[ ص: 222 ] سورة [الجن]
مكية، وآياتها 28 نزلت بعد [الأعراف]
بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=treesubj&link=29043_29294_34109nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=1قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا nindex.php?page=treesubj&link=29043_28662_29294_34225_34513nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=2يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا nindex.php?page=treesubj&link=29043_29294_29705_34513nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=3وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا nindex.php?page=treesubj&link=29043_29294_29706_34106nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=4وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا nindex.php?page=treesubj&link=29043_29294_29706_34106nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=5وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا
قرئ "أحي" وأصله وحي; يقال: أوحي إليه ووحي إليه، فقلبت الواو همزة، كما يقال: أعد وأزن.
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=11وإذا الرسل أقتت [المرسلات: 11]. وهو من القلب المطلق جوازه في كل واو مضمومة; وقد أطلقه المازني في المكسورة أيضا كإشاح وإسادة، وإعاء أخيه، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابن أبي عبلة : "وحي" على الأصل. "أنه استمع" بالفتح، لأنه فاعل أوحي. وإنا سمعنا: بالكسر; لأنه مبتدأ محكي بعد القول، ثم تحمل عليهما البواقي، فما كان من الوحي فتح، وما كان من قول الجن كسر: وكلهن من قولهم إلا الثنتين الأخريين
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=18وأن المساجد [الجن: 18].
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=19وأنه لما قام [الجن: 19]. ومن فتح كلهن فعطفا على محل الجار والمجرور في آمنا به، كأنه قيل: صدقناه وصدقنا أنه تعالى جد ربنا، وأنه كان يقول سفيهنا، وكذلك البواقي
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=1نفر من الجن جماعة منهم ما بين الثلاثة إلى العشرة. وقيل:
[ ص: 223 ] كانوا من الشيصبان، وهم أكثر الجن عددا، وعامة جنود إبليس منهم
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=1فقالوا إنا سمعنا أي: قالوا لقومهم حين رجعوا إليهم، كقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=29فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=30قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا ، "عجبا" بديعا مباينا لسائر الكتب في حسن نظمه وصحة معانيه، قائمة فيه دلائل الإعجاز. وعجب مصدر يوضع موضع العجيب. وفيه مبالغة: وهو ما خرج عن حد أشكاله ونظائره.
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=2يهدي إلى الرشد يدعو إلى الصواب. وقيل: إلى التوحيد والإيمان. والضمير في "به" للقرآن; ولما كان الإيمان به إيمانا بالله وبوحدانيته وبراءة من الشرك: قالوا:
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=2ولن نشرك بربنا أحدا أي: ولن نعود إلى ما كنا عليه من الإشراك به في طاعة الشيطان. ويجوز أن يكون الضمير لله عز وجل; لأن قوله: "بربنا" يفسره "جد ربنا" عظمته من قولك: جد فلان في عيني، أي: عظم. وفي حديث عمر رضي الله عنه: كان الرجل منا إذا قرأ البقرة وآل عمران جد فينا. وروي: في أعيننا، أو ملكه وسلطانه أو غناه، استعارة من الجد الذي هو الدولة والبخت; لأن الملوك والأغنياء هم المجدودون، والمعنى: وصفه بالتعالي عن الصاحبة والولد لعظمته. أو لسلطانه وملكوته أو لغناه. وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=3ما اتخذ صاحبة ولا ولدا بيان لذلك. وقرئ جدا ربنا على التمييز وجد ربنا، بالكسر: أي صدق ربوبيته وحق إلهيته عن اتخاذ الصاحبة والولد، وذلك أنهم لما سمعوا القرآن ووفقوا للتوحيد والإيمان: تنبهوا على الخطأ فيما اعتقده كفرة الجن من تشبيه الله بخلقه واتخاذه صاحبة وولدا، فاستعظموه ونزهوه عنه. سفيههم: إبليس لعنه الله أو غيره من مردة الجن. والشطط: مجاوزة الحد في الظلم وغيره. ومنه: أشط في السوم، إذا أبعد فيه، أي: يقول قولا هو في نفسه شطط; لفرط ما أشط فيه، وهو نسبة الصاحبة والولد إلى الله، وكان في ظننا أن أحدا من الثقلين لن يكذب على الله ولن يفتري عليه ما ليس بحق، فكنا نصدقهم فيم أضافوا إليه
[ ص: 224 ] من ذلك، حتى تبين لنا بالقرآن كذبهم وافتراؤهم "كذبا" قولا كذبا، أي: مكذوبا فيه. أو نصب المصدر لأن الكذب نوع من القول. ومن قرأ: أن لن تقول: وضع كذبا موضع تقولا، ولم يجعله صفة; لأن التقول لا يكون إلا كذبا.
[ ص: 222 ] سُورَةُ [الْجِنِّ]
مَكِّيَّةٌ، وَآيَاتُهَا 28 نَزَلَتْ بَعْدَ [الْأَعْرَافِ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=29043_29294_34109nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=1قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا nindex.php?page=treesubj&link=29043_28662_29294_34225_34513nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=2يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا nindex.php?page=treesubj&link=29043_29294_29705_34513nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=3وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا nindex.php?page=treesubj&link=29043_29294_29706_34106nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=4وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا nindex.php?page=treesubj&link=29043_29294_29706_34106nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=5وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا
قُرِئَ "أُحِيَ" وَأَصْلُهُ وُحِيَ; يُقَالُ: أُوحِيَ إِلَيْهِ وَوُحِيَ إِلَيْهِ، فَقُلِبَتِ الْوَاوُ هَمْزَةً، كَمَا يُقَالُ: أَعِدْ وَأَزِنْ.
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=11وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ [الْمُرْسَلَاتِ: 11]. وَهُوَ مِنَ الْقَلْبِ الْمُطْلَقِ جَوَازُهُ فِي كُلِّ وَاوٍ مَضْمُومَةٍ; وَقَدْ أَطْلَقَهُ الْمَازِنِيُّ فِي الْمَكْسُورَةِ أَيْضًا كَإِشَاحٍ وَإِسَادَةٍ، وَإِعَاءِ أَخِيهِ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ : "وُحِيَ" عَلَى الْأَصْلِ. "أَنَّهُ اسْتَمَعَ" بِالْفَتْحِ، لِأَنَّهُ فَاعِلُ أُوحِيَ. وَإِنَّا سَمِعْنَا: بِالْكَسْرِ; لِأَنَّهُ مُبْتَدَأٌ مَحْكِيٌّ بَعْدَ الْقَوْلِ، ثُمَّ تُحْمَلُ عَلَيْهِمَا الْبَوَاقِي، فَمَا كَانَ مِنَ الْوَحْيِ فُتِحَ، وَمَا كَانَ مِنْ قَوْلِ الْجِنِّ كَسِرَ: وَكُلُّهُنَّ مِنْ قَوْلِهِمْ إِلَّا الثِّنْتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=18وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ [الْجِنِّ: 18].
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=19وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ [الْجِنِّ: 19]. وَمَنْ فَتَحَ كُلَّهُنَّ فَعَطْفًا عَلَى مَحَلِّ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ فِي آمَنَّا بِهِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: صَدَّقْنَاهُ وَصَدَّقْنَا أَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا، وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا، وَكَذَلِكَ الْبَوَاقِي
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=1نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ مَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إِلَى الْعَشْرَةِ. وَقِيلَ:
[ ص: 223 ] كَانُوا مِنَ الشَّيْصَبَانِ، وَهُمْ أَكْثَرُ الْجِنِّ عَدَدًا، وَعَامَّةُ جُنُودِ إِبْلِيسَ مِنْهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=1فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا أَيْ: قَالُوا لِقَوْمِهِمْ حِينَ رَجَعُوا إِلَيْهِمْ، كَقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=29فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=30قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا ، "عَجَبًا" بَدِيعًا مُبَايِنًا لِسَائِرِ الْكُتُبِ فِي حُسْنِ نَظْمِهِ وَصِحَّةِ مَعَانِيهِ، قَائِمَةٌ فِيهِ دَلَائِلُ الْإِعْجَازِ. وَعَجَبٌ مَصْدَرٌ يُوضَعُ مَوْضِعَ الْعَجِيبِ. وَفِيهِ مُبَالَغَةٌ: وَهُوَ مَا خَرَجَ عَنْ حَدِّ أَشْكَالِهِ وَنَظَائِرِهِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=2يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ يَدْعُو إِلَى الصَّوَابِ. وَقِيلَ: إِلَى التَّوْحِيدِ وَالْإِيمَانِ. وَالضَّمِيرُ فِي "بِهِ" لِلْقُرْآنِ; وَلَمَّا كَانَ الْإِيمَانُ بِهِ إِيمَانًا بِاللَّهِ وَبِوَحْدَانِيَّتِهِ وَبَرَاءَةً مِنَ الشِّرْكِ: قَالُوا:
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=2وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا أَيْ: وَلَنْ نَعُودَ إِلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ مِنَ الْإِشْرَاكِ بِهِ فِي طَاعَةِ الشَّيْطَانِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ; لِأَنَّ قَوْلَهُ: "بِرَبِّنَا" يُفَسِّرُهُ "جَدُّ رَبِّنَا" عَظَمَتُهُ مِنْ قَوْلِكَ: جَدَّ فُلَانٌ فِي عَيْنِي، أَيْ: عَظُمَ. وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا إِذَا قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ جَدَّ فِينَا. وَرُوِيَ: فِي أَعْيُنِنَا، أَوْ مُلْكُهُ وَسُلْطَانُهُ أَوْ غِنَاهُ، اسْتِعَارَةً مِنَ الْجَدِّ الَّذِي هُوَ الدَّوْلَةُ وَالْبَخْتُ; لِأَنَّ الْمُلُوكَ وَالْأَغْنِيَاءَ هُمُ الْمَجْدُودُونَ، وَالْمَعْنَى: وَصَفَهُ بِالتَّعَالِي عَنِ الصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ لِعَظَمَتِهِ. أَوْ لِسُلْطَانِهِ وَمَلَكُوتِهِ أَوْ لِغِنَاهُ. وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=3مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا بَيَانٌ لِذَلِكَ. وَقُرِئَ جِدًّا رَبُّنَا عَلَى التَّمْيِيزِ وَجِدُّ رَبِّنَا، بِالْكَسْرِ: أَيْ صِدْقٌ رُبُوبِيَّتُهُ وَحُقٌّ إِلَهِيَّتُهُ عَنِ اتِّخَاذِ الصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ وَوُفِّقُوا لِلتَّوْحِيدِ وَالْإِيمَانِ: تَنَبَّهُوا عَلَى الْخَطَأِ فِيمَا اعْتَقَدَهُ كَفَرَةُ الْجِنِّ مِنْ تَشْبِيهِ اللَّهِ بِخَلْقِهِ وَاتِّخَاذِهِ صَاحِبَةً وَوَلَدًا، فَاسْتَعْظَمُوهُ وَنَزَّهُوهُ عَنْهُ. سَفِيهُهُمْ: إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ مَرَدَةِ الْجِنِّ. وَالشَّطَطُ: مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ فِي الظُّلْمِ وَغَيْرِهِ. وَمِنْهُ: أَشَطَّ فِي السَّوْمِ، إِذَا أَبْعَدَ فِيهِ، أَيْ: يَقُولُ قَوْلًا هُوَ فِي نَفْسِهِ شَطَطٌ; لِفَرْطِ مَا أَشَطَّ فِيهِ، وَهُوَ نِسْبَةُ الصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ إِلَى اللَّهِ، وَكَانَ فِي ظَنِّنَا أَنَّ أَحَدًا مِنَ الثَّقَلَيْنِ لَنْ يَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ وَلَنْ يَفْتَرِيَ عَلَيْهِ مَا لَيْسَ بِحَقٍّ، فَكُنَّا نُصَدِّقُهُمْ فِيمَ أَضَافُوا إِلَيْهِ
[ ص: 224 ] مِنْ ذَلِكَ، حَتَّى تَبَيَّنَ لَنَا بِالْقُرْآنِ كَذِبُهُمْ وَافْتِرَاؤُهُمْ "كَذِبًا" قَوْلًا كَذِبًا، أَيْ: مَكْذُوبًا فِيهِ. أَوْ نُصِبَ الْمَصْدَرُ لِأَنَّ الْكَذِبَ نَوْعٌ مِنَ الْقَوْلِ. وَمَنْ قَرَأَ: أَنْ لَنْ تَقُولَ: وَضَعَ كَذِبًا مَوْضِعَ تَقُولَا، وَلَمْ يَجْعَلْهُ صِفَةً; لِأَنَّ التَّقَوُّلَ لَا يَكُونُ إِلَّا كَذِبًا.