nindex.php?page=treesubj&link=28973_1597_19881_29376_29687_30726_31931_32423_34092nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=142سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم nindex.php?page=treesubj&link=28973_1597_19881_28270_28328_28723_29376_31037_34114_34134_34219_842nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=142سيقول السفهاء : الخفاف الأحلام، وهم اليهود، لكراهتهم التوجه إلى
الكعبة وأنهم لا يرون النسخ، وقيل: المنافقون; لحرصهم على الطعن والاستهزاء، وقيل: المشركون، قالوا: رغب عن قبلة آبائه ثم رجع إليها، والله ليرجعن إلى دينهم.
فإن قلت: أي فائدة في الإخبار بقولهم قبل وقوعه؟ قلت: فائدته أن مفاجأة المكروه أشد، والعلم به قبل وقوعه أبعد من الاضطراب إذا وقع؛ لما يتقدمه من توطين النفس، وأن الجواب العتيد قبل الحاجة إليه أقطع للخصم وأرد لشغبه، وقبل الرمي يراش السهم.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=142ما ولاهم : ما صرفهم
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=142عن قبلتهم : وهي
بيت المقدس nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=142لله المشرق والمغرب : أي بلاد المشرق والمغرب والأرض كلها
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=142يهدي من يشاء : من أهلها
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=142إلى صراط مستقيم : وهو ما توجبه الحكمة والمصلحة، من توجيههم تارة إلى
بيت المقدس، وأخرى إلى
الكعبة: nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وكذلك جعلناكم : ومثل ذلك الجعل العجيب جعلناكم :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143أمة وسطا خيارا، وهي صفة بالاسم الذي هو وسط الشيء، ولذلك استوى فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث، ونحوه قوله -عليه الصلاة والسلام- "وأنطوا الثبجة" يريد الوسيطة بين السمينة
[ ص: 338 ] والعجفاء وصفا بالثبج وهو: وسط الظهر، إلا أنه ألحق تاء التأنيث؛ مراعاة لحق الوصف، وقيل: للخيار وسط؛ لأن الأطراف يتسارع إليها الخلل، والأعوار والأوساط محمية محوطة، ومنه قول
الطائي [من البسيط]:
كانت هي الوسط المحمي فاكتنفت بها الحوادث حتى أصبحت طرفا
وقد اكتريت
بمكة جمل أعرابي للحج فقال: أعطني من سطاتهنه، أراد من خيار الدنانير، أو عدولا، لأن الوسط عدل بين الأطراف ليس إلى بعضها أقرب من بعض.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143لتكونوا شهداء على الناس روي: "أن الأمم يوم القيامة يجحدون تبليغ الأنبياء، فيطالب الله الأنبياء بالبينة على أنهم قد بلغوا وهو أعلم، فيؤتى بأمة
محمد - صلى الله عليه وسلم - فيشهدون، فتقول الأمم: من أين عرفتم؟ فيقولون: علمنا ذلك بإخبار الله في كتابه الناطق على لسان نبيه الصادق، فيؤتى
بمحمد -صلى الله عليه وسلم- فيسأل عن حال أمته، فيزكيهم ويشهد بعدالتهم"
[ ص: 339 ] وذلك قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=41فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا [النساء: 41].
فإن قلت:فهلا قيل لكم شهيدا وشهادته لهم لا عليهم؟ قلت: لما كان الشهيد كالرقيب والمهيمن على المشهود له جيء بكلمة الاستعلاء، ومنه قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=9والله على كل شيء شهيد [البروج: 9]
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد [المائدة: 117]، وقيل: لتكونوا شهداء على الناس في الدنيا فيما لا يصح إلا بشهادة العدول الأخيار
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143ويكون الرسول عليكم شهيدا : يزكيكم ويعلم بعدالتكم.
فإن قلت: لم أخرت صلة الشهادة أولا وقدمت آخرا، قلت: لأن الغرض في الأول إثبات شهادتهم على الأمم، وفي الآخر اختصاصهم بكون الرسول شهيدا عليهم
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143التي كنت عليها : ليست بصفة للقبلة إنما هي ثاني مفعولي جعل، يريد: وما جعلنا القبلة الجهة التي كنت عليها
[ ص: 340 ] وهي
الكعبة; لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي
بمكة إلى
الكعبة، ثم أمر بالصلاة إلى صخرة
بيت المقدس بعد الهجرة تألفا لليهود، ثم حول إلى
الكعبة فيقول: وما جعلنا القبلة التي يجب أن تستقبلها الجهة التي كنت عليها أولا
بمكة، يعني: وما رددناك إليها إلا امتحانا للناس وابتلاء "لنعلم": الثابت على الإسلام الصادق فيه ممن هو على حرف ينكص
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143على عقبيه لقلقه فيرتد، كقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=31وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا [المدثر: 31] ويجوز أن يكون بيانا للحكمة في جعل
بيت المقدس قبلته، يعني أن أصل أمرك أن تستقبل
الكعبة، وأن استقبالك
بيت المقدس كان أمرا عارضا لغرض; وإنما جعلنا
nindex.php?page=treesubj&link=29376القبلة الجهة التي كنت عليها قبل وقتك هذا - وهي
بيت المقدس- لنمتحن الناس وننظر من يتبع الرسول منهم ومن لا يتبعه وينفر عنه.
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس -رضي الله عنه-: "كانت قبلته
بمكة بيت المقدس إلا أنه كان يجعل
الكعبة بينه وبينه".
فإن قلت: كيف قال:"لنعلم": ولم يزل عالما بذلك؟ قلت: معناه: لنعلمه علما يتعلق به الجزاء، وهو أن يعلمه موجودا حاصلا ونحوه:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=142ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين [آل عمران : 142]، وقيل: ليعلم رسول الله والمؤمنون، وإنما أسند علمهم إلى ذاته; لأنهم خواصه وأهل الزلفى عنده، وقيل: معناه لنميز التابع من الناكص، كما قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=37ليميز الله الخبيث من الطيب [الأنفال: 37] فوضع العلم موضع التمييز; لأن العلم به يقع التمييز به
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وإن كانت لكبيرة : هي إن المخففة التي تلزمها اللام الفارقة، والضمير في: "كانت": لما دل عليه قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وما جعلنا القبلة التي كنت عليها من الردة، أو التحويلة، أو الجعلة، ويجوز أن يكون للقبلة، "لكبيرة": لثقيلة شاقة
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143إلا على الذين هدى الله إلا على الثابتين الصادقين في اتباع الرسول الذين لطف الله بهم وكانوا أهلا للطفه
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وما كان الله ليضيع إيمانكم : أي: ثباتكم على الإيمان، وأنكم لم تزلوا ولم ترتابوا، بل شكر صنيعكم وأعد لكم الثواب العظيم، ويجوز أن يراد: وما كان الله ليترك تحويلكم لعلمه أن تركه مفسدة
[ ص: 341 ] وإضاعة لإيمانكم، وقيل: من كان صلى إلى
بيت المقدس قبل التحويل فصلاته غير ضائعة.
عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس -رضي الله عنه-:
nindex.php?page=hadith&LINKID=654126لما وجه رسول الله إلى الكعبة قالوا: كيف بمن مات قبل التحويل من إخواننا فنزلت: nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143لرءوف رحيم : لا يضيع أجورهم، ولا يترك ما يصلحهم.
ويحكى عن
nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج أنه قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102للحسن : ما رأيك في
nindex.php?page=showalam&ids=8أبي تراب، فقرأ قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143إلا على الذين هدى الله ثم قال:
nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي منهم، وهو ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وختنه على ابنته، وأقرب الناس إليه، وأحبهم.
وقرئ: (إلا ليعلم) على البناء للمفعول، ومعنى العلم: المعرفة، ويجوز أن تكون "من" متضمنة لمعنى الاستفهام معلقا عنها العلم، كقولك: علمت أزيد في الدار أم عمرو ، وقرأ
ابن أبي إسحاق (على عقبيه) بسكون القاف، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15507اليزيدي (لكبيرة) بالرفع ، ووجهها أن تكون "كان" مزيدة، كما في قوله [من الوافر]:
وجيران لنا – كانوا - كرام
والأصل: وإن هي لكبيرة، كقولك: إن زيد لمنطلق ثم، وإن كانت لكبيرة وقرئ: (ليضيع) بالتشديد.
nindex.php?page=treesubj&link=28973_1597_19881_29376_29687_30726_31931_32423_34092nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=142سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مِنَ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ nindex.php?page=treesubj&link=28973_1597_19881_28270_28328_28723_29376_31037_34114_34134_34219_842nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولُ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهُ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=142سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ : الْخِفَافُ الْأَحْلَامِ، وَهُمُ الْيَهُودُ، لِكَرَاهَتِهِمُ التَّوَجُّهَ إِلَى
الْكَعْبَةِ وَأَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ النَّسْخَ، وَقِيلَ: الْمُنَافِقُونَ; لِحِرْصِهِمْ عَلَى الطَّعْنِ وَالِاسْتِهْزَاءِ، وَقِيلَ: الْمُشْرِكُونَ، قَالُوا: رَغِبَ عَنْ قِبْلَةِ آبَائِهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهَا، وَاللَّهِ لَيَرْجِعَنَّ إِلَى دِينِهِمْ.
فَإِنْ قُلْتَ: أَيُّ فَائِدَةٍ فِي الْإِخْبَارِ بِقَوْلِهِمْ قَبْلَ وُقُوعِهِ؟ قُلْتُ: فَائِدَتُهُ أَنَّ مُفَاجَأَةَ الْمَكْرُوهِ أَشَدُّ، وَالْعِلْمَ بِهِ قَبْلَ وُقُوعِهِ أَبْعَدُ مِنَ الِاضْطِرَابِ إِذَا وَقَعَ؛ لِمَا يَتَقَدَّمُهُ مِنْ تَوْطِينِ النَّفْسِ، وَأَنَّ الْجَوَابَ الْعَتِيدَ قَبْلَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ أَقْطَعُ لِلْخَصْمِ وَأَرَدُّ لِشَغَبِهِ، وَقَبْلَ الرَّمْيِ يُرَاشُ السَّهْمُ.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=142مَا وَلاهُمْ : مَا صَرَفَهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=142عَنْ قِبْلَتِهِمُ : وَهِيَ
بَيْتُ الْمَقْدِسِ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=142لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ : أَيْ بِلَادُ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَالْأَرْضُ كُلُّهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=142يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ : مِنْ أَهْلِهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=142إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ : وَهُوَ مَا تُوجِبُهُ الْحِكْمَةُ وَالْمَصْلَحَةُ، مِنْ تَوْجِيهِهِمْ تَارَةً إِلَى
بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَأُخْرَى إِلَى
الْكَعْبَةِ: nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ : وَمِثْلَ ذَلِكَ الْجَعْلِ الْعَجِيبِ جَعَلْنَاكُمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143أُمَّةً وَسَطًا خِيَارًا، وَهِيَ صِفَةٌ بِالِاسْمِ الَّذِي هُوَ وَسَطُ الشَّيْءِ، وَلِذَلِكَ اسْتَوَى فِيهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ وَالْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ، وَنَحْوُهُ قَوْلُهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- "وَأَنْطُوا الثَّبْجَةَ" يُرِيدُ الْوَسِيطَةَ بَيْنَ السَّمِينَةِ
[ ص: 338 ] وَالْعَجْفَاءِ وَصْفًا بِالثَّبْجِ وَهُوَ: وَسَطُ الظَّهْرِ، إِلَّا أَنَّهُ أُلْحِقَ تَاءَ التَّأْنِيثِ؛ مُرَاعَاةً لِحَقِّ الْوَصْفِ، وَقِيلَ: لِلْخِيَارِ وَسَطٌ؛ لِأَنَّ الْأَطْرَافَ يَتَسَارَعُ إِلَيْهَا الْخَلَلُ، وَالْأَعْوَارُ وَالْأَوْسَاطُ مَحْمِيَّةٌ مُحَوَّطَةٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ
الطَّائِيِّ [مِنَ الْبَسِيطِ]:
كَانَتْ هِيَ الْوَسَطَ الْمَحْمِيَّ فَاكْتَنَفَتْ بِهَا الْحَوَادِثُ حَتَّى أَصْبَحَتْ طَرَفًا
وَقَدِ اكْتَرَيْتُ
بِمَكَّةَ جَمَلَ أَعْرَابِيٍّ لِلْحَجِّ فَقَالَ: أَعْطِنِي مِنْ سِطَاتِهِنْهِ، أَرَادَ مِنْ خِيَارِ الدَّنَانِيرِ، أَوْ عُدُولًا، لِأَنَّ الْوَسَطَ عَدْلٌ بَيْنَ الْأَطْرَافِ لَيْسَ إِلَى بَعْضِهَا أَقْرَبَ مِنْ بَعْضٍ.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ رُوِيَ: "أَنَّ الْأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَجْحَدُونَ تَبْلِيغَ الْأَنْبِيَاءِ، فَيُطَالِبُ اللَّهُ الْأَنْبِيَاءَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّهُمْ قَدْ بَلَّغُوا وَهُوَ أَعْلَمُ، فَيُؤْتَى بِأُمَّةِ
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَشْهَدُونَ، فَتَقُولُ الْأُمَمُ: مِنْ أَيْنَ عَرَفْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: عَلِمْنَا ذَلِكَ بِإِخْبَارِ اللَّهِ فِي كِتَابِهِ النَّاطِقِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ الصَّادِقِ، فَيُؤْتَى
بِمُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيُسْأَلُ عَنْ حَالِ أُمَّتِهِ، فَيُزَكِّيهِمْ وَيَشْهَدُ بِعَدَالَتِهِمْ"
[ ص: 339 ] وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=41فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا [النِّسَاءِ: 41].
فَإِنْ قُلْتَ:فَهَلَّا قِيلَ لَكُمْ شَهِيدًا وَشَهَادَتُهُ لَهُمْ لَا عَلَيْهِمْ؟ قُلْتُ: لَمَّا كَانَ الشَّهِيدُ كَالرَّقِيبِ وَالْمُهَيْمِنِ عَلَى الْمَشْهُودِ لَهُ جِيءَ بِكَلِمَةِ الِاسْتِعْلَاءِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=9وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [الْبُرُوجِ: 9]
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [الْمَائِدَةِ: 117]، وَقِيلَ: لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فِي الدُّنْيَا فِيمَا لَا يَصِحُّ إِلَّا بِشَهَادَةِ الْعُدُولِ الْأَخْيَارِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا : يُزَكِّيكُمْ وَيَعْلَمُ بِعَدَالَتِكُمْ.
فَإِنْ قُلْتَ: لِمَ أُخِّرَتْ صِلَةُ الشَّهَادَةِ أَوَّلًا وَقُدِّمَتْ آخِرًا، قُلْتُ: لِأَنَّ الْغَرَضَ فِي الْأَوَّلِ إِثْبَاتُ شَهَادَتِهِمْ عَلَى الْأُمَمِ، وَفِي الْآخِرِ اخْتِصَاصُهُمْ بِكَوْنِ الرَّسُولِ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا : لَيْسَتْ بِصِفَةٍ لِلْقِبْلَةِ إِنَّمَا هِيَ ثَانِي مَفْعُولَيْ جَعَلَ، يُرِيدُ: وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الْجِهَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا
[ ص: 340 ] وَهِيَ
الْكَعْبَةُ; لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُصَلِّي
بِمَكَّةَ إِلَى
الْكَعْبَةِ، ثُمَّ أُمِرَ بِالصَّلَاةِ إِلَى صَخْرَةِ
بَيْتِ الْمَقْدِسِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ تَأَلُّفًا لِلْيَهُودِ، ثُمَّ حُوِّلَ إِلَى
الْكَعْبَةِ فَيَقُولُ: وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي يَجِبُ أَنْ تَسْتَقْبِلَهَا الْجِهَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا أَوَّلًا
بِمَكَّةَ، يَعْنِي: وَمَا رَدَدْنَاكَ إِلَيْهَا إِلَّا امْتِحَانًا لِلنَّاسِ وَابْتِلَاءً "لِنَعْلَمَ": الثَّابِتَ عَلَى الْإِسْلَامِ الصَّادِقَ فِيهِ مِمَّنْ هُوَ عَلَى حَرْفٍ يَنْكُصُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143عَلَى عَقِبَيْهِ لِقَلَقِهِ فَيَرْتَدُّ، كَقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=31وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا [الْمُدَّثِّرِ: 31] وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَيَانًا لِلْحِكْمَةِ فِي جَعْلِ
بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَبِلْتَهُ، يَعْنِي أَنَّ أَصْلَ أَمْرِكَ أَنْ تَسْتَقْبِلَ
الْكَعْبَةَ، وَأَنَّ اسْتِقْبَالَكَ
بَيْتَ الْمَقْدِسِ كَانَ أَمْرًا عَارِضًا لِغَرَضٍ; وَإِنَّمَا جَعَلْنَا
nindex.php?page=treesubj&link=29376الْقِبْلَةَ الْجِهَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا قَبْلَ وَقْتِكَ هَذَا - وَهِيَ
بَيْتُ الْمَقْدِسِ- لِنَمْتَحِنَ النَّاسَ وَنَنْظُرَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِنْهُمْ وَمَنْ لَا يَتَّبِعُهُ وَيَنْفِرُ عَنْهُ.
وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: "كَانَتْ قِبْلَتُهُ
بِمَكَّةَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَجْعَلُ
الْكَعْبَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ".
فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ قَالَ:"لِنَعْلَمَ": وَلَمْ يَزَلْ عَالِمًا بِذَلِكَ؟ قُلْتُ: مَعْنَاهُ: لِنَعْلَمَهُ عِلْمًا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْجَزَاءُ، وَهُوَ أَنْ يَعْلَمَهُ مَوْجُودًا حَاصِلًا وَنَحْوُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=142وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ [آلِ عِمْرَانَ : 142]، وَقِيلَ: لِيَعْلَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ، وَإِنَّمَا أُسْنِدَ عِلْمُهُمْ إِلَى ذَاتِهِ; لِأَنَّهُمْ خَوَاصُّهُ وَأَهْلُ الزُّلْفَى عِنْدَهُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لِنُمَيِّزَ التَّابِعَ مِنَ النَّاكِصِ، كَمَا قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=37لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ [الْأَنْفَالِ: 37] فَوُضِعَ الْعِلْمُ مَوْضِعَ التَّمْيِيزِ; لِأَنَّ الْعِلْمَ بِهِ يَقَعُ التَّمْيِيزُ بِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً : هِيَ إِنِ الْمُخَفَّفَةُ الَّتِي تَلْزَمُهَا اللَّامُ الْفَارِقَةُ، وَالضَّمِيرُ فِي: "كَانَتْ": لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا مِنَ الرِّدَّةِ، أَوِ التَّحْوِيلَةِ، أَوِ الْجَعْلَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلْقِبْلَةِ، "لِكَبِيرَةً": لَثَقِيلَةً شَاقَّةً
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143إِلا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ إِلَّا عَلَى الثَّابِتِينَ الصَّادِقِينَ فِي اتِّبَاعِ الرَّسُولِ الَّذِينَ لَطَفَ اللَّهُ بِهِمْ وَكَانُوا أَهْلًا لِلُطْفِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ : أَيْ: ثَبَاتَكُمْ عَلَى الْإِيمَانِ، وَأَنَّكُمْ لَمْ تَزِلُّوا وَلَمْ تَرْتَابُوا، بَلْ شَكَرَ صَنِيعَكُمْ وَأَعَدَّ لَكُمُ الثَّوَابَ الْعَظِيمَ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَتْرُكَ تَحْوِيلَكُمْ لِعِلْمِهِ أَنَّ تَرْكَهُ مَفْسَدَةٌ
[ ص: 341 ] وَإِضَاعَةٌ لِإِيمَانِكُمْ، وَقِيلَ: مَنْ كَانَ صَلَّى إِلَى
بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَبْلَ التَّحْوِيلِ فَصَلَاتُهُ غَيْرُ ضَائِعَةٍ.
عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-:
nindex.php?page=hadith&LINKID=654126لَمَّا وَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى الْكَعْبَةِ قَالُوا: كَيْفَ بِمَنْ مَاتَ قَبْلَ التَّحْوِيلِ مِنْ إِخْوَانِنَا فَنَزَلَتْ: nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ : لَا يُضِيعُ أُجُورَهُمْ، وَلَا يَتْرُكُ مَا يُصْلِحُهُمْ.
وَيُحْكَى عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14078الْحَجَّاجِ أَنَّهُ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102لِلْحَسَنِ : مَا رَأْيُكَ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=8أَبِي تُرَابٍ، فَقَرَأَ قَوْلَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143إِلا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ثُمَّ قَالَ:
nindex.php?page=showalam&ids=8وَعَلِيٌّ مِنْهُمْ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَخَتَنُهُ عَلَى ابْنَتِهِ، وَأَقْرَبُ النَّاسِ إِلَيْهِ، وَأَحَبُّهُمْ.
وَقُرِئَ: (إِلَّا لِيُعْلَمَ) عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، وَمَعْنَى الْعِلْمِ: الْمَعْرِفَةُ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ "مِنْ" مُتَضَمِّنَةً لِمَعْنَى الِاسْتِفْهَامِ مُعَلَّقًا عَنْهَا الْعِلْمُ، كَقَوْلِكَ: عَلِمْتُ أَزْيَدٌ فِي الدَّارِ أَمْ عَمْرٌو ، وَقَرَأَ
ابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ (عَلَى عَقْبَيْهِ) بِسُكُونِ الْقَافِ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15507الْيَزِيدِيُّ (لَكَبِيرَةٌ) بِالرَّفْعِ ، وَوَجْهُهَا أَنْ تَكُونَ "كَانَ" مَزِيدَةً، كَمَا فِي قَوْلِهِ [مِنَ الْوَافِرِ]:
وَجِيرَانٍ لَنَا – كَانُوا - كِرَامِ
وَالْأَصْلُ: وَإِنْ هِيَ لِكَبِيرَةٌ، كَقَوْلِكَ: إِنْ زَيْدٌ لَمُنْطَلِقٌ ثَمَّ، وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةٌ وَقُرِئَ: (لِيُضَيِّعَ) بِالتَّشْدِيدِ.