nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=44ذلك إشارة إلى ما تقدم ذكره من تلك الأخبار البديعة الشأن المرتقية من الغرابة إلى أعلى مكان، وهو مبتدأ خبره قوله تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=13581_16338_31979_34195_28974nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=44من أنباء الغيب أي من أخبار ما غاب عنك وعن قومك مما لا يعرف إلا بالوحي على ما يشير إليه المقام، والجملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب، وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=44نوحيه إليك جملة مستقلة مبينة للأولى، والإيحاء إلقاء المعنى إلى الغير على وجه خفي، ويكون بمعنى إرسال الملك إلى الأنبياء، وبمعنى الإلهام، والضمير في نوحيه عائد إلى ذلك في المشهور، واستحسن عوده إلى الغيب لأنه حينئذ يشمل ما تقدم من القصص وما لم يتقدم منها بخلاف ما إذا عاد إلى ذلك فإنه حينئذ يوهم الاختصاص بما مضى، وجوز أن تكون هذه الجملة خبرا عن المبتدأ قبلها، و
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=44من أنباء الغيب إما متعلق ب (نوحيه) أو حال من مفعوله أي: نوحيه حال كونه بعض أنباء الغيب، وجعله حالا من المبتدأ رأي البعض، وجوز
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء أن يكون التقدير: الأمر ذلك فيكون (ذلك) خبرا لمبتدأ محذوف والجار والمجرور حال منه، وهو وجه مرذول لا ينبغي أن يخرج عليه كلام الملك الجليل، وصيغة الاستقبال عند قوم للإيذان بأن الوحي لم ينقطع بعد.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=44وما كنت لديهم أي عند المتنازعين، فالضمير عائد إلى غير مذكور دل عليه المعنى، والمقصود من هذه الجملة تحقيق كون الأخبار بما ذكر عن وحي على سبيل التهكم بمنكريه كأنه قيل: إن رسولنا أخبركم بما لا سبيل إلى معرفته بالعقل مع اعترافكم بأنه لم يسمعه ولم يقرأه في كتاب، وتنكرون أنه وحي فلم يبق مع هذا ما يحتاج إلى النفي سوى المشاهدة التي هي أظهر الأمور انتفاء لاستحالتها المعلومة عند جميع العقلاء، ونبه على ثبوت قصة
مريم مع أن ما علم بالوحي قصة
زكريا عليه السلام أيضا لما أن تلك هي المقصودة بالأخبار أولا، وإنما جاءت القصة الأخرى على سبيل الاستطراد ولاندراج بعض قصة
زكريا في ذكر من تكفل فما خلت الجملة عن تنبيه على قصته في الجملة، وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة أن المقصود من هذه الجملة تعجيب الله سبحانه نبيه عليه الصلاة والسلام من شدة حرص القوم على كفالة
مريم والقيام بأمرها، وسيق ذلك تأكيدا لاصطفائها عليها السلام، ويبعد هذا الفصل بين المؤكد والمؤكد، ومع هذا هو أولى مما قيل: إن المقصود منها التعجيب من تدافعهم لكفالتها لشدة الحال ومزيد الحاجة التي لحقتهم حتى وفق لها خير الكفلاء
زكريا عليه السلام، بل يكاد يكون هذا غير صحيح دراية ورواية، وعلى كل تقدير لا يشكل نفي المشاهدة مع ظهور انتفائها عند كل أحد.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=44إذ يلقون أقلامهم أي يرمونها ويطرحونها للاقتراع، والأقلام جمع قلم وهي التي كانوا يكتبون
[ ص: 159 ] بها التوراة واختاروها تبركا بها، وقيل: هي السهام من النشاب وهي القداح، وحكى
الكازروني أنها كانت من نحاس وهي مأخوذة من القلم بمعنى القطع، ومنه قلامة الظفر وقد تقدم بيان كيفية الرمي وفي عدة الأقلام خلاف، وعن الباقر أنها كانت ستة، والظرف معمول للاستقرار العامل في
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=44لديهم وجعله ظرفا ل (كان) كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء ليس بشيء
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=44أيهم يكفل مريم من تتمة الكلام الأول، وجعله ابتداء استفهام مفسد للمعنى، ولما لم يصلح
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=44يلقون للتعلق بالاستفهام لزم أن يقدر ما يرتبط به النظام، فذكر الجل له ثلاثة أوجه: أحدها: أن يقدر: ينظرون أيهم يكفل وحيث كان النظر مما يؤدي إلى الإدراك جاز أن يتعلق باسم الاستفهام كالأفعال القلبية كما صرح به
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب وابن مالك في «التسهيل»، وثانيها: أن يقدر: ليعلموا أيهم يكفل، وعلى الأول الجملة حال مما قبلها، وعلى الثاني في موضع المفعول له، ولا يخفى أن الإلقاء سبب لنفس العلم لكنه سبب بعيد، والقريب هو النظر إلى ما ارتفع من الأقلام، وثالثها: أن يقدر يقولون أو ليقولوا أيهم، واعترض بأنه لا فائدة يعتد بها في تقدير يقولون ولا ينساق المعنى إليه بل هو مجرد إصلاح لفظي لموقع
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=44أيهم وأجيب بأنه مفيد، وينساق المعنى إليه بناء على أن المراد بالقول القول للبيان والتعيين، واعترض أيضا تقدير القول مقرونا بلام التعليل بأن هذا التعليل هنا مما لا معنى له، وأجيب بتأويله كما أول في سابقه، وقيل: يؤول بالحكم، أي: ليقولوا وليحكموا أيهم الخ، والسكاكي يقدر ههنا ينظرون ليعلموا، ولعل ذلك لمراعاة المعنى واللفظ، وإلا فتقدير النظر أو العلم يغني عن الآخر، وبعض المحققين لم يقدر شيئا أصلا وجعل
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=44أيهم بدلا عن ضمير الجمع، أي يلقي كل من يقصد الكفالة وتتأتى منه، ولا يخفى أنه من التكلف بمكان.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=44وما كنت لديهم إذ يختصمون [ 44 ] في شأنها تنافسا على كفالتها وكان هذا الاختصام بعد الاقتراع في رأي، وقبله في آخر، وتكرير " ما كنت لديهم " مع تحقق المقصود بعطف
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=44إذ يختصمون على
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=44إذ يلقون للإيذان بأن كل واحد من عدم الحضور عند الإلقاء، وعدم الحضور عند الاختصام مستقل بالشهادة على نبوته صلى الله عليه وسلم لا سيما على الرأي الثاني في وقت الاختصام لأن تغيير الترتيب في الذكر مؤكد لذلك، قاله
شيخ الإسلام .
واختلف في وقت هذا الاقتراع والتشاح على قولين: أحدهما، وهو المشهور المعول عليه: أنه كان حين ولادتها وحمل أمها لها إلى الكنيسة على ما أشرنا إليه من قبل، وثانيهما: أنه كان وقت كبرها وعجز
زكريا عليه السلام عن تربيتها، وهو قول مرجوح، وأوهن منه قول من زعم أن الاقتراع وقع مرتين، مرة في الصغر وأخرى في الكبر.
وفي هذه الآية دلالة على أن القرعة لها دخل في تمييز الحقوق، وروي عن
الصادق رضي الله تعالى عنه أنه قال: ما تقارع قوم ففوضوا أمرهم إلى الله عز وجل إلا خرج سهم المحق، وقال أي قضية أعدل من القضية إذا فوض الأمر إلى الله سبحانه، أليس الله تعالى يقول:
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=141فساهم فكان من المدحضين وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11958الباقر رضي الله تعالى عنه: أول من سوهم عليه
مريم بنت عمران ثم تلا
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=44وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم .
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=44ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ تِلْكَ الْأَخْبَارِ الْبَدِيعَةِ الشَّأْنِ الْمُرْتَقِيَةِ مِنَ الْغَرَابَةِ إِلَى أَعْلَى مَكَانٍ، وَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=13581_16338_31979_34195_28974nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=44مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ أَيْ مِنْ أَخْبَارِ مَا غَابَ عَنْكَ وَعَنْ قَوْمِكَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ إِلَّا بِالْوَحْيِ عَلَى مَا يُشِيرُ إِلَيْهِ الْمَقَامُ، وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لَا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الْإِعْرَابِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=44نُوحِيهِ إِلَيْكَ جُمْلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ مُبَيِّنَةٌ لِلْأُولَى، وَالْإِيحَاءُ إِلْقَاءُ الْمَعْنَى إِلَى الْغَيْرِ عَلَى وَجْهٍ خَفِيٍّ، وَيَكُونُ بِمَعْنَى إِرْسَالِ الْمَلَكِ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ، وَبِمَعْنَى الْإِلْهَامِ، وَالضَّمِيرُ فِي نُوحِيهِ عَائِدٌ إِلَى ذَلِكَ فِي الْمَشْهُورِ، وَاسْتُحْسِنَ عُودُهُ إِلَى الْغَيْبِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَشْمَلُ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْقَصَصِ وَمَا لَمْ يَتَقَدَّمْ مِنْهَا بِخِلَافِ مَا إِذَا عَادَ إِلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يُوهِمُ الِاخْتِصَاصَ بِمَا مَضَى، وَجُوِّزَ أَنَّ تَكُونَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ خَبَرًا عَنِ الْمُبْتَدَأِ قَبْلَهَا، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=44مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ إِمَّا مُتَعَلِّقٌ بِ (نُوحِيهِ) أَوْ حَالٌ مِنْ مَفْعُولِهِ أَيْ: نُوحِيهِ حَالَ كَوْنِهِ بَعْضَ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ، وَجَعْلُهُ حَالًا مِنَ الْمُبْتَدَأِ رَأْيُ الْبَعْضِ، وَجَوَّزَ
nindex.php?page=showalam&ids=14803أَبُو الْبَقَاءِ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: الْأَمْرُ ذَلِكَ فَيَكُونُ (ذَلِكَ) خَبَرًا لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ حَالٌ مِنْهُ، وَهُوَ وَجْهٌ مَرْذُولٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَخْرُجَ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمَلِكِ الْجَلِيلِ، وَصِيغَةُ الِاسْتِقْبَالِ عِنْدَ قَوْمٍ لِلْإِيذَانِ بِأَنَّ الْوَحْيَ لَمْ يَنْقَطِعْ بَعْدُ.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=44وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ أَيْ عِنْدِ الْمُتَنَازِعِينَ، فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ إِلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ دَلَّ عَلَيْهِ الْمَعْنَى، وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ تَحْقِيقُ كَوْنِ الْأَخْبَارَ بِمَا ذُكِرَ عَنْ وَحْيٍ عَلَى سَبِيلِ التَّهَكُّمِ بِمُنْكِرِيهِ كَأَنَّهُ قِيلَ: إِنَّ رَسُولَنَا أَخْبَرَكُمْ بِمَا لَا سَبِيلَ إِلَى مَعْرِفَتِهِ بِالْعَقْلِ مَعَ اِعْتِرَافِكُمْ بِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ وَلَمْ يَقْرَأْهُ فِي كِتَابٍ، وَتُنْكِرُونَ أَنَّهُ وَحْيٌ فَلَمْ يَبْقَ مَعَ هَذَا مَا يَحْتَاجُ إِلَى النَّفْيِ سِوَى الْمُشَاهَدَةِ الَّتِي هِيَ أَظْهَرُ الْأُمُورِ اِنْتِفَاءً لِاسْتِحَالَتِهَا الْمَعْلُومَةِ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُقَلَاءِ، وَنَبَّهَ عَلَى ثُبُوتِ قِصَّةِ
مَرْيَمَ مَعَ أَنَّ مَا عُلِمَ بِالْوَحْيِ قِصَّةُ
زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَامُ أَيْضًا لِمَا أَنَّ تِلْكَ هِيَ الْمَقْصُودَةُ بِالْأَخْبَارِ أَوَّلًا، وَإِنَّمَا جَاءَتِ الْقِصَّةُ الْأُخْرَى عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِطْرَادِ وَلِانْدِرَاجِ بَعْضِ قِصَّةِ
زَكَرِيَّا فِي ذِكْرِ مَنْ تَكَفَّلَ فَمَا خَلَتِ الْجُمْلَةُ عَنْ تَنْبِيهٍ عَلَى قِصَّتِهِ فِي الْجُمْلَةِ، وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ تَعْجِيبُ اللَّهِ سُبْحَانُهُ نَبِيَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ شِدَّةِ حِرْصِ الْقَوْمِ عَلَى كَفَالَةِ
مَرْيَمَ وَالْقِيَامِ بِأَمْرِهَا، وَسِيقَ ذَلِكَ تَأْكِيدًا لِاصْطِفَائِهَا عَلَيْهَا السَّلَامُ، وَيُبْعِدُ هَذَا الْفَصْلَ بَيْنَ الْمُؤَكِّدِ وَالْمُؤَكَّدِ، وَمَعَ هَذَا هُوَ أَوْلَى مِمَّا قِيلَ: إِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا التَّعْجِيبُ مِنْ تَدَافُعِهِمْ لِكَفَالَتِهَا لِشَدَّةِ الْحَالِ وَمَزِيدِ الْحَاجَةِ الَّتِي لَحِقَتْهُمْ حَتَّى وَفَّقَ لَهَا خَيْرَ الْكُفَلَاءِ
زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَامُ، بَلْ يَكَادُ يَكُونُ هَذَا غَيْرَ صَحِيحٍ دِرَايَةً وَرِوَايَةً، وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ لَا يُشْكِلُ نَفْيُ الْمُشَاهَدَةِ مَعَ ظُهُورِ اِنْتِفَائِهَا عِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=44إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيْ يَرْمُونَهَا وَيَطْرَحُونَهَا لِلِاقْتِرَاعِ، وَالْأَقْلَامُ جَمْعُ قَلَمٍ وَهِيَ الَّتِي كَانُوا يَكْتُبُونَ
[ ص: 159 ] بِهَا التَّوْرَاةَ وَاخْتَارُوهَا تَبَرُّكًا بِهَا، وَقِيلَ: هِيَ السِّهَامُ مِنَ النُّشَّابِ وَهِيَ الْقِدَاحُ، وَحَكَى
الْكَازَرُونِيُّ أَنَّهَا كَانَتْ مِنْ نُحَاسٍ وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْقَلْمِ بِمَعْنَى الْقَطْعِ، وَمِنْهُ قُلَامَةُ الظُّفْرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ كَيْفِيَّةِ الرَّمْيِ وَفِي عِدَّةِ الْأَقْلَامِ خِلَافٌ، وَعَنِ الْبَاقِرِ أَنَّهَا كَانَتْ سِتَّةً، وَالظَّرْفُ مَعْمُولٌ لِلِاسْتِقْرَارِ الْعَامِلِ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=44لَدَيْهِمْ وَجَعْلُهُ ظَرْفًا لِ (كَانَ) كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14803أَبُو الْبَقَاءِ لَيْسَ بِشَيْءٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=44أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ مِنْ تَتِمَّةِ الْكَلَامِ الْأَوَّلِ، وَجَعْلُهُ اِبْتِدَاءَ اِسْتِفْهَامٍ مُفْسِدٌ لِلْمَعْنَى، وَلَمَّا لَمْ يَصْلُحْ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=44يُلْقُونَ لِلتَّعَلُّقِ بِالِاسْتِفْهَامِ لَزِمَ أَنْ يُقَدَّرَ مَا يَرْتَبِطُ بِهِ النِّظَامُ، فَذَكَرَ الْجُلُّ لَهُ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يُقَدَّرَ: يَنْظُرُونَ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ وَحَيْثُ كَانَ النَّظَرُ مِمَّا يُؤَدِّي إِلَى الْإِدْرَاكِ جَازَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِاسْمِ الِاسْتِفْهَامِ كَالْأَفْعَالِ الْقَلْبِيَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=12671اِبْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ مَالِكٍ فِي «اَلتَّسْهِيلِ»، وَثَانِيهَا: أَنْ يُقَدَّرَ: لِيَعْلَمُوا أَيُّهُمْ يَكْفُلُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ الْجُمْلَةُ حَالٌ مِمَّا قَبْلَهَا، وَعَلَى الثَّانِي فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ لَهُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْإِلْقَاءَ سَبَبٌ لِنَفْسِ الْعِلْمِ لَكِنَّهُ سَبَبٌ بَعِيدٌ، وَالْقَرِيبُ هُوَ النَّظَرُ إِلَى مَا اِرْتَفَعَ مِنَ الْأَقْلَامِ، وَثَالِثُهَا: أَنْ يُقَدَّرَ يَقُولُونَ أَوْ لِيَقُولُوا أَيُّهُمْ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ يُعْتَدُّ بِهَا فِي تَقْدِيرِ يَقُولُونَ وَلَا يَنْسَاقُ الْمَعْنَى إِلَيْهِ بَلْ هُوَ مُجَرَّدُ إِصْلَاحٍ لَفْظِيٍّ لِمَوْقِعِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=44أَيُّهُمْ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مُفِيدٌ، وَيَنْسَاقُ الْمَعْنَى إِلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَوْلِ الْقَوْلُ لِلْبَيَانِ وَالتَّعْيِينِ، وَاعْتُرِضَ أَيْضًا تَقْدِيرُ الْقَوْلِ مَقْرُونًا بِلَامِ التَّعْلِيلِ بِأَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ هُنَا مِمَّا لَا مَعْنَى لَهُ، وَأُجِيبَ بِتَأْوِيلِهِ كَمَا أُوِّلَ فِي سَابِقِهِ، وَقِيلَ: يُؤَوَّلُ بِالْحُكْمِ، أَيْ: لِيَقُولُوا وَلِيَحْكُمُوا أَيُّهُمِ الخ، وَالسَّكَّاكِيُّ يُقَدِّرُ هَهُنَا يَنْظُرُونَ لِيَعْلَمُوا، وَلَعَلَّ ذَلِكَ لِمُرَاعَاةِ الْمَعْنَى وَاللَّفْظِ، وَإِلَّا فَتَقْدِيرُ النَّظَرِ أَوِ الْعِلْمِ يُغْنِي عَنِ الْآخَرِ، وَبَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ لَمْ يُقَدِّرْ شَيْئًا أَصْلًا وَجَعَلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=44أَيُّهُمْ بَدَلًا عَنْ ضَمِيرِ الْجَمْعِ، أَيْ يُلْقِي كُلَّ مَنْ يَقْصِدُ الْكَفَالَةَ وَتَتَأَتَّى مِنْهُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مِنَ التَّكَلُّفِ بِمَكَانٍ.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=44وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ [ 44 ] فِي شَأْنِهَا تَنَافُسًا عَلَى كَفَالَتِهَا وَكَانَ هَذَا الِاخْتِصَامُ بَعْدَ الِاقْتِرَاعِ فِي رَأْيٍ، وَقَبْلَهُ فِي آخَرَ، وَتَكْرِيرُ " مَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ " مَعَ تَحَقُّقِ الْمَقْصُودِ بِعَطْفِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=44إِذْ يَخْتَصِمُونَ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=44إِذْ يُلْقُونَ لِلْإِيذَانِ بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ عَدَمِ الْحُضُورِ عِنْدَ الْإِلْقَاءِ، وَعَدَمِ الْحُضُورِ عِنْدَ الِاخْتِصَامِ مُسْتَقِلٌّ بِالشَّهَادَةِ عَلَى نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا سِيَّمَا عَلَى الرَّأْيِ الثَّانِي فِي وَقْتِ الِاخْتِصَامِ لِأَنَّ تَغْيِيرَ التَّرْتِيبِ فِي الذِّكْرِ مُؤَكِّدٌ لِذَلِكَ، قَالَهُ
شَيْخُ الْإِسْلَامِ .
وَاخْتُلِفَ فِي وَقْتِ هَذَا الِاقْتِرَاعِ وَالتَّشَاحِّ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا، وَهُوَ الْمَشْهُورُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ: أَنَّهُ كَانَ حِينَ وِلَادَتِهَا وَحَمْلِ أُمِّهَا لَهَا إِلَى الْكَنِيسَةِ عَلَى مَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ، وَثَانِيهُمَا: أَنَّهُ كَانَ وَقْتَ كِبَرِهَا وَعَجْزِ
زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ تَرْبِيَتِهَا، وَهُوَ قَوْلٌ مَرْجُوحٌ، وَأَوْهَنُ مِنْهُ قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الِاقْتِرَاعَ وَقَعَ مَرَّتَيْنِ، مَرَّةٌ فِي الصِّغَرِ وَأُخْرَى فِي الْكِبَرِ.
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْقُرْعَةَ لَهَا دَخْلٌ فِي تَمْيِيزِ الْحُقُوقِ، وَرُوِيَ عَنِ
الصَّادِقِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: مَا تَقَارَعَ قَوْمٌ فَفَوَّضُوا أَمْرَهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا خَرَجَ سَهْمُ الْمُحِقِّ، وَقَالَ أَيُّ قَضِيَّةٍ أَعْدَلَ مِنَ الْقَضِيَّةِ إِذَا فُوِّضَ الْأَمْرُ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ، أَلَيْسَ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=141فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11958الْبَاقِرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: أَوَّلُ مَنْ سُوهِمَ عَلَيْهِ
مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ ثُمَّ تَلَا
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=44وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ .