[ ص: 568 ] بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة القصص
هذه السورة مكية إلا قوله عز وجل:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=85إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد ، نزلت هذه
بالجحفة في وقت هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
المدينة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=17317ابن سلام وغيره، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17131مقاتل : فيها من المدني:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=52الذين آتيناهم الكتاب إلى قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=55لا نبتغي الجاهلين .
قوله عز وجل:
nindex.php?page=treesubj&link=32450_28999nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=1طسم nindex.php?page=treesubj&link=29785_34224_34225_28999nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=2تلك آيات الكتاب المبين nindex.php?page=treesubj&link=31907_32016_32238_28999nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=3نتلو عليك من نبإ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون nindex.php?page=treesubj&link=31920_31952_32516_28999nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=4إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين
تقدم القول في الحروف التي في أوائل السور بما أغنى عن الإعادة، فمن قال: إن هذه الحروف من أسماء الله تبارك وتعالى قال: إن الطاء من الطول الذي لله سبحانه، والسين من السلام، والميم من المنعم، أو من الرحيم، ونحو هذا. وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=2تلك يتقدر موضعها بحسب كل قول من الأقوال في الحروف، فمن جعل "طسم" مثالا لحروف المعجم جاءت الإشارة بـ "تلك" إلى حروف المعجم، ومن قطعها قال: "تلك" في مواضع هذه، وساغ هذا من حيث لم تكن حاضرة عتيدة، بل هي أقوال تقتضي بعضها شيئا فشيئا، فسائغ أن يقال في الإشارة إليها: "تلك".
[ ص: 569 ] قال
القاضي أبو محمد رحمه الله :
والأصل أن "تلك" إشارة إلى ما غاب، و "هذه" إشارة إلى ما حضر، وقد تتداخل متى كان في الغيبة حصول وثقة به تقوم مقام الحضور، ومتى كان في الحضور بعد ما يقوم مقام الغيبة، فمن ذلك قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=17وما تلك بيمينك يا موسى لما كان
موسى لا يرى ربه تعالى، فهو وعصاه في منزل غيب، فساغ ذلك. ومن النقيض قول المؤلف لكتاب: هذا كتاب، وما جرى هذا المجرى فتتبعه، ويشبه في آياتنا هذه أن تكون "تلك" بمنزلة: هذه آيات الكتاب المبين، ويشبه أن تكون متمكنة من حيث الآيات كلها وقت هذه المخاطبة لم تكن عتيدة. و "نتلوا" معناه: نقص ونتابع القصص، وخص المؤمنين في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=3لقوم يؤمنون من حيث هم المنتفعون بذلك دون غيرهم.
و
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=4علا في الأرض من علو الطغيان والتغلب. وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=4في الأرض يريد أرض
مصر وموضع ملكه، ومتى جاءت الأرض هكذا عامة فإنما يراد بها الأرض التي تشبه قصة القول المسوق; لأن الأنباء التي تعم الأرض كلها قليلة، والأكثر ما ذكرناه، و "الشيع": الفرق، وكان هذا القول من
فرعون بأن جعل
القبط ملوكا، وبني إسرائيل مستخدمين، وهم كانوا الطائفة المستضعفة، و "يذبح" مضعف للمبالغة والعبارة عن تكرار الفعل، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : كان هذا الفعل من
فرعون لأنه قال له كهنته وعلماؤه: إن غلاما لبني إسرائيل يفسد ملكك، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : رأى في ذلك رؤيا فأخذ بني إسرائيل بذبح الأطفال سنين، فرأى أنه يقطع نسلهم، فعاد يذبح عاما ويستحيي عاما، فولد
هارون عليه السلام في عام الاستحياء، وولد
موسى عليه السلام في عام الذبح، وقرأ جمهور القراء: "يذبح" بضم الياء وكسر الباء على التكثير، وقرأ
أبو حيوة ،
وابن محيصن بفتح الياء والباء وسكون الذال. قال
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه : بلغني أن
فرعون ذبح في هذه المحاولة سبعين ألفا من الأطفال، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15426النقاش : جميع ما قتل ستة عشر طفلا.
[ ص: 570 ] قال
القاضي أبو محمد رحمه الله :
طمع بجهله أن يرد القدر، وأين هذا المنزع من
nindex.php?page=hadith&LINKID=651267قول النبي صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر : إن يكنه فلن تقدر عليه يعني
ابن صياد . وباقي الآية بين.
[ ص: 568 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تَفْسِيرُ سُورَةِ الْقَصَصِ
هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ إِلَّا قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=85إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ، نَزَلَتْ هَذِهِ
بِالْجَحْفَةِ فِي وَقْتِ هِجْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى
الْمَدِينَةِ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17317ابْنُ سَلَامٍ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17131مُقَاتِلٌ : فِيهَا مِنَ الْمَدَنِيِّ:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=52الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=55لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ .
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=treesubj&link=32450_28999nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=1طسم nindex.php?page=treesubj&link=29785_34224_34225_28999nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=2تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ nindex.php?page=treesubj&link=31907_32016_32238_28999nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=3نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ nindex.php?page=treesubj&link=31920_31952_32516_28999nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=4إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ
تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي الْحُرُوفِ الَّتِي فِي أَوَائِلِ السُّورِ بِمَا أَغْنَى عَنِ الْإِعَادَةِ، فَمَنْ قَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْحُرُوفَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ: إِنَّ الطَّاءَ مِنَ الطُّولِ الَّذِي لِلَّهِ سُبْحَانَهُ، وَالسِّينُ مِنَ السَّلَامِ، وَالْمِيمِ مِنَ الْمُنْعِمْ، أَوْ مِنَ الرَّحِيمِ، وَنَحْوَ هَذَا. وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=2تِلْكَ يَتَقَدَّرُ مَوْضِعُهَا بِحَسَبَ كُلِّ قَوْلٍ مِنَ الْأَقْوَالِ فِي الْحُرُوفِ، فَمِنْ جَعَلَ "طَسَمَ" مِثَالًا لِحُرُوفِ الْمُعْجَمِ جَاءَتِ الْإِشَارَةُ بِـ "تِلْكَ" إِلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ، وَمِنْ قَطَعَهَا قَالَ: "تِلْكَ" فِي مَوَاضِعَ هَذِهِ، وَسَاغَ هَذَا مِنْ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ حَاضِرَةً عَتِيدَةً، بَلْ هِيَ أَقْوَالٌ تَقْتَضِي بَعْضُهَا شَيْئًا فَشَيْئًا، فَسَائِغٌ أَنْ يُقَالَ فِي الْإِشَارَةِ إِلَيْهَا: "تِلْكَ".
[ ص: 569 ] قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ :
وَالْأَصْلُ أَنَّ "تِلْكَ" إِشَارَةٌ إِلَى مَا غَابَ، وَ "هَذِهِ" إِشَارَةٌ إِلَى مَا حَضَرَ، وَقَدْ تَتَدَاخَلَ مَتَى كَانَ فِي الْغَيْبَةِ حُصُولٌ وَثِقَةٌ بِهِ تَقُومُ مَقَامَ الْحُضُورِ، وَمَتَى كَانَ فِي الْحُضُورِ بُعْدٌ مَا يَقُومُ مَقَامَ الْغَيْبَةِ، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=17وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى لَمَّا كَانَ
مُوسَى لَا يَرَى رَبَّهُ تَعَالَى، فَهُوَ وَعَصَاهُ فِي مَنْزِلِ غَيْبٍ، فَسَاغَ ذَلِكَ. وَمِنَ النَّقِيضِ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ لِكِتَابٍ: هَذَا كِتَابٌ، وَمَا جَرَى هَذَا الْمَجْرَى فَتُتْبِعُهُ، وَيُشْبِهُ فِي آيَاتِنَا هَذِهِ أَنْ تَكُونَ "تِلْكَ" بِمَنْزِلَةِ: هَذِهِ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ، وَيُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ مُتَمَكِّنَةً مِنْ حَيْثُ الْآيَاتُ كُلُّهَا وَقْتَ هَذِهِ الْمُخَاطَبَةِ لَمْ تَكُنْ عَتِيدَةً. وَ "نَتْلُوا" مَعْنَاهُ: نَقُصُّ وَنُتَابِعُ الْقِصَصَ، وَخَصَّ الْمُؤْمِنِينَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=3لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ مِنْ حَيْثُ هُمُ الْمُنْتَفِعُونَ بِذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِمْ.
وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=4عَلا فِي الأَرْضِ مِنْ عُلُوِّ الطُّغْيَانِ وَالتَّغَلُّبِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=4فِي الأَرْضِ يُرِيدُ أَرْضَ
مِصْرَ وَمَوْضِعَ مُلْكِهِ، وَمَتَى جَاءَتِ الْأَرْضُ هَكَذَا عَامَّةً فَإِنَّمَا يُرَادُ بِهَا الْأَرْضُ الَّتِي تُشْبِهُ قِصَّةَ الْقَوْلِ الْمَسُوقِ; لِأَنَّ الْأَنْبَاءَ الَّتِي تَعُمُ الْأَرْضَ كُلَّهَا قَلِيلَةٌ، وَالْأَكْثَرُ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَ "الشِّيَعُ": الْفِرَقُ، وَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْ
فِرْعَوْنَ بِأَنْ جَعَلَ
الْقِبْطَ مُلُوكًا، وَبُنِيَ إِسْرَائِيلَ مُسْتَخْدِمِينَ، وَهُمْ كَانُوا الطَّائِفَةَ الْمُسْتَضْعَفَةَ، وَ "يُذَبِّحُ" مُضْعِفٌ لِلْمُبَالَغَةِ وَالْعِبَارَةِ عَنْ تَكْرَارِ الْفِعْلِ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةُ : كَانَ هَذَا الْفِعْلُ مِنْ
فِرْعَوْنَ لِأَنَّهُ قَالَ لَهُ كَهَنَتُهُ وَعُلَمَاؤُهُ: إِنَّ غُلَامًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ يُفْسِدُ مُلْكَكَ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : رَأَى فِي ذَلِكَ رُؤْيَا فَأَخَذَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِذْبَحِ الْأَطْفَالِ سِنِينَ، فَرَأَى أَنَّهُ يَقْطَعُ نَسْلَهُمْ، فَعَادَ يَذْبَحُ عَامًا وَيَسْتَحْيِي عَامًا، فَوُلِدَ
هَارُونَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي عَامِ الِاسْتِحْيَاءِ، وَوُلِدَ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي عَامِ الذَّبْحِ، وَقَرَأَ جُمْهُورُ الْقُرَّاءِ: "يُذْبِحُ" بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْبَاءِ عَلَى التَّكْثِيرِ، وَقَرَأَ
أَبُو حَيْوَةَ ،
وَابْنُ مُحَيْصِنٍ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالْبَاءِ وَسُكُونِ الذَّالِ. قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17285وَهَبَ بْنُ مُنَبِّهٍ : بَلَغَنِي أَنَّ
فِرْعَوْنَ ذَبَحَ فِي هَذِهِ الْمُحَاوَلَةِ سَبْعِينَ أَلْفًا مِنَ الْأَطْفَالِ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15426النَّقَاشُ : جَمِيعُ مَا قَتَلَ سِتَّةَ عَشَرَ طِفْلًا.
[ ص: 570 ] قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ :
طَمَعَ بِجَهْلِهِ أَنْ يَرُدَّ الْقَدَرَ، وَأَيْنَ هَذَا الْمَنْزَعُ مِنْ
nindex.php?page=hadith&LINKID=651267قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ nindex.php?page=showalam&ids=2لِعُمَرَ : إِنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تَقْدِرَ عَلَيْهِ يَعْنِي
ابْنَ صَيَّادٍ . وَبَاقِي الْآيَةِ بَيِّنٌ.