روى أبو هريرة وغيره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا قال الإمام: "ولا الضالين"، فقولوا: آمين، فإن الملائكة في السماء تقول: آمين، فمن وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه . وروي أن جبريل عليه السلام لما علم النبي عليه السلام فاتحة الكتاب وقت نزولها فقرأها قال له: قل آمين . وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: آمين" خاتم رب العالمين، يختم بها دعاء عبده المؤمن . وروي "أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يدعو فقال: أوجب إن ختم، فقال له رجل: بأي شيء يختم يا رسول الله؟ قال: "بآمين) .
ومعنى "آمين" عند أكثر أهل العلم: اللهم استجب، أو أجب يا رب، ونحو هذا، قاله الحسن بن أبي الحسن وغيره، ونص عليه أحمد بن يحيى ثعلب وغيره. وقال قوم: هو اسم من أسماء الله تعالى. روي ذلك عن جعفر بن محمد ، ومجاهد ، وهلال بن يساف . وقد روي أن "آمين" اسم خاتم يطبع به كتب أهل الجنة التي تؤخذ بالإيمان.
فمقتضى هذه الآثار أن كل داع ينبغي له في آخر دعائه أن يقول: "آمين". وكذلك كل قارئ للحمد في غير صلاة، لكن ليس بجهر التنزيل، وأما في الصلاة فقال بعض العلماء: يقولها كل مصل من إمام وفذ ومأموم قرأها أو سمعها، وقال مالك في [ ص: 97 ] المدونة: لا يقول الإمام "آمين"، ولكن يقولها من خلفه ويخفون، ويقولها الفذ. وقد روي عن مالك رضي الله عنه: أن الإمام يقولها أسر أم جهر، وروي عنه أن الإمام لا يؤمن في الجهر، وقال ابن حبيب : يؤمن، وقال ابن بكير : هو مخير.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: فهذا الخلاف إنما هو في الإمام، ولم يختلف في الفذ، ولا في المأموم. إلا ابن نافع قال في كتاب ابن حارث : لا يقولها المأموم إلا إن سمع الإمام يقول: "ولا الضالين"، وإذا كان ببعد لا يسمعه فلا يقول، وقال ابن عبدوس : يتحرى قدر القراءة ويقول: "آمين".
وهي لفظة مبنية على الفتح لالتقاء الساكنين، وكأن الفتح مع الياء أخف من سائر الحركات، ومن العرب من يقول: "آمين" فيمده، ومنه قول الشاعر:
آمين آمين لا أرضى بواحدة حتى أبلغها ألفين آمينا
ومن العرب من يقول بالقصر، ومنه قول الشاعر:تباعد مني فطحل إذ سألته أمين فزاد الله ما بيننا بعدا


