامِعِينَ فِي ذَلِكَ.
فَلَمَّا رَأَوْا عِزَّ الْإِسْلَامِ وَانْتِصَارَهُ وَظُهُورَهُ، يَئِسُوا كُلَّ الْيَأْسِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْ يَرْجِعُوا إِلَى دِينِهِمْ، وَصَارُوا يَخَافُونَ مِنْهُمْ وَيَخْشَوْنَ، وَلِهَذَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ الَّتِي حَجَّ فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَةَ عَشْرٍ حِجَّةَ الْوَدَاعِ - لَمْ يَحُجَّ فِيهَا مُشْرِكٌ، وَلَمْ يَطُفْ بِالْبَيْتِ
[ ص: 395 ] عُرْيَانٌ.
وَلِهَذَا قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ أَيْ: فَلَا تَخْشَوُا الْمُشْرِكِينَ، وَاخْشَوُا اللَّهَ الَّذِي نَصَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَخَذَلَهُمْ، وَرَدَّ كَيْدَهُمْ فِي نُحُورِهِمْ.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ بِتَمَامِ النَّصْرِ، وَتَكْمِيلِ الشَّرَائِعِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ، الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ، وَلِهَذَا كَانَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ كَافِيَيْنِ كُلَّ الْكِفَايَةِ، فِي أَحْكَامِ الدِّينِ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ.
فَكُلُّ مُتَكَلِّفٍ يَزْعُمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِلنَّاسِ فِي مَعْرِفَةِ عَقَائِدِهِمْ وَأَحْكَامِهِمْ إِلَى عُلُومٍ غَيْرِ عِلْمِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، مِنْ عِلْمِ الْكَلَامِ وَغَيْرِهِ، فَهُوَ جَاهِلٌ، مُبْطِلٌ فِي دَعْوَاهُ، قَدْ زَعَمَ أَنَّ الدِّينَ لَا يَكْمُلُ إِلَّا بِمَا قَالَهُ وَدَعَا إِلَيْهِ، وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الظُّلْمِ وَالتَّجْهِيلِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي الظَّاهِرَةَ وَالْبَاطِنَةَ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا أَيِ: اخْتَرْتُهُ وَاصْطَفَيْتُهُ لَكُمْ دِينًا، كَمَا ارْتَضَيْتُكُمْ لَهُ، فَقُومُوا بِهِ شُكْرًا لِرَبِّكُمْ، وَاحْمَدُوا الَّذِي مَنَّ عَلَيْكُمْ بِأَفْضَلِ الْأَدْيَانِ وَأَشْرَفِهَا وَأَكْمَلِهَا.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3فَمَنِ اضْطُرَّ أَيْ:
nindex.php?page=treesubj&link=23988أَلْجَأَتْهُ الضَّرُورَةُ إِلَى أَكْلِ شَيْءٍ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ السَّابِقَةِ، فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3فِي مَخْمَصَةٍ أَيْ: مَجَاعَةٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3غَيْرَ مُتَجَانِفٍ أَيْ: مَائِلٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3لإِثْمٍ بِأَنْ لَا يَأْكُلَ حَتَّى يُضْطَرَّ، وَلَا يَزِيدَ فِي الْأَكْلِ عَلَى كِفَايَتِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ حَيْثُ أَبَاحَ لَهُ الْأَكْلَ فِي هَذِهِ الْحَالِ، وَرَحِمَهُ بِمَا يُقِيمُ بِهِ بِنْيَتَهُ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ يَلْحَقُهُ فِي دِينِهِ.