[ ص: 126 ] nindex.php?page=treesubj&link=28992_30549_30612_32408_34199_34513nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون nindex.php?page=treesubj&link=28992_30549_31788_32024_32408_34199_34211_34339nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3لاهية قلوبهم وأسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون
قرر إعراضهم عن تنبيه المنبه وإيقاظ الموقظ : بأن الله يجدد لهم الذكر وقتا فوقتا ، ويحدث لهم الآية بعد الآية والسورة بعد السورة ؛ ليكرر على أسماعهم التنبيه والموعظة لعلهم يتعظون ، فما يزيدهم استماع الآي والسور وما فيها من فنون المواعظ والبصائر -التي هي أحق الحق وأجد الجد- إلا لعبا وتلهيا واستسخارا ، والذكر : هو الطائفة النازلة من القرآن ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابن أبي عبلة : "محدث " : بالرفع صفة على المحل ، قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2وهم يلعبون nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3لاهية قلوبهم : حالان مترادفتان أو متداخلتان ، ومن قرأ : "لاهية" بالرفع فالحال واحدة ؛ لأن
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3لاهية قلوبهم : خبر بعد خبر ؛ لقوله : " وهم " ، واللاهية : من لها عنه إذا ذهل وغفل ، يعني : أنهم وإن فطنوا فهم في قلة جدوى فطنتهم كأنهم لم يفطنوا أصلا ، وثبتوا على رأس غفلتهم وذهولهم عن التأمل والتبصر بقلوبهم .
فإن قلت : النجوى وهي اسم من التناجي لا تكون إلا خفية ، فما معنى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3 "وأسروا" ؟
قلت : معناه : وبالغوا في إخفائها ، أو جعلوها بحيث لا يفطن أحد لتناجيهم ولا يعلم أنهم متناجون ، أبدل :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3الذين ظلموا من واو وأسروا ، إشعارا بأنهم الموسومون بالظلم الفاحش فيما أسروا به . أو جاء على لغة من قال : أكلوني البراغيث ، أو هو منصوب المحل على الذم ، أو هو مبتدأ خبره :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3وأسروا النجوى قدم عليه . والمعنى : وهؤلاء أسروا النجوى ، فوضع المظهر موضع المضمر تسجيلا على فعلهم بأنه ظلم ،
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون هذا الكلام كله في محل النصب بدلا من النجوى ، أي : وأسروا هذا الحديث ، ويجوز أن يتعلق بقالوا مضمرا : اعتقدوا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يكون إلا ملكا ، وأن كل من ادعى الرسالة من البشر وجاء بالمعجزة هو ساحر ومعجزته سحر ، فلذلك قالوا على سبيل الإنكار : أفتحضرون السحر وأنتم تشاهدون وتعاينون أنه سحر . فإن قلت : لم أسروا هذا الحديث وبالغوا في إخفائه ؟
قلت : كان ذلك شبه التشاور فيما بينهم ، والتحاور في طلب الطريق إلى هدم أمره ، وعمل المنصوبة في التثبيط عنه ، وعادة المتشاورين في خطب أن لا يشركوا أعداءهم في
[ ص: 127 ] شوراهم ، ويتجاهدوا في طي سرهم عنهم ما أمكن واستطيع ، ومنه قول الناس : "استعينوا على حوائجكم بالكتمان " ، ويرفع إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، ويجوز أن يسروا نجواهم
[ ص: 128 ] بذلك ثم يقولوا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين : إن كان ما تدعونه حقا فأخبرونا بما أسررنا .
[ ص: 126 ] nindex.php?page=treesubj&link=28992_30549_30612_32408_34199_34513nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ nindex.php?page=treesubj&link=28992_30549_31788_32024_32408_34199_34211_34339nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ
قَرَّرَ إِعْرَاضَهُمْ عَنْ تَنْبِيهِ الْمُنَبِّهِ وَإِيقَاظِ الْمُوقِظِ : بِأَنَّ اللَّهَ يُجَدِّدُ لَهُمُ الذِّكْرَ وَقْتًا فَوَقْتًا ، وَيُحْدِثُ لَهُمُ الْآيَةَ بَعْدَ الْآيَةِ وَالسُّورَةَ بَعْدَ السُّورَةِ ؛ لِيُكَرِّرَ عَلَى أَسْمَاعِهِمُ التَّنْبِيهَ وَالْمَوْعِظَةَ لَعَلَّهُمْ يَتَّعِظُونَ ، فَمَا يَزِيدُهُمُ اسْتِمَاعُ الْآيِ وَالسُّوَرِ وَمَا فِيهَا مِنْ فُنُونِ الْمَوَاعِظِ وَالْبَصَائِرِ -الَّتِي هِيَ أَحَقُّ الْحَقِّ وَأَجَدُّ الْجِدِّ- إِلَّا لَعِبًا وَتَلَهِّيًا وَاسْتِسْخَارًا ، وَالذِّكْرُ : هُوَ الطَّائِفَةُ النَّازِلَةُ مِنَ الْقُرْآنِ ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ : "مَحْدَثٌ " : بِالرَّفْعِ صِفَةٌ عَلَى الْمَحَلِّ ، قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2وَهُمْ يَلْعَبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ : حَالَانِ مُتَرَادِفَتَانِ أَوْ مُتَدَاخِلَتَانِ ، وَمَنْ قَرَأَ : "لَاهِيَةٌ" بِالرَّفْعِ فَالْحَالُ وَاحِدَةٌ ؛ لِأَنَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ : خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ ؛ لِقَوْلِهِ : " وَهُمْ " ، وَاللَّاهِيَةُ : مِنْ لَهَا عَنْهُ إِذَا ذَهَلَ وَغَفَلَ ، يَعْنِي : أَنَّهُمْ وَإِنْ فَطِنُوا فَهُمْ فِي قِلَّةِ جَدْوَى فِطْنَتِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَمْ يَفْطَنُوا أَصْلًا ، وَثَبَتُوا عَلَى رَأْسِ غَفْلَتِهِمْ وَذُهُولِهِمْ عَنِ التَّأَمُّلِ وَالتَّبَصُّرِ بِقُلُوبِهِمْ .
فَإِنْ قُلْتَ : النَّجْوَى وَهِيَ اسْمٌ مِنَ التَّنَاجِي لَا تَكُونُ إِلَّا خُفْيَةً ، فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3 "وَأَسَرُّوا" ؟
قُلْتُ : مَعْنَاهُ : وَبَالَغُوا فِي إِخْفَائِهَا ، أَوْ جَعَلُوهَا بِحَيْثُ لَا يَفْطَنُ أَحَدٌ لِتَنَاجِيهِمْ وَلَا يَعْلَمَ أَنَّهُمْ مُتَنَاجُونَ ، أُبْدِلَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ وَاوِ وَأَسَرُّوا ، إِشْعَارًا بِأَنَّهُمُ الْمَوْسُومُونَ بِالظُّلْمِ الْفَاحِشِ فِيمَا أَسَرُّوا بِهِ . أَوْ جَاءَ عَلَى لُغَةِ مَنْ قَالَ : أَكَلُونِي الْبَرَاغِيثُ ، أَوْ هُوَ مَنْصُوبُ الْمَحَلِّ عَلَى الذَّمِّ ، أَوْ هُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3وَأَسَرُّوا النَّجْوَى قُدِّمَ عَلَيْهِ . وَالْمَعْنَى : وَهَؤُلَاءِ أَسَرُّوا النَّجْوَى ، فَوُضِعَ الْمُظْهَرُ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ تَسْجِيلًا عَلَى فِعْلِهِمْ بِأَنَّهُ ظُلْمٌ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3هَلْ هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ هَذَا الْكَلَامُ كُلُّهُ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ بَدَلًا مِنَ النَّجْوَى ، أَيْ : وَأَسَرُّوا هَذَا الْحَدِيثَ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِقَالُوا مُضْمَرًا : اعْتَقَدُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا يَكُونُ إِلَّا مَلَكًا ، وَأَنَّ كُلَّ مَنِ ادَّعَى الرِّسَالَةَ مِنَ الْبَشَرِ وَجَاءَ بِالْمُعْجِزَةِ هُوَ سَاحِرٌ وَمُعْجِزَتُهُ سِحْرٌ ، فَلِذَلِكَ قَالُوا عَلَى سَبِيلِ الْإِنْكَارِ : أَفَتَحْضُرُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُشَاهِدُونَ وَتُعَايِنُونَ أَنَّهُ سِحْرٌ . فَإِنْ قُلْتَ : لِمَ أَسَرُّوا هَذَا الْحَدِيثَ وَبَالَغُوا فِي إِخْفَائِهِ ؟
قُلْتُ : كَانَ ذَلِكَ شِبْهَ التَّشَاوُرِ فِيمَا بَيْنَهُمْ ، وَالتَّحَاوُرِ فِي طَلَبِ الطَّرِيقِ إِلَى هَدْمِ أَمْرِهِ ، وَعَمَلِ الْمَنْصُوبَةِ فِي التَّثْبِيطِ عَنْهُ ، وَعَادَةِ الْمُتَشَاوِرِينَ فِي خُطَبٍ أَنْ لَا يُشْرِكُوا أَعْدَاءَهُمْ فِي
[ ص: 127 ] شُورَاهُمْ ، وَيَتَجَاهَدُوا فِي طَيِّ سِرِّهِمْ عَنْهُمْ مَا أَمْكَنَ وَاسْتُطِيعَ ، وَمِنْهُ قَوْلُ النَّاسِ : "اسْتَعِينُوا عَلَى حَوَائِجِكُمْ بِالْكِتْمَانِ " ، وَيُرْفَعُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ، وَيَجُوزُ أَنْ يُسِرُّوا نَجْوَاهُمْ
[ ص: 128 ] بِذَلِكَ ثُمَّ يَقُولُوا لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْمُؤْمِنِينَ : إِنْ كَانَ مَا تَدَّعُونَهُ حَقًّا فَأَخْبِرُونَا بِمَا أَسْرَرْنَا .