قوله عز وجل:
nindex.php?page=treesubj&link=28723_30612_34091_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=5ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور nindex.php?page=treesubj&link=30455_32413_34091_34103_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=6وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين
قيل: إن هذه الآية نزلت في الكفار الذين كانوا إذا لقيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم تطامنوا وثنوا صدورهم كالمستتر، وردوا إليه ظهورهم، وغشوا وجوههم بثيابهم تباعدا
[ ص: 540 ] منه وكراهة للقائه، وهم يظنون أن ذلك يخفى عليه وعلى الله عز وجل، فنزلت الآية في ذلك. و"صدورهم" منصوبة -على هذا- بـ "يثنون".
وقيل: هي استعارة للغل والحقد الذي كانوا ينطوون عليه، كما تقول: "فلان يطوي كشحه على عداوته، ويثني صدره عليها". فمعنى الآية: ألا إنهم يسرون العداوة ويتكتمون بها لتخفى -في ظنهم- عن الله، وهو تعالى -حين تغشيهم وإبلاغهم في التستر- يعلم ما يسرون.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير : "يثنون" بضم الياء والنون، من أثنى. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : "ليثنون" ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=17344وابن يعمر ،
وابن أبزى ،
ونصر بن عاصم ،
والجحدري، nindex.php?page=showalam&ids=12563وابن إسحاق ،
وابن رزين، nindex.php?page=showalam&ids=16600وعلي بن الحسين ،
nindex.php?page=showalam&ids=11957وأبو جعفر محمد بن علي، ويزيد بن علي، وجعفر بن محمد، وأبو الأسود ،
nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك : "تثنوني صدورهم" برفع الصدور، وهي تحتمل المعنيين المتقدمين في "يثنون"، وزنها تفعوعل على بناء مبالغة لتكرار الأمر، كما تقول: اعشوشبت الأرض، واحلولت الدنيا، ونحو ذلك. وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس -على هذه القراءة- أن هذه الآية نزلت في أن قوما كانوا لا يأتون النساء والحدث إلا ويتغشون ثيابهم كراهية أن يفضوا بفروجهم إلى السماء. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما -فيما روى
ابن [ ص: 541 ] عيينة-: "تثنوي" بتقديم الثاء على النون وبغير نون بعد الواو، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11971أبو حاتم : هذه القراءة غلط لا تتجه، وقرأ
نصر بن عاصم ،
nindex.php?page=showalam&ids=17344ويحيى بن يعمر ،
وابن أبي إسحاق : "تثنوي" بتقديم النون على الثاء، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة ،
وابن أبي أبزى، والأعشى: "تثنون" بثاء مثلثة بعدها نون مفتوحة بعدها واو مكسورة، وقرآ أيضا هما
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد فيما روي عنه: "تثنئن" بهمزة بدل الواو، وهاتان مشتقتان من "الثن" وهي العشب المثني بسهولة، فشبه صدورهم به إذ هي مجيبة إلى هذا الانطواء على المكر والخدع. وأصل "تثنون": "تثنونن"، سكنت النون المكسورة، ونقلت حركتها إلى الواو التي قبلها، وأدغمت في النون التي بعدها. وأما "تثنئن" فأصلها: "تثنان" مثل "تحمار"، ثم قالوا: "اثنأن" كما قالوا: احمأر وابيأض.
والضمير في "منه" عائد على الله تعالى، هذا هو الأفصح الأجزل في المعنى،
[ ص: 542 ] وعلى بعض التأويلات يمكن أن يعود على
محمد صلى الله عليه وسلم، و"يستغشون" معناه: يجعلونها أغشية وأغطية، ومنه قول
الخنساء: أرعى النجوم وما كلفت رعيتها ... وتارة أتغشى فضل أطماري
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : "على حين يستغشون"، ومن هذا الاستعمال قول
nindex.php?page=showalam&ids=8572النابغة :
على حين عاتبت المشيب على الصبا ... وقلت ألما أصح والشيب وازع
و"ذات الصدور": ما فيها، والذات تتصرف في الكلام على وجوه هذا أحدها: كقول العرب: "الذئب مغبوط بذي بطنه"، أي بالذي فيه من النفخ، وكقول
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق رضي الله عنه: "إنما هو ذو بطن خارجة "، والذات التي هي حقيقة الشيء ونفسه قلقة في هذا الموضع، ويحتمل أن يفرق بين "ذي بطنه" وبين "الذات"، وإنما يجمعه بينهما المعنى.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=6وما من دابة ... الآية، تماد في وصف الله تبارك وتعالى
[ ص: 543 ] بنحو قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=5يعلم ما يسرون وما يعلنون . والدابة: ما دب من الحيوان، والمراد جميع الحيوان الذي يحتاج إلى رزق، ويدخل في ذلك الطائر والهوام وغير ذلك، كلها دواب. وقد قال
الأعشى: نياف كغصن البان ترتج إن مشت ... دبيب قطا البطحاء في كل منهل
وقال
علقمة بن عبيدة لطير:
......................... ... لطيرهن دبيب
وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=5أبي عبيدة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=652303 "فإذا دابة مثل الظرب"، يريد: من حيوان البحر، وتخصيصه بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=6في الأرض إنما هو لأنه الأقرب لحسهم: والطائر والعائم إنما هو في الأرض، وما مات من الحيوان قبل أن يتغذى فقد اغتذى في بطن أمه بوجه ما.
وهذه الآية تعطي أن
nindex.php?page=treesubj&link=33679الرزق: كل ما صح الانتفاع به خلافا
للمعتزلة في قولهم: "إنه الحلال المتملك".
[ ص: 544 ] وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=6على الله إيجاب تفضل لأنه تعالى لا يجب عليه شيء عقلا. والمستقر: صلب الأب: والمستودع: بطن الأم، وقيل: المستقر: المأوى، والمستودع: القبر، وهما -على هذا- ظرفان، وقيل: المستقر: ما حصل موجودا من الحيوان، والمستودع: ما يوجد بعد.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
والمستقر -على هذا- مصدر استقر، وليس بمفعول كمستودع، لأن استقر لا يتعدى. وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=6في كتاب إشارة إلى اللوح المحفوظ. وقال بعض الناس: هذا مجاز، وهي إشارة إلى علم الله.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا ضعيف، وحمله على الظاهر أولى.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=treesubj&link=28723_30612_34091_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=5أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ nindex.php?page=treesubj&link=30455_32413_34091_34103_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=6وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ
قِيلَ: إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الْكُفَّارِ الَّذِينَ كَانُوا إِذَا لَقِيَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَطَامَنُوا وَثَنَوْا صُدُورَهُمْ كَالْمُسْتَتِرِ، وَرَدُّوا إِلَيْهِ ظُهُورَهُمْ، وَغَشَوْا وُجُوهَهُمْ بِثِيَابِهِمْ تَبَاعُدًا
[ ص: 540 ] مِنْهُ وَكَرَاهَةً لِلِقَائِهِ، وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّ ذَلِكَ يَخْفَى عَلَيْهِ وَعَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ فِي ذَلِكَ. وَ"صُدُورَهُمْ" مَنْصُوبَةٌ -عَلَى هَذَا- بِـ "يَثْنُونَ".
وَقِيلَ: هِيَ اسْتِعَارَةٌ لِلْغِلِّ وَالْحِقْدِ الَّذِي كَانُوا يَنْطَوُونَ عَلَيْهِ، كَمَا تَقُولُ: "فُلَانٌ يَطْوِي كُشْحَهُ عَلَى عَدَاوَتِهِ، وَيَثْنِي صَدْرَهُ عَلَيْهَا". فَمَعْنَى الْآيَةِ: أَلَا إِنَّهُمْ يُسِرُّونَ الْعَدَاوَةَ وَيَتَكَتَّمُونَ بِهَا لِتَخْفَى -فِي ظَنِّهِمْ- عَنِ اللَّهِ، وَهُوَ تَعَالَى -حِينَ تَغَشِّيهِمْ وَإِبْلَاغِهِمْ فِي التَّسَتُّرِ- يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ.
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : "يُثْنُونَ" بِضَمِّ الْيَاءِ وَالنُّونِ، مِنْ أَثْنَى. وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : "لَيَثْنُونَ" ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا،
nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17344وَابْنُ يَعْمَرَ ،
وَابْنُ أَبَزَى ،
وَنَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ ،
وَالْجَحْدَرِيُّ، nindex.php?page=showalam&ids=12563وَابْنُ إِسْحَاقَ ،
وَابْنُ رَزِينٍ، nindex.php?page=showalam&ids=16600وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11957وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَيَزِيدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو الْأَسْوَدِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14676وَالضَّحَّاكُ : "تَثْنَوْنِي صُدُورُهُمْ" بِرَفْعِ الصُّدُورِ، وَهِيَ تَحْتَمِلُ الْمَعْنَيَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ فِي "يَثْنُونَ"، وَزْنُهَا تَفْعَوْعِلُ عَلَى بِنَاءِ مُبَالِغَةٍ لِتَكْرَارِ الْأَمْرِ، كَمَا تَقُولُ: اعْشَوْشَبَتِ الْأَرْضُ، وَاحْلَوْلَتِ الدُّنْيَا، وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ -عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ- أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي أَنَّ قَوْمًا كَانُوا لَا يَأْتُونَ النِّسَاءَ وَالْحَدَثَ إِلَّا وَيَتَغَشَّوْنَ ثِيَابَهُمْ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَفُضُوا بِفُرُوجِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ. وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -فِيمَا رَوَى
ابْنُ [ ص: 541 ] عُيَيْنَةَ-: "تَثْنَوِي" بِتَقْدِيمِ الثَّاءِ عَلَى النُّونِ وَبِغَيْرِ نُونٍ بَعْدَ الْوَاوِ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11971أَبُو حَاتِمٍ : هَذِهِ الْقِرَاءَةُ غَلَطٌ لَا تَتَّجِهُ، وَقَرَأَ
نَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17344وَيَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ ،
وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ : "تَثْنَوِي" بِتَقْدِيمِ النُّونِ عَلَى الثَّاءِ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16561عُرْوَةُ ،
وَابْنُ أَبِي أَبْزَى، وَالْأَعْشَى: "تَثْنَوِنِّ" بِثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ بَعْدَهَا نُونٌ مَفْتُوحَةٌ بَعْدَهَا وَاوٌ مَكْسُورَةٌ، وَقَرَآ أَيْضًا هُمَا
nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٌ فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ: "تَثْنَئِنُّ" بِهَمْزَةٍ بَدَلَ الْوَاوِ، وَهَاتَانِ مُشْتَقَّتَانِ مِنَ "الثِّنِّ" وَهِيَ الْعُشْبُ الْمُثْنِي بِسُهُولَةٍ، فَشَبَّهَ صُدُورَهُمْ بِهِ إِذْ هِيَ مُجِيبَةٌ إِلَى هَذَا الِانْطِوَاءِ عَلَى الْمَكْرِ وَالْخُدَعِ. وَأَصْلُ "تَثْنَوِنَّ": "تَثْنَوْنِنْ"، سُكِّنَتِ النُّونُ الْمَكْسُورَةُ، وَنُقِلَتْ حَرَكَتُهَا إِلَى الْوَاوِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَأُدْغِمَتْ فِي النُّونِ الَّتِي بَعْدَهَا. وَأَمَّا "تَثْنَئِنُّ" فَأَصْلُهَا: "تَثْنَانَّ" مِثْلُ "تَحْمَارَّ"، ثُمَّ قَالُوا: "اثْنَأَنَّ" كَمَا قَالُوا: احْمَأَرَّ وَابْيَأَضَّ.
وَالضَّمِيرُ فِي "مِنْهُ" عَائِدٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، هَذَا هُوَ الْأَفْصَحُ الْأَجْزَلُ فِي الْمَعْنَى،
[ ص: 542 ] وَعَلَى بَعْضِ التَّأْوِيلَاتِ يُمْكِنُ أَنْ يَعُودَ عَلَى
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَ"يَسْتَغْشُونَ" مَعْنَاهُ: يَجْعَلُونَهَا أَغْشِيَةً وَأَغْطِيَةً، وَمِنْهُ قَوْلُ
الْخَنْسَاءِ: أَرْعَى النُّجُومَ وَمَا كُلِّفْتُ رَعْيَتَهَا ... وَتَارَةً أَتَغَشَّى فَضْلَ أَطْمَارِي
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : "عَلَى حِينَ يَسْتَغْشُونَ"، وَمِنْ هَذَا الِاسْتِعْمَالِ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=8572النَّابِغَةِ :
عَلَى حِينَ عَاتَبْتُ الْمَشِيبَ عَلَى الصِّبَا ... وَقُلْتُ أَلَمَّا أَصْحُ وَالشَّيْبُ وَازِعُ
وَ"ذَاتُ الصُّدُورِ": مَا فِيهَا، وَالذَّاتُ تَتَصَرَّفُ فِي الْكَلَامِ عَلَى وُجُوهٍ هَذَا أَحَدُهَا: كَقَوْلِ الْعَرَبِ: "الذِّئْبُ مَغْبُوطٌ بِذِي بَطْنِهِ"، أَيْ بِالَّذِي فِيهِ مِنَ النَّفْخِ، وَكَقَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "إِنَّمَا هُوَ ذُو بَطْنٍ خَارِجَةٍ "، وَالذَّاتُ الَّتِي هِيَ حَقِيقَةُ الشَّيْءِ وَنَفْسُهُ قَلِقَةٌ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ "ذِي بَطْنِهِ" وَبَيْنَ "الذَّاتِ"، وَإِنَّمَا يَجْمَعُهُ بَيْنَهُمَا الْمَعْنَى.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=6وَمَا مِنْ دَابَّةٍ ... الْآيَةُ، تَمَادٍ فِي وَصْفِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
[ ص: 543 ] بِنَحْوِ قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=5يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ . وَالدَّابَّةُ: مَا دَبَّ مِنَ الْحَيَوَانِ، وَالْمُرَادُ جَمِيعُ الْحَيَوَانِ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَى رِزْقٍ، وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الطَّائِرُ وَالْهَوَامُّ وَغَيْرُ ذَلِكَ، كُلُّهَا دَوَابُّ. وَقَدْ قَالَ
الْأَعْشَى: نِيَافٌ كَغُصْنِ الْبَانِ تَرْتَجُّ إِنْ مَشَتْ ... دَبِيبَ قَطَا الْبَطْحَاءِ فِي كُلِّ مَنْهَلِ
وَقَالَ
عَلْقَمَةُ بْنُ عُبَيْدَةَ لِطَيْرٍ:
......................... ... لِطَيْرِهِنَّ دَبِيبُ
وَفِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=5أَبِي عُبَيْدَةَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=652303 "فَإِذَا دَابَّةٌ مِثْلَ الظَّرْبِ"، يُرِيدُ: مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ، وَتَخْصِيصُهُ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=6فِي الأَرْضِ إِنَّمَا هُوَ لِأَنَّهُ الْأَقْرَبُ لِحِسِّهِمْ: وَالطَّائِرُ وَالْعَائِمُ إِنَّمَا هُوَ فِي الْأَرْضِ، وَمَا مَاتَ مِنَ الْحَيَوَانِ قَبْلَ أَنْ يَتَغَذَّى فَقَدِ اغْتَذَى فِي بَطْنِ أُمِّهِ بِوَجْهٍ مَا.
وَهَذِهِ الْآيَةُ تُعْطِي أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=33679الرِّزْقَ: كُلُّ مَا صَحَّ الِانْتِفَاعُ بِهِ خِلَافًا
لِلْمُعْتَزِلَةِ فِي قَوْلِهِمْ: "إِنَّهُ الْحَلَالُ الْمُتَمَلَّكُ".
[ ص: 544 ] وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=6عَلَى اللَّهِ إِيجَابُ تَفَضُّلٍ لِأَنَّهُ تَعَالَى لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ عَقْلًا. وَالْمُسْتَقَرُّ: صُلْبُ الْأَبِ: وَالْمُسْتَوْدَعُ: بَطْنُ الْأُمِّ، وَقِيلَ: الْمُسْتَقَرُّ: الْمَأْوَى، وَالْمُسْتَوْدَعُ: الْقَبْرُ، وَهُمَا -عَلَى هَذَا- ظَرْفَانِ، وَقِيلَ: الْمُسْتَقَرُّ: مَا حَصَلَ مَوْجُودًا مِنَ الْحَيَوَانِ، وَالْمُسْتَوْدَعُ: مَا يُوجَدُ بَعْدُ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَالْمُسْتَقَرُّ -عَلَى هَذَا- مَصْدَرُ اسْتَقَرَّ، وَلَيْسَ بِمَفْعُولٍ كَمُسْتَوْدَعٍ، لِأَنَّ اسْتَقَرَّ لَا يَتَعَدَّى. وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=6فِي كِتَابٍ إِشَارَةٌ إِلَى اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: هَذَا مَجَازٌ، وَهِيَ إِشَارَةٌ إِلَى عِلْمِ اللَّهِ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَهَذَا ضَعِيفٌ، وَحَمْلُهُ عَلَى الظَّاهِرِ أَوْلَى.