[ ص: 514 ] قوله عز وجل:
nindex.php?page=treesubj&link=28723_32412_32413_34275_34277_34383_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=70ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا nindex.php?page=treesubj&link=30347_30349_30356_30364_30497_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=71يوم ندعوا كل أناس بإمامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرءون كتابهم ولا يظلمون فتيلا nindex.php?page=treesubj&link=30531_30539_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=72ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا nindex.php?page=treesubj&link=29706_31788_32024_34330_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=73وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا nindex.php?page=treesubj&link=28751_31780_34170_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=74ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا nindex.php?page=treesubj&link=30365_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=75إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا
"كرمنا" تضعيف "كرم"، فالمعنى: جعلنا لهم كرما، أي شرفا وفضلا، وهذا هو كرم نفي النقصان، لا كرم المال، وإنما هو كما تقول: "ثوب كريم"، أي: جمة محاسنه.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذه الآية عدد الله تعالى فيها على بني
آدم ما خصهم به من بين سائر الحيوان. والجن هو الكثير المفضول، والملائكة هم الخارجون عن الكثير المفضول. حملهم في البر والبحر مما لا يصلح لحيوان سوى بني
آدم أن يكون يحمل بإرادته وقصده وتدبيره في البر والبحر جميعا. والرزق من الطيبات، ولا ينتفع فيه حيوان انتفاع بني
آدم ; لأنهم يكسبون المال خاصة دون الحيوان، ويلبسون الثياب، ويأكلون المركبات من الأطعمة، غاية كل حيوان أن يأكل لحما نيئا، أو طعاما غير مركب. و "الرزق": كل ما صح الانتفاع به، وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري عن جماعة أنهم قالوا: التفضيل هو أن يأكل بيديه; وسائر الحيوان بالفم. وقال غيره: وأن ينظر من إشراف أكثر من كل حيوان، ويمشي قائما، ونحو هذا من التفضيل.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا كله غير محذق، وذلك للحيوان من هذا النوع ما كان يفضل به ابن
آدم ، كجري الفرس وسمعه وإبصاره، وقوة الفيل وشجاعة الأسد وكرم الديك، وإنما التكريم والتفضيل بالعقل الذي يملك به الحيوان كله، وبه يعرف الله تعالى، ويفهم
[ ص: 515 ] كلامه ويوصل إلى نعيمه. وقالت فرقة: هذه الآية تقضي بفضل الملائكة على الإنس من حيث هم المستثنون، وقد قال تبارك وتعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=172ولا الملائكة المقربون .
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا غير لازم من الآية، بل التفضيل بين الإنس والجن لم تعن له الآية، بل يحتمل أن الملائكة أفضل، ويحتمل التساوي، وإنما صح
nindex.php?page=treesubj&link=28809تفضيل الملائكة من مواضع أخرى من الشرع.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=71يوم ندعوا كل أناس بإمامهم الآية. يحتمل قوله: "يوم" أن يكون منصوبا على الظرف، والعامل فيه فعل مضمر تقديره: اذكر، أو فعل يدل عليه قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=71ولا يظلمون ، تقديره: ولا يظلمون يوم ندعو، ثم فسره "يظلمون" الآخر، ويجوز أن يعمل فيه "وفضلناهم"، وذلك أن فضل البشر على سائر الحيوان يوم القيامة بين; لأنهم المنعمون المكلمون المحاسبون الذين لهم القدر، إلا أن هذا يرده أن الكفار يومئذ أخسر من كل حيوان; إذ يقول الكافر:
nindex.php?page=tafseer&surano=78&ayano=40يا ليتني كنت ترابا ، ولا يعمل فيه "ندعوا" لأنه مضاف إليه.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
ويحتمل أن يكون "يوم" منصوبا على البناء لما أضيف إلى غير متمكن، ويكون موضعه رفعا بالابتداء، والخبر في التقسيم الذي أتى بعد في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=71فمن أوتي إلى قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=72ومن كان .
[ ص: 516 ] وقرأ الجمهور: "ندعو" بنون العظمة، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : "يدعو" بالياء، على معنى: يدعو الله، ورويت عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : "يدعو" بضم الياء وسكون الواو، وأصلها: يدعى، ولكنها لغة لبعض
العرب ، يقلبون هذه الألف واوا فيقولون: أفعو، وحبلو.
ذكر هاتين
أبو الفتح وأبو علي في ترجمة أعمى بعد. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : "كل" بالرفع، على معنى: يدعو كل. وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12111أبو عمرو الداني عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن أنه قرأ: "يدعى كل" و"الأناس" اسم جمع لا واحد له من لفظه.
وقوله: "بإمامهم" يحتمل أن يريد: باسم إمامهم، ويحتمل أن يريد: مع إمامهم، فعلى التأويل الأول يقال: يا أمة
محمد عليه الصلاة والسلام-، ويا أتباع
فرعون، ونحو هذا، وعلى التأويل الثاني تجيء كل أمة معها إمامها من هاد أو مضل، واختلف المفسرون في الإمام فقال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة : نبيهم، وقال
أبو زيد : كتابهم الذي نزل عليهم، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن : كتابهم الذي فيه أعمالهم، وقالت فرقة: متبعهم من هاد ومضل. ولفظة "الإمام" تعم هذا كله; لأن الإمام هو ما يؤتم به ويهتدى به في القصد، ومنه قيل لخيط البناء: إمام، قال الشاعر يصف قدحا:
وقومته حتى إذا تم واستوى ... كمخة ساق أو كمتن إمام
[ ص: 517 ] ومنه قيل للطريق: إمام; لأنه يؤتم به في المقاصد حتى ينتهي إلى المراد.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=71فمن أوتي كتابه بيمينه حقيقة في أن في يوم القيامة صحائف تتطاير وتوضع في الأيمان لأهل الإيمان، وفي الشمائل لأهل الكفر، وتوضع في أيمان المذنبين الذين ينفذهم الوعيد، فسيستفيدون منها أنهم غير مخلدين في النار. وقوله تبارك وتعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=71يقرءون كتابهم ، عبارة عن السرور بها، أي: يرددنها ويتناقلونها، وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=71ولا يظلمون فتيلا ، أي: ولا أقل ولا أكثر، فهذا هو مفهوم الخطاب، حكم المسكوت عنه كحكم المذكور، كقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23فلا تقل لهما أف ، وكقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=40إن الله لا يظلم مثقال ذرة ، وهذا كثير. ومعنى الآية أنهم لا يبخسون من جزاء أعمالهم الصالحة شيئا، و "الفتيل" هو الخيط الذي في شق نواة التمر، يضرب به المثل في القلة وتفاهة القدر.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=72ومن كان في هذه أعمى الآية. قال
محمد بن أبي موسى: الإشارة بـ "هذه" إشارة إلى النعم التي ذكرها سبحانه وتعالى في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=70ولقد كرمنا بني آدم ، أي: من عمي عن شكر هذه النعم والإيمان بمسديها فهو في أمور الآخرة وشأنها أعمى.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
ويحتمل "أعمى" الثاني أن يكون بمنزلة الأول، على أنه تشبيه بأعمى البصر، ويحتمل أن يكون صفة تفضيل، أي أشد عمى، و"العمى" في هذه الآية هو عمى القلب في الأول والثاني، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16327وابن زيد : الإشارة بـ "هذه" إلى الدنيا، أي: من كان في هذه الدار أعمى عن النظر في آيات الله تبارك وتعالى وعبره والإيمان بآياته
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=72فهو في الآخرة أعمى ، إما أن يكون على حذف مضاف، أي: في شأن الآخرة، وإما أن يكون: فهو في يوم القيامة أعمى، على معنى أنه حيران، لا يتوجه إليه صواب، ولا يلوح له نجح. قال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : في الآخرة أعمى عن حجته.
[ ص: 518 ] قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
والظاهر عندي أن الإشارة بـ "هذه" إلى الدنيا، أي: من كان في دنياه هذه ووقت إدراكه وفهمه أعمى عن النظر في آيات الله تعالى، فهو في الآخرة أشد حيرة وأعمى; لأنه قد باشر الخيبة، ورأى مخايل العذاب. وبهذا التأويل تكون معادلة للتي قبلها، من ذكر من يؤتى كتابه بيمينه، وإذا جعلنا قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=72في الآخرة بمعنى: "في شأن الآخرة" لم تطرد المعادلة بين الاثنين.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير ،
nindex.php?page=showalam&ids=17192ونافع ،
nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر ،
وحفص عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم : "أعمى" في الموضعين بغير إمالة، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16273وعاصم -بخلاف عنه- في الموضعين بإمالة، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو بإمالة الأول وفتح الثاني، وتأوله بمعنى: "أشد عمى"، ولذلك لم يمله. قال
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو: لأن الإمالة إنما تحسن في الأواخر، و"أعمى" ليس كذلك; لأن تقديره: أعمى من كذا، فليس يتم إلا في قولنا: "من كذا" على ما هو شبيه به.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
وإنما جعله في الآخرة أضل سبيلا، لأن الكافر في الدنيا ممكن أن يؤمن فينجو، وهو في الآخرة لا يمكنه ذلك، فهو أضل سبيلا، وأشد حيرة، وأقرب إلى العذاب. وقول
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : "لا يقال أعمى من كذا، كما يقال: ما أيداه" إنما هو في عمى العين الذي لا تفاضل فيه، وأما في عمى القلب فيقال ذلك لأنه يقع فيه التفاضل.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
وذكر مكي في هذه الآية، أن العمى الأول هو عمى العين عن الهدى. وهذا بين الاختلال، والله المعين.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=73وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك الآية. "إن" هذه عند
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه هي المخففة من الثقيلة، واللام في قوله سبحانه: "ليفتنونك" لام تأكيد، و"إن" هذه عند
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء بمعنى "ما"، واللام بمعنى "إنما"، والضمير في قوله تعالى: "كادوا" قيل: هو
لقريش ، وقيل:
لثقيف، فأما
لقريش فقال
nindex.php?page=showalam&ids=15992ابن جبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد : نزلت الآية لأنهم
[ ص: 519 ] قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ندعك تستلم الحجر الأسود حتى تمس أوثاننا، على جهة التشرع بذلك، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري وغيره: فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يظهر لهم ذلك وقلبه منكر، فنزلت الآية في ذلك، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفسه: وما علي أن أفعل لهم ذلك والله تعالى يعلم ما في نفسي؟ وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق وغيره: إنهم اجتمعوا ليلة فعظموه وقالوا له: أنت سيدنا، ولكن: أقبل على بعض أمرنا ونقبل على بعض أمرك، فنزلت الآية في ذلك.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
فهي في معنى قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=9ودوا لو تدهن فيدهنون . وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج أن الآية قيل: إنما هي فيما أرادوه من طرد فقراء أصحابه.
وأما
لثقيف فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما- وغيره: لأنهم طلبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤخرهم بعد إسلامهم سنة يعبدون فيها اللات، وقالوا: إنا نريد أن نأخذ ما يهدى لها، ولكن إن خفت أن تنكر ذلك عليك
العرب فقل: أوحى الله ذلك إلي، فنزلت الآية في ذلك. ويلزم قائل هذا القول أن يجعل الآية مدنية، وقد روي ذلك، وروى قائلو الأقوال الأخر أنها مكية.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
وجميع ما أريد من النبي صلى الله عليه وسلم بحسب هذا الاختلاف قد أوحى الله تعالى إليه خلافه، إما في معجز، وإما في غير معجز، وفعله هو -إن لو وقع- افتراء على الله، إذ أفعاله وأقواله إنما هي كلها شرع.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=73وإذا لاتخذوك خليلا توقيف على ما نجاه الله تعالى منه من مخالفة الكفار والولاية لهم.
وقوله " لولا أن ثبتناك " الآية، تعديد نعمة على النبي صلى الله عليه وسلم، وروي أن رسول الله
[ ص: 520 ] و "الركون": شد الظهر إلى الأمر، أو الحزم على جهة السكون إليه، كما يفعل الإنسان بالركن من الجدران، ومنه قوله تعالى حكاية:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=80أو آوي إلى ركن شديد ، وقرأ الجمهور: "تركن" بفتح الكاف، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16258ابن مصرف، nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ،
وعبد الله بن أبي إسحاق: "تركن" بضم الكاف. ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يركن، لكنه كاد بحسب همه بموافقتهم طمعا منه في استئلافهم، وذهب ابن الأنباري إلى أن معناه: لقد كاد أن يخبروا عنك أنك ركنت، ونحو هذا، ذهب في ذلك إلى نفي الهم بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، فحمل اللفظ ما لا يحتمل. وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=74شيئا قليلا يبطل ذلك. وهذا الهم من النبي صلى الله عليه وسلم إنما كانت خطرة مما لا يمكن دفعه، ولذلك قيل: "كدت"، وهي تعطي أنه لم يكن ركونا، ثم قيل:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=74شيئا قليلا إذ كانت المقاربة التي تتضمنها "كدت" قليلة، خطرة لم تتأكد في النفس، وهذا الهم هو كهم
يوسف عليه السلام، والقول فيهما واحد. وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=75إذا لأذقناك يبطل أيضا ما ذهب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=75ضعف الحياة وضعف الممات ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك: يريد: ضعف عذاب الحياة وضعف عذاب الممات.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
على معنى أن ما يستحقه هذا الذنب من عقوبتنا في الدنيا والآخرة كنا نضعفه لك، وهذا التضعيف شائع مع النبي صلى الله عليه وسلم في أجره وألمه وعقاب أزواجه. وباقي الآية بين.
[ ص: 514 ] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=treesubj&link=28723_32412_32413_34275_34277_34383_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=70وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا nindex.php?page=treesubj&link=30347_30349_30356_30364_30497_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=71يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلا nindex.php?page=treesubj&link=30531_30539_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=72وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلا nindex.php?page=treesubj&link=29706_31788_32024_34330_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=73وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاتَّخَذُوكَ خَلِيلا nindex.php?page=treesubj&link=28751_31780_34170_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=74وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلا nindex.php?page=treesubj&link=30365_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=75إِذًا لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا
"كَرَّمْنَا" تَضْعِيفُ "كَرَمَ"، فَالْمَعْنَى: جَعَلَنَا لَهُمْ كَرَمًا، أَيْ شَرَفًا وَفَضْلًا، وَهَذَا هُوَ كَرَمُ نَفْيِ النُّقْصَانِ، لَا كَرَمَ الْمَالِ، وَإِنَّمَا هُوَ كَمَا تَقُولُ: "ثَوْبٌ كَرِيمٌ"، أَيْ: جَمَّةٌ مَحَاسِنُهُ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَهَذِهِ الْآيَةُ عَدَّدَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا عَلَى بَنِي
آدَمَ مَا خَصَّهُمْ بِهِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْحَيَوَانِ. وَالْجِنُّ هُوَ الْكَثِيرُ الْمَفْضُولُ، وَالْمَلَائِكَةُ هُمُ الْخَارِجُونَ عَنِ الْكَثِيرِ الْمَفْضُولِ. حَمَلَهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ مِمَّا لَا يَصْلُحُ لِحَيَوَانٍ سِوَى بَنِي
آدَمَ أَنْ يَكُونَ يَحْمِلُ بِإِرَادَتِهِ وَقَصْدِهِ وَتَدْبِيرِهِ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ جَمِيعًا. وَالرِّزْقُ مِنَ الطَّيِّبَاتِ، وَلَا يَنْتَفِعُ فِيهِ حَيَوَانٌ انْتِفَاعَ بَنِي
آدَمَ ; لِأَنَّهُمْ يَكْسِبُونَ الْمَالَ خَاصَّةً دُونَ الْحَيَوَانِ، وَيَلْبَسُونَ الثِّيَابَ، وَيَأْكُلُونَ الْمَرْكَبَاتِ مِنَ الْأَطْعِمَةِ، غَايَةُ كُلِّ حَيَوَانٍ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمًا نَيِّئًا، أَوْ طَعَامًا غَيْرَ مُرَكَّبٍ. وَ "الرِّزْقُ": كُلُّ مَا صَحَّ الِانْتِفَاعُ بِهِ، وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ أَنَّهُمْ قَالُوا: التَّفْضِيلُ هُوَ أَنْ يَأْكُلَ بِيَدَيْهِ; وَسَائِرُ الْحَيَوَانِ بِالْفَمِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: وَأَنْ يَنْظُرَ مِنْ إِشْرَافٍ أَكْثَرَ مِنْ كُلِّ حَيَوَانٍ، وَيَمْشِي قَائِمًا، وَنَحْوَ هَذَا مِنَ التَّفْضِيلِ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَهَذَا كُلُّهُ غَيْرُ مُحْذِقٍ، وَذَلِكَ لِلْحَيَوَانِ مِنْ هَذَا النَّوْعِ مَا كَانَ يُفَضِّلُ بِهِ ابْنَ
آدَمَ ، كَجَرْيِ الْفَرَسِ وَسَمْعِهِ وَإِبْصَارِهِ، وَقُوَّةِ الْفِيلِ وَشَجَاعَةِ الْأَسَدِ وَكَرَمِ الدِّيكِ، وَإِنَّمَا التَّكْرِيمُ وَالتَّفْضِيلُ بِالْعَقْلِ الَّذِي يَمْلِكُ بِهِ الْحَيَوَانَ كُلَّهُ، وَبِهِ يَعْرِفُ اللَّهَ تَعَالَى، وَيَفْهَمُ
[ ص: 515 ] كَلَامَهُ وَيُوصِلُ إِلَى نَعِيمِهِ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: هَذِهِ الْآيَةُ تَقْضِي بِفَضْلِ الْمَلَائِكَةِ عَلَى الْإِنْسِ مِنْ حَيْثُ هُمُ الْمُسْتَثْنَوْنَ، وَقَدْ قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=172وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ .
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَهَذَا غَيْرُ لَازِمٍ مِنَ الْآيَةِ، بَلِ التَّفْضِيلُ بَيْنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ لَمْ تَعْنِ لَهُ الْآيَةُ، بَلْ يُحْتَمَلُ أَنِ الْمَلَائِكَةَ أَفْضَلُ، وَيُحْتَمَلُ التَّسَاوِي، وَإِنَّمَا صَحَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28809تَفْضِيلُ الْمَلَائِكَةِ مِنْ مَوَاضِعَ أُخْرَى مِنَ الشَّرْعِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=71يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ الْآيَةُ. يُحْتَمَلُ قَوْلُهُ: "يَوْمَ" أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا عَلَى الظَّرْفِ، وَالْعَامِلُ فِيهِ فِعْلُ مُضْمَرٌ تَقْدِيرُهُ: اذْكُرْ، أَوْ فِعْلٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=71وَلا يُظْلَمُونَ ، تَقْدِيرُهُ: وَلَا يُظْلَمُونَ يَوْمَ نَدْعُو، ثُمَّ فَسَّرَهُ "يُظْلَمُونَ" الْآخَرُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ "وَفَضَّلْنَاهُمْ"، وَذَلِكَ أَنَّ فَضْلَ الْبَشَرِ عَلَى سَائِرِ الْحَيَوَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيَّنٌ; لِأَنَّهُمُ الْمُنَعَّمُونَ الْمُكَلَّمُونَ الْمُحَاسَبُونَ الَّذِينَ لَهُمُ الْقَدَرُ، إِلَّا أَنَّ هَذَا يَرُدُّهُ أَنَّ الْكُفَّارَ يَوْمَئِذٍ أَخْسَرُ مَنْ كُلِّ حَيَوَانٍ; إِذْ يَقُولُ الْكَافِرُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=78&ayano=40يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا ، وَلَا يَعْمَلُ فِيهِ "نَدْعُوا" لِأَنَّهُ مُضَافٌ إِلَيْهِ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ "يَوْمَ" مَنْصُوبًا عَلَى الْبِنَاءِ لَمَّا أُضِيفَ إِلَى غَيْرِ مُتَمَكِّنٍ، وَيَكُونُ مَوْضِعُهُ رَفْعًا بِالِابْتِدَاءِ، وَالْخَبَرُ فِي التَّقْسِيمِ الَّذِي أَتَى بَعْدُ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=71فَمَنْ أُوتِيَ إِلَى قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=72وَمَنْ كَانَ .
[ ص: 516 ] وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: "نَدْعُو" بِنُونِ الْعَظَمَةِ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ : "يَدْعُو" بِالْيَاءِ، عَلَى مَعْنَى: يَدْعُو اللَّهُ، وَرُوِيَتْ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16273عَاصِمٍ ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ : "يُدْعَوْ" بِضَمِّ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْوَاوِ، وَأَصْلُهَا: يُدْعَى، وَلَكِنَّهَا لُغَةٌ لِبَعْضِ
الْعَرَبِ ، يَقْلِبُونَ هَذِهِ الْأَلِفَ وَاوًا فَيَقُولُونَ: أَفْعَوْ، وَحُبْلَوْ.
ذَكَرَ هَاتَيْنِ
أَبُو الْفَتْحِ وَأَبُو عَلِيٍّ فِي تَرْجَمَةِ أَعْمَى بَعْدُ. وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ : "كُلُّ" بِالرَّفْعِ، عَلَى مَعْنَى: يُدْعَوْ كُلُّ. وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=12111أَبُو عَمْرُو الدَّانِي عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ أَنَّهُ قَرَأَ: "يُدْعَى كُلُّ" وَ"الْأُنَاسُ" اسْمُ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ.
وَقَوْلُهُ: "بِإِمَامِهِمْ" يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ: بِاسْمِ إِمَامِهِمْ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ: مَعَ إِمَامِهِمْ، فَعَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ يُقَالُ: يَا أُمَّةَ
مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-، وَيَا أَتْبَاعَ
فِرْعَوْنَ، وَنَحْوَ هَذَا، وَعَلَى التَّأْوِيلِ الثَّانِي تَجِيءُ كُلُّ أُمَّةٍ مَعَهَا إِمَامُهَا مَنْ هَادٍ أَوْ مُضِلٍّ، وَاخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي الْإِمَامِ فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةُ : نَبِيُّهُمْ، وَقَالَ
أَبُو زَيْدٍ : كِتَابُهُمُ الَّذِي نَزَلَ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102وَالْحَسَنُ : كِتَابُهُمُ الَّذِي فِيهِ أَعْمَالُهُمْ، وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: مُتَّبَعُهُمْ مَنْ هَادٍ وَمُضِلٍّ. وَلَفْظَةُ "الْإِمَامِ" تَعُمُّ هَذَا كُلَّهُ; لِأَنَّ الْإِمَامَ هُوَ مَا يُؤْتَمُّ بِهِ وَيُهْتَدَى بِهِ فِي الْقَصْدِ، وَمِنْهُ قِيلَ لِخَيْطِ الْبِنَّاءِ: إِمَامٌ، قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ قَدْحًا:
وَقَوَّمْتُهُ حَتَّى إِذَا تَمَّ وَاسْتَوَى ... كَمُخَّةِ سَاقٍ أَوْ كَمَتْنِ إِمَامِ
[ ص: 517 ] وَمِنْهُ قِيلَ لِلطَّرِيقِ: إِمَامٌ; لِأَنَّهُ يُؤْتَمُّ بِهِ فِي الْمَقَاصِدِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى الْمُرَادِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=71فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ حَقِيقَةٌ فِي أَنَّ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ صَحَائِفَ تَتَطَايَرُ وَتُوضَعُ فِي الْأَيْمَانِ لِأَهْلِ الْإِيمَانِ، وَفِي الشَّمَائِلِ لِأَهْلِ الْكُفْرِ، وَتُوضَعُ فِي أَيْمَانِ الْمُذْنِبِينَ الَّذِينَ يَنْفُذُهُمُ الْوَعِيدُ، فَسَيَسْتَفِيدُونَ مِنْهَا أَنَّهُمْ غَيْرُ مُخَلَّدِينَ فِي النَّارِ. وَقَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=71يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ ، عِبَارَةٌ عَنِ السُّرُورِ بِهَا، أَيْ: يُرَدِّدُنَهَا وَيَتَنَاقَلُونَهَا، وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=71وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلا ، أَيْ: وَلَا أَقَلَّ وَلَا أَكْثَرَ، فَهَذَا هُوَ مَفْهُومُ الْخِطَابِ، حُكْمُ الْمَسْكُوتِ عَنْهُ كَحُكْمِ الْمَذْكُورِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ ، وَكَقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=40إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ، وَهَذَا كَثِيرٌ. وَمَعْنَى الْآيَةِ أَنَّهُمْ لَا يُبْخَسُونَ مِنْ جَزَاءِ أَعْمَالِهِمُ الصَّالِحَةِ شَيْئًا، وَ "الْفَتِيلُ" هُوَ الْخَيْطُ الَّذِي فِي شِقِّ نَوَاةِ التَّمْرِ، يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلَ فِي الْقِلَّةِ وَتَفَاهَةِ الْقَدْرِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=72وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى الْآيَةُ. قَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُوسَى: الْإِشَارَةُ بِـ "هَذِهِ" إِشَارَةٌ إِلَى النِّعَمِ الَّتِي ذَكَرَهَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=70وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ، أَيْ: مَنْ عَمِيَ عَنْ شُكْرِ هَذِهِ النِّعَمِ وَالْإِيمَانِ بِمُسْدِيهَا فَهُوَ فِي أُمُورِ الْآخِرَةِ وَشَأْنِهَا أَعْمَى.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَيَحْتَمَلُ "أَعْمَى" الثَّانِي أَنْ يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ الْأَوَّلِ، عَلَى أَنَّهُ تَشْبِيهٌ بِأَعْمَى الْبَصَرِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صِفَةَ تَفْضِيلٍ، أَيْ أَشَدُّ عَمَى، وَ"الْعَمَى" فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ عَمَى الْقَلْبِ فِي الْأَوَّلِ وَالثَّانِي، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16327وَابْنُ زَيْدٍ : الْإِشَارَةُ بِـ "هَذِهِ" إِلَى الدُّنْيَا، أَيْ: مَنْ كَانَ فِي هَذِهِ الدَّارِ أَعْمَى عَنِ النَّظَرِ فِي آيَاتِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَعِبَرِهِ وَالْإِيمَانِ بِآيَاتِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=72فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَيْ: فِي شَأْنِ الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ: فَهُوَ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَعْمَى، عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ حَيْرَانٌ، لَا يَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ صَوَابٌ، وَلَا يَلُوحُ لَهُ نُجُحٌ. قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ : فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى عَنْ حُجَّتِهِ.
[ ص: 518 ] قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَالظَّاهِرُ عِنْدِي أَنَّ الْإِشَارَةَ بِـ "هَذِهِ" إِلَى الدُّنْيَا، أَيْ: مَنْ كَانَ فِي دُنْيَاهُ هَذِهِ وَوَقْتُ إِدْرَاكِهِ وَفَهْمِهِ أَعْمَى عَنِ النَّظَرِ فِي آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَشَدُّ حِيرَةً وَأَعْمَى; لِأَنَّهُ قَدْ بَاشَرَ الْخَيْبَةَ، وَرَأَى مَخَايِلَ الْعَذَابِ. وَبِهَذَا التَّأْوِيلِ تَكُونُ مُعَادَلَةٌ لِلَّتِي قَبْلَهَا، مَنْ ذَكَرَ مَنْ يُؤْتَى كِتَابُهُ بِيَمِينِهِ، وَإِذَا جَعَلْنَا قَوْلَهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=72فِي الآخِرَةِ بِمَعْنَى: "فِي شَأْنِ الْآخِرَةِ" لَمْ تُطْرَدِ الْمُعَادَلَةُ بَيْنَ الْاثْنَيْنِ.
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابْنُ كَثِيرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17192وَنَافِعٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16447وَابْنُ عَامِرٍ ،
وَحَفَصٌ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16273عَاصِمٍ : "أَعْمَى" فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِغَيْرِ إِمَالَةٍ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حَمْزَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16273وَعَاصِمٌ -بِخِلَافٍ عَنْهُ- فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِإِمَالَةٍ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أَبُو عَمْرُو بِإِمَالَةِ الْأَوَّلِ وَفَتْحِ الثَّانِي، وَتَأَوَّلَهُ بِمَعْنَى: "أَشَدُّ عَمَى"، وَلِذَلِكَ لَمْ يُمِلْهُ. قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أَبُو عَمْرُو: لِأَنَّ الْإِمَالَةَ إِنَّمَا تَحْسُنُ فِي الْأَوَاخِرِ، وَ"أَعْمَى" لَيْسَ كَذَلِكَ; لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ: أَعْمَى مِنْ كَذَا، فَلَيْسَ يَتِمُّ إِلَّا فِي قَوْلِنَا: "مِنْ كَذَا" عَلَى مَا هُوَ شَبِيهٌ بِهِ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَإِنَّمَا جَعَلَهُ فِي الْآخِرَةِ أَضَلَّ سَبِيلًا، لِأَنَّ الْكَافِرَ فِي الدُّنْيَا مُمْكِنٌ أَنْ يُؤْمِنَ فَيَنْجُو، وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ، فَهُوَ أَضَلُّ سَبِيلًا، وَأَشَدُّ حِيرَةً، وَأَقْرَبُ إِلَى الْعَذَابِ. وَقَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ : "لَا يُقَالُ أَعْمَى مِنْ كَذَا، كَمَا يُقَالُ: مَا أَيْدَاهْ" إِنَّمَا هُوَ فِي عَمَى الْعَيْنُ الَّذِي لَا تَفَاضُلُ فِيهِ، وَأَمَّا فِي عَمَى الْقَلْبِ فَيُقَالُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَقَعُ فِيهِ التَّفَاضُلُ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَذَكَرَ مَكِّيُّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، أَنَّ الْعَمَى الْأَوَّلَ هُوَ عَمَى الْعَيْنِ عَنِ الْهُدَى. وَهَذَا بَيِّنُ الِاخْتِلَالِ، وَاللَّهٌ الْمُعِينُ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=73وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ الْآيَةُ. "إِنْ" هَذِهِ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ هِيَ الْمُخَفَّفَةُ مِنَ الثَّقِيلَةِ، وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: "لَيَفْتِنُونَكَ" لَامُ تَأْكِيدٍ، وَ"إِنْ" هَذِهِ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=14888الْفَرَّاءِ بِمَعْنَى "مَا"، وَاللَّامُ بِمَعْنَى "إِنَّمَا"، وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: "كَادُوا" قِيلَ: هُوَ
لِقُرَيْشٍ ، وَقِيلَ:
لِثَقِيفٍ، فَأَمَّا
لِقُرَيْشٍ فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15992ابْنُ جُبَيْرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٌ : نَزَلَتِ الْآيَةُ لِأَنَّهُمْ
[ ص: 519 ] قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا نَدَعُكَ تَسْتَلِمُ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ حَتَّى تَمَسَّ أَوْثَانَنَا، عَلَى جِهَةِ التَّشَرُّعِ بِذَلِكَ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ: فَهَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُظْهِرَ لَهُمْ ذَلِكَ وَقَلْبُهُ مُنْكِرٌ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ فِي ذَلِكَ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفْسِهِ: وَمَا عَلَيَّ أَنْ أَفْعَلَ لَهُمْ ذَلِكَ وَاللَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي؟ وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقٍ وَغَيْرُهُ: إِنَّهُمُ اجْتَمَعُوا لَيْلَةً فَعَظَّمُوهُ وَقَالُوا لَهُ: أَنْتَ سَيِّدُنَا، وَلَكِنْ: أَقْبِلْ عَلَى بَعْضِ أَمْرِنَا وَنُقْبِلُ عَلَى بَعْضِ أَمْرِكَ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ فِي ذَلِكَ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
فَهِيَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=9وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ . وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ أَنَّ الْآيَةَ قِيلَ: إِنَّمَا هِي فِيمَا أَرَادُوهُ مِنْ طَرْدِ فُقَرَاءِ أَصْحَابِهِ.
وَأَمَّا
لِثَقِيفٍ فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- وَغَيْرُهُ: لِأَنَّهُمْ طَلَبُوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُؤَخِّرَهُمْ بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ سَنَةً يَعْبُدُونَ فِيهَا اللَّاتَ، وَقَالُوا: إِنَّا نُرِيدُ أَنْ نَأْخُذَ مَا يُهْدَى لَهَا، وَلَكِنْ إِنْ خِفْتَ أَنْ تُنْكِرَ ذَلِكَ عَلَيْكَ
الْعَرَبُ فَقُلْ: أَوْحَى اللَّهُ ذَلِكَ إِلَيَّ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ فِي ذَلِكَ. وَيَلْزَمُ قَائِلُ هَذَا الْقَوْلِ أَنْ يَجْعَلَ الْآيَةَ مَدَنِيَّةً، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ، وَرَوَى قَائِلُو الْأَقْوَالِ الْأُخَرِ أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَجَمِيعُ مَا أُرِيدَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَسَبِ هَذَا الِاخْتِلَافِ قَدْ أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ خِلَافَهُ، إِمَّا فِي مُعْجِزٍ، وَإِمَّا فِي غَيْرِ مُعْجِزٍ، وَفِعْلُهُ هُوَ -إِنَّ لَوْ وَقَعَ- افْتِرَاءٌ عَلَى اللَّهِ، إِذْ أَفْعَالُهُ وَأَقْوَالُهُ إِنَّمَا هِيَ كُلُّهَا شَرْعٌ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=73وَإِذًا لاتَّخَذُوكَ خَلِيلا تَوْقِيفٌ عَلَى مَا نَجَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ مِنْ مُخَالَفَةِ الْكُفَّارِ وَالْوِلَايَةِ لَهُمْ.
وَقَوْلُهُ " لَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ " الْآيَةُ، تَعْدِيدُ نِعْمَةٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
[ ص: 520 ] وَ "الرُّكُونُ": شَدُّ الظَّهْرِ إِلَى الْأَمْرِ، أَوِ الْحَزْمُ عَلَى جِهَةِ السُّكُونِ إِلَيْهِ، كَمَا يَفْعَلُ الْإِنْسَانُ بِالرُّكْنِ مِنَ الْجُدْرَانِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى حِكَايَةً:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=80أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ، وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: "تَرْكَنُ" بِفَتْحِ الْكَافِ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16258ابْنُ مَصْرِفٍ، nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةُ ،
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ: "تَرْكُنُ" بِضَمِّ الْكَافِ. وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَرْكَنْ، لَكِنَّهُ كَادَ بِحَسْبِ هَمِّهِ بِمُوَافَقَتِهِمْ طَمَعًا مِنْهُ فِي اسْتِئْلَافِهِمْ، وَذَهَبَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ إِلَى أَنَّ مَعْنَاهُ: لَقَدْ كَادَ أَنْ يُخْبِرُوا عَنْكَ أَنَّكَ رَكَنْتَ، وَنَحْوَ هَذَا، ذَهَبَ فِي ذَلِكَ إِلَى نَفْيِ الْهَمِّ بِذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَمَّلَ اللَّفْظَ مَا لَا يَحْتَمِلُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=74شَيْئًا قَلِيلا يُبْطِلُ ذَلِكَ. وَهَذَا الْهَمُّ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَانَتْ خَطِرَةً مِمَّا لَا يُمْكِنُ دَفْعَهُ، وَلِذَلِكَ قِيلَ: "كِدْتَ"، وَهِيَ تُعْطِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ رُكُونًا، ثُمَّ قِيلَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=74شَيْئًا قَلِيلا إِذْ كَانَتِ الْمُقَارَبَةُ الَّتِي تَتَضَمَّنُهَا "كِدْتَ" قَلِيلَةً، خَطِرَةً لَمْ تَتَأَكَّدْ فِي النَّفْسِ، وَهَذَا الْهَمُّ هُوَ كَهَمِّ
يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَالْقَوْلُ فِيهِمَا وَاحِدٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=75إِذًا لأَذَقْنَاكَ يُبْطِلُ أَيْضًا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=75ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14676وَالضِّحَاكُ: يُرِيدُ: ضِعْفَ عَذَابِ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ عَذَابِ الْمَمَاتِ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
عَلَى مَعْنَى أَنَّ مَا يَسْتَحِقُّهُ هَذَا الذَّنْبُ مِنْ عُقُوبَتِنَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ كُنَّا نُضَعِّفُهُ لَكَ، وَهَذَا التَّضْعِيفُ شَائِعٌ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَجْرِهِ وَأَلَمِهِ وَعِقَابِ أَزْوَاجِهِ. وَبَاقِي الْآيَةِ بَيِّنٌ.