قوله عز وجل:
nindex.php?page=treesubj&link=23465_30415_34148_34513_842_844_28984nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=22والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار nindex.php?page=treesubj&link=29747_30384_30387_30395_28984nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=23جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب nindex.php?page=treesubj&link=19573_29747_30395_32650_28984nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=24سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار
الصبر لوجه الله يدخل في الرزايا والأسقام والعبادات، وعن الشهوات ونحو ذلك.
[ ص: 200 ] و"ابتغاء" نصب على المصدر، أو على المفعول لأجله، و "الوجه" في هذه الآية ظاهره الجهة التي تقصد عنده تعالى بالحسنات لتقع عليها المثوبة، وهذا كما تقول: خرج الجيش لوجه كذا، وهذا أظهر ما فيه، مع احتمال غيره، و "إقامة الصلاة" هي الإتيان بها على كمالها، والصلاة هنا هي المفروضة.
وقوله تعالى: "وأنفقوا" يريد به مواساة المحتاج، و "السر" هو فيما أنفق تطوعا، و العلانية فيما أنفق من الزكاة المفروضة، لأن التطوع كله الأفضل فيه التكتم. وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=22ويدرءون بالحسنة السيئة أي: ويدفعون من رأوا منه مكروها بالتي هي أحسن، وقيل: يدفعون بقول "لا إله إلا الله" شركهم، وقيل: يدفعون بالسلام غوائل الناس.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
وبالجملة لا يكافئون الشر بالشر، وهذا بخلاف خلق الجاهلية، وروي أن هذه الآية نزلت في
الأنصار ثم هي عامة -بعد ذلك- في كل من اتصف بهذه الصفات.
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=24عقبى الدار يحتمل أن تكون عقبى دار الدنيا، ثم فسر "العقبى" بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=23جنات عدن إذ العقبى تعم حالة الخير وحالة الشر، ويحتمل أن يريد: عقبى دار الآخرة لدار الدنيا، أي: العقبى الجنة في الدار الآخرة هي لهم. وقرأ الجمهور: "جنات عدن"، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي : "جنة عدن يدخلونها" بضم الياء وفتح الخاء، و"جنات" بدل من "عقبى" وتفسير لها. و"عدن" هي مدينة الجنة ووسطها، ومنها "جنات الإقامة"، من "عدن في المكان" إذا أقام فيه طويلا، ومنه المعادن، وجنات عدن يقال: هي سكن الأنبياء والشهداء والعلماء فقط، قاله عبد الله بن عمرو بن العاص، ويروى أن لها خمسة آلاف باب.
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=23ومن صلح أي: من عمل صالحا وآمن، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد وغيره، ويحتمل: أي من صلح لذلك بقدر الله تعالى وسابق علمه، وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري في صفة دخول
[ ص: 201 ] الملائكة أحاديث لم نطول بها لضعف أسانيدها، والمعنى: يقولون: سلام عليكم، فحذف "يقولون" تخفيفا وإيجازا لدلالة ظاهر الكلام عليه، والمعنى: هذا بما صبرتم، والمعنى في
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=24عقبى الدار على ما تقدم من المعنيين، وقرأ الجمهور: "فنعم" بكسر النون وسكون العين، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17340يحيى بن وثاب بفتح النون وكسر العين، وقالت فرقة: معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=24عقبى الدار أي: أن أعقبوا الجنة من جهنم.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا التأويل مبني على حديث ورد وهو:
"أن كل رجل في الجنة فقد كان له مقعد معروف في النار فصرفه الله عنه إلى النعيم، فيعرض عليه، ويقال له: هذا مكان مقعدك فبدلك الله منه الجنة بإيمانك وطاعتك وصبرك" .
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=treesubj&link=23465_30415_34148_34513_842_844_28984nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=22وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ nindex.php?page=treesubj&link=29747_30384_30387_30395_28984nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=23جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ nindex.php?page=treesubj&link=19573_29747_30395_32650_28984nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=24سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ
الصَّبْرُ لِوَجْهِ اللَّهِ يَدْخُلُ فِي الرَّزَايَا وَالْأَسْقَامِ وَالْعِبَادَاتِ، وَعَنِ الشَّهَوَاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
[ ص: 200 ] وَ"ابْتِغَاءَ" نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِ، أَوْ عَلَى الْمَفْعُولِ لِأَجْلِهِ، وَ "الْوَجْهُ" فِي هَذِهِ الْآيَةِ ظَاهِرُهُ الْجِهَةُ الَّتِي تُقْصَدُ عِنْدَهُ تَعَالَى بِالْحَسَنَاتِ لِتَقَعَ عَلَيْهَا الْمَثُوبَةُ، وَهَذَا كَمَا تَقُولُ: خَرَجَ الْجَيْشُ لِوَجْهِ كَذَا، وَهَذَا أَظْهَرُ مَا فِيهِ، مَعَ احْتِمَالِ غَيْرِهِ، وَ "إِقَامَةُ الصَّلَاةِ" هِيَ الْإِتْيَانُ بِهَا عَلَى كَمَالِهَا، وَالصَّلَاةُ هُنَا هِيَ الْمَفْرُوضَةُ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: "وَأَنْفَقُوا" يُرِيدُ بِهِ مُوَاسَاةَ الْمُحْتَاجِ، وَ "السِّرُّ" هُوَ فِيمَا أُنْفِقَ تَطَوُّعًا، و الْعَلَانِيَةُ فِيمَا أُنْفِقَ مِنَ الزَّكَاةِ الْمَفْرُوضَةِ، لِأَنَّ التَّطَوُّعَ كُلَّهُ الْأَفْضَلُ فِيهِ التَّكَتُّمُ. وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=22وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أَيْ: وَيَدْفَعُونَ مَنْ رَأَوْا مِنْهُ مَكْرُوهًا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، وَقِيلَ: يَدْفَعُونَ بِقَوْلِ "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" شِرْكَهُمْ، وَقِيلَ: يَدْفَعُونَ بِالسَّلَامِ غَوَائِلَ النَّاسِ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَبِالْجُمْلَةِ لَا يُكَافِئُونَ الشَّرَّ بِالشَّرِّ، وَهَذَا بِخِلَافِ خُلُقِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَرُوِيَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي
الْأَنْصَارِ ثُمَّ هِيَ عَامَّةٌ -بَعْدَ ذَلِكَ- فِي كُلِّ مَنِ اتَّصَفَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=24عُقْبَى الدَّارِ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ عُقْبَى دَارِ الدُّنْيَا، ثُمَّ فَسَّرَ "الْعُقْبَى" بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=23جَنَّاتُ عَدْنٍ إِذِ الْعُقْبَى تَعُمُّ حَالَةَ الْخَيْرِ وَحَالَةَ الشَّرِّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ: عُقْبَى دَارِ الْآخِرَةِ لِدَارِ الدُّنْيَا، أَيِ: الْعُقْبَى الْجَنَّةُ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ هِيَ لَهُمْ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: "جَنَّاتُ عَدْنٍ"، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12354النَّخَعِيُّ : "جَنَّةُ عَدْنٍ يُدْخَلُونَهَا" بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْخَاءِ، وَ"جَنَّاتُ" بَدَلٌ مِنْ "عُقْبَى" وَتَفْسِيرٌ لَهَا. وَ"عَدْنٍ" هِيَ مَدِينَةُ الْجَنَّةِ وَوَسَطُهَا، وَمِنْهَا "جَنَّاتُ الْإِقَامَةِ"، مِنْ "عَدَنَ فِي الْمَكَانِ" إِذَا أَقَامَ فِيهِ طَوِيلًا، وَمِنْهُ الْمَعَادِنُ، وَجَنَّاتُ عَدْنٍ يُقَالُ: هِيَ سَكَنُ الْأَنْبِيَاءِ وَالشُّهَدَاءِ وَالْعُلَمَاءِ فَقَطْ، قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَيُرْوَى أَنَّ لَهَا خَمْسَةَ آلَافِ بَابٍ.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=23وَمَنْ صَلَحَ أَيْ: مَنْ عَمِلَ صَالَحًا وَآمَنَ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ، وَيُحْتَمَلُ: أَيْ مَنْ صَلَحَ لِذَلِكَ بِقَدَرِ اللَّهِ تَعَالَى وَسَابِقِ عِلْمِهِ، وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ فِي صِفَةِ دُخُولِ
[ ص: 201 ] الْمَلَائِكَةِ أَحَادِيثَ لَمْ نُطَوِّلْ بِهَا لِضَعْفِ أَسَانِيدِهَا، وَالْمَعْنَى: يَقُولُونَ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، فَحَذَفَ "يَقُولُونَ" تَخْفِيفًا وَإِيجَازًا لِدَلَالَةِ ظَاهِرِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ، وَالْمَعْنَى: هَذَا بِمَا صَبَرْتُمْ، وَالْمَعْنَى فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=24عُقْبَى الدَّارِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْمَعْنَيَيْنِ، وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: "فَنِعْمَ" بِكَسْرِ النُّونِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=17340يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ، وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: مَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=24عُقْبَى الدَّارِ أَيْ: أَنْ أُعْقِبُوا الْجَنَّةَ مِنْ جَهَنَّمَ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَهَذَا التَّأْوِيلُ مَبْنِيٌّ عَلَى حَدِيثٍ وَرَدَ وَهُوَ:
"أَنَّ كُلَّ رَجُلٍ فِي الْجَنَّةِ فَقَدْ كَانَ لَهُ مَقْعَدٌ مَعْرُوفٌ فِي النَّارِ فَصَرَفَهُ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى النَّعِيمِ، فَيُعْرَضُ عَلَيْهِ، وَيُقَالُ لَهُ: هَذَا مَكَانُ مَقْعَدِكَ فَبَدَّلَكَ اللَّهُ مِنْهُ الْجَنَّةَ بِإِيمَانِكَ وَطَاعَتِكَ وَصَبْرِكَ" .