nindex.php?page=treesubj&link=19881_28723_32423_34091_34092_34513_28974nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم في نظم الآية ومعناها أوجه لخصها الشهاب من كلام بعض المحققين:
أحدها: أن التقدير: ولا تؤمنوا بأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم وهم المسلمون أوتوا كتابا سماويا كالتوراة ونبيا مرسلا
كموسى وبأن يحاجوكم ويغلبوكم بالحجة يوم القيامة إلا لاتباعكم، وحاصله أنهم نهوهم عن إظهار هذين الأمرين للمسلمين لئلا يزدادوا تصلبا ولمشركي
العرب لئلا يبعثهم على الإسلام وأتى ب أو على وزان
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=24ولا تطع منهم آثما أو كفورا وهو أبلغ، والحمل على معنى حتى صحيح مرجوح، وأتى بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73قل إن الهدى هدى الله معترضا بين الفعل ومتعلقه.
وفائدة الاعتراض الإشارة إلى أن كيدهم غير ضار لمن لطف الله تعالى به بالدخول في الإسلام، أو زيادة التصلب فيه، ويفيد أيضا أن الهدى هداه فهو الذي يتولى ظهوره
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=8يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره فالمراد بالإيمان إظهاره كما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري، أو الإقرار اللساني كما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=15466الواحدي، والمراد من التابعين المتصلب منهم، وإلا وقع ما فروا منه.
وثانيها: أن المراد: ولا تؤمنوا هذا الإيمان الظاهر الذي أتيتم به وجه النهار إلا لمن كان تابعا لدينكم أولا، وهم الذين أسلموا منهم، أي لأجل رجوعهم لأنه كان عندهم أهم وأوقع، وهم فيه أرغب وأطمع، وعند هذا تم الكلام، ثم قيل:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73إن الهدى هدى الله أي فمن يهد الله فلا مضل له، ويكون قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73أن يؤتى الخ على هذا معللا لمحذوف، أي لأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم ولما يتصل به من الغلبة بالحجة يوم القيامة دبرتم ما دبرتم، وحاصله أن داعيكم إليه ليس إلا الحسد، وإنما أتى ب أو تنبيها على استقلال كل من الأمرين في غيظهم وحملهم على الحسد حتى دبروا ما دبروا، ولو أتى بالواو لم تقع هذا الموقع للعلم بلزوم الثاني للأول لأنه إذا كان ما أوتوا حقا غلبوا يوم القيامة مخالفهم لا محالة فلم يكن فيه فائدة زائدة، وأما أو فتشعر بأن كلا مستقل في الباعثية على الحسد والاحتشاد في التدبير، والحمل على معنى حتى ليس له موقع يروع السامع وإن كان وجها ظاهرا.
ويؤيد هذا الوجه قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير (أأن يؤتى) بزيادة همزة الاستفهام للدلالة على انقطاعه عن الفعل واستقلاله بالإنكار، وفيه تقييد الإيمان بالصادر أول النهار بقرينة إن الكلام فيه، وتخصيص من تبع بمسلميهم بقرينة المضي فإن غيرهم متبع دينهم الآن أيضا، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري أن
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73أن يؤتى الخ من جملة المقول، كأنه قيل: قل لهم هذين القولين، ومعناه أكد عليهم أن الهدى ما فعل الله تعالى من إيتاء الكتاب غيركم، وأنكر عليهم أن يمتعضوا من أن يؤتى أحد مثله، كأنه قيل إن الهدى هدى الله، وقل لأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم قلتم ما قلتم وكدتم ما كدتم.
وثالثها: أن يقرر ولا تؤمنوا على ما قرر عليه الثاني، ويجعل
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73أن يؤتى خبر (إن) و
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73هدى الله بدلا من اسمها، وأو بمعنى حتى على أنها غاية سببية، وحينئذ لا ينبغي أن يخص عند ربكم بيوم القيامة بل بالمحاجة الحقة كما أشير إليه في البقرة، ولو حملت على العطف لم يلتئم الكلام.
ورابعها: أن يكون
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73ولا تؤمنوا إلا لمن [ ص: 201 ] الخ باقيا على إطلاقه، أي واكفروا آخره واستمروا على ما كنتم فيه من اليهودية ولا تقروا لأحد إلا لمن هو على دينكم وهو من جملة مقول الطائفة، ويكون
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73قل إن الهدى الخ أمرا للنبي صلى الله عليه وسلم أن يقول ذلك في جوابهم، على معنى: قل إن الهدى هدى الله فلا تنكروا أن يؤتى حتى تحاجوا، وقرينة الإضمار إن
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73ولا تؤمنوا الخ تقرير على اليهودية، وأنه لا دين يساويها، فإذا أمر صلى الله عليه وسلم أن يجيبهم علم أن ما أنكروه غير منكر وأنه كائن، وحمل أو على معناها الأصلي حينئذ أيضا حسن، لأنه تأييد للإيتاء وتعريض بأن من أوتي مثل ما أوتوا هم الغالبون، وقرئ (إن يؤتى) بكسر همزة إن على أنها نافية، أي قولوا لهم ما يؤتى، وهو خطاب لمن أسلم منهم رجاء العود، والمعنى لا إيتاء ولا محاجة فأو بمعنى حتى، وقدر قولوا توضيحا وبيانا لأنه ليس استئنافا تعليلا، وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73قل إن الهدى الخ اعتراض ذكر قبل أن يتم كلامهم للاهتمام ببيان فساد ما ذهبوا إليه، وأرجح الأوجه الثاني لتأييده بقراءة
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير، وأنه أفيد من الأول وأقل تكلفا من باقي الأوجه، وأقرب إلى المساق، انتهى.
وأقول: ما ذكره في الوجه الرابع من تقرير فلا تنكروا أن يؤتى الخ، هو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة والربيع والجبائي لكنهم لم يجعلوا أو بمعنى حتى، وهو أحد الاحتمالين اللذين ذكرهما، وكذا القول بإبدال أن يؤتى من الهدى قول
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج إلا أنهم قدروا لا بين أن ويؤتى، واعترض عليهما
أبو العباس nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد بأن لا ليست مما تحذف ههنا، والتزم تقدير مضاف شاع تقديره في أمثال ذلك وهو كراهة، والمعنى إن الهدى كراهة أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم، أي ممن خالف دين الإسلام لأن الله لا يهدي من هو كاذب كفار، فهدى الله تعالى بعيد من غير المؤمنين، ولا يخفى أنه معنى متوعر، وليس بشيء، ومثله ما قاله قوم من أن
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73أن يؤتى الخ تفسير للهدى، وأن المؤتى هو الشرع، وأن
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73أو يحاجوكم عطف على
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73أوتيتم ، وأن ما يحاج به العقل، وأن تقدير الكلام أن هدى الله تعالى ما شرع أو ما عهد به في العقل، ومن الناس من جعل الكلام من أول الآية إلى آخرها من الله تعالى خطابا للمؤمنين، قال: والتقدير ولا تؤمنوا أيها المؤمنون إلا لمن تبع دينكم وهو دين الإسلام ولا تصدقوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم من الدين فلا نبي بعد نبيكم عليه الصلاة والسلام ولا شريعة بعد شريعتكم إلى يوم القيامة ولا تصدقوا بأن يكون لأحد حجة عليكم عند ربكم لأن دينكم خير الأديان.
وجعل
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73قل إن الهدى هدى الله اعتراضا للتأكيد وتعجيل المسرة ولا يخفى ما فيه، واختيار البعض له والاستدلال عليه بما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك: إن اليهود قالوا: إنا نحج عند ربنا من خالفنا في ديننا فبين الله تعالى لهم أنهم هم المدحضون المغلوبون وأن المؤمنين هم الغالبون ليس بشيء، لأن هذا البيان لا يتعين فيه هذا الحمل كما لا يخفى على ذي قلب سليم، والضمير المرفوع من
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73يحاجوكم على كل تقدير عائد إلى (أحد) لأنه في معنى الجمع، إذ المراد به غير أتباعهم.
واستشكل ابن المنير قطع
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73أن يؤتى عن
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=107لا تؤمنوا على ما في بعض الأوجه السابقة بأنه يلزم وقوع (أحد) في الواجب لأن الاستفهام هنا إنكار، واستفهام الإنكار في مثله إثبات إذ حاصله أنه أنكر عليهم ووبخهم على ما وقع منهم وهو إخفاء الإيمان بأن النبوة لا تخص بني إسرائيل لأجل العلتين المذكورتين فهو إثبات محقق، ثم قال: ويمكن أن يقال: روعيت صيغة الاستفهام وإن لم يكن المراد حقيقته فحسن دخول (أحد) في سياقه لذلك وفيه تأمل، فتأمل وتدبر، فقد قال الواحدي: إن هذه الآية من مشكلات القرآن وأصعبه تفسيرا.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73قل إن الفضل بيد الله رد وإبطال لما زعموه بأوضح حجة، والمراد من الفضل الإسلام، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج، وقال غيره: النبوة،
[ ص: 202 ] وقيل: الحجج التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون، وقيل: نعم الدين والدنيا، ويدخل فيه ما يناسب المقام دخولا أوليا
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73يؤتيه من يشاء أي من عباده
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73والله واسع رحمة، وقيل: واسع القدرة يفعل ما يشاء
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73عليم [ 73 ] بمصالح العباد، وقيل: يعلم حيث يجعل رسالته.
nindex.php?page=treesubj&link=19881_28723_32423_34091_34092_34513_28974nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73وَلا تُؤْمِنُوا إِلا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ فِي نَظْمِ الْآيَةِ وَمَعْنَاهَا أَوْجُهٌ لَخَّصَهَا الشِّهَابُ مِنْ كَلَامِ بَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ:
أَحَدُهَا: أَنَّ التَّقْدِيرَ: وَلَا تُؤْمِنُوا بِأَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ وَهُمُ الْمُسْلِمُونَ أُوتُوا كِتَابًا سَمَاوِيًّا كَالتَّوْرَاةِ وَنَبِيًّا مُرْسَلًا
كَمُوسَى وَبِأَنْ يُحَاجُّوكُمْ وَيَغْلِبُوكُمْ بِالْحُجَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا لِاتِّبَاعِكُمْ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمْ نَهَوْهُمْ عَنْ إِظْهَارِ هَذَيْنَ الْأَمْرَيْنِ لِلْمُسْلِمِينَ لِئَلَّا يَزْدَادُوا تَصَلُّبًا وَلِمُشْرِكِي
الْعَرَبِ لِئَلَّا يَبْعَثُهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ وَأَتَى بِ أَوْ عَلَى وَزَانِ
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=24وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا وَهُوَ أَبْلَغُ، وَالْحَمْلُ عَلَى مَعْنَى حَتَّى صَحِيحٌ مَرْجُوحٌ، وَأَتَى بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ مُعْتَرِضًا بَيْنَ الْفِعْلِ وَمُتَعَلِّقِهِ.
وَفَائِدَةُ الِاعْتِرَاضِ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ كَيْدَهُمْ غَيْرُ ضَارٍّ لِمَنْ لَطَفَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ بِالدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ، أَوْ زِيَادَةُ التَّصَلُّبِ فِيهِ، وَيُفِيدُ أَيْضًا أَنَّ الْهُدَى هُدَاهُ فَهُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى ظُهُورَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=8يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ فَالْمُرَادُ بِالْإِيمَانِ إِظْهَارُهُ كَمَا ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ، أَوِ الْإِقْرَارُ اللِّسَانِيُّ كَمَا ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15466الْوَاحِدِيُّ، وَالْمُرَادُ مِنَ التَّابِعِينَ الْمُتَصَلِّبُ مِنْهُمْ، وَإِلَّا وَقَعَ مَا فَرُّوا مِنْهُ.
وَثَانِيهَا: أَنَّ الْمُرَادَ: وَلَا تُؤْمِنُوا هَذَا الْإِيمَانَ الظَّاهِرَ الَّذِي أَتَيْتُمْ بِهِ وَجْهَ النَّهَارِ إِلَّا لِمَنْ كَانَ تَابِعًا لِدِينِكُمْ أَوَّلًا، وَهُمُ الَّذِينَ أَسْلَمُوا مِنْهُمْ، أَيْ لِأَجْلِ رُجُوعِهِمْ لِأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ أَهَمَّ وَأَوْقَعَ، وَهُمْ فِيهِ أَرْغَبُ وَأَطْمَعُ، وَعِنْدَ هَذَا تَمَّ الْكَلَامُ، ثُمَّ قِيلَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَيْ فَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73أَنْ يُؤْتَى الخ عَلَى هَذَا مُعَلِّلًا لِمَحْذُوفٍ، أَيْ لِأَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ وَلِمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنَ الْغَلَبَةِ بِالْحُجَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ دَبَّرْتُمْ مَا دَبَّرْتُمْ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ دَاعِيَكُمْ إِلَيْهِ لَيْسَ إِلَّا الْحَسَدُ، وَإِنَّمَا أَتَى بِ أَوْ تَنْبِيهًا عَلَى اِسْتِقْلَالِ كُلٍّ مِنَ الْأَمْرَيْنِ فِي غَيْظِهِمْ وَحَمْلِهِمْ عَلَى الْحَسَدِ حَتَّى دَبَّرُوا مَا دَبَّرُوا، وَلَوْ أَتَى بِالْوَاوِ لَمْ تَقَعْ هَذَا الْمَوْقِعَ لِلْعِلْمِ بِلُزُومِ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ مَا أُوتُوا حَقًّا غَلَبُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُخَالِفَهُمْ لَا مَحَالَةَ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ فَائِدَةٌ زَائِدَةٌ، وَأَمَّا أَوْ فَتُشْعِرُ بِأَنَّ كُلًّا مُسْتَقِلٌّ فِي الْبَاعِثِيَّةِ عَلَى الْحَسَدِ وَالِاحْتِشَادِ فِي التَّدْبِيرِ، وَالْحَمْلُ عَلَى مَعْنَى حَتَّى لَيْسَ لَهُ مَوْقِعٌ يُرَوِّعُ السَّامِعَ وَإِنْ كَانَ وَجْهًا ظَاهِرًا.
وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْوَجْهَ قِرَاءَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=16456اِبْنِ كَثِيرٍ (أَأَنْ يُؤْتَى) بِزِيَادَةِ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى اِنْقِطَاعِهِ عَنِ الْفِعْلِ وَاسْتِقْلَالِهِ بِالْإِنْكَارِ، وَفِيهِ تَقْيِيدُ الْإِيمَانِ بِالصَّادِرِ أَوَّلَ النَّهَارِ بِقَرِينَةِ إِنَّ الْكَلَامَ فِيهِ، وَتَخْصِيصُ مَنْ تَبِعَ بِمُسْلِمِيهِمْ بِقَرِينَةِ الْمُضِيِّ فَإِنَّ غَيْرَهُمْ مُتِّبِعٌ دِينَهُمُ الْآنَ أَيْضًا، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ أَنَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73أَنْ يُؤْتَى الخ مِنْ جُمْلَةِ الْمَقُولِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: قُلْ لَهُمْ هَذَيْنَ الْقَوْلَيْنِ، وَمَعْنَاهُ أَكَّدَ عَلَيْهِمْ أَنَّ الْهُدَى مَا فَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ إِيتَاءِ الْكِتَابِ غَيْرَكُمْ، وَأَنْكَرَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَمْتَعِضُوا مِنْ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَهُ، كَأَنَّهُ قِيلَ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ، وَقُلْ لَأَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ قُلْتُمْ مَا قُلْتُمْ وَكِدْتُمْ مَا كِدْتُمْ.
وَثَالِثُهَا: أَنْ يُقَرَّرَ وَلَا تُؤْمِنُوا عَلَى مَا قُرِّرَ عَلَيْهِ الثَّانِي، وَيُجْعَلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73أَنْ يُؤْتَى خَبَرَ (إِنَّ) وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73هُدَى اللَّهِ بَدَلًا مِنَ اِسْمِهَا، وَأَوْ بِمَعْنَى حَتَّى عَلَى أَنَّهَا غَايَةٌ سَبَبِيَّةٌ، وَحِينَئِذٍ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَخُصَّ عِنْدَ رَبِّكُمْ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ بَلْ بِالْمُحَاجَّةِ الْحَقَّةِ كَمَا أُشِيرَ إِلَيْهِ فِي الْبَقَرَةِ، وَلَوْ حُمِلَتْ عَلَى الْعَطْفِ لَمْ يَلْتَئِمِ الْكَلَامُ.
وَرَابِعُهَا: أَنْ يَكُونَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73وَلا تُؤْمِنُوا إِلا لِمَنْ [ ص: 201 ] الخ بَاقِيًا عَلَى إِطْلَاقِهِ، أَيْ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ وَاسْتَمِرُّوا عَلَى مَا كُنْتُمْ فِيهِ مِنَ الْيَهُودِيَّةِ وَلَا تُقِرُّوا لِأَحَدٍ إِلَّا لِمَنْ هُوَ عَلَى دِينِكُمْ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَقُولِ الطَّائِفَةِ، وَيَكُونُ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73قُلْ إِنَّ الْهُدَى الخ أَمْرًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ فِي جَوَابِهِمْ، عَلَى مَعْنَى: قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ فَلَا تُنْكِرُوا أَنْ يُؤْتَى حَتَّى تُحَاجُّوا، وَقَرِينَةُ الْإِضْمَارِ إِنَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73وَلا تُؤْمِنُوا الخ تَقْرِيرٌ عَلَى الْيَهُودِيَّةِ، وَأَنَّهُ لَا دِينَ يُسَاوِيهَا، فَإِذَا أُمِرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُجِيبَهُمْ عُلِمَ أَنَّ مَا أَنْكَرُوهُ غَيْرُ مُنْكَرٍ وَأَنَّهُ كَائِنٌ، وَحَمْلُ أَوْ عَلَى مَعْنَاهَا الْأَصْلِيِّ حِينَئِذٍ أَيْضًا حَسَنٌ، لِأَنَّهُ تَأْيِيدٌ لِلْإِيتَاءِ وَتَعْرِيضٌ بِأَنَّ مَنْ أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتُوا هُمُ الْغَالِبُونَ، وَقُرِئَ (إِنْ يُؤْتَى) بِكَسْرِ هَمْزَةِ إِنْ عَلَى أَنَّهَا نَافِيَةٌ، أَيْ قُولُوا لَهُمْ مَا يُؤْتَى، وَهُوَ خِطَابٌ لِمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ رَجَاءَ الْعَوْدِ، وَالْمَعْنَى لَا إِيتَاءَ وَلَا مُحَاجَّةَ فَأَوْ بِمَعْنَى حَتَّى، وَقُدِّرَ قُولُوا تَوْضِيحًا وَبَيَانًا لِأَنَّهُ لَيْسَ اِسْتِئْنَافًا تَعْلِيلًا، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73قُلْ إِنَّ الْهُدَى الخ اِعْتِرَاضٌ ذُكِرَ قَبْلَ أَنْ يَتِمَّ كَلَامُهُمْ لِلِاهْتِمَامِ بِبَيَانِ فَسَادِ مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ، وَأَرْجَحُ الْأَوْجُهِ الثَّانِي لِتَأْيِيدِهِ بِقِرَاءَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=16456اِبْنِ كَثِيرٍ، وَأَنَّهُ أَفْيَدُ مِنَ الْأَوَّلِ وَأَقَلُّ تَكَلُّفًا مِنْ بَاقِي الْأَوْجُهِ، وَأَقْرَبُ إِلَى الْمَسَاقِ، اِنْتَهَى.
وَأَقُولُ: مَا ذَكَرَهُ فِي الْوَجْهِ الرَّابِعِ مِنْ تَقْرِيرٍ فَلَا تُنْكِرُوا أَنْ يُؤْتَى الخ، هُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةَ وَالرَّبِيعِ وَالْجُبَّائِيِّ لَكِنَّهُمْ لَمْ يَجْعَلُوا أَوْ بِمَعْنَى حَتَّى، وَهُوَ أَحَدُ الِاحْتِمَالَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا، وَكَذَا الْقَوْلُ بِإِبْدَالِ أَنْ يُؤْتَى مِنَ الْهُدَى قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ nindex.php?page=showalam&ids=13036وَابْنِ جُرَيْجٍ إِلَّا أَنَّهُمْ قَدَّرُوا لَا بَيْنَ أَنْ وَيُؤْتَى، وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِمَا
أَبُو الْعَبَّاسِ nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ بِأَنْ لَا لَيْسَتْ مِمَّا تُحْذَفُ هَهُنَا، وَالْتَزَمَ تَقْدِيرَ مُضَافٍ شَاعَ تَقْدِيرُهُ فِي أَمْثَالِ ذَلِكَ وَهُوَ كَرَاهَةُ، وَالْمَعْنَى إِنَّ الْهُدَى كَرَاهَةُ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ، أَيْ مِمَّنْ خَالَفَ دِينَ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ، فَهُدَى اللَّهِ تَعَالَى بَعِيدٌ مِنْ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مَعْنَى مُتَوَعِّرٌ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَمِثْلُهُ مَا قَالَهُ قَوْمٌ مِنْ أَنْ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73أَنْ يُؤْتَى الخ تَفْسِيرٌ لِلْهُدَى، وَأَنَّ الْمُؤْتَى هُوَ الشَّرْعُ، وَأَنَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عَطْفٌ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73أُوتِيتُمْ ، وَأَنَّ مَا يُحَاجُّ بِهِ الْعَقْلُ، وَأَنَّ تَقْدِيرَ الْكَلَامِ أَنَّ هُدَى اللَّهِ تَعَالَى مَا شَرَعَ أَوْ مَا عَهِدَ بِهِ فِي الْعَقْلِ، وَمِنَ النَّاسِ مِنْ جَعْلَ الْكَلَامَ مِنْ أَوَّلِ الْآيَةِ إِلَى آخِرِهَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى خِطَابًا لِلْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: وَالتَّقْدِيرُ وَلَا تُؤْمِنُوا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ وَهُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ وَلَا تُصَدِّقُوا أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ مِنَ الدِّينِ فَلَا نَبِيَّ بَعْدَ نَبِيِّكُمْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَلَا شَرِيعَةَ بَعْدَ شَرِيعَتِكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلَا تُصَدِّقُوا بِأَنْ يَكُونَ لِأَحَدٍ حُجَّةٌ عَلَيْكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ لِأَنَّ دِينَكُمْ خَيْرُ الْأَدْيَانِ.
وَجَعْلُ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ اِعْتِرَاضًا لِلتَّأْكِيدِ وَتَعْجِيلِ الْمَسَرَّةِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ، وَاخْتِيَارُ الْبَعْضِ لَهُ وَالِاسْتِدْلَالُ عَلَيْهِ بِمَا قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضَّحَّاكُ: إِنَّ الْيَهُودَ قَالُوا: إِنَّا نَحُجُّ عِنْدَ رَبِّنَا مَنْ خَالَفَنَا فِي دِينِنَا فَبَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ أَنَّهُمْ هُمُ الْمُدْحَضُونَ الْمَغْلُوبُونَ وَأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ هُمُ الْغَالِبُونَ لَيْسَ بِشَيْءٍ، لِأَنَّ هَذَا الْبَيَانَ لَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ هَذَا الْحَمْلُ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى ذِي قَلْبٍ سَلِيمٍ، وَالضَّمِيرُ الْمَرْفُوعُ مِنْ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73يُحَاجُّوكُمْ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ عَائِدٌ إِلَى (أَحَدٌ) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْجَمْعِ، إِذِ الْمُرَادُ بِهِ غَيْرُ أَتْبَاعِهِمْ.
وَاسْتَشْكَلَ اِبْنُ الْمُنِيرِ قَطْعَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73أَنْ يُؤْتَى عَنْ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=107لا تُؤْمِنُوا عَلَى مَا فِي بَعْضِ الْأَوْجُهِ السَّابِقَةِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ وُقُوعُ (أَحَدٍ) فِي الْوَاجِبِ لِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ هُنَا إِنْكَارٌ، وَاسْتِفْهَامُ الْإِنْكَارِ فِي مِثْلِهِ إِثْبَاتٌ إِذْ حَاصِلُهُ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ وَوَبَّخَهُمْ عَلَى مَا وَقَعَ مِنْهُمْ وَهُوَ إِخْفَاءُ الْإِيمَانِ بِأَنَّ النُّبُوَّةَ لَا تَخُصُّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لِأَجْلِ الْعِلَّتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ فَهُوَ إِثْبَاتٌ مُحَقَّقٌ، ثُمَّ قَالَ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: رُوعِيَتْ صِيغَةُ الِاسْتِفْهَامِ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمُرَادُ حَقِيقَتَهُ فَحَسُنَ دُخُولُ (أَحَدٍ) فِي سِيَاقِهِ لِذَلِكَ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ، فَتَأَمَّلْ وَتَدَبَّرْ، فَقَدْ قَالَ الْوَاحِدِيُّ: إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مِنْ مُشْكِلَاتِ الْقُرْآنِ وَأَصْعَبِهِ تَفْسِيرًا.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ رَدٌّ وَإِبْطَالٌ لِمَا زَعَمُوهُ بِأَوْضَحِ حُجَّةٍ، وَالْمُرَادُ مِنَ الْفَضْلِ الْإِسْلَامُ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13036اِبْنُ جُرَيْجٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: النُّبُوَّةُ،
[ ص: 202 ] وَقِيلَ: الْحُجَجُ الَّتِي أُوتِيَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنُونَ، وَقِيلَ: نِعَمُ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا يُنَاسِبُ الْمَقَامَ دُخُولًا أَوَّلِيًّا
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ أَيْ مِنْ عِبَادِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73وَاللَّهُ وَاسِعٌ رَحْمَةً، وَقِيلَ: وَاسْعُ الْقُدْرَةِ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73عَلِيمٌ [ 73 ] بِمَصَالِحِ الْعِبَادِ، وَقِيلَ: يَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ.