nindex.php?page=treesubj&link=28328_28640_30549_32491_34141_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=66ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا nindex.php?page=treesubj&link=29680_34135_34141_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=67وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما nindex.php?page=treesubj&link=19881_29680_34135_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=68ولهديناهم صراطا مستقيما [ ص: 320 ] يخبر تعالى أنه لو كتب على عباده الأوامر الشاقة على النفوس من قتل النفوس والخروج من الديار لم يفعله إلا القليل منهم والنادر، فليحمدوا ربهم وليشكروه على تيسير ما أمرهم به من الأوامر التي تسهل على كل أحد، ولا يشق فعلها، وفي هذا إشارة إلى أنه
nindex.php?page=treesubj&link=29531ينبغي أن يلحظ العبد ضد ما هو فيه من المكروهات، لتخف عليه العبادات، ويزداد حمدا وشكرا لربه.
ثم أخبر أنهم لو فعلوا ما يوعظون به أي: ما وظف عليهم في كل وقت بحسبه، فبذلوا هممهم، ووفروا نفوسهم للقيام به وتكميله، ولم تطمح نفوسهم لما لم يصلوا إليه، ولم يكونوا بصدده، وهذا هو الذي ينبغي للعبد، أن ينظر إلى الحالة التي يلزمه القيام بها فيكملها، ثم يتدرج شيئا فشيئا حتى يصل إلى ما قدر له من العلم والعمل في أمر الدين والدنيا، وهذا بخلاف من طمحت نفسه إلى أمر لم يصل إليه ولم يؤمر به بعد، فإنه لا يكاد يصل إلى ذلك بسبب تفريق الهمة، وحصول الكسل وعدم النشاط.
ثم رتب ما يحصل لهم على فعل ما يوعظون به، وهو أربعة أمور:
( أحدها ) الخيرية في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=66لكان خيرا لهم أي: لكانوا من الأخيار المتصفين بأوصافهم من أفعال الخير التي أمروا بها، أي: وانتفى عنهم بذلك صفة الأشرار، لأن ثبوت الشيء يستلزم نفي ضده.
( الثاني ) حصول التثبيت والثبات وزيادته، فإن الله يثبت الذين آمنوا بسبب ما قاموا به من الإيمان، الذي هو القيام بما وعظوا به، فيثبتهم في الحياة الدنيا عند ورود الفتن في الأوامر والنواهي والمصائب، فيحصل لهم ثبات يوفقون لفعل الأوامر وترك الزواجر التي تقتضي النفس فعلها، وعند حلول المصائب التي يكرهها العبد. فيوفق للتثبيت بالتوفيق للصبر أو للرضا أو للشكر. فينزل عليه معونة من الله للقيام بذلك، ويحصل له الثبات على الدين، عند الموت وفي القبر.
وأيضا فإن العبد القائم بما أمر به، لا يزال يتمرن على الأوامر الشرعية حتى يألفها ويشتاق إليها وإلى أمثالها، فيكون ذلك معونة له على الثبات على الطاعات.
(67) ( الثالث ) قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=67وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما أي: في العاجل والآجل الذي يكون للروح والقلب والبدن، ومن النعيم المقيم مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
(68) ( الرابع ) الهداية إلى صراط مستقيم. وهذا عموم بعد خصوص، لشرف
[ ص: 321 ] الهداية إلى الصراط المستقيم، من كونها متضمنة للعلم بالحق، ومحبته وإيثاره والعمل به، وتوقف السعادة والفلاح على ذلك، فمن هدي إلى صراط مستقيم، فقد وفق لكل خير واندفع عنه كل شر وضير.
nindex.php?page=treesubj&link=28328_28640_30549_32491_34141_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=66وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا nindex.php?page=treesubj&link=29680_34135_34141_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=67وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا nindex.php?page=treesubj&link=19881_29680_34135_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=68وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا [ ص: 320 ] يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ لَوْ كَتَبَ عَلَى عِبَادِهِ الْأَوَامِرَ الشَّاقَّةَ عَلَى النُّفُوسِ مِنْ قَتْلِ النُّفُوسِ وَالْخُرُوجِ مِنَ الدِّيَارِ لَمْ يَفْعَلْهُ إِلَّا الْقَلِيلُ مِنْهُمْ وَالنَّادِرُ، فَلْيَحْمَدُوا رَبَّهُمْ وَلْيَشْكُرُوهُ عَلَى تَيْسِيرِ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ مِنَ الْأَوَامِرِ الَّتِي تَسْهُلُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ، وَلَا يَشُقُّ فِعْلُهَا، وَفِي هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=29531يَنْبَغِي أَنْ يَلْحَظَ الْعَبْدُ ضِدَّ مَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْمَكْرُوهَاتِ، لِتَخِفَّ عَلَيْهِ الْعِبَادَاتُ، وَيَزْدَادَ حَمْدًا وَشُكْرًا لِرَبِّهِ.
ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُمْ لَوْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ أَيْ: مَا وُظِّفَ عَلَيْهِمْ فِي كُلِّ وَقْتٍ بِحَسْبِهِ، فَبَذَلُوا هِمَمَهُمْ، وَوَفَّرُوا نُفُوسَهُمْ لِلْقِيَامِ بِهِ وَتَكْمِيلِهِ، وَلَمْ تَطْمَحْ نُفُوسُهُمْ لِمَا لَمْ يَصِلُوا إِلَيْهِ، وَلَمْ يَكُونُوا بِصَدَدِهِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ، أَنْ يَنْظُرَ إِلَى الْحَالَةِ الَّتِي يَلْزَمُهُ الْقِيَامُ بِهَا فَيُكْمِلُهَا، ثُمَّ يَتَدَرَّجُ شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى يَصِلَ إِلَى مَا قُدِّرَ لَهُ مِنَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ فِي أَمْرِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ طَمَحَتْ نَفْسُهُ إِلَى أَمْرٍ لَمْ يَصِلْ إِلَيْهِ وَلَمْ يُؤْمَرْ بِهِ بَعْدُ، فَإِنَّهُ لَا يَكَادُ يَصِلُ إِلَى ذَلِكَ بِسَبَبِ تَفْرِيقِ الْهِمَّةِ، وَحُصُولِ الْكَسَلِ وَعَدَمِ النَّشَاطِ.
ثُمَّ رَتَّبَ مَا يَحْصُلُ لَهُمْ عَلَى فِعْلِ مَا يُوعَظُونَ بِهِ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ أُمُورٍ:
( أَحَدُهَا ) الْخَيْرِيَّةُ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=66لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ أَيْ: لَكَانُوا مِنَ الْأَخْيَارِ الْمُتَّصِفِينَ بِأَوْصَافِهِمْ مِنْ أَفْعَالِ الْخَيْرِ الَّتِي أُمِرُوا بِهَا، أَيْ: وَانْتَفَى عَنْهُمْ بِذَلِكَ صِفَةُ الْأَشْرَارِ، لِأَنَّ ثُبُوتَ الشَّيْءِ يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ ضِدِّهِ.
( الثَّانِي ) حُصُولُ التَّثْبِيتِ وَالثَّبَاتِ وَزِيَادَتُهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يُثَبِّتُ الَّذِينَ آمَنُوا بِسَبَبِ مَا قَامُوا بِهِ مِنَ الْإِيمَانِ، الَّذِي هُوَ الْقِيَامُ بِمَا وُعِظُوا بِهِ، فَيُثَبِّتُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا عِنْدَ وُرُودِ الْفِتَنِ فِي الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي وَالْمَصَائِبِ، فَيَحْصُلُ لَهُمْ ثَبَاتٌ يُوَفَّقُونَ لِفِعْلِ الْأَوَامِرِ وَتَرْكِ الزَّوَاجِرِ الَّتِي تَقْتَضِي النَّفْسُ فِعْلَهَا، وَعِنْدَ حُلُولِ الْمَصَائِبِ الَّتِي يَكْرَهُهَا الْعَبْدُ. فَيُوَفَّقُ لِلتَّثْبِيتِ بِالتَّوْفِيقِ لِلصَّبْرِ أَوْ لِلرِّضَا أَوْ لِلشُّكْرِ. فَيَنْزِلُ عَلَيْهِ مَعُونَةٌ مِنَ اللَّهِ لِلْقِيَامِ بِذَلِكَ، وَيَحْصُلُ لَهُ الثَّبَاتُ عَلَى الدِّينِ، عِنْدَ الْمَوْتِ وَفِي الْقَبْرِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْعَبْدَ الْقَائِمَ بِمَا أُمِرَ بِهِ، لَا يَزَالُ يَتَمَرَّنُ عَلَى الْأَوَامِرِ الشَّرْعِيَّةِ حَتَّى يَأْلَفَهَا وَيَشْتَاقَ إِلَيْهَا وَإِلَى أَمْثَالِهَا، فَيَكُونُ ذَلِكَ مَعُونَةً لَهُ عَلَى الثَّبَاتِ عَلَى الطَّاعَاتِ.
(67) ( الثَّالِثُ ) قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=67وَإِذًا لآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا أَيْ: فِي الْعَاجِلِ وَالْآجِلِ الَّذِي يَكُونُ لِلرُّوحِ وَالْقَلْبِ وَالْبَدَنِ، وَمِنَ النَّعِيمِ الْمُقِيمِ مِمَّا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ.
(68) ( الرَّابِعُ ) الْهِدَايَةُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ. وَهَذَا عُمُومٌ بَعْدَ خُصُوصٍ، لِشَرَفِ
[ ص: 321 ] الْهِدَايَةِ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، مِنْ كَوْنِهَا مُتَضَمِّنَةً لِلْعِلْمِ بِالْحَقِّ، وَمَحَبَّتِهِ وَإِيثَارِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ، وَتَوَقُّفِ السَّعَادَةِ وَالْفَلَاحِ عَلَى ذَلِكَ، فَمَنْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، فَقَدْ وُفِّقَ لِكُلِّ خَيْرٍ وَانْدَفَعَ عَنْهُ كُلُّ شَرٍّ وَضَيْرٍ.