nindex.php?page=treesubj&link=28974_19736_25561_30387_30415_30497_30526_30538_30658_31104_32024_34135_34136_34200_34475_34513nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195فاستجاب لهم ربهم الاستجابة بمعنى الإجابة، وقال تاج القراء: الإجابة عامة والاستجابة خاصة بإعطاء المسؤول، وتتعدى باللام وبنفسها كما في قوله:
فلم يستجبه عند ذاك مجيب
وهو عطف على الاستئناف المقدر فيما سلف مترتب على ما في حيزه من الأدعية كما أن قوله عز وجل:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=52ثم قيل للذين ظلموا إلخ عطف على قيل* المقدر قبل الآن، أي: قيل: لهم آلآن آمنتم به، ثم قيل الآية، وكما أن قوله تعالى في سورة الأعراف:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=100على قلوبهم معطوف على ما دل عليه معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=100أولم يهد إلخ كأنه قيل: يغفلون عن الهداية ونطبع إلخ ولا ضير في اختلافهما صيغة لما أن صيغة المستقبل هناك للدلالة على الاستمرار المناسب لمقام الدعاء، وصيغة الماضي ههنا للإيذان بتحقق الاستجابة وتقررها كما لا ضير في الاختلاف بين قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=9إذ تستغيثون ربكم وبين ما عطف عليه من قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=9فاستجاب لكم كما سيأتي، ويجوز أن يكون معطوفا على مضمر ينساق إليه الذهن، أي: دعوا بهذه الأدعية فاستجاب إلخ وأما على تقرير كون المقدر حالا فهو عطف على
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=44 "يتفكرون" باعتبار مقارنته لما وقع حالا من فاعله -أعني قوله تعالى: ربنا ربنا إلخ - فإن الاستجابة مترتبة على دعواتهم لا على مجرد تفكرهم وحيث كانت هي من أوصافهم الجميلة المترتبة على أعمالهم بالآخرة استحقت الانتظام في سلك محاسنهم المعدودة في أثناء مدحهم، وأما على تقدير كون الموصول نعتا لـ"أولي الألباب" فلا مساغ لهذا العطف أصلا لما عرفت من أن حق ما في حيز الصلة أن يكون من مبادي جريان الحكم على الموصول، وقد عرفت أن دعواتهم السابقة ليست كذلك فأين الاستجابة المتأخرة عنها؟، وفي التعرض لعنوان الربوبية المنبئة عن التبليغ إلى الكمال مع الإضافة إلى ضميرهم من تشريفهم وإظهار اللطف بهم ما لا يخفى.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195أني لا أضيع عمل عامل منكم أي: بأني، وهكذا قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي رضي الله عنه والباء للسببية كأنه قيل: فاستجاب لهم ربهم بسبب لأنه لا يضيع عمل عامل منهم، أي: سنته السنية مستمرة على ذلك، والالتفات إلى التكلم والخطاب لإظهار كمال الاعتناء بشأن الاستجابة وتشريف الداعين بشرف الخطاب، والمراد تأكيدها ببيان سببها والإشعار بأن مدارها أعمالهم التي قدموها على الدعاء لا مجرد الدعاء، وتعميم الوعد لسائر العاملين وإن لم يبلغوا درجة أولي الألباب لتأكيد استجابة الدعوات المذكورة، والتعبير عن ترك الإثابة بالإضاعة مع أنه ليس بإضاعة حقيقية إذ الأعمال غير موجبة للثواب حتى يلزم من تخلفه
[ ص: 134 ] عنها ضياعها لبيان كمال نزاهته تعالى عن ذلك بتصويره بصورة ما يستحيل صدوره عنه من القبائح وإبراز الإثابة في معرض الأمور الواجبة عليه. وقرئ بكسر الهمزة على إرادة القول أي: قائلا إني إلخ فلا التفات حينئذ. وقرئ "لا أضيع" بالتشديد و"من" متعلقة بمحذوف وقع صفة ل "عامل"، أي: عامل كائن منكم. وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195من ذكر أو أنثى بيان لعامل وتأكيد لعمومه. وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195بعضكم من بعض جملة معترضة مبينة لسبب انتظام النساء في سلك الرجال في الوعد، فإن كون كل منهما من الآخر لتشعبهما من أصل واحد أو لفرط الاتصال بينهما أو لاتفاقهما في الدين والعمل مما يستدعي الشركة والاتحاد في ذلك.
روي أن
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة رضي الله عنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إني أسمع الله تعالى يذكر الرجال في الهجرة ولا يذكر النساء فنزلت. وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195فالذين هاجروا ضرب تفصيل لما أجمل في العمل وتعداد لبعض أحاسن أفراده على وجه المدح والتعظيم، أي: فالذين هاجروا الشرك أو الأوطان والعشائر للدين. وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195وأخرجوا من ديارهم على الأول عبارة عن نفس الهجرة وعلى الثاني عن كيفيتها وكونها بالقسر والاضطرار.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195وأوذوا في سبيلي أي: بسبب إيمانهم بالله ومن أجله، وهو متناول لكل أذية نالتهم من قبل المشركين.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195وقاتلوا أي: الكفار في سبيل الله تعالى.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195وقتلوا استشهدوا في القتال. وقرئ بالعكس لما أن الواو لا تستدعي الترتيب أو لأن المراد: قتل بعضهم وقتال آخرين إذ ليس المعنى على اتصاف كل فرد من أفراد الموصول المذكور بكل واحد مما ذكر في حيز الصلة بل على اتصاف الكل بالكل في الجملة سواء كان ذلك باتصاف كل فرد من الموصول بواحد من الأوصاف المذكورة أو باثنين منها أو بأكثر إما بطريق التوزيع أو بطريق حذف بعض الموصولات من البين كما هو رأي الكوفيين، كيف لا؟ ولو أدير الحكم على اتصاف كل فرد بالكل لكان قد أضيع عمل من اتصف بالبعض. وقرئ "وقتلوا" بالتشديد.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195لأكفرن عنهم سيئاتهم جواب قسم محذوف أي: والله لأكفرن، والجملة القسمية خبر للمبتدإ الذي هو الموصول، وهذا تصريح بوعد ما سأله الداعون بخصوصه بعد ما وعد ذلك عموما. وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار إشارة إلى ما عبر عنه الداعون فيما قبل بقولهم: "وآتنا ما وعدتنا على رسلك" وتفسير له.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195ثوابا مصدر مؤكد لما قبله، فإن تكفير السيئات وإدخال الجنة في معنى الإثابة. وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195من عند الله متعلق بمحذوف هو صفة له مبينة لشرفه، أي: لأثيبنهم إثابة كائنة أو تثويبا كائنا من عنده تعالى بالغا إلى المرتبة القاصية من الشرف. وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195والله عنده حسن الثواب اعتراض تذييلي مقرر لمضمون ما قبله والاسم الجليل مبتدأ خبره عنده و"حسن الثواب" مرتفع بالظرف على الفاعلية لاعتماده على المبتدإ أو هو مبتدأ ثان والظرف خبره، والجملة خبر للمبتدإ الأول والعندية عبارة عن الاختصاص به تعالى مثل كونه بقدرته تعالى وفضله بحيث لا يقدر عليه غيره بحال شيء يكون بحضرة أحد لا يد عليه لغيره، فالاختصاص مستفاد من التمثيل سواء جعل "عنده" خبرا مقدما لـ"حسن الثواب" أو لا، وفي تصدير الوعد الكريم بعدم إضاعة العمل ثم تعقيبه بمثل هذا الإحسان الذي لا يقادر قدره من لطف المسلك المنبئ عن عظم شأن المحسن ما لا يخفى.
nindex.php?page=treesubj&link=28974_19736_25561_30387_30415_30497_30526_30538_30658_31104_32024_34135_34136_34200_34475_34513nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ الِاسْتِجَابَةُ بِمَعْنَى الْإِجَابَةِ، وَقَالَ تَاجُ الْقُرَّاءِ: الْإِجَابَةُ عَامَّةٌ وَالِاسْتِجَابَةُ خَاصَّةٌ بِإِعْطَاءِ الْمَسْؤُولِ، وَتَتَعَدَّى بِاللَّامِ وَبِنَفْسِهَا كَمَا فِي قَوْلِهِ:
فَلَمْ يَسْتَجِبْهُ عِنْدَ ذَاكَ مُجِيبُ
وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ الْمُقَدَّرِ فِيمَا سَلَفَ مُتَرَتِّبٌ عَلَى مَا فِي حَيِّزِهِ مِنَ الْأَدْعِيَةِ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=52ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا إِلَخْ عَطْفٌ عَلَى قِيلَ* الْمُقَدَّرِ قَبْلَ الْآنَ، أَيْ: قِيلَ: لَهُمْ آلآنَ آمَنْتُمْ بِهِ، ثُمَّ قِيلَ الْآيَةُ، وَكَمَا أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=100عَلَى قُلُوبِهِمْ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ مَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=100أَوَلَمْ يَهْدِ إِلَخْ كَأَنَّهُ قِيلَ: يَغْفُلُونَ عَنِ الْهِدَايَةِ وَنَطْبَعُ إِلَخْ وَلَا ضَيْرَ فِي اخْتِلَافِهِمَا صِيغَةً لِمَا أَنَّ صِيغَةَ الْمُسْتَقْبَلِ هُنَاكَ لِلدِّلَالَةِ عَلَى الِاسْتِمْرَارِ الْمُنَاسِبِ لِمَقَامِ الدُّعَاءِ، وَصِيغَةُ الْمَاضِي هَهُنَا لِلْإِيذَانِ بِتَحَقُّقِ الِاسْتِجَابَةِ وَتَقَرُّرِهَا كَمَا لَا ضَيْرَ فِي الِاخْتِلَافِ بَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=9إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ وَبَيْنَ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=9فَاسْتَجَابَ لَكُمْ كَمَا سَيَأْتِي، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفَاً عَلَى مُضْمَرٍ يَنْسَاقُ إِلَيْهِ الذِّهْنُ، أَيْ: دَعَوْا بِهَذِهِ الْأَدْعِيَةِ فَاسْتَجَابَ إِلَخْ وَأَمَّا عَلَى تَقْرِيرِ كَوْنِ الْمُقَدَّرِ حَالَاً فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=44 "يَتَفَكَّرُونَ" بِاعْتِبَارِ مُقَارَنَتِهِ لِمَا وَقَعَ حَالَاً مِنْ فَاعِلِهِ -أَعْنِي قَوْلَهُ تَعَالَى: رَبَّنَا رَبَّنَا إِلَخْ - فَإِنَّ الِاسْتِجَابَةَ مُتَرَتِّبَةٌ عَلَى دَعَوَاتِهِمْ لَا عَلَى مُجَرَّدِ تَفَكُّرِهِمْ وَحَيْثُ كَانَتْ هِيَ مِنْ أَوْصَافِهِمُ الْجَمِيلَةِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى أَعْمَالِهِمْ بِالْآخِرَةِ اسْتَحَقَّتِ الْانْتِظَامَ فِي سِلْكِ مَحَاسِنِهِمُ الْمَعْدُودَةِ فِي أَثْنَاءِ مَدْحِهِمْ، وَأَمَّا عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِ الْمَوْصُولِ نَعْتَاً لِـ"أُولِي الألباب" فَلَا مَسَاغَ لِهَذَا الْعَطْفِ أَصْلَاً لِمَا عَرَفْتَ مِنْ أَنَّ حَقَّ مَا فِي حَيِّزِ الصِّلَةِ أَنْ يَكُونَ مِنْ مَبَادِي جَرَيَانِ الْحُكْمِ عَلَى الْمَوْصُولِ، وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّ دَعَوَاتِهِمُ السَّابِقَةَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ فَأَيْنَ الِاسْتِجَابَةُ الْمُتَأَخِّرَةُ عَنْهَا؟، وَفِي التَّعَرُّضِ لِعُنْوَانِ الربوبية الْمُنْبِئَةِ عَنِ التَّبْلِيغِ إِلَى الْكَمَالِ مَعَ الْإِضَافَةِ إِلَى ضَمِيرِهِمْ مِنْ تَشْرِيفِهِمْ وَإِظْهَارِ اللُّطْفِ بِهِمْ مَا لَا يَخْفَى.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ أَيْ: بِأَنِّي، وَهَكَذَا قَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ كَأَنَّهُ قِيلَ: فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ بِسَبَبٍ لِأَنَّهُ لَا يُضَيِّعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْهُمْ، أَيْ: سُنَّتُهُ السَّنِيَّةُ مُسْتَمِرَّةٌ عَلَى ذَلِكَ، وَالِالْتِفَاتُ إِلَى التَّكَلُّمِ وَالْخِطَابِ لِإِظْهَارِ كَمَالِ الِاعْتِنَاءِ بِشَأْنِ الِاسْتِجَابَةِ وَتَشْرِيفِ الدَّاعِينَ بِشَرَفِ الْخِطَابِ، وَالْمُرَادُ تَأْكِيدُهَا بِبَيَانِ سَبَبِهَا وَالْإِشْعَارُ بِأَنَّ مَدَارَهَا أَعْمَالُهُمُ الَّتِي قَدَّمُوهَا عَلَى الدُّعَاءِ لَا مُجَرَّدُ الدُّعَاءِ، وَتَعْمِيمُ الْوَعْدِ لِسَائِرِ الْعَامِلِينَ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغُوا دَرَجَةَ أُولِي الألباب لِتَأْكِيدِ اسْتِجَابَةِ الدَّعَوَاتِ الْمَذْكُورَةِ، وَالتَّعْبِيرُ عَنْ تَرْكِ الْإِثَابَةِ بِالْإِضَاعَةِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِضَاعَةٍ حَقِيقِيَّةٍ إِذِ الْأَعْمَالُ غَيْرُ مُوجِبَةٍ لِلثَّوَابِ حَتَّى يَلْزَمَ مِنْ تَخَلُّفِهِ
[ ص: 134 ] عَنْهَا ضَيَاعُهَا لِبَيَانِ كَمَالِ نَزَاهَتِهِ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ بِتَصْوِيرِهِ بِصُورَةِ مَا يَسْتَحِيلُ صُدُورُهُ عَنْهُ مِنَ الْقَبَائِحِ وَإِبْرَازِ الْإِثَابَةِ فِي مَعْرِضِ الْأُمُورِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ. وَقُرِئَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى إِرَادَةِ الْقَوْلِ أَيْ: قَائِلَاً إِنِّي إِلَخْ فَلَا الْتِفَاتَ حِينَئِذٍ. وَقُرِئَ "لَا أُضَيِّعُ" بِالتَّشْدِيدِ وَ"مِنْ" مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ وَقَعَ صِفَةً لِ "عَامِلٍ"، أَيْ: عَامِلٍ كَائِنٍ مِنْكُمْ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَيَانٌ لِعَامِلٍ وَتَأْكِيدٌ لِعُمُومِهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ مُبَيِّنَةٌ لِسَبَبِ انْتِظَامِ النِّسَاءِ فِي سِلْكِ الرِّجَالِ فِي الْوَعْدِ، فَإِنَّ كَوْنَ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنَ الْآخَرِ لِتَشَعُّبِهِمَا مِنْ أَصْلٍ وَاحِدٍ أَوْ لِفَرْطِ الِاتِّصَالِ بَيْنَهُمَا أَوْ لِاتِّفَاقِهِمَا فِي الدِّينِ وَالْعَمَلِ مِمَّا يَسْتَدْعِي الشَّرِكَةَ وَالِاتِّحَادَ فِي ذَلِكَ.
رُوِيَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=54أُمَّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي أَسْمَعُ اللَّهَ تَعَالَى يَذْكُرُ الرِّجَالَ فِي الْهِجْرَةِ وَلَا يَذْكُرُ النِّسَاءَ فَنَزَلَتْ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195فَالَّذِينَ هَاجَرُوا ضَرْبُ تَفْصِيلٍ لِمَا أُجْمِلَ فِي الْعَمَلِ وَتَعْدَادٌ لِبَعْضِ أَحَاسِنِ أَفْرَادِهِ عَلَى وَجْهِ الْمَدْحِ وَالتَّعْظِيمِ، أَيْ: فَالَّذِينَ هَاجَرُوُا الشِّرْكَ أَوِ الْأَوْطَانَ وَالْعَشَائِرَ لِلدِّينِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ عَلَى الْأَوَّلِ عِبَارَةٌ عَنْ نَفْسِ الْهِجْرَةِ وَعَلَى الثَّانِي عَنْ كَيْفِيَّتِهَا وَكَوْنِهَا بِالْقَسْرِ وَالِاضْطِرَارِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي أَيْ: بِسَبَبِ إِيمَانِهِمْ بِاللَّهِ وَمِنْ أَجْلِهِ، وَهُوَ مُتَنَاوِلٌ لِكُلِّ أَذِيَّةٍ نَالَتْهُمْ مِنْ قِبَلِ الْمُشْرِكِينَ.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195وَقَاتَلُوا أَيِ: الْكُفَّارَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195وَقُتِلُوا اسْتُشْهِدُوا فِي الْقِتَالِ. وَقُرِئَ بِالْعَكْسِ لِمَا أَنَّ الْوَاوَ لَا تَسْتَدْعِي التَّرْتِيبَ أَوْ لِأَنَّ الْمُرَادَ: قَتْلُ بَعْضِهِمْ وَقِتَالُ آخَرِينَ إِذْ لَيْسَ الْمَعْنَى عَلَى اتِّصَافِ كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْمَوْصُولِ الْمَذْكُورِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ فِي حَيِّزِ الصِّلَةِ بَلْ عَلَى اتِّصَافِ الْكُلِّ بِالْكُلِّ فِي الْجُمْلَةِ سَوَاءً كَانَ ذَلِكَ بِاتِّصَافِ كُلِّ فَرْدٍ مِنَ الْمَوْصُولِ بِوَاحِدٍ مِنَ الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ بِاثْنَيْنِ مِنْهَا أَوْ بِأَكْثَرَ إِمَّا بِطَرِيقِ التَّوْزِيعِ أَوْ بِطَرِيقِ حَذْفِ بَعْضِ الْمَوْصُولَاتِ مِنَ الْبَيْنِ كَمَا هُوَ رَأْيُ الْكُوفِيِّينَ، كَيْفَ لَا؟ وَلَوْ أُدِيرَ الْحُكْمُ عَلَى اتِّصَافِ كُلِّ فَرْدٍ بِالْكُلِّ لَكَانَ قَدْ أُضِيعَ عَمَلُ مَنِ اتَّصَفَ بِالْبَعْضِ. وَقُرِئَ "وَقُتِّلُوا" بِالتَّشْدِيدِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ جَوَابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: وَاللَّهِ لَأُكَفِّرَنَّ، وَالْجُمْلَةُ الْقَسَمِيَّةُ خَبَرٌ لِلْمُبْتَدَإِ الَّذِي هُوَ الْمَوْصُولُ، وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِوَعْدِ مَا سَأَلَهُ الدَّاعُونَ بِخُصُوصِهِ بَعْدَ مَا وَعَدَ ذَلِكَ عُمُومَاً. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ إِشَارَةٌ إِلَى مَا عَبَّرَ عَنْهُ الدَّاعُونَ فِيمَا قَبْلُ بِقَوْلِهِمْ: "وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ" وَتَفْسِيرٌ لَهُ.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195ثَوَابًا مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِمَا قَبْلَهُ، فَإِنَّ تَكْفِيرَ السَّيِّئَاتِ وَإِدْخَالَ الْجَنَّةِ فِي مَعْنَى الْإِثَابَةِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ هُوَ صِفَةٌ لَهُ مُبَيِّنَةٌ لِشَرَفِهِ، أَيْ: لَأُثِيبَنَّهُمْ إِثَابَةً كَائِنَةً أَوْ تَثْوِيبَاً كَائِنَاً مِنْ عِنْدِهِ تَعَالَى بَالِغَاً إِلَى الْمَرْتَبَةِ الْقَاصِيَةِ مِنَ الشَّرَفِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ اعْتِرَاضٌ تَذْيِيلِيٌّ مُقَرِّرٌ لِمَضْمُونِ مَا قَبْلَهُ وَالِاسْمُ الْجَلِيلُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ عِنْدَهُ وَ"حُسْنُ الثَّوَابِ" مُرْتَفِعٌ بِالظَّرْفِ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ لِاعْتِمَادِهِ عَلَى الْمُبْتَدَإِ أَوْ هُوَ مُبْتَدَأٌ ثَانٍ وَالظَّرْفُ خَبَرُهُ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرٌ لِلْمُبْتَدَإِ الْأَوَّلِ وَالْعِنْدِيَّةُ عِبَارَةٌ عَنِ الْاخْتِصَاصِ بِهِ تَعَالَى مِثْلِ كَوْنِهِ بِقدرته تعالى وَفَضْلِهِ بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ بِحَالِ شَيْءٍ يَكُونُ بِحَضْرَةِ أَحَدٍ لَا يَدَ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ، فَالِاخْتِصَاصُ مُسْتَفَادٌ مِنَ التَّمْثِيلِ سَوَاءً جُعِلَ "عِنْدَهُ" خَبَرَاً مُقَدَّمَاً لِـ"حُسْنُ الثَّوَابِ" أَوْ لَا، وَفِي تَصْدِيرِ الْوَعْدِ الْكَرِيمِ بِعَدَمِ إِضَاعَةِ الْعَمَلِ ثُمَّ تَعْقِيبِهِ بِمِثْلِ هَذَا الْإِحْسَانِ الَّذِي لَا يُقَادَرُ قَدْرُهُ مِنْ لُطْفِ الْمَسْلَكِ الْمُنْبِئِ عَنْ عِظَمِ شَأْنِ الْمُحْسِنِ مَا لَا يَخْفَى.