nindex.php?page=treesubj&link=28790_34490_34491_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=71يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعا nindex.php?page=treesubj&link=28845_30563_30569_32360_34483_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=72وإن منكم لمن ليبطئن فإن أصابتكم مصيبة قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا nindex.php?page=treesubj&link=28723_29677_30563_30569_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=73ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودة يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما nindex.php?page=treesubj&link=24624_25561_34141_34306_34478_7856_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما
(71) يأمر تعالى عباده المؤمنين بأخذ حذرهم من أعدائهم الكافرين. وهذا يشمل الأخذ بجميع الأسباب، التي بها يستعان على قتالهم ويستدفع مكرهم وقوتهم؛
[ ص: 322 ] من استعمال الحصون والخنادق، وتعلم الرمي والركوب، وتعلم الصناعات التي تعين على ذلك، وما به يعرف مداخلهم، ومخارجهم، ومكرهم، والنفير في سبيل الله.
ولهذا قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=71فانفروا ثبات أي: متفرقين بأن تنفر سرية أو جيش، ويقيم غيرهم
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=71أو انفروا جميعا وكل هذا تبع للمصلحة والنكاية، والراحة للمسلمين في دينهم، وهذه الآية نظير قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=60وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة .
(72) ثم أخبر عن ضعفاء الإيمان المتكاسلين عن الجهاد فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=72وإن منكم أي: أيها المؤمنون
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=72لمن ليبطئن أي: يتثاقل عن الجهاد في سبيل الله ضعفا وخورا وجبنا، هذا الصحيح.
وقيل معناه: ليبطئن غيره أي: يزهده عن القتال، وهؤلاء هم المنافقون، ولكن الأول أولى لوجهين:
أحدهما: قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=72منكم والخطاب للمؤمنين.
والثاني: قوله في آخر الآية:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=73كأن لم تكن بينكم وبينه مودة فإن الكفار من المشركين والمنافقين قد قطع الله بينهم وبين المؤمنين المودة. وأيضا فإن هذا هو الواقع، فإن المؤمنين على قسمين:
صادقون في إيمانهم أوجب لهم ذلك كمال التصديق والجهاد.
وضعفاء دخلوا في الإسلام فصار معهم إيمان ضعيف لا يقوى على الجهاد.
كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=14قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا... إلى آخر الآيات. ثم ذكر غايات هؤلاء المتثاقلين ونهاية مقاصدهم، وأن معظم قصدهم الدنيا وحطامها فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=72فإن أصابتكم مصيبة أي: هزيمة وقتل، وظفر الأعداء عليكم في بعض الأحوال لما لله في ذلك من الحكم.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=72قال ذلك المتخلف:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=72قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا رأى من ضعف عقله وإيمانه أن التقاعد عن الجهاد الذي فيه تلك المصيبة نعمة. ولم يدر أن النعمة الحقيقية هي التوفيق لهذه الطاعة الكبيرة، التي بها يقوى الإيمان، ويسلم بها العبد من العقوبة والخسران، ويحصل له فيها عظيم الثواب ورضا الكريم الوهاب.
وأما القعود فإنه وإن استراح قليلا فإنه يعقبه تعب طويل وآلام عظيمة، ويفوته ما يحصل للمجاهدين.
(73) ثم قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=73ولئن أصابكم فضل من الله أي: نصر وغنيمة
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=73ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودة يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما أي: يتمنى أنه حاضر لينال من المغانم، ليس له رغبة ولا قصد في غير ذلك، كأنه ليس منكم
[ ص: 323 ] يا معشر المؤمنين ولا بينكم وبينه المودة الإيمانية التي من مقتضاها أن المؤمنين مشتركون في جميع مصالحهم ودفع مضارهم، يفرحون بحصولها ولو على يد غيرهم من إخوانه المؤمنين ويألمون بفقدها، ويسعون جميعا في كل أمر يصلحون به دينهم ودنياهم، فهذا الذي يتمنى الدنيا فقط، ليست معه الروح الإيمانية المذكورة.
(74) ومن لطف الله بعباده أن لا يقطع عنهم رحمته، ولا يغلق عنهم أبوابها. بل من حصل منه غير ما يليق أمره ودعاه إلى جبر نقصه وتكميل نفسه، فلهذا أمر هؤلاء بالإخلاص والخروج في سبيله فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة هذا أحد الأقوال في هذه الآية وهو أصحها.
وقيل: إن معناه: فليقاتل في سبيل الله المؤمنون الكاملو الإيمان، الصادقون في إيمانهم
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة أي: يبيعون الدنيا رغبة عنها بالآخرة رغبة فيها.
فإن هؤلاء الذين يوجه إليهم الخطاب لأنهم الذين قد أعدوا أنفسهم ووطنوها على جهاد الأعداء، لما معهم من الإيمان التام المقتضي لذلك.
وأما أولئك المتثاقلون، فلا يعبأ بهم خرجوا أو قعدوا، فيكون هذا نظير قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=107قل آمنوا به أو لا تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا إلى آخر الآيات. وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=89فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين وقيل: إن معنى الآية: فليقاتل المقاتل والمجاهد للكفار الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة، فيكون على هذا الوجه "الذين" في محل نصب على المفعولية.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74ومن يقاتل في سبيل الله بأن يكون جهادا قد أمر الله به ورسوله، ويكون العبد مخلصا لله فيه قاصدا وجه الله.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما زيادة في إيمانه ودينه، وغنيمة، وثناء حسنا، وثواب المجاهدين في سبيل الله الذين أعد الله لهم في الجنة ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
[ ص: 324 ]
nindex.php?page=treesubj&link=28790_34490_34491_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=71يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا nindex.php?page=treesubj&link=28845_30563_30569_32360_34483_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=72وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا nindex.php?page=treesubj&link=28723_29677_30563_30569_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=73وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا nindex.php?page=treesubj&link=24624_25561_34141_34306_34478_7856_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا
(71) يَأْمُرُ تَعَالَى عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِأَخْذِ حِذْرِهِمْ مِنْ أَعْدَائِهِمُ الْكَافِرِينَ. وَهَذَا يَشْمَلُ الْأَخْذَ بِجَمِيعِ الْأَسْبَابِ، الَّتِي بِهَا يُسْتَعَانُ عَلَى قِتَالِهِمْ وَيُسْتَدْفَعُ مَكْرُهُمْ وَقُوَّتُهُمْ؛
[ ص: 322 ] مِنَ اسْتِعْمَالِ الْحُصُونِ وَالْخَنَادِقِ، وَتَعَلُّمِ الرَّمْيِ وَالرُّكُوبِ، وَتَعَلُّمِ الصِّنَاعَاتِ الَّتِي تُعِينُ عَلَى ذَلِكَ، وَمَا بِهِ يُعْرَفُ مَدَاخِلُهُمْ، وَمَخَارِجُهُمْ، وَمَكْرُهُمْ، وَالنَّفِيرِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
وَلِهَذَا قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=71فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَيْ: مُتَفَرِّقِينَ بِأَنْ تَنْفِرَ سَرِيَّةٌ أَوْ جَيْشٌ، وَيُقِيمُ غَيْرُهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=71أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا وَكُلُّ هَذَا تَبَعٌ لِلْمَصْلَحَةِ وَالنِّكَايَةِ، وَالرَّاحَةِ لِلْمُسْلِمِينَ فِي دِينِهِمْ، وَهَذِهِ الْآيَةُ نَظِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=60وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ .
(72) ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْ ضُعَفَاءِ الْإِيمَانِ الْمُتَكَاسِلِينَ عَنِ الْجِهَادِ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=72وَإِنَّ مِنْكُمْ أَيْ: أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=72لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ أَيْ: يَتَثَاقَلُ عَنِ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ضَعْفًا وَخَوَرًا وَجُبْنًا، هَذَا الصَّحِيحُ.
وَقِيلَ مَعْنَاهُ: لَيُبَطِّئَنَّ غَيْرَهُ أَيْ: يُزَهِّدُهُ عَنِ الْقِتَالِ، وَهَؤُلَاءِ هُمُ الْمُنَافِقُونَ، وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ أَوْلَى لِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=72مِنْكُمْ وَالْخِطَابُ لِلْمُؤْمِنِينَ.
وَالثَّانِي: قَوْلُهُ فِي آخِرِ الْآيَةِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=73كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ فَإِنَّ الْكُفَّارَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُنَافِقِينَ قَدْ قَطَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ الْمَوَدَّةَ. وَأَيْضًا فَإِنَّ هَذَا هُوَ الْوَاقِعُ، فَإِنَّ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى قِسْمَيْنِ:
صَادِقُونَ فِي إِيمَانِهِمْ أَوْجَبَ لَهُمْ ذَلِكَ كَمَالَ التَّصْدِيقِ وَالْجِهَادَ.
وَضُعَفَاءُ دَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ فَصَارَ مَعَهُمْ إِيمَانٌ ضَعِيفٌ لَا يَقْوَى عَلَى الْجِهَادِ.
كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=14قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا... إِلَى آخِرِ الْآيَاتِ. ثُمَّ ذَكَرَ غَايَاتِ هَؤُلَاءِ الْمُتَثَاقِلِينَ وَنِهَايَةَ مَقَاصِدِهِمْ، وَأَنَّ مُعْظَمَ قَصْدِهِمُ الدُّنْيَا وَحُطَامُهَا فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=72فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ أَيْ: هَزِيمَةٌ وَقَتْلٌ، وَظَفَرُ الْأَعْدَاءِ عَلَيْكُمْ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ لِمَا لِلَّهِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْحِكَمِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=72قَالَ ذَلِكَ الْمُتَخَلِّفُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=72قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا رَأَى مِنْ ضَعْفِ عَقْلِهِ وَإِيمَانِهِ أَنَّ التَّقَاعُدَ عَنِ الْجِهَادِ الَّذِي فِيهِ تِلْكَ الْمُصِيبَةُ نِعْمَةٌ. وَلَمْ يَدْرِ أَنَّ النِّعْمَةَ الْحَقِيقِيَّةَ هِيَ التَّوْفِيقُ لِهَذِهِ الطَّاعَةِ الْكَبِيرَةِ، الَّتِي بِهَا يَقْوَى الْإِيمَانُ، وَيَسْلَمُ بِهَا الْعَبْدُ مِنَ الْعُقُوبَةِ وَالْخُسْرَانِ، وَيَحْصُلُ لَهُ فِيهَا عَظِيمُ الثَّوَابِ وَرِضَا الْكَرِيمِ الْوَهَّابِ.
وَأَمَّا الْقُعُودُ فَإِنَّهُ وَإِنِ اسْتَرَاحَ قَلِيلًا فَإِنَّهُ يَعْقُبُهُ تَعَبٌ طَوِيلٌ وَآلَامٌ عَظِيمَةٌ، وَيَفُوتُهُ مَا يَحْصُلُ لِلْمُجَاهِدِينَ.
(73) ثُمَّ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=73وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ أَيْ: نَصْرٌ وَغَنِيمَةٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=73لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا أَيْ: يَتَمَنَّى أَنَّهُ حَاضِرٌ لِيَنَالَ مِنَ الْمَغَانِمِ، لَيْسَ لَهُ رَغْبَةٌ وَلَا قَصْدٌ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، كَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْكُمْ
[ ص: 323 ] يَا مَعْشَرَ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ الْمَوَدَّةُ الْإِيمَانِيَّةُ الَّتِي مِنْ مُقْتَضَاهَا أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ مُشْتَرِكُونَ فِي جَمِيعِ مَصَالِحِهِمْ وَدَفْعِ مُضَارِّهِمْ، يَفْرَحُونَ بِحُصُولِهَا وَلَوْ عَلَى يَدِ غَيْرِهِمْ مِنْ إِخْوَانِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَيَأْلَمُونَ بِفَقْدِهَا، وَيَسْعَوْنَ جَمِيعًا فِي كُلِّ أَمْرٍ يُصْلِحُونَ بِهِ دِينَهُمْ وَدُنْيَاهُمْ، فَهَذَا الَّذِي يَتَمَنَّى الدُّنْيَا فَقَطْ، لَيْسَتْ مَعَهُ الرُّوحُ الْإِيمَانِيَّةُ الْمَذْكُورَةُ.
(74) وَمِنْ لُطْفِ اللَّهِ بِعِبَادِهِ أَنْ لَا يَقْطَعَ عَنْهُمْ رَحْمَتَهُ، وَلَا يُغْلِقَ عَنْهُمْ أَبْوَابَهَا. بَلْ مَنْ حَصَلَ مِنْهُ غَيْرُ مَا يَلِيقُ أَمَرَهُ وَدَعَاهُ إِلَى جَبْرِ نَقْصِهِ وَتَكْمِيلِ نَفْسِهِ، فَلِهَذَا أَمَرَ هَؤُلَاءِ بِالْإِخْلَاصِ وَالْخُرُوجِ فِي سَبِيلِهِ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ هَذَا أَحَدُ الْأَقْوَالِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَهُوَ أَصَحُّهَا.
وَقِيلَ: إِنَّ مَعْنَاهُ: فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَامِلُو الْإِيمَانِ، الصَّادِقُونَ فِي إِيمَانِهِمُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ أَيْ: يَبِيعُونَ الدُّنْيَا رَغْبَةً عَنْهَا بِالْآخِرَةِ رَغْبَةً فِيهَا.
فَإِنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُوَجَّهُ إِلَيْهِمُ الْخِطَابُ لِأَنَّهُمُ الَّذِينَ قَدْ أَعَدُّوا أَنْفُسَهُمْ وَوَطَّنُوهَا عَلَى جِهَادِ الْأَعْدَاءِ، لِمَا مَعَهُمْ مِنَ الْإِيمَانِ التَّامِّ الْمُقْتَضِي لِذَلِكَ.
وَأَمَّا أُولَئِكَ الْمُتَثَاقِلُونَ، فَلَا يُعْبَأُ بِهِمْ خَرَجُوا أَوْ قَعَدُوا، فَيَكُونُ هَذَا نَظِيرَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=107قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا إِلَى آخِرِ الْآيَاتِ. وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=89فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ وَقِيلَ: إِنَّ مَعْنَى الْآيَةِ: فَلْيُقَاتِلِ الْمُقَاتِلُ وَالْمُجَاهِدُ لِلْكُفَّارِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ، فَيَكُونُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ "الَّذِينَ" فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَنْ يَكُونَ جِهَادًا قَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ، وَيَكُونُ الْعَبْدُ مُخْلِصًا لِلَّهِ فِيهِ قَاصِدًا وَجْهَ اللَّهِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا زِيَادَةً فِي إِيمَانِهِ وَدِينِهِ، وَغَنِيمَةً، وَثَنَاءً حَسَنًا، وَثَوَابَ الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ فِي الْجَنَّةِ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ.
[ ص: 324 ]