قوله سبحانه:
nindex.php?page=treesubj&link=30347_30351_30355_30539_28987nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=27ثم يوم القيامة يخزيهم أي يذلهم، والظاهر أن ضمائر الجمع- للذين مكروا- من قبل كأنه قيل: قد مكر الذين من قبلهم فعذبهم الله تعالى في الدنيا ثم يعذبهم في العقبى، (وثم) للإيماء إلى ما بين الجزاءين من التفاوت مع ما تدل عليه من التراخي الزماني، وتقديم الظرف على الفعل قيل لقصر الإخزاء على يوم القيامة، والمراد به ما بين بقوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=27ويقول أي لهم تفضيحا وتوبيخا
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=27أين شركائي إلى آخره، ولا شك أن ذلك لا يكون إلا في ذلك اليوم، وقال بعض المحققين: ليس التقديم لذلك بل لأن الإخبار بجزائهم في الدنيا مؤذن بأن لهم جزاء أخرويا فتبقى النفس مترقبة إلى وروده سائلة عنه بأنه ماذا مع تيقنها بأنه في الآخرة فسيق الكلام على وجه يؤذن بأن المقصود بالذكر جزاؤهم لا كونه في الآخرة، وذكر أيضا أن الجملة المذكورة عطف على مقدر ينسحب عليه الكلام أي هذا الذي فهم من التمثيل من عذاب هؤلاء الماكرين القائلين في القرآن العظيم أساطير الأولين أو ما هو أعم منه، ومما ذكر من عذاب أولئك الماكرين من قبل جزاؤهم في الدنيا ويوم القيامة يخزيهم إلى آخره، ثم قال:
والضمير إما للمغترين في حق القرآن الكريم أو لهم ولمن مثلوا بهم من الماكرين، وتخصيصه بهم يأباه السباق والسياق اهـ.
وفيه من ارتكاب خلاف الظاهر ما فيه فليتأمل، وفسر بعضهم الإخزاء بما هو من روادف التعذيب بالنار لأنه الفرد الكامل وقد قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=192إنك من تدخل النار فقد أخزيته [آل عمران: 192] وقيل عليه: إن قوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=27أين شركائي إلى آخره يأباه لأنه قبل دخولهم النار. وأجيب بأن الواو لا تقتضي الترتيب، وأنت تعلم أن الأولى مع هذا حمله على مطلق الإذلال، وإضافة الشركاء إلى نفسه عز وجل لأدنى ملابسة بناء على زعمهم أنهم شركاء لله سبحانه عما يشركون فتكون الآية كقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=22أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون [الأنعام: 22].
وجوز أن يكون ما ذكر حكاية منه تعالى لإضافتهم فإنهم كانوا يضيفون ويقولون: شركاء الله تعالى،
[ ص: 127 ] وفي ذلك زيادة في توبيخهم ليست في أين أصنامكم مثلا لو قيل، ولا يخفى أن هذا خزي وإهانة بالقول فإذا فسر الإخزاء فيما تقدم بالتعذيب بالنار كانت الآية مشيرة إلى خزيين فعلي وقولي، وأشير إلى الأول أولا لأنه أنسب بسابقه. وقرأ الجمهور «شركائي» ممدودا مهموزا مفتوح الياء، وفرقة كذلك إلا أنهم سكنوا الياء فتسقط في الدرج لالتقاء الساكنين،
والبزي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير بخلاف عنه بالقصر وفتح الياء، وأنكر ذلك جماعة وزعموا أن هذه القراءة غير مأخوذ لأن قصر الممدود لا يجوز إلا ضرورة، وليس كما قالوا فإنه يجوز في السعة، وقد وجه أيضا بأن الهمزة المكسورة قبل الياء حذفت للتخفيف وليس كقصر الممدود مطلقا، مع أنه قد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير قصر التي في القصص و(ورائي) في مريم، وعن
قنبل قصر
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=7أن رآه استغنى في العلق فكيف يعد ذلك ضرورة.
نعم قال
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان : إن وقوعه في الكلام قليل فاعرف ذلك فقد غفل عنه كثير من الناس.
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=27الذين كنتم تشاقون فيهم أي تخاصمون وتنازعون الأنبياء عليهم السلام وأتباعهم في شأنهم وتزعمون أنهم شركاء حقا حين بينوا لكم ضد ذلك، وفسر بعضهم المشاقة بالمعاداة، وتفسيرها بالمخاصمة ليظهر تعلق (فيهم) به ولا يحتاج إلى جعل في للسببية أولى، وقيل: للمخاصمة مشاقة أخذا من شق العصا أو لكون كل من المتخاصمين في شق والمراد بالاستفهام استحضارها للشفاعة على طريق الاستهزاء والتبكيت، فإنهم كانوا يقولون: إن صح ما تقولون فالأصنام تشفع لنا، والاستفسار عن مكانتهم لا يوجب غيبتهم حقيقة بل يكفي في ذلك عدم حضورهم بالعنوان الذي كانوا يزعمون أنهم متصفون به فليس هناك شركاء ولا أماكنها.
وقيل: إن ذلك يوجب الغيبة، ويقال: إنه يحال بينهم وبين شركائهم حينئذ ليتفقدوهم في ساعة علقوا الرجاء بها فيهم أو أنهم لما لم ينفعوهم فكأنهم غيب. ولا يحتاج إلى هذا بعد ما علمت على أنه أورد على قوله ليتفقدوهم إلى آخره أنه ليس بسديد، فإنه قد تبين للمشركين حقيقة الأمر فرجعوا عن ذلك الزعم الباطل فكيف يتصور منهم التفقد.
وأجيب بأنه يجوز أن يغفلوا لعظم الهول عن ذلك فيتفقدوهم، ثم إن ما ذكر يقتضي حشر الأصنام وهو الذي يدل عليه كثير من الآيات كقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=98إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم [الأنبياء: 98] وقوله سبحانه: ( وقودها الناس والحجارة ) [البقرة: 24، التحريم: 6] على قول، ولا أرى مانعا من حمل الشركاء على معبوداتهم الباطلة بحيث تشمل ذوي العقول أيضا. وقرأ الجمهور «تشاقون» بفتح النون،
nindex.php?page=showalam&ids=17192ونافع بكسرها ورويت عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن، ولا يلتفت إلى تضعيف
nindex.php?page=showalam&ids=11970أبي حاتم. وقرأت فرقة بتشديدها على أنه أدغم نون الرفع في نون الوقاية. والكسر على حذف ياء المتكلم والاكتفاء به أي تشاقونني. على أن مشاقة الأنبياء عليهم السلام وأتباعهم كمشاقة الله تعالى شأنه ولولا ذلك لم يصح تعليق المشاقة به سبحانه. أما إذا كانت بمعنى المخاصمة فظاهر أنهم لم يخاصموا الله تعالى، وأما إذا كانت بمعنى العداوة فلأنهم لا يعتقدون أنهم أعداء لله تعالى، وأما قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء [الممتحنة: 1] يعني المشركين فمؤول أيضا بغير شبهة
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=27قال الذين أوتوا العلم من أهل الموقف وهم الأنبياء عليهم السلام والمؤمنون الذين أوتوا علما بدلائل التوحيد وكانوا يدعونهم في الدنيا إلى التوحيد فيجادلونهم ويتكبرون عليهم، واقتصر
nindex.php?page=showalam&ids=17317يحيى بن سلام على المؤمنين والأمر فيه سهل، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهم أنهم الملائكة عليهم السلام. ولم نقف على تقييده إياهم. وعن
nindex.php?page=showalam&ids=17131مقاتل أنهم الحفظة منهم. ويشعر كلام بعضهم بأنهم ملائكة
[ ص: 128 ] الموت حيث أورد على القول بأنهم الملائكة أن الواجب حينئذ يتوفونهم مكان ( تتوفاهم الملائكة ) وأنه يلزم منه الإبهام في موضع التعيين والتعيين في موضع الإبهام. وهو كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=14589الشهاب في غاية السقوط، وقيل: المراد كل من اتصف بهذا العنوان من ملك وإنسي وغير ذلك. والذي يميل إليه القلب السليم القول الأول أي يقول أولئك توبيخا للمشركين وإظهارا للشماتة بهم وتقريرا لما كانوا يعظونهم وتحقيقا لما أوعدوهم به. وإيثار صيغة الماضي للدلالة على تحقق وقوعه وتحتمه حسبما هو المعهود في إخباره تعالى كقوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=44ونادى أصحاب الجنة [الأعراف: 44].
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=27إن الخزي الذل والهوان. وفسره
nindex.php?page=showalam&ids=14343الراغب بالذل الذي يستحى منه
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=27اليوم منصوب بالخزي على رأي من يرى إعمال المصدر باللام كقوله: ضعيف النكاية أعداءه. أو بالاستقرار في الظرف الواقع خبرا لإن، وفيه فصل بين العامل والمعمول بالمعطوف إلا أنه مغتفر في الظرف. وأل للحضور أي اليوم الحاضر، وإيراده للإشعار بأنهم كانوا قبل ذلك في عزة وشقاق
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=27والسوء العذاب ومن الخزي به جعل ذكر هذا للتأكيد
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=27على الكافرين بالله تعالى وآياته ورسله عليهم السلام
قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=treesubj&link=30347_30351_30355_30539_28987nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=27ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ أَيْ يُذِلُّهُمْ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ضَمَائِرَ الْجَمْعِ- لِلَّذِينِ مَكَرُوا- مِنْ قَبْلُ كَأَنَّهُ قِيلَ: قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَعَذَّبَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الدُّنْيَا ثُمَّ يُعَذِّبُهُمْ فِي الْعُقْبَى، (وَثُمَّ) لِلْإِيمَاءِ إِلَى مَا بَيْنَ الْجَزَاءَيْنِ مِنَ التَّفَاوُتِ مَعَ مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ مِنَ التَّرَاخِي الزَّمَانِيِّ، وَتَقْدِيمُ الظَّرْفِ عَلَى الْفِعْلِ قِيلَ لِقِصَرِ الْإِخْزَاءِ عَلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا بُيِّنَ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=27وَيَقُولُ أَيْ لَهُمْ تَفْضِيحًا وَتَوْبِيخًا
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=27أَيْنَ شُرَكَائِيَ إِلَى آخِرِهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ: لَيْسَ التَّقْدِيمُ لِذَلِكَ بَلْ لِأَنَّ الْإِخْبَارَ بِجَزَائِهِمْ فِي الدُّنْيَا مُؤْذِنٌ بِأَنَّ لَهُمْ جَزَاءً أُخْرَوِيًّا فَتَبْقَى النَّفْسُ مُتَرَقِّبَةً إِلَى وُرُودِهِ سَائِلَةً عَنْهُ بِأَنَّهُ مَاذَا مَعَ تَيَقُّنِهَا بِأَنَّهُ فِي الْآخِرَةِ فَسِيقَ الْكَلَامُ عَلَى وَجْهٍ يُؤْذِنُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالذِّكْرِ جَزَاؤُهُمْ لَا كَوْنُهُ فِي الْآخِرَةِ، وَذُكِرَ أَيْضًا أَنَّ الْجُمْلَةَ الْمَذْكُورَةَ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ يَنْسَحِبُ عَلَيْهِ الْكَلَامُ أَيْ هَذَا الَّذِي فُهِمَ مِنَ التَّمْثِيلِ مِنْ عَذَابِ هَؤُلَاءِ الْمَاكِرِينَ الْقَائِلِينَ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ أَوْ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْهُ، وَمِمَّا ذُكِرَ مِنْ عَذَابِ أُولَئِكَ الْمَاكِرِينَ مِنْ قَبْلُ جَزَاؤُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ إِلَى آخِرِهِ، ثُمَّ قَالَ:
وَالضَّمِيرُ إِمَّا لِلْمُغْتَرِّينَ فِي حَقِّ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ أَوْ لَهُمْ وَلِمَنْ مَثَّلُوا بِهِمْ مِنَ الْمَاكِرِينَ، وَتَخْصِيصُهُ بِهِمْ يَأْبَاهُ السِّبَاقُ وَالسِّيَاقُ اهـ.
وَفِيهِ مِنِ ارْتِكَابِ خِلَافِ الظَّاهِرِ مَا فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَفَسَّرَ بَعْضُهُمُ الْإِخْزَاءَ بِمَا هُوَ مِنْ رَوَادِفِ التَّعْذِيبِ بِالنَّارِ لِأَنَّهُ الْفَرْدُ الْكَامِلُ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=192إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ [آلِ عِمْرَانَ: 192] وَقِيلَ عَلَيْهِ: إِنَّ قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=27أَيْنَ شُرَكَائِيَ إِلَى آخِرِهِ يَأْبَاهُ لِأَنَّهُ قَبْلَ دُخُولِهِمُ النَّارَ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْوَاوَ لَا تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ الْأَوْلَى مَعَ هَذَا حَمْلُهُ عَلَى مُطْلَقِ الْإِذْلَالِ، وَإِضَافَةُ الشُّرَكَاءِ إِلَى نَفْسِهِ عَزَّ وَجَلَّ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ بِنَاءً عَلَى زَعْمِهِمْ أَنَّهُمْ شُرَكَاءُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ فَتَكُونُ الْآيَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=22أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ [الْأَنْعَامِ: 22].
وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ مَا ذُكِرَ حِكَايَةً مِنْهُ تَعَالَى لِإِضَافَتِهِمْ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُضِيفُونَ وَيَقُولُونَ: شُرَكَاءُ اللَّهِ تَعَالَى،
[ ص: 127 ] وَفِي ذَلِكَ زِيَادَةٌ فِي تَوْبِيخِهِمْ لَيْسَتْ فِي أَيْنَ أَصْنَامُكُمْ مَثَلًا لَوْ قِيلَ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا خِزْيٌ وَإِهَانَةٌ بِالْقَوْلِ فَإِذَا فُسِّرَ الْإِخْزَاءُ فِيمَا تَقَدَّمَ بِالتَّعْذِيبِ بِالنَّارِ كَانَتِ الْآيَةُ مُشِيرَةً إِلَى خِزْيَيْنِ فِعْلِيٍّ وَقَوْلِيٍّ، وَأُشِيرُ إِلَى الْأَوَّلِ أَوَّلًا لِأَنَّهُ أَنْسَبُ بِسَابِقِهِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ «شُرَكَائِيَ» مَمْدُودًا مَهْمُوزًا مَفْتُوحَ الْيَاءِ، وَفِرْقَةٌ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُمْ سَكَّنُوا الْيَاءَ فَتَسْقُطُ فِي الدَّرَجِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ،
وَالْبَزِّيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابْنِ كَثِيرٍ بِخِلَافٍ عَنْهُ بِالْقَصْرِ وَفَتْحِ الْيَاءِ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ وَزَعَمُوا أَنَّ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ غَيْرُ مَأْخُوذٍ لِأَنَّ قَصْرَ الْمَمْدُودِ لَا يَجُوزُ إِلَّا ضَرُورَةً، وَلَيْسَ كَمَا قَالُوا فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِي السِّعَةِ، وَقَدْ وُجِّهَ أَيْضًا بِأَنَّ الْهَمْزَةَ الْمَكْسُورَةَ قَبْلَ الْيَاءِ حُذِفَتْ لِلتَّخْفِيفِ وَلَيْسَ كَقَصْرِ الْمَمْدُودِ مُطْلَقًا، مَعَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابْنِ كَثِيرٍ قَصْرُ الَّتِي فِي الْقَصَصِ وَ(وَرَائِي) فِي مَرْيَمَ، وَعَنْ
قُنْبُلٍ قَصْرُ
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=7أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى فِي الْعَلَقِ فَكَيْفَ يُعَدُّ ذَلِكَ ضَرُورَةً.
نَعَمْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11992أَبُو حَيَّانَ : إِنَّ وُقُوعَهُ فِي الْكَلَامِ قَلِيلٌ فَاعْرِفْ ذَلِكَ فَقَدْ غَفَلَ عَنْهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=27الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ أَيْ تُخَاصِمُونَ وَتُنَازِعُونَ الْأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَأَتْبَاعَهُمْ فِي شَأْنِهِمْ وَتَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ شُرَكَاءُ حَقًّا حِينَ بَيَّنُوا لَكُمْ ضِدَّ ذَلِكَ، وَفَسَّرَ بَعْضُهُمُ الْمُشَاقَّةَ بِالْمُعَادَاةِ، وَتَفْسِيرُهَا بِالْمُخَاصَمَةِ لِيَظْهَرَ تَعَلُّقُ (فِيهِمْ) بِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى جَعْلِ فِي لِلسَّبَبِيَّةِ أَوْلَى، وَقِيلَ: لِلْمُخَاصَمَةِ مُشَاقَةٌ أَخْذًا مِنْ شَقِّ الْعَصَا أَوْ لِكَوْنِ كُلٍّ مِنَ الْمُتَخَاصِمَيْنِ فِي شِقٍّ وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِفْهَامِ اسْتِحْضَارُهَا لِلشَّفَاعَةِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِهْزَاءِ وَالتَّبْكِيتِ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: إِنْ صَحَّ مَا تَقُولُونَ فَالْأَصْنَامُ تَشْفَعُ لَنَا، وَالِاسْتِفْسَارُ عَنْ مَكَانَتِهِمْ لَا يُوجِبُ غَيْبَتَهُمْ حَقِيقَةً بَلْ يَكْفِي فِي ذَلِكَ عَدَمُ حُضُورِهِمْ بِالْعُنْوَانِ الَّذِي كَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ مُتَّصِفُونَ بِهِ فَلَيْسَ هُنَاكَ شُرَكَاءُ وَلَا أَمَاكِنُهَا.
وَقِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ الْغَيْبَةَ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ يُحَالُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ شُرَكَائِهِمْ حِينَئِذٍ لِيَتَفَقَّدُوهُمْ فِي سَاعَةٍ عَلَّقُوا الرَّجَاءَ بِهَا فِيهِمْ أَوْ أَنَّهُمْ لَمَّا لَمْ يَنْفَعُوهُمْ فَكَأَنَّهُمْ غُيَّبٌ. وَلَا يُحْتَاجُ إِلَى هَذَا بَعْدَ مَا عَلِمْتَ عَلَى أَنَّهُ أَوْرَدَ عَلَى قَوْلِهِ لِيَتَفَقَّدُوهُمْ إِلَى آخِرِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِسَدِيدٍ، فَإِنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ لِلْمُشْرِكِينَ حَقِيقَةُ الْأَمْرِ فَرَجَعُوا عَنْ ذَلِكَ الزَّعْمِ الْبَاطِلِ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ مِنْهُمُ التَّفَقُّدُ.
وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَغْفُلُوا لِعِظَمِ الْهَوْلِ عَنْ ذَلِكَ فَيَتَفَقَّدُوهُمْ، ثُمَّ إِنَّ مَا ذُكِرَ يَقْتَضِي حَشْرَ الْأَصْنَامِ وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنَ الْآيَاتِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=98إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ [الْأَنْبِيَاءِ: 98] وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ( وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ) [الْبَقَرَةِ: 24، التَّحْرِيمِ: 6] عَلَى قَوْلٍ، وَلَا أَرَى مَانِعًا مِنْ حَمْلِ الشُّرَكَاءِ عَلَى مَعْبُودَاتِهِمُ الْبَاطِلَةِ بِحَيْثُ تَشْمَلُ ذَوِي الْعُقُولِ أَيْضًا. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ «تُشَاقُّونَ» بِفَتْحِ النُّونِ،
nindex.php?page=showalam&ids=17192وَنَافِعٌ بِكَسْرِهَا وَرُوِيَتْ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ، وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى تَضْعِيفِ
nindex.php?page=showalam&ids=11970أَبِي حَاتِمٍ. وَقَرَأَتْ فِرْقَةٌ بِتَشْدِيدِهَا عَلَى أَنَّهُ أَدْغَمَ نُونَ الرَّفْعِ فِي نُونِ الْوِقَايَةِ. وَالْكَسْرُ عَلَى حَذْفِ يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ وَالِاكْتِفَاءِ بِهِ أَيْ تُشَاقُّونَنِي. عَلَى أَنَّ مُشَاقَّةَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَأَتْبَاعِهِمْ كَمُشَاقَّةِ اللَّهِ تَعَالَى شَأْنُهُ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ تَعْلِيقُ الْمُشَاقَّةِ بِهِ سُبْحَانَهُ. أَمَّا إِذَا كَانَتْ بِمَعْنَى الْمُخَاصَمَةِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُمْ لَمْ يُخَاصِمُوا اللَّهَ تَعَالَى، وَأَمَّا إِذَا كَانَتْ بِمَعْنَى الْعَدَاوَةِ فَلِأَنَّهُمْ لَا يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُمْ أَعْدَاءٌ لِلَّهِ تَعَالَى، وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ [الْمُمْتَحِنَةِ: 1] يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ فَمُؤَوَّلٌ أَيْضًا بِغَيْرِ شُبْهَةٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=27قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ أَهْلِ الْمَوْقِفِ وَهُمُ الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَالْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ أُوتُوا عِلْمًا بِدَلَائِلِ التَّوْحِيدِ وَكَانُوا يَدْعُونَهُمْ فِي الدُّنْيَا إِلَى التَّوْحِيدِ فَيُجَادِلُونَهُمْ وَيَتَكَبَّرُونَ عَلَيْهِمْ، وَاقْتَصَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=17317يَحْيَى بْنُ سَلَامٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْأَمْرُ فِيهِ سَهْلٌ، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّهُمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ. وَلَمْ نَقِفْ عَلَى تَقْيِيدِهِ إِيَّاهُمْ. وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17131مُقَاتِلٍ أَنَّهُمُ الْحَفَظَةُ مِنْهُمْ. وَيُشْعِرُ كَلَامُ بَعْضِهِمْ بِأَنَّهُمْ مَلَائِكَةُ
[ ص: 128 ] الْمَوْتِ حَيْثُ أَوْرَدَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَنَّ الْوَاجِبَ حِينَئِذٍ يَتَوَفَّوْنَهُمْ مَكَانَ ( تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ) وَأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ الْإِبْهَامُ فِي مَوْضِعِ التَّعْيِينِ وَالتَّعْيِينُ فِي مَوْضِعِ الْإِبْهَامِ. وَهُوَ كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14589الشِّهَابَ فِي غَايَةِ السُّقُوطِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ كُلُّ مَنِ اتَّصَفَ بِهَذَا الْعُنْوَانِ مِنْ مَلَكٍ وَإِنْسِيٍّ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَالَّذِي يَمِيلُ إِلَيْهِ الْقَلْبُ السَّلِيمُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَيْ يَقُولُ أُولَئِكَ تَوْبِيخًا لِلْمُشْرِكِينَ وَإِظْهَارًا لِلشَّمَاتَةِ بِهِمْ وَتَقْرِيرًا لِمَا كَانُوا يَعِظُونَهُمْ وَتَحْقِيقًا لِمَا أَوْعَدُوهُمْ بِهِ. وَإِيثَارُ صِيغَةِ الْمَاضِي لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَحَقُّقِ وُقُوعِهِ وَتَحَتُّمِهِ حَسْبَمَا هُوَ الْمَعْهُودُ فِي إِخْبَارِهِ تَعَالَى كَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=44وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ [الْأَعْرَافِ: 44].
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=27إِنَّ الْخِزْيَ الذُّلَّ وَالْهَوَانَ. وَفَسَّرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14343الرَّاغِبُ بِالذُّلِّ الَّذِي يُسْتَحَى مِنْهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=27الْيَوْمَ مَنْصُوبٌ بِالْخِزْيِ عَلَى رَأْيِ مَنْ يَرَى إِعْمَالَ الْمَصْدَرِ بِاللَّامِ كَقَوْلِهِ: ضَعِيفُ النِّكَايَةِ أَعْدَاءَهُ. أَوْ بِالِاسْتِقْرَارِ فِي الظَّرْفِ الْوَاقِعِ خَبَرًا لَإِنَّ، وَفِيهِ فَصْلٌ بَيْنَ الْعَامِلِ وَالْمَعْمُولِ بِالْمَعْطُوفِ إِلَّا أَنَّهُ مُغْتَفَرٌ فِي الظَّرْفِ. وَأَلْ لِلْحُضُورِ أَيِ الْيَوْمِ الْحَاضِرِ، وَإِيرَادُهُ لِلْإِشْعَارِ بِأَنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=27وَالسُّوءَ الْعَذَابَ وَمِنَ الْخِزْيِ بِهِ جَعَلَ ذِكْرَ هَذَا لِلتَّأْكِيدِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=27عَلَى الْكَافِرِينَ بِاللَّهِ تَعَالَى وَآيَاتِهِ وَرُسُلِهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ