هذا ومن باب الإشارة في الآيات:
أما في قوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127ويستفتونك في النساء إلى قوله - عز وجل –
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=130وكان الله واسعا حكيما فقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=12099النيسابوري فيه: إن النفس للروح كالمرآة للزوج، و
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127يتامى النساء صفات النفوس و
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127ما كتب لهن ما أوجب الله تعالى من الحقوق
وحاصل المعنى: إن نفسك مطيتك فارفق بها، وإليه الإشارة بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128والصلح خير nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128وأحضرت الأنفس الشح فالروح تشح بترك حقوق الله تعالى، والنفس تشح بترك حظوظها
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=129فلا تميلوا كل الميل في رفض حظوظ النفس، فقد جاء في الخبر:
nindex.php?page=hadith&LINKID=664707«إن لنفسك عليك حقا» nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=129فتذروها كالمعلقة بين العالم العلوي والعالم السفلي
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=130وإن يتفرقا أي: الروح والنفس
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=130يغن الله كلا من سعته فالروح يجتذب بجذبة (خل نفسك وائتني إلى سعة غنى الله تعالى في عالم هويته) فيستغنى عن مركب النفس بالوصول إلى المقصود، والنفس تجتذب بجذبة
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=28ارجعي إلى ربك إلى سعة غنى الله تعالى في عالم
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=29فادخلي في عبادي nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=30وادخلي جنتي انتهى، ولا يخفى أن باب التأويل واسع، وما ذكره ليس بمتعين، فيمكن أن تجعل الآية في شأن الشيخ والمريد.
وأما في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=135يا أيها الذين آمنوا كونوا إلخ فنقول: إنه سبحانه أمر المؤمنين بالتوحيد العلمي المريدين لثواب الدارين أن يكونوا ثابتين في مقام العدالة التي
[ ص: 181 ] هي أشرف الفضائل
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=135قوامين بحقوقها بحيث تكون ملكة راسخة فيهم، لا يمكن معها جور في شيء، ولا ظهور صفة نفس لاتباع هوى في جلب نفع دنيوي أو رفع مضرة كذلك، ثم قال جل وعلا:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=136يا أيها الذين آمنوا من حيث البرهان
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=136آمنوا من حيث البيان، إلى أن تؤمنوا من حيث العيان، أو يا أيها الذين آمنوا بالإيمان التقليدي آمنوا بالإيمان العيني، أو المراد: يا أيها المدعون تجريد الإيمان لي من غير وساطة لا سبيل لكم إلى الوصول إلى عين التجريد إلا بقبول الوسائط، فالآية إشارة إلى الفرق بعد الجمع.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=137إن الذين آمنوا بالتقليد
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=137ثم كفروا إذ لم يكن للتقليد أصل
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=137ثم آمنوا بالاستدلال العقلي
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=137ثم كفروا إذ لم تكن عقولهم مشرقة بالنور الإلهي
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=137ثم ازدادوا كفرا بالشبهات والاعتراضات، وقد يكون ذلك إشارة إلى وصف أهل التردد في سلوك سبيل أولياء الله تعالى والإيمان بأحوالهم حين هاجت رغبتهم إلى رياسة القوم، فلما جن عليهم ليل المجاهدات لم يتحملوا، وأنكروا، ورجعوا إلى حظوظ أنفسهم، ولما رأوا نهاية الأكابر وظنوا اللحوق بهم لو استقاموا وآمنوا فلما لم يصلوا إلى شيء من مقامات القوم وكراماتهم لعدم إخلاصهم وسوء استعدادهم ارتدوا وصاروا منكرين عليهم وعلى مقاماتهم، وازدادوا إنكارا حين رجعوا إلى اللذات والشهوات، واختاروا الدنيا على الآخرة، وجعلوا يقولون للخلق: إن هؤلاء ليسوا على الحق، فقد سلكنا ما سلكوا، وخضنا ما خاضوا فلم نر إلا سرابا بقيعة، وهذا حال كثير من علماء السوء المنكرين على القوم قدس الله أسرارهم.
(ما كان الله ليغفر لهم) لمكان الريب الحاجب، وفساد جوهر القلب، وزوال الاستعداد
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=137ولا ليهديهم سبيلا إلى الحق، ولا إلى الكمال لعدم قبولهم ذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=139الذين يتخذون الكافرين أولياء لمناسبتهم إياهم، وشبيه الشيء منجذب إليه
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=139من دون المؤمنين لعدم الجنسية
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=139أيبتغون عندهم العزة أي: يطلبون التعزز بهم في الدنيا، والتقوي بمالهم وجاههم
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=139فإن العزة لله جميعا فلا سبيل لهم إليها إلا منه سبحانه عز وجل.
ثم ذكر سبحانه من وصف المنافقين أنهم
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=142وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى لعدم شوقهم إلى الحضور، ونفورهم عنه؛ لعدم استعدادهم واستيلاء الهوى عليهم
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=142يراءون الناس لاحتجاجهم بهم عن رؤية الله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=142ولا يذكرون الله إلا قليلا لأنهم لا يذكرونه إلا باللسان، وعند حضورهم بين الناس، بخلاف المؤمنين الصادقين، فإنهم إذا قاموا إلى الصلاة يطيرون إليها بجناحي الرغبة والرهبة، بل يحنون إلى أوقاتها:
حنين أعرابية حنت إلى أطلال نجد فارقته ومرخه
ومن هنا
nindex.php?page=hadith&LINKID=702854كان صلى الله تعالى عليه وسلم يقول لبلال: «أرحنا يا بلال» يريد - عليه الصلاة والسلام - أقم لنا الصلاة لنصلي ونستريح بها لا منها، وظن الأخير برسول الله - صلى الله عليه وسلم – كفر، والعياذ بالله تعالى، وإذا عبدوا لا يرون إلا الله تعالى، وما قدر السوى عندهم ليراءوه، وإن كل جزء منهم يذكر الله تعالى، نعم، إنهم قد يشتغلون به عنه فهناك لا يتأتى لهم الذكر، وقد عد العارفون الذكر لأهل الشهود ذنبا، ولهذا قال قائلهم:
بذكر الله تزداد الذنوب وتنكشف الرذائل والعيوب
وترك الذكر أفضل كل شيء وشمس الذات ليس لها مغيب
لكن ذكر بعضهم أنه لا يصل العبد إلى ذلك المقام إلا بكثرة الذكر، وأشار إلى مقام عال من قال:
لا يترك الذكر إلا من يشاهده وليس يشهده من ليس يذكره
والذكر ستر على مذكوره ستر فحين يذكره في الحال يستره
فلا أزال على الأحوال أشهده ولا أزال على الأنفاس أذكره
[ ص: 182 ] nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=144يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين لئلا تتعدى إليكم ظلمة كفرهم
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=144أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا حجة ظاهرة في عقابكم برسوخ الهيئة التي بها تميلون إلى ولايتهم
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=145إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار لتحيرهم بضعف استعدادهم
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=145ولن تجد لهم نصيرا ينصرهم من عذاب الله تعالى؛ لانقطاع وصلتهم، وارتفاع محبتهم مع أهل الله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=146إلا الذين تابوا رجعوا إلى الله تعالى ببقية نور الاستعداد، وقبول مدى التوفيق
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=146وأصلحوا ما أفسدوا من استعداده بقمع الهوى، وكسر صفات النفس، ورفع حجاب القوى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=146واعتصموا بالله بالتمسك بأوامره والتوجه إليه سبحانه
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=146وأخلصوا دينهم لله بإزالة خفايا الشرك، وقطع النظر عن السوى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=146فأولئك مع المؤمنين الصادقين
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=146وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما من مشاهدة تجليات الصفات، وجنات الأفعال
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=147ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم بالتوبة وإصلاح ما فسد، والاعتصام بحبل الأوامر، والتوجه إلى الله عز وجل، وإخلاص الدين له سبحانه
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=147وآمنتم الإيمان الحائز لذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=147وكان الله شاكرا عليما فيثيب ويوصل الثواب كاملا، والله تعالى يقول الحق وهو يهدي السبيل.
هَذَا وَمِنْ بَابِ الْإِشَارَةِ فِي الْآيَاتِ:
أَمَّا فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ إِلَى قَوْلِهِ - عَزَّ وَجَلَّ –
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=130وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا فَقَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12099النَّيْسَابُورِيُّ فِيهِ: إِنَّ النَّفْسَ لِلرُّوحِ كَالْمِرْآةِ لِلزَّوْجِ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127يَتَامَى النِّسَاءِ صِفَاتِ النُّفُوسِ و
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127مَا كُتِبَ لَهُنَّ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْحُقُوقِ
وَحَاصِلُ الْمَعْنَى: إِنَّ نَفْسَكَ مَطِيَّتُكَ فَارْفُقْ بِهَا، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128وَالصُّلْحُ خَيْرٌ nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128وَأُحْضِرَتِ الأَنْفُسُ الشُّحَّ فَالرُّوحُ تَشِحُّ بِتَرْكِ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالنَّفْسُ تَشِحُّ بِتَرْكِ حُظُوظِهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=129فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فِي رَفْضِ حُظُوظِ النَّفْسِ، فَقَدْ جَاءَ فِي الْخَبَرِ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=664707«إِنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا» nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=129فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ بَيْنَ الْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ وَالْعَالَمِ السُّفْلِيِّ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=130وَإِنْ يَتَفَرَّقَا أَيِ: الرَّوْحُ وَالنَّفْسُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=130يُغْنِ اللَّهُ كُلا مِنْ سَعَتِهِ فَالرُّوحُ يَجْتَذِبُ بِجَذْبَةِ (خَلِّ نَفْسَكَ وَائْتِنِي إِلَى سَعَةِ غِنَى اللَّهِ تَعَالَى فِي عَالَمٍ هَوَيْتُهُ) فَيُسْتَغْنَى عَنْ مُرْكَبٍ النَّفْسِ بِالْوُصُولِ إِلَى الْمَقْصُودِ، وَالنَّفْسُ تَجْتَذِبُ بِجَذْبَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=28ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ إِلَى سَعَةِ غِنَى اللَّهِ تَعَالَى فِي عَالَمِ
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=29فَادْخُلِي فِي عِبَادِي nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=30وَادْخُلِي جَنَّتِي انْتَهَى، وَلَا يَخْفَى أَنَّ بَابَ التَّأْوِيلِ وَاسِعٌ، وَمَا ذَكَرَهُ لَيْسَ بِمُتَعَيَّنٍ، فَيُمْكِنُ أَنْ تُجْعَلَ الْآيَةُ فِي شَأْنِ الشَّيْخِ وَالْمُرِيدِ.
وَأَمَّا فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=135يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا إِلَخْ فَنَقُولُ: إِنَّهُ سُبْحَانَهُ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِالتَّوْحِيدِ الْعِلْمِيِّ الْمُرِيدِينَ لِثَوَابِ الدَّارَيْنِ أَنْ يَكُونُوا ثَابِتِينَ فِي مَقَامِ الْعَدَالَةِ الَّتِي
[ ص: 181 ] هِيَ أَشْرَفُ الْفَضَائِلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=135قَوَّامِينَ بِحُقُوقِهَا بِحَيْثُ تَكُونُ مَلَكَةً رَاسِخَةً فِيهِمْ، لَا يُمْكِنُ مَعَهَا جَوْرٌ فِي شَيْءٍ، وَلَا ظُهُورُ صِفَةِ نَفْسٍ لِاتِّبَاعِ هَوًى فِي جَلْبِ نَفْعٍ دُنْيَوِيٍّ أَوْ رَفْعِ مَضَرَّةٍ كَذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ جَلَّ وَعَلَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=136يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْ حَيْثُ الْبُرْهَانُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=136آمَنُوا مِنْ حَيْثُ الْبَيَانُ، إِلَى أَنْ تُؤْمِنُوا مِنْ حَيْثُ الْعَيَانُ، أَوْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بِالْإِيمَانِ التَّقْلِيدِيِّ آمِنُوا بَالْإِيمَانِ الْعَيْنِيِّ، أَوِ الْمُرَادُ: يَا أَيُّهَا الْمُدَّعُونَ تَجْرِيدَ الْإِيمَانِ لِي مِنْ غَيْرِ وَسَاطَةٍ لَا سَبِيلَ لَكُمْ إِلَى الْوُصُولِ إِلَى عَيْنِ التَّجْرِيدِ إِلَّا بِقَبُولِ الْوَسَائِطِ، فَالْآيَةُ إِشَارَةٌ إِلَى الْفَرْقِ بَعْدَ الْجَمْعِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=137إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا بِالتَّقْلِيدِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=137ثُمَّ كَفَرُوا إِذْ لَمْ يَكُنْ لِلتَّقْلِيدِ أَصْلٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=137ثُمَّ آمَنُوا بِالِاسْتِدْلَالِ الْعَقْلِيِّ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=137ثُمَّ كَفَرُوا إِذْ لَمْ تَكُنْ عُقُولُهُمْ مُشْرِقَةً بِالنُّورِ الْإِلَهِيِّ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=137ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا بِالشُّبَهَاتِ وَالِاعْتِرَاضَاتِ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ إِشَارَةً إِلَى وَصْفِ أَهْلِ التَّرَدُّدِ فِي سُلُوكِ سَبِيلِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْإِيمَانِ بِأَحْوَالِهِمْ حِينَ هَاجَتْ رَغْبَتُهُمْ إِلَى رِيَاسَةِ الْقَوْمِ، فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِمْ لَيْلُ الْمُجَاهِدَاتِ لَمْ يَتَحَمَّلُوا، وَأَنْكَرُوا، وَرَجَعُوا إِلَى حُظُوظِ أَنْفُسِهِمْ، وَلَمَّا رَأَوْا نِهَايَةَ الْأَكَابِرِ وَظَنُّوا اللُّحُوقَ بِهِمْ لَوِ اسْتَقَامُوا وَآمَنُوا فَلَمَّا لَمْ يَصِلُوا إِلَى شَيْءٍ مِنْ مَقَامَاتِ الْقَوْمِ وَكَرَامَاتِهِمْ لِعَدَمِ إِخْلَاصِهِمْ وَسُوءِ اسْتِعْدَادِهِمُ ارْتَدُّوا وَصَارُوا مُنْكِرِينَ عَلَيْهِمْ وَعَلَى مَقَامَاتِهِمْ، وَازْدَادُوا إِنْكَارًا حِينَ رَجَعُوا إِلَى اللَّذَّاتِ وَالشَّهَوَاتِ، وَاخْتَارُوا الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ، وَجَعَلُوا يَقُولُونَ لِلْخَلْقِ: إِنْ هَؤُلَاءِ لَيْسُوا عَلَى الْحَقِّ، فَقَدْ سَلَكْنَا مَا سَلَكُوا، وَخُضْنَا مَا خَاضُوا فَلَمْ نَرَ إِلَّا سَرَابًا بِقِيعَةٍ، وَهَذَا حَالُ كَثِيرٍ مِنْ عُلَمَاءِ السُّوءِ الْمُنْكِرِينَ عَلَى الْقَوْمِ قَدَّسَ اللَّهُ أَسْرَارَهُمْ.
(مَا كَانَ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ) لِمَكَانِ الرَّيْبِ الْحَاجِبِ، وَفَسَادِ جَوْهَرِ الْقَلْبِ، وَزَوَالِ الِاسْتِعْدَادِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=137وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلا إِلَى الْحَقِّ، وَلَا إِلَى الْكَمَالِ لِعَدَمِ قَبُولِهِمْ ذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=139الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ لِمُنَاسَبَتِهِمْ إِيَّاهُمْ، وَشَبِيهُ الشَّيْءِ مُنْجَذِبٌ إِلَيْهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=139مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ لِعَدَمِ الْجِنْسِيَّةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=139أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ أَيْ: يَطْلُبُونَ التَّعَزُّزَ بِهِمْ فِي الدُّنْيَا، وَالتَّقَوِّيَ بِمَالِهِمْ وَجَاهِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=139فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا فَلَا سَبِيلَ لَهُمُ إِلَيْهَا إِلَّا مِنْهُ سُبْحَانَهُ عَزَّ وَجَلَّ.
ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ مِنْ وَصْفِ الْمُنَافِقِينَ أَنَّهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=142وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى لِعَدَمِ شَوْقِهِمْ إِلَى الْحُضُورِ، وَنُفُورِهِمْ عَنْهُ؛ لِعَدَمِ اسْتِعْدَادِهِمْ وَاسْتِيلَاءِ الْهَوَى عَلَيْهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=142يُرَاءُونَ النَّاسَ لِاحْتِجَاجِهِمْ بِهِمْ عَنْ رُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=142وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلا قَلِيلا لِأَنَّهُمْ لَا يَذْكُرُونَهُ إِلَّا بِاللِّسَانِ، وَعِنْدَ حُضُورِهِمْ بَيْنَ النَّاسِ، بِخِلَافِ الْمُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ، فَإِنَّهُمْ إِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ يَطِيرُونَ إِلَيْهَا بِجَنَاحَيِ الرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ، بَلْ يَحِنُّونَ إِلَى أَوْقَاتِهَا:
حَنِينَ أَعْرَابِيَّةٍ حَنَّتْ إِلَى أَطْلَالِ نَجْدٍ فَارَقَتْهُ وَمَرْخِهِ
وَمِنْ هُنَا
nindex.php?page=hadith&LINKID=702854كَانَ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِبِلَالٍ: «أَرِحْنَا يَا بِلَالُ» يُرِيدُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَقِمْ لَنَا الصَّلَاةَ لِنُصَلِّيَ وَنَسْتَرِيحَ بِهَا لَا مِنْهَا، وَظَنُّ الْأَخِيرِ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – كُفْرٌ، وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَإِذَا عَبَدُوا لَا يَرَوْنَ إِلَّا اللَّهَ تَعَالَى، وَمَا قَدْرُ السُّوَى عِنْدَهُمْ لِيُرَاءُوهُ، وَإِنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُمْ يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى، نَعَمْ، إِنَّهُمْ قَدْ يَشْتَغِلُونَ بِهِ عَنْهُ فَهُنَاكَ لَا يَتَأَتَّى لَهُمُ الذِّكْرُ، وَقَدْ عَدَّ الْعَارِفُونَ الذِّكْرَ لِأَهْلِ الشُّهُودِ ذَنْبًا، وَلِهَذَا قَالَ قَائِلُهُمْ:
بِذِكْرِ اللَّهِ تَزْدَادُ الذُّنُوبُ وَتَنْكَشِفُ الرَّذَائِلُ وَالْعُيُوبُ
وَتَرْكُ الذِّكْرَ أَفْضَلُ كُلِّ شَيْءٍ وَشَمْسُ الذَّاتِ لَيْسَ لَهَا مَغِيبُ
لَكِنْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا يَصِلُ الْعَبْدُ إِلَى ذَلِكَ الْمَقَامِ إِلَّا بِكَثْرَةِ الذِّكْرِ، وَأَشَارَ إِلَى مَقَامٍ عَالٍ مَنْ قَالَ:
لَا يَتْرُكُ الذِّكْرَ إِلَّا مَنْ يُشَاهِدُهُ وَلَيْسَ يَشْهَدُهُ مَنْ لَيْسَ يَذْكُرُهُ
وَالذِّكْرُ سَتْرٌ عَلَى مَذْكُورِهِ سَتْرٌ فَحِينَ يَذْكُرُهُ فِي الْحَالِ يَسْتُرُهُ
فَلَا أَزَالُ عَلَى الْأَحْوَالِ أُشْهِدُهُ وَلَا أَزَالُ عَلَى الْأَنْفَاسِ أَذْكُرُهُ
[ ص: 182 ] nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=144يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ لِئَلَّا تَتَعَدَّى إِلَيْكُمْ ظُلْمَةُ كُفْرِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=144أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا حُجَّةً ظَاهِرَةً فِي عِقَابِكُمْ بِرُسُوخِ الْهَيْئَةِ الَّتِي بِهَا تَمِيلُونَ إِلَى وِلَايَتِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=145إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ لِتَحَيُّرِهِمْ بِضَعْفِ اسْتِعْدَادِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=145وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا يَنْصُرُهُمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِانْقِطَاعِ وَصْلَتِهِمْ، وَارْتِفَاعِ مَحَبَّتِهِمْ مَعَ أَهْلِ اللَّهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=146إِلا الَّذِينَ تَابُوا رَجَعُوا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِبَقِيَّةِ نُورِ الِاسْتِعْدَادِ، وَقَبُولِ مَدَى التَّوْفِيقِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=146وَأَصْلَحُوا مَا أَفْسَدُوا مِنِ اسْتِعْدَادِهِ بِقَمْعِ الْهَوَى، وَكَسْرِ صِفَاتِ النَّفْسِ، وَرَفْعِ حِجَابِ الْقُوَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=146وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ بِالتَّمَسُّكِ بِأَوَامِرِهِ وَالتَّوَجُّهِ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=146وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ بِإِزَالَةِ خَفَايَا الشِّرْكِ، وَقَطْعِ النَّظَرِ عَنِ السُّوَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=146فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=146وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا مِنْ مُشَاهَدَةِ تَجَلِّيَاتِ الصِّفَاتِ، وَجَنَّاتِ الْأَفْعَالِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=147مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ بِالتَّوْبَةِ وَإِصْلَاحِ مَا فَسَدَ، وَالِاعْتِصَامِ بِحَبْلِ الْأَوَامِرِ، وَالتَّوَجُّهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِخْلَاصِ الدِّينِ لَهُ سُبْحَانَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=147وَآمَنْتُمْ الْإِيمَانَ الْحَائِزَ لِذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=147وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا فَيُثِيبُ وَيُوصِلُ الثَّوَابَ كَامِلًا، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ.