nindex.php?page=treesubj&link=19647_29677_28974nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=160إن ينصركم الله فلا غالب لكم جملة مستأنفة سيقت بطريق تلوين الخطاب تشريفا للمؤمنين لإيجاب التوكل عليه والترغيب في طاعته التي يستحق بها النصرة ، والتحذير عن معصيته التي يستحق بها الخذلان ، أي إن يرد نصركم كما أراده يوم
بدر فلا أحد يغلبكم على طريق نفي الجنس المنتظم بجميع أفراد الغالب ذاتا وصفة ، فهو أبلغ من لا يغلبكم أحد ؛ لدلالته على نفي الصفة فقط .
ثم المفهوم من ظاهر النظم الكريم كما قال
شيخ الإسلام ، وإن كان نفي مغلوبيتهم من غير تعرض لنفي المساواة أيضا وهو الذي يقتضيه المقام ، لكن المفهوم منه فهما قطعيا هو نفي المساواة وإثبات الغالبية للمخاطبين ، فإذا قلت : لا أكرم من فلان ولا أفضل منه ، فالمفهوم منه حتما أنه أكرم من كل كريم وأفضل من كل فاضل ، وهذا أمر مطرد في جميع اللغات ، ولا اختصاص بالنفي الصريح بل هو مطرد فيما ورد على طريق الاستفهام الإنكاري كما في قوله تعالى : ( فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ) في مواقع كثيرة من التنزيل ، وقد أشرنا إلى هذا المبحث فيما تقدم .
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=160وإن يخذلكم أي وإن يرد خذلانكم ويمنعكم معونته كما فعل يوم أحد .
وقرئ ( يخذلكم ) من أخذله إذا جعله مخذولا .
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=160فمن ذا الذي ينصركم استفهام إنكاري مفيد لانتفاء الناصر على نحو انتفاء الغالب ، وقيل : وجاء جواب الشرط في الأول صريح النفي ، ولم يجئ في الثاني كذلك تلطفا بالمؤمنين حيث صرح لهم بعدم الغلبة ، ولم يصرح بأنه لا ناصر لهم ، وإن كان الكلام مفيدا له .
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=160من بعده أي من بعد خذلانه أو من بعد الله تعالى على معنى إذا جاوزتموه فعلى الأول – بعد - ظرف زمان وهو الأصل فيها ، وعلى الثاني مستعار للمكان
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=160وعلى الله لا على غيره كما يؤذن بذلك تقديم المعمول .
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=160فليتوكل المؤمنون (160) المراد بهم إما جنس المؤمنين ، والمخاطبون داخلون فيه دخولا أوليا ، وإما المخاطبون خاصة بطريق الالتفات ، وعلى التقديرين لا يخفى ما في ذلك من تشريف المخاطبين مع الإيماء إلى تعليل تحتم التوكل عليه تعالى ، والفاء كما قالوا : لترتيب ما بعدها أو الأمر به على ما مر من غلبة المؤمنين ومغلوبيتهم على تقدير نصر الله تعالى لهم وخذلانه إياهم ، فإن العلم بذلك مما يستدعي قصر التوكل عليه سبحانه لا محالة .
nindex.php?page=treesubj&link=19647_29677_28974nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=160إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ سِيقَتْ بِطَرِيقِ تَلْوِينِ الْخِطَابِ تَشْرِيفًا لِلْمُؤْمِنِينَ لِإِيجَابِ التَّوَكُّلِ عَلَيْهِ وَالتَّرْغِيبِ فِي طَاعَتِهِ الَّتِي يَسْتَحِقُّ بِهَا النُّصْرَةَ ، وَالتَّحْذِيرِ عَنْ مَعْصِيَتِهِ الَّتِي يَسْتَحِقُّ بِهَا الْخِذْلَانَ ، أَيْ إِنْ يُرِدْ نَصْرَكُمْ كَمَا أَرَادَهُ يَوْمَ
بَدْرٍ فَلَا أَحَدَ يَغْلِبُكُمْ عَلَى طَرِيقِ نَفْيِ الْجِنْسِ الْمُنْتَظِمِ بِجَمِيعِ أَفْرَادِ الْغَالِبِ ذَاتًا وَصِفَةً ، فَهُوَ أَبْلَغُ مِنْ لَا يَغْلِبُكُمْ أَحَدٌ ؛ لِدَلَالَتِهِ عَلَى نَفْيِ الصِّفَةِ فَقَطْ .
ثُمَّ الْمَفْهُومُ مِنْ ظَاهِرِ النَّظْمِ الْكَرِيمِ كَمَا قَالَ
شَيْخُ الْإِسْلَامِ ، وَإِنْ كَانَ نَفْيُ مَغْلُوبِيَّتِهِمْ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِنَفْيِ الْمُسَاوَاةِ أَيْضًا وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَقَامُ ، لَكِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ فَهْمًا قَطْعِيًّا هُوَ نَفْيُ الْمُسَاوَاةِ وَإِثْبَاتُ الْغَالِبِيَّةِ لِلْمُخَاطَبِينَ ، فَإِذَا قُلْتُ : لَا أَكْرَمَ مِنْ فُلَانٍ وَلَا أَفْضَلَ مِنْهُ ، فَالْمَفْهُومُ مِنْهُ حَتْمًا أَنَّهُ أَكْرَمُ مِنْ كُلِّ كَرِيمٍ وَأَفْضَلُ مِنْ كُلِّ فَاضِلٍ ، وَهَذَا أَمْرٌ مُطَّرِدٌ فِي جَمِيعِ اللُّغَاتِ ، وَلَا اخْتِصَاصَ بِالنَّفْيِ الصَّرِيحِ بَلْ هُوَ مُطَّرِدٌ فِيمَا وَرَدَ عَلَى طَرِيقٍ الِاسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِيِّ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : ( فَمَنْ أَظْلِمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ) فِي مَوَاقِعَ كَثِيرَةٍ مِنَ التَّنْزِيلِ ، وَقَدْ أَشَرْنَا إِلَى هَذَا الْمَبْحَثِ فِيمَا تَقَدَّمَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=160وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ أَيْ وَإِنْ يُرِدْ خِذْلَانُكُمْ وَيَمْنَعْكُمْ مَعُونَتَهُ كَمَا فَعَلَ يَوْمَ أُحُدٍ .
وَقُرِئَ ( يَخْذُلُكُمْ ) مِنْ أَخْذَلَهُ إِذَا جَعَلَهُ مَخْذُولًا .
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=160فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ اسْتِفْهَامٌ إِنْكَارِيٌّ مُفِيدٌ لِانْتِفَاءِ النَّاصِرِ عَلَى نَحْوِ انْتِفَاءِ الْغَالِبِ ، وَقِيلَ : وَجَاءَ جَوَابُ الشَّرْطِ فِي الْأَوَّلِ صَرِيحَ النَّفْيِ ، وَلَمْ يَجِئْ فِي الثَّانِي كَذَلِكَ تَلَطُّفًا بِالْمُؤْمِنِينَ حَيْثُ صَرَّحَ لَهُمْ بِعَدَمِ الْغَلَبَةِ ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِأَنَّهُ لَا نَاصِرَ لَهُمْ ، وَإِنْ كَانَ الْكَلَامُ مُفِيدًا لَهُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=160مِنْ بَعْدِهِ أَيْ مِنْ بَعْدِ خِذْلَانِهِ أَوْ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَعْنَى إِذَا جَاوَزْتُمُوهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ – بَعْدَ - ظَرْفُ زَمَانٍ وَهُوَ الْأَصْلُ فِيهَا ، وَعَلَى الثَّانِي مُسْتَعَارٌ لِلْمَكَانِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=160وَعَلَى اللَّهِ لَا عَلَى غَيْرِهِ كَمَا يُؤْذِنُ بِذَلِكَ تَقْدِيمُ الْمَعْمُولِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=160فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160) الْمُرَادُ بِهِمْ إِمَّا جِنْسُ الْمُؤْمِنِينَ ، وَالْمُخَاطَبُونَ دَاخِلُونَ فِيهِ دُخُولًا أَوَّلِيًّا ، وَإِمَّا الْمُخَاطَبُونَ خَاصَّةً بِطْرِيقِ الِالْتِفَاتِ ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَشْرِيفِ الْمُخَاطَبِينَ مَعَ الْإِيمَاءِ إِلَى تَعْلِيلِ تَحَتُّمِ التَّوَكُّلِ عَلَيْهِ تَعَالَى ، وَالْفَاءُ كَمَا قَالُوا : لِتَرْتِيبِ مَا بَعْدَهَا أَوِ الْأَمْرِ بِهِ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ غَلَبَةِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَغْلُوبِيَّتِهِمْ عَلَى تَقْدِيرِ نَصْرِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمْ وَخِذْلَانِهِ إِيَّاهُمْ ، فَإِنَّ الْعِلْمَ بِذَلِكَ مِمَّا يَسْتَدْعِي قَصْرَ التَّوَكُّلِ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ لَا مَحَالَةَ .