nindex.php?page=treesubj&link=19881_28639_29778_30454_30549_30612_34092_34163_34189_34199_34289_29013nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=13شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب
هذه أكبر منة أنعم الله بها على عباده، أن شرع لهم من الدين خير الأديان وأفضلها، وأزكاها وأطهرها، دين الإسلام، الذي شرعه الله للمصطفين المختارين من عباده، بل شرعه الله لخيار الخيار، وصفوة الصفوة، وهم أولو العزم من المرسلين المذكورون في هذه الآية، أعلى الخلق درجة، وأكملهم من كل وجه، فالدين الذي شرعه الله لهم، لا بد أن يكون مناسبا لأحوالهم، موافقا لكمالهم، بل إنما كملهم الله واصطفاهم، بسبب قيامهم به، فلولا الدين الإسلامي، ما ارتفع أحد من الخلق، فهو روح السعادة، وقطب رحى الكمال، وهو ما تضمنه هذا الكتاب الكريم، ودعا إليه من التوحيد والأعمال والأخلاق والآداب.
ولهذا قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=13أن أقيموا الدين أي: أمركم أن تقيموا جميع شرائع الدين أصوله وفروعه، تقيمونه بأنفسكم، وتجتهدون في إقامته على غيركم، وتعاونون على البر والتقوى ولا تعاونون على الإثم والعدوان.
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=13ولا تتفرقوا فيه أي: ليحصل منكم الاتفاق على أصول الدين وفروعه، واحرصوا على أن لا تفرقكم المسائل وتحزبكم أحزابا، وتكونون شيعا يعادي بعضكم بعضا مع اتفاقكم /////////على أصل دينكم.
ومن أنواع الاجتماع على الدين وعدم التفرق فيه، ما أمر به الشارع من الاجتماعات العامة، كاجتماع الحج والأعياد، والجمع والصلوات الخمس والجهاد، وغير ذلك من العبادات التي لا تتم ولا تكمل إلا بالاجتماع لها وعدم التفرق.
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=13كبر على المشركين ما تدعوهم إليه أي: شق عليهم غاية المشقة، حيث دعوتهم إلى الإخلاص لله وحده، كما قال عنهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=45وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون وقولهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=5أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=13الله يجتبي إليه من [ ص: 1586 ] يشاء أي يختار من خليقته من يعلم أنه يصلح للاجتباء لرسالته وولايته ومنه أن اجتبى هذه الأمة وفضلها على سائر الأمم، واختار لها أفضل الأديان وخيرها.
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=13ويهدي إليه من ينيب هذا السبب الذي من العبد، يتوصل به إلى هداية الله تعالى، وهو إنابته لربه، وانجذاب دواعي قلبه إليه، وكونه قاصدا وجهه، فحسن مقصد العبد مع اجتهاده في طلب الهداية، من أسباب التيسير لها، كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=16يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام
وفي هذه الآية، أن الله " يهدي إليه من ينيب " مع قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=15واتبع سبيل من أناب إلي مع العلم بأحوال الصحابة رضي الله عنهم، وشدة إنابتهم، دليل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=28811قولهم حجة، خصوصا الخلفاء الراشدين، رضي الله عنهم أجمعين.
nindex.php?page=treesubj&link=19881_28639_29778_30454_30549_30612_34092_34163_34189_34199_34289_29013nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=13شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ
هَذِهِ أَكْبَرُ مِنَّةٍ أَنْعَمَ اللَّهُ بِهَا عَلَى عِبَادِهِ، أَنْ شَرَعَ لَهُمْ مِنَ الدِّينِ خَيْرَ الْأَدْيَانِ وَأَفْضَلَهَا، وَأَزْكَاهَا وَأَطْهَرَهَا، دِينَ الْإِسْلَامِ، الَّذِي شَرَعَهُ اللَّهُ لِلْمُصْطَفِينَ الْمُخْتَارِينَ مِنْ عِبَادِهِ، بَلْ شَرَعَهُ اللَّهُ لِخِيَارِ الْخِيَارِ، وَصَفْوَةِ الصَّفْوَةِ، وَهُمْ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الْمُرْسَلِينَ الْمَذْكُورُونَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، أَعْلَى الْخَلْقِ دَرَجَةً، وَأَكْمَلُهُمْ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَالدِّينُ الَّذِي شَرَعَهُ اللَّهُ لَهُمْ، لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُنَاسِبًا لِأَحْوَالِهِمْ، مُوَافِقًا لِكَمَالِهِمْ، بَلْ إِنَّمَا كَمَّلَهَمُ اللَّهُ وَاصْطَفَاهُمْ، بِسَبَبِ قِيَامِهِمْ بِهِ، فَلَوْلَا الدِّينُ الْإِسْلَامِيُّ، مَا ارْتَفَعَ أَحَدٌ مِنَ الْخَلْقِ، فَهُوَ رُوحُ السَّعَادَةِ، وَقُطْبُ رَحَى الْكَمَالِ، وَهُوَ مَا تَضَمَّنَهُ هَذَا الْكِتَابُ الْكَرِيمُ، وَدَعَا إِلَيْهِ مِنَ التَّوْحِيدِ وَالْأَعْمَالِ وَالْأَخْلَاقِ وَالْآدَابِ.
وَلِهَذَا قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=13أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ أَيْ: أَمَرَكُمْ أَنْ تُقِيمُوا جَمِيعَ شَرَائِعِ الدِّينِ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ، تُقِيمُونَهُ بِأَنْفُسِكُمْ، وَتَجْتَهِدُونَ فِي إِقَامَتِهِ عَلَى غَيْرِكُمْ، وَتُعَاوِنُونَ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تُعَاوِنُونَ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=13وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ أَيْ: لِيَحْصُلَ مِنْكُمُ الِاتِّفَاقُ عَلَى أُصُولِ الدِّينِ وَفُرُوعِهِ، وَاحْرِصُوا عَلَى أَنْ لَا تُفَرِّقَكُمُ الْمَسَائِلُ وَتُحَزِّبَكُمْ أَحْزَابًا، وَتَكُونُونَ شِيَعًا يُعَادِي بَعْضُكُمْ بَعْضًا مَعَ اتِّفَاقِكُمْ /////////عَلَى أَصْلِ دِينِكُمْ.
وَمِنْ أَنْوَاعِ الِاجْتِمَاعِ عَلَى الدِّينِ وَعَدَمِ التَّفَرُّقِ فِيهِ، مَا أَمَرَ بِهِ الشَّارِعُ مِنَ الِاجْتِمَاعَاتِ الْعَامَّةِ، كَاجْتِمَاعِ الْحَجِّ وَالْأَعْيَادِ، وَالْجَمْعِ وَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالْجِهَادِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْعِبَادَاتِ الَّتِي لَا تَتِمُّ وَلَا تَكْمُلُ إِلَّا بِالِاجْتِمَاعِ لَهَا وَعَدَمِ التَّفَرُّقِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=13كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ أَيْ: شَقَّ عَلَيْهِمْ غَايَةَ الْمَشَقَّةِ، حَيْثُ دَعَوْتُهُمْ إِلَى الْإِخْلَاصِ لِلَّهِ وَحْدَهُ، كَمَا قَالَ عَنْهُمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=45وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَقَوْلُهُمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=5أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=13اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ [ ص: 1586 ] يَشَاءُ أَيْ يَخْتَارُ مِنْ خَلِيقَتِهِ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَصْلُحُ لِلِاجْتِبَاءِ لِرِسَالَتِهِ وَوِلَايَتِهِ وَمِنْهُ أَنِ اجْتَبَى هَذِهِ الْأُمَّةَ وَفَضَّلَهَا عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ، وَاخْتَارَ لَهَا أَفْضَلَ الْأَدْيَانِ وَخَيْرَهَا.
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=13وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ هَذَا السَّبَبُ الَّذِي مِنَ الْعَبْدِ، يَتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى هِدَايَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ إِنَابَتُهُ لِرَبِّهِ، وَانْجِذَابُ دَوَاعِي قَلْبِهِ إِلَيْهِ، وَكَوْنُهُ قَاصِدًا وَجْهَهُ، فَحُسْنُ مَقْصِدِ الْعَبْدِ مَعَ اجْتِهَادِهِ فِي طَلَبِ الْهِدَايَةِ، مِنْ أَسْبَابِ التَّيْسِيرِ لَهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=16يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ، أَنَّ اللَّهَ " يَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ " مَعَ قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=15وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ مَعَ الْعِلْمِ بِأَحْوَالِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَشِدَّةِ إِنَابَتِهِمْ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28811قَوْلَهُمْ حُجَّةٌ، خُصُوصًا الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.