قوله عز وجل:
nindex.php?page=treesubj&link=30549_32022_33953_34513_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=28قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون nindex.php?page=treesubj&link=30513_30549_32022_33953_34141_34513_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=29ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على الله وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقو ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون nindex.php?page=treesubj&link=29677_32022_32438_33953_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=30ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم أفلا تذكرون
هذه الآية كأنه قال: أرأيتم إن هداني الله وأضلكم أأجبركم على الهدى وأنتم كارهون له معرضون عنه، واستفهامه في هذه الآية أولا وثانيا على جهة التقرير. وعبارة
نوح عليه السلام كانت بلغته دالة على المعنى القائم بنفسه، وهذا هو المفهوم من هذه العبارة العربية، فبهذا استقام أن يقال كذا وكذا، إذ القول ما أفاد المعنى القائم بنفسه.
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=28على بينة أي: على أمر بين جلي، والهاء في "بينة" للمبالغة كعلامة ونسابة، و "إيتاؤه الرحمة" هو هدايته للبينة، والمشار إليه بهذا كله النبوة والشرع، وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=28من عنده تأكيد، كما قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38يطير بجناحيه ، وفائدته رفع الاشتراك ولو بالاستعارة.
وقرأ جمهور الناس: "فعميت" ولذلك وجهان من المعنى:
أحدهما: خفيت، ولذلك يقال للسحاب: العماء لأنه يخفي ما فيه، كما يقال له: الغمام لأنه يغمه، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=665404 "كان الله قبل أن يخلق الأشياء في عماء" . والمعنى الثاني: أن تكون
[ ص: 565 ] الإرادة: "فعميتم أنتم عنها"، لكنه قلب، كما تقول
العرب: "أدخلت القلنسوة في رأسي"، ومنه قول الشاعر:
ترى الثور فيها يدخل الظل رأسه ... وسائره باد إلى الشمس أجمع
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12095أبو علي : وهذا مما يقلب إذ ليس فيه إشكال وفي القرآن:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=47فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله .
وقرأ
حفص nindex.php?page=showalam&ids=15760وحمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : "فعميت" بضم العين وشد الميم على بناء الفعل للمفعول وهذا إنما يكون من الإخفاء ويحتمل القلب المذكور. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش وغيره "فعماها عليهم" . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11971أبو حاتم : روى
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن
nindex.php?page=showalam&ids=17340ابن وثاب "وعميت" بالواو خفيفة.
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=28أنلزمكموها يريد إلزام جبر كالقتال ونحوه، وأما إلزام الإيجاب فهو حاصل، وقال
النحاس : معناه: أنوجبها عليكم، وقوله: في ذلك خطأ. وفي قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب : "أنلزمكموها من شطر أنفسنا" ، ومعناه من تلقاء أنفسنا. وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ ذلك "من شطر قلوبنا" .
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=29ويا قوم لا أسألكم عليه مالا الآية الضمير في "عليه" عائد على التبليغ.
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=29وما أنا بطارد الذين آمنوا يقتضي أنهم طلبوا منه طرد الضعفاء الذين بادروا إلى الإيمان به نظير ما اقترحت
قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم بطرد أتباعه
بمكة الذين لم يكونوا من قريش.
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=29إنهم ملاقو ربهم نبيه على العودة إلى الله ولقاء جزائه المعنى" فيوصلهم إلى حقهم عندي إن ظلمتهم بالطرد. ثم وصفهم بالجهل في مثل هذا الاقتراح ونحوه.
[ ص: 566 ] وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=30ويا قوم من ينصرني من الله الآية هو استفهام بمعنى تقرير وتوقيف، أي لا ناصر يدفع عني عقاب الله إن ظلمتهم بالطرد عن الخير الذي قبلوه، ثم وقفهم بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=30أفلا تذكرون ، وعرض عليهم النظر المؤدي إلى صحة هذا الاحتجاج.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=treesubj&link=30549_32022_33953_34513_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=28قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ nindex.php?page=treesubj&link=30513_30549_32022_33953_34141_34513_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=29وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالا إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ nindex.php?page=treesubj&link=29677_32022_32438_33953_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=30وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مَنْ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ
هَذِهِ الْآيَةُ كَأَنَّهُ قَالَ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ هَدَانِي اللَّهُ وَأَضَلَّكُمْ أَأُجْبِرُكُمْ عَلَى الْهُدَى وَأَنْتُمْ كَارِهُونَ لَهُ مُعْرِضُونَ عَنْهُ، وَاسْتِفْهَامُهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَوَّلًا وَثَانِيًا عَلَى جِهَةِ التَّقْرِيرِ. وَعِبَارَةُ
نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَتْ بِلُغَتِهِ دَالَّةً عَلَى الْمَعْنَى الْقَائِمِ بِنَفْسِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ الْعَرَبِيَّةِ، فَبِهَذَا اسْتَقَامَ أَنْ يُقَالَ كَذَا وَكَذَا، إِذِ الْقَوْلُ مَا أَفَادَ الْمَعْنَى الْقَائِمَ بِنَفْسِهِ.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=28عَلَى بَيِّنَةٍ أَيْ: عَلَى أَمْرٍ بَيِّنٍ جَلِيٍّ، وَالْهَاءُ فِي "بَيِّنَةٍ" لِلْمُبَالَغَةِ كَعَلَّامَةٍ وَنَسَّابَةٍ، وَ "إِيتَاؤُهُ الرَّحْمَةَ" هُوَ هِدَايَتُهُ لِلْبَيِّنَةِ، وَالْمُشَارُ إِلَيْهِ بِهَذَا كُلِّهِ النُّبُوةُ وَالشَّرْعُ، وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=28مِنْ عِنْدِهِ تَأْكِيدٌ، كَمَا قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ ، وَفَائِدَتُهُ رَفْعُ الِاشْتِرَاكِ وَلَوْ بِالِاسْتِعَارَةِ.
وَقَرَأَ جُمْهُورُ النَّاسِ: "فَعُمِّيَتْ" وَلِذَلِكَ وَجْهَانِ مِنَ الْمَعْنَى:
أَحَدُهُمَا: خَفِيَتْ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ لِلسَّحَابِ: الْعَمَاءُ لِأَنَّهُ يُخْفِي مَا فِيهِ، كَمَا يُقَالُ لَهُ: الْغَمَامُ لِأَنَّهُ يَغُمُّهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=665404 "كَانَ اللَّهُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْأَشْيَاءَ فِي عَمَاءٍ" . وَالْمَعْنَى الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ
[ ص: 565 ] الْإِرَادَةُ: "فَعَمِيتُمْ أَنْتُمْ عَنْهَا"، لِكَنَّهُ قُلِبَ، كَمَا تَقُولُ
الْعَرَبُ: "أَدْخَلْتُ الْقَلَنْسُوَةَ فِي رَأْسِي"، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
تَرَى الثَّوْرَ فِيهَا يُدْخِلُ الظِّلَّ رَأْسَهُ ... وَسَائِرُهُ بَادٍ إِلَى الشَّمْسِ أَجْمَعُ
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12095أَبُو عَلِيٍّ : وَهَذَا مِمَّا يُقْلَبُ إِذْ لَيْسَ فِيهِ إِشْكَالٌ وَفِي الْقُرْآنِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=47فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ .
وَقَرَأَ
حَفْصٌ nindex.php?page=showalam&ids=15760وَحَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ : "فَعُمِّيَتْ" بِضَمِّ الْعَيْنِ وَشَدِّ الْمِيمِ عَلَى بِنَاءِ الْفِعْلِ لِلْمَفْعُولِ وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ مِنَ الْإِخْفَاءِ وَيُحْتَمَلُ الْقَلْبُ الْمَذْكُورُ. وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ وَغَيْرُهُ "فَعَمَّاهَا عَلَيْهِمْ" . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11971أَبُو حَاتِمٍ : رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=17340ابْنِ وَثَّابٍ "وَعَمِيَتْ" بِالْوَاوِ خَفِيفَةً.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=28أَنُلْزِمُكُمُوهَا يُرِيدُ إِلْزَامَ جَبْرٍ كَالْقِتَالِ وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا إِلْزَامُ الْإِيجَابِ فَهُوَ حَاصِلٌ، وَقَالَ
النَّحَّاسُ : مَعْنَاهُ: أَنُوجِبُهَا عَلَيْكُمْ، وَقَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ خَطَأٌ. وَفِي قِرَاءَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ : "أَنُلْزِمُكُمُوهَا مِنْ شَطْرِ أَنْفُسِنَا" ، وَمَعْنَاهُ مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِنَا. وَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَرَأَ ذَلِكَ "مِنْ شَطْرِ قُلُوبِنَا" .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=29وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالا الْآيَةُ الضَّمِيرُ فِي "عَلَيْهِ" عَائِدٌ عَلَى التَّبْلِيغِ.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=29وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا يَقْتَضِي أَنَّهُمْ طَلَبُوا مِنْهُ طَرْدَ الضُّعَفَاءِ الَّذِينَ بَادَرُوا إِلَى الْإِيمَانِ بِهِ نَظِيرَ مَا اقْتَرَحَتْ
قُرَيْشٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَرْدِ أَتْبَاعِهِ
بِمَكَّةَ الَّذِينَ لَمْ يَكُونُوا مِنْ قُرَيْشٍ.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=29إِنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ َنْبِيهٌ عَلَى الْعَوْدَةِ إِلَى اللَّهِ وَلِقَاءِ جَزَائِهِ الْمَعْنَى" فَيُوَصِّلُهُمْ إِلَى حَقِّهِمْ عِنْدِي إِنْ ظَلَمْتُهُمْ بِالطَّرْدِ. ثُمَّ وَصَفَهُمْ بِالْجَهْلِ فِي مِثْلِ هَذَا الِاقْتِرَاحِ وَنَحْوِهِ.
[ ص: 566 ] وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=30وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مَنْ اللَّهِ الْآيَةُ هُوَ اسْتِفْهَامٌ بِمَعْنَى تَقْرِيرٍ وَتَوْقِيفٍ، أَيْ لَا نَاصِرَ يَدْفَعُ عَنِّي عِقَابَ اللَّهِ إِنْ ظَلَمْتُهُمْ بِالطَّرْدِ عَنِ الْخَيْرِ الَّذِي قَبِلُوهُ، ثُمَّ وَقَّفَهُمْ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=30أَفَلا تَذَكَّرُونَ ، وَعَرَضَ عَلَيْهِمُ النَّظَرَ الْمُؤَدِّيَ إِلَى صِحَّةِ هَذَا الِاحْتِجَاجِ.