nindex.php?page=treesubj&link=28723_29694_32006_32413_34513_29005nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=15لقد كان لسبإ لما ذكر عز وجل حال الشاكرين لنعمه المنيبين إليه تعالى ذكر حال الكافرين بالنعمة المعرضين عنه جل شأنه موعظة
لقريش وتحذيرا لمن كفر بالنعم وأعرض عن المنعم،
وسبأ في الأصل اسم رجل وهو
سبأ بن يشجب بالشين المعجمة والجيم
كينصر بن يعرب بن قحطان، وفي بعض الأخبار
nindex.php?page=hadith&LINKID=683593عن فروة بن مسيك، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله أخبرني عن سبأ أرجل هو أم امرأة؟ فقال: هو رجل من العرب ولد عشرة تيامن منهم ستة وتشاءم منهم أربعة، فأما الذين تيامنوا فالأزد وكندة ومذحج والأشعريون وأنمار ومنهم بجيلة، وأما الذين تشاءموا فعاملة وغسان ولخم وجذام.
وفي شرح قصيدة
عبد المجيد بن عبدون لعبد الملك بن عبد الله بن بدرون الحضرمي البستي أن
سبأ بن يشجب أول ملوك
اليمن في قول واسمه
عبد شمس، وإنما سمي
سبأ لأنه أول من سبى السبي من ولد
قحطان، وكان ملكه أربعمائة وأربعا وثمانين سنة ثم سمي به الحي، ومنع الصرف عنه
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو باعتبار جعله اسما للقبيلة ففيه العلمية والتأنيث، وقرأ
قنبل بإسكان
[ ص: 125 ] الهمزة على نية الوقف، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير قلب همزته ألفا ولعله سكنها أولا بنية الوقف كقنبل ثم قلبها ألفا والهمزة إذا سكنت يطرد قلبها من جنس حركة ما قبلها، وقيل: لعله أخرجها بين بين فلم يؤده الراوي كما وجب، والمراد
بسبأ هنا إما الحي أو القبيلة وإما الرجل الذي سمعت وعليه فالكلام على تقدير مضاف أي لقد كان في أولاد
سبأ، وجوز أن يراد به البلد وقد شاع إطلاقه عليه وحينئذ فالضمير في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=15في مسكنهم لأهلها أولها مرادا بها الحي على سبيل الاستخدام والأمر فيه على ما تقدم ظاهر، والمسكين اسم مكان أي في محل سكناهم وهو كالدار يطلق على المأوى للجميع وإن كان قطرا واسعا كما تسمى الدنيا دارا، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان : ينبغي أن يحمل على المصدر أي في سكناهم لأن كل أحد له مسكن وقد أفرد في هذه القراءة وجعل المفرد بمعنى الجمع كما في قوله: كلوا في بعض بطنكم تعفوا، وقوله: قد عض أعناقهم جلد الجواميس، يختص بالضرورة عند
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه انتهى.
وبما ذكرنا لا تبقى حاجة إليه كما لا يخفى، واسم ذلك المكان مأرب كمنزل، وهي من بلاد اليمن بينها وبين صنعاء مسيرة ثلاث، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش وعلقمة « مسكنهم» بكسر الكاف على خلاف القياس كمسجد ومطلع، لأن ما ضمت عين مضارعه أو فتحت قياس المفعل منه زمانا ومكانا ومصدرا الفتح لا غير، وقال
أبو الحسن كسر الكاف لغة فاشية وهي لغة الناس اليوم والفتح لغة الحجاز وهي اليوم قليلة، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء : هي لغة يمانية فصيحة.
وقرأ الجمهور «مساكنهم» جمعا أي في مواضع سكناهم
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=15آية أي علامة دالة بملاحظة أخواتها السابقة واللاحقة على وجود الصانع المختار وأنه سبحانه قادر على ما يشاء من الأمور العجيبة مجاز للمحسن والمسيء وهي اسم كان، وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=15جنتان بدل منها على ما أشار إليه
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء وصرح به
nindex.php?page=showalam&ids=17140مكي وغيره، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : خبر مبتدأ محذوف أي هي جنتان ولا يشترط في البدل المطابقة إفرادا وغيره، وكذا الخبر إذا كان غير مشتق ولم يمنع المعنى من اتحاده مع المبتدأ، ولعل وجه توحيد الآية هنا مثله في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=50وجعلنا ابن مريم وأمه آية [المؤمنون: 50] ولا حاجة إلى اعتبار مضاف مفرد محذوف هو البدل أو الخبر في الحقيقة أي قصة جنتين، وذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية بعد أن ضعف وجه البدلية ولم يذكر الجهة إلى أن
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=15جنتان مبتدأ خبره قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=15عن يمين وشمال ولا يظهر لأنه نكرة لا مسوغ للابتداء بها إلا أن اعتقد أن ثم صفة محذوفة، أي جنتان لهم أو جنتان عظيمتان وعلى تقدير ذلك يبقى الكلام متلفتا عما قبله.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابن أبي عبلة «جنتين» بالنصب على المدح، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان : على أن آية اسم كان و «جنتين» الخبر وأيا ما كان فالمراد بالجنتين على ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة جماعتان من البساتين جماعة عن يمين بلدهم وجماعة عن شماله، وإطلاق الجنة على كل جماعة لأنها لتقارب أفرادها وتضامها كأنها جنة واحدة كما تكون بلاد الريف العامرة وبساتينها، وقيل: أريد بستانا كل رجل منهم عن يمين مسكنه وشماله كما قال سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=32جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب [الكهف: 32] قيل: ولم تجمع لئلا يلزم أن لكل مسكن رجل جنة واحدة لمقابلة الجمع بالجمع، ورد بأن قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=15عن يمين وشمال يدفع ذلك لأنه بالنظر إلى كل مسكن إلا أنها لو جمعت أوهم أن لكل مسكن جنات عن يمين وجنات عن شمال، هذا لا محذور فيه إلا أن يدعى أنه مخالف للواقع ثم أنه قيل إن في فيما سبق بمعنى عند فإن المساكن محفوفة بالجنتين لا ظرف لهما، وقيل: لا حاجة إلى هذا فإن القريب من الشيء قد يجعل فيه مبالغة في شدة القرب ولكل جهة لكن أنت تعلم أنه إذا أريد بالمساكن أو المسكن ما يصلح أن يكون ظرفا لبلدهم المحفوفة بالجنتين
[ ص: 126 ] أو لمحل كل منهم المحفوفة بهما لم يحتج إلى التأويل أصلا فلا تغفل.
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=15كلوا من رزق ربكم واشكروا له جملة مستأنفة بتقدير قول، أي قال لهم نبيهم كلوا الخ، وفي (مجمع البيان) قيل: إن مساكنهم كانت ثلاث عشرة قرية في كل قرية نبي يدعوهم إلى الله عز وجل يقول كلوا من رزق ربكم الخ، وقيل: ليس هناك قول حقيقة وإنما هو قول بلسان الحال.
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=15بلدة طيبة ورب غفور أي هذه البلدة التي فيها رزقكم بلدة طيبة وربكم الذي رزقكم وطلب شكركم رب غفور فرطات من يشكره، والجملة استئناف للتصريح بموجب الشكر، ومعنى (طيبة) زكية مستلذة.
يروى أنها كانت لطيفة الهواء حسنة التربة لا تحدث فيها عاهة ولا يكون فيها هامة حتى أن الغريب إذا حلها وفي ثيابه قمل أو براغيث ماتت، وقيل: المراد بطيبها صحة هوائها وعذوبة مائها ووفور نزهتها وأنه ليس فيها حر يؤذي في الصيف ولا برد يؤذي في الشتاء.
وقرأ
رويس بنصب «بلدة» وجميع ما بعدها وذلك على المدح والوصفية، وقال
أحمد بن يحيى : بتقدير اسكنوا بلدة طيبة واعبدوا ربا غفورا ومن الاتفاقات النادرة أن لفظ بلدة طيبة بحساب الجمل واعتبار هاء التأنيث بأربعمائة كما ذهب إليه كثير من الأدباء وقع تاريخا لفتح
القسطنطينية وكانت نزهة بلاد
الروم.
nindex.php?page=treesubj&link=28723_29694_32006_32413_34513_29005nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=15لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ لَمَّا ذَكَرَ عَزَّ وَجَلَّ حَالَ الشَّاكِرِينَ لِنِعَمِهِ الْمُنِيبِينَ إِلَيْهِ تَعَالَى ذَكَرَ حَالَ الْكَافِرِينَ بِالنِّعْمَةِ الْمُعْرِضِينَ عَنْهُ جَلَّ شَأْنُهُ مَوْعِظَةً
لِقُرَيْشٍ وَتَحْذِيرًا لِمَنْ كَفَرَ بِالنِّعَمِ وَأَعْرَضَ عَنِ الْمُنْعِمِ،
وَسَبَأٌ فِي الْأَصْلِ اِسْمُ رَجُلٍ وَهُوَ
سَبَأُ بْنُ يَشْجُبَ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْجِيمِ
كَيَنْصُرَ بْنِ يَعْرُبَ بْنِ قَحْطَانَ، وَفِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=683593عَنْ فَرْوَةَ بْنِ مُسَيْكٍ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنْ سَبَأٍ أَرَجُلٌ هُوَ أَمِ اِمْرَأَةٌ؟ فَقَالَ: هُوَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ وَلَدَ عَشَرَةً تَيَامَنَ مِنْهُمْ سِتَّةٌ وَتَشَاءَمَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ، فَأَمَّا الَّذِينَ تَيَامَنُوا فَالْأَزْدُ وَكِنْدَةُ وَمُذْحِجُ وَالْأَشْعَرِيُّونَ وَأَنْمَارُ وَمِنْهُمْ بُجَيْلَةُ، وَأَمَّا الَّذِينَ تَشَاءَمُوا فَعَامِلَةُ وَغَسَّانُ وَلَخْمٌ وَجُذَامٌ.
وَفِي شَرْحِ قَصِيدَةِ
عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ عَبْدُونَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَدْرُونَ الْحَضْرَمِيِّ الْبُسْتِيِّ أَنَّ
سَبَأَ بْنَ يَشْجُبَ أَوَّلُ مُلُوكِ
الْيَمَنِ فِي قَوْلٍ وَاسْمُهُ
عَبْدُ شَمْسٍ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ
سَبَأً لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَبَى السَّبْيَ مِنْ وَلَدِ
قَحْطَانَ، وَكَانَ مُلْكُهُ أَرْبَعَمِائَةٍ وَأَرْبَعًا وَثَمَانِينَ سَنَةً ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ الْحَيُّ، وَمَنَعَ الصَّرْفَ عَنْهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16456اِبْنُ كَثِيرٍ nindex.php?page=showalam&ids=12114وَأَبُو عَمْرٍو بِاعْتِبَارِ جَعْلِهِ اِسْمًا لِلْقَبِيلَةِ فَفِيهِ الْعَلَمِيَّةُ وَالتَّأْنِيثُ، وَقَرَأَ
قُنْبُلٌ بِإِسْكَانِ
[ ص: 125 ] الْهَمْزَةِ عَلَى نِيَّةِ الْوَقْفِ، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16456اِبْنِ كَثِيرٍ قَلْبُ هَمْزَتِهِ أَلِفًا وَلَعَلَّهُ سَكَّنَهَا أَوَّلًا بِنِيَّةِ الْوَقْفِ كَقُنْبُلٍ ثُمَّ قَلَبَهَا أَلِفًا وَالْهَمْزَةُ إِذَا سُكِّنَتْ يَطَّرِدُ قَلْبُهَا مِنْ جِنْسِ حَرَكَةِ مَا قَبْلَهَا، وَقِيلَ: لَعَلَّهُ أَخْرَجَهَا بَيْنَ بَيْنَ فَلَمْ يُؤَدِّهِ الرَّاوِي كَمَا وَجَبَ، وَالْمُرَادُ
بِسَبَأٍ هُنَا إِمَّا الْحَيُّ أَوِ الْقَبِيلَةُ وَإِمَّا الرَّجُلُ الَّذِي سَمِعْتَ وَعَلَيْهِ فَالْكَلَامُ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ لَقَدْ كَانَ فِي أَوْلَادِ
سَبَأٍ، وَجُوِّزَ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْبَلَدُ وَقَدْ شَاعَ إِطْلَاقُهُ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=15فِي مَسْكَنِهِمْ لِأَهْلِهَا أَوَّلَهَا مُرَادًا بِهَا الْحَيُّ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِخْدَامِ وَالْأَمْرُ فِيهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ظَاهِرٌ، وَالْمِسْكِينُ اِسْمُ مَكَانٍ أَيْ فِي مَحَلِّ سُكْنَاهُمْ وَهُوَ كَالدَّارِ يُطْلَقُ عَلَى الْمَأْوَى لِلْجَمِيعِ وَإِنْ كَانَ قُطْرًا وَاسِعًا كَمَا تُسَمَّى الدُّنْيَا دَارًا، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11992أَبُو حَيَّانَ : يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْمَصْدَرِ أَيْ فِي سُكْنَاهُمْ لِأَنَّ كُلَّ أَحَدٍ لَهُ مَسْكَنٌ وَقَدْ أُفْرِدَ فِي هَذِهِ الْقِرَاءَةِ وَجُعِلَ الْمُفْرَدُ بِمَعْنَى الْجَمْعِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: كُلُوا فِي بَعْضِ بَطْنِكُمْ تَعِفُّوا، وَقَوْلِهِ: قَدْ عَضَّ أَعْنَاقَهُمْ جِلْدُ الْجَوَامِيسِ، يَخْتَصُّ بِالضَّرُورَةِ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ اِنْتَهَى.
وَبِمَا ذَكَرْنَا لَا تَبْقَى حَاجَةٌ إِلَيْهِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَاسْمُ ذَلِكَ الْمَكَانِ مَأْرِبُ كَمَنْزِلٍ، وَهِيَ مِنْ بِلَادِ الْيَمَنِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ صَنْعَاءَ مَسِيرَةُ ثَلَاثٍ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ وَعَلْقَمَةُ « مَسْكِنِهِمْ» بِكَسْرِ الْكَافِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ كَمَسْجِدٍ وَمَطْلِعٍ، لِأَنَّ مَا ضُمَّتْ عَيْنُ مُضَارِعِهِ أَوْ فُتِحَتْ قِيَاسُ الْمَفْعَلِ مِنْهُ زَمَانًا وَمَكَانًا وَمَصْدَرًا الْفَتْحُ لَا غَيْرَ، وَقَالَ
أَبُو الْحَسَنِ كَسْرُ الْكَافِ لُغَةٌ فَاشِيَةٌ وَهِيَ لُغَةُ النَّاسِ الْيَوْمَ وَالْفَتْحُ لُغَةُ الْحِجَازِ وَهِيَ الْيَوْمَ قَلِيلَةٌ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14888الْفَرَّاءُ : هِيَ لُغَةٌ يَمَانِيَّةٌ فَصِيحَةٌ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ «مَسَاكِنِهِمْ» جَمْعًا أَيْ فِي مَوَاضِعِ سُكْنَاهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=15آيَةٌ أَيْ عَلَامَةٌ دَالَّةٌ بِمُلَاحَظَةِ أَخَوَاتِهَا السَّابِقَةِ وَاللَّاحِقَةِ عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ الْمُخْتَارِ وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَادِرٌ عَلَى مَا يَشَاءُ مِنَ الْأُمُورِ الْعَجِيبَةِ مُجَازٍ لِلْمُحْسِنِ وَالْمُسِيءِ وَهِيَ اِسْمُ كَانَ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=15جَنَّتَانِ بَدَلٌ مِنْهَا عَلَى مَا أَشَارَ إِلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=14888الْفَرَّاءُ وَصَرَّحَ بِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=17140مَكِّيٌّ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هِيَ جَنَّتَانِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْبَدَلِ الْمُطَابَقَةُ إِفْرَادًا وَغَيْرَهُ، وَكَذَا الْخَبَرُ إِذَا كَانَ غَيْرَ مُشْتَقٍّ وَلَمْ يَمْنَعِ الْمَعْنَى مِنَ اِتِّحَادِهِ مَعَ الْمُبْتَدَأِ، وَلَعَلَّ وَجْهُ تَوْحِيدِ الْآيَةِ هُنَا مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=50وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً [اَلْمُؤْمِنُونَ: 50] وَلَا حَاجَةَ إِلَى اِعْتِبَارِ مُضَافٍ مُفْرَدٍ مَحْذُوفٍ هُوَ الْبَدَلُ أَوِ الْخَبَرُ فِي الْحَقِيقَةِ أَيْ قِصَّةُ جَنَّتَيْنِ، وَذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=13366اِبْنُ عَطِيَّةَ بَعْدَ أَنْ ضَعَّفَ وَجْهَ الْبَدَلِيَّةِ وَلَمْ يَذْكُرِ الْجِهَةَ إِلَى أَنَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=15جَنَّتَانِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=15عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ وَلَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ لَا مُسَوِّغَ لِلِابْتِدَاءِ بِهَا إِلَّا أَنِ اِعْتَقَدَ أَنَّ ثَمَّ صِفَةً مَحْذُوفَةً، أَيْ جَنَّتَانِ لَهُمْ أَوْ جَنَّتَانِ عَظِيمَتَانِ وَعَلَى تَقْدِيرِ ذَلِكَ يَبْقَى الْكَلَامُ مُتَلَفِّتًا عَمَّا قَبْلَهُ.
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12356اِبْنُ أَبِي عَبْلَةَ «جَنَّتَيْنِ» بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَدْحِ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11992أَبُو حَيَّانَ : عَلَى أَنَّ آيَةً اِسْمُ كَانَ وَ «جَنَّتَيْنِ» الْخَبَرُ وَأَيًّا مَا كَانَ فَالْمُرَادُ بِالْجَنَّتَيْنِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةَ جَمَاعَتَانِ مِنَ الْبَسَاتِينِ جَمَاعَةٌ عَنْ يَمِينِ بَلَدِهِمْ وَجَمَاعَةٌ عَنْ شِمَالِهِ، وَإِطْلَاقُ الْجَنَّةِ عَلَى كُلِّ جَمَاعَةٍ لِأَنَّهَا لِتَقَارُبِ أَفْرَادِهَا وَتَضَامِّهَا كَأَنَّهَا جَنَّةٌ وَاحِدَةٌ كَمَا تَكُونُ بِلَادُ الرِّيفِ الْعَامِرَةُ وَبَسَاتِينُهَا، وَقِيلَ: أُرِيدُ بُسْتَانًا كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ عَنْ يَمِينِ مَسْكَنِهِ وَشَمَالِهِ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=32جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ [اَلْكَهْفِ: 32] قِيلَ: وَلَمْ تُجْمَعْ لِئَلَّا يَلْزَمُ أَنَّ لِكُلِّ مَسْكَنِ رَجُلٍ جَنَّةً وَاحِدَةً لِمُقَابَلَةِ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ، وَرُدَّ بِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=15عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ يَدْفَعُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ إِلَى كُلِّ مَسْكَنٍ إِلَّا أَنَّهَا لَوْ جُمِعَتْ أَوْهَمَ أَنَّ لِكُلِّ مَسْكَنٍ جَنَّاتٍ عَنْ يَمِينٍ وَجَنَاتٍ عَنْ شِمَالٍ، هَذَا لَا مَحْذُورَ فِيهِ إِلَّا أَنْ يُدَّعَى أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْوَاقِعِ ثُمَّ أَنَّهُ قِيلَ إِنَّ فِي فِيمَا سَبَقَ بِمَعْنَى عِنْدَ فَإِنَّ الْمَسَاكِنَ مَحْفُوفَةٌ بِالْجَنَّتَيْنِ لَا ظَرْفَ لَهُمَا، وَقِيلَ: لَا حَاجَةَ إِلَى هَذَا فَإِنَّ الْقَرِيبَ مِنَ الشَّيْءِ قَدْ يُجْعَلُ فِيهِ مُبَالَغَةً فِي شِدَّةِ الْقُرْبِ وَلِكُلِّ جِهَةٍ لَكِنْ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا أُرِيدَ بِالْمَسَاكِنِ أَوِ الْمَسْكَنِ مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا لِبَلَدِهِمُ الْمَحْفُوفَةِ بِالْجَنَّتَيْنِ
[ ص: 126 ] أَوْ لِمَحِلِّ كُلٍّ مِنْهُمُ الْمَحْفُوفَةِ بِهِمَا لَمْ يَحْتَجْ إِلَى التَّأْوِيلِ أَصْلًا فَلَا تَغْفُلْ.
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=15كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ بِتَقْدِيرِ قَوْلٍ، أَيْ قَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ كُلُوا الخ، وَفِي (مَجْمَعِ الْبَيَانِ) قِيلَ: إِنَّ مَسَاكِنَهُمْ كَانَتْ ثَلَاثَ عَشَرَةَ قَرْيَةً فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَبِيٌّ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ الخ، وَقِيلَ: لَيْسَ هُنَاكَ قَوْلٌ حَقِيقَةً وَإِنَّمَا هُوَ قَوْلٌ بِلِسَانِ الْحَالِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=15بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ أَيْ هَذِهِ الْبَلْدَةُ الَّتِي فِيهَا رِزْقُكُمْ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبُّكُمُ الَّذِي رَزَقَكُمْ وَطَلَبَ شُكْرَكُمْ رَبٌّ غَفُورٌ فُرُطَاتٌ مَنْ يَشْكُرُهُ، وَالْجُمْلَةُ اِسْتِئْنَافٌ لِلتَّصْرِيحِ بِمُوجِبِ الشُّكْرِ، وَمَعْنَى (طَيِّبَةٌ) زَكِيَّةٌ مُسْتَلَذَّةٌ.
يُرْوَى أَنَّهَا كَانَتْ لَطِيفَةَ الْهَوَاءُ حَسَنَةَ التُّرْبَةِ لَا تَحْدُثُ فِيهَا عَاهَةٌ وَلَا يَكُونُ فِيهَا هَامَّةٌ حَتَّى أَنَّ الْغَرِيبَ إِذَا حَلَّهَا وَفِي ثِيَابِهِ قَمْلٌ أَوْ بَرَاغِيثُ مَاتَتْ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِطَيِّبِهَا صِحَّةُ هَوَائِهَا وَعُذُوبَةُ مَائِهَا وَوُفُورُ نُزْهَتِهَا وَأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا حَرٌّ يُؤْذِي فِي الصَّيْفِ وَلَا بَرْدٌ يُؤْذِي فِي الشِّتَاءِ.
وَقَرَأَ
رُوَيْسٌ بِنَصْبِ «بَلْدَةً» وَجَمِيعُ مَا بَعْدَهَا وَذَلِكَ عَلَى الْمَدْحِ وَالْوَصْفِيَّةِ، وَقَالَ
أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى : بِتَقْدِيرِ اُسْكُنُوا بَلْدَةً طَيِّبَةً وَاعْبُدُوا رَبًّا غَفُورًا وَمِنَ الِاتِّفَاقَاتِ النَّادِرَةِ أَنَّ لَفْظَ بَلْدَةٍ طَيِّبَةٍ بِحِسَابِ الْجُمَلِ وَاعْتِبَارِ هَاءِ التَّأْنِيثِ بِأَرْبَعِمِائَةٍ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ كَثِيرٌ مِنَ الْأُدَبَاءِ وَقَعَ تَارِيخًا لِفَتْحِ
الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ وَكَانَتْ نُزْهَةَ بِلَادِ
الرُّومِ.