nindex.php?page=treesubj&link=28734_29747_33955_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=70فلما رأى أيديهم لا تصل إليه كناية عن أنهم لا يمدون إليه أيديهم ويلزمه أنهم لا يأكلون، وقيل: (لا) كناية بناء على ما روي أنهم كانوا ينكتون اللحم بقداح في أيديهم وليس بشيء، وفي القلب من صحة هذه الرواية شيء إذ هذا النكت أشبه شيء بالعبث، والملائكة عليهم السلام يجلون عن مثله، و (رأى) قيل: علمية فجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=70لا تصل مفعول ثان، والظاهر أنها بصرية، والجملة في موضع الحال، ففيه دليل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=24552من أدب الضيافة النظر إلى الضيف هل يأكل أو لا، لكن ذكروا أنه ينبغي أن يكون بتلفت ومسارقة لا بتحديد النظر
[ ص: 95 ] لأن ذلك مما يجعل الضيف مقصرا في الأكل أي لما شاهد منهم ذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=70نكرهم أي نفرهم
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=70وأوجس أي استشعر وأدرك، وقيل: أضمر (منهم) أي من جهتهم (خيفة) أي خوفا، وأصلها الحالة التي عليها الإنسان من الخوف، ولعل اختيارها بالذكر للمبالغة حيث تفرس لذلك مع جهالته لهم من قبل وعدم معرفته من أي الناس يكونون كما ينبئ عنه ما في الذاريات من قوله سبحانه حكاية عنه:
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=25قال سلام قوم منكرون أنهم ملائكة، وظن أنهم أرسلوا لعذاب قومه لأمر أنكره الله تعالى عليه (قالوا) حين رأوا أثر ذلك عليه عليه السلام، أو أعلمهم الله تعالى به، أو بعد أن قال لهم ما في الحجر
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=52إنا منكم وجلون فإن الظاهر منه أن هناك قولا بالفعل لا بالقوة كما هو احتمال فيه على ما ستراه إن شاء الله تعالى، وجوز أن يكون ذلك لعلمهم أن علمه عليه السلام أنهم ملائكة يوجب الخوف لأنهم لا ينزلون إلا بعذاب، وقيل: إن الله تعالى جعل للملائكة مطلقا ما لم يجعل لغيرهم من الاطلاع كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=12يعلمون ما تفعلون وفي الصحيح:
nindex.php?page=hadith&LINKID=688717 "قالت الملائكة: رب عبدك هذا يريد أن يعمل سيئة" الحديث، وهو قول بأن الملائكة يعلمون الأمور القلبية.
وفي الأخبار الصحيحة ما هو صريح بخلافه، والآية والخبر المذكوران لا يصلحان دليلا لهذا المطلب، وإسناد القول إليهم ظاهر في أن الجميع قالوا ( لا تخف ) ويحتمل أن القائل بعضهم، وكثيرا ما يسند فعل البعض إلى الكل في أمثال ذلك، وظاهر قوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=70إنا أرسلنا أنه استئناف في معنى التعليل للنهي المذكور كما أن قوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=53إنا نبشرك استئناف كذلك فإن إرسالهم إلى قوم آخرين يوجب أمنه من الخوف أي (أرسلنا) بالعذاب
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=70إلى قوم لوط خاصة، ويعلم مما ذكرنا أنه عليه السلام أحس بأنهم ملائكة، وإليه ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وقد يستدل له بقولهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=70لا تخف إنا أرسلنا فإنه كما لا يخفى على من له أدنى ذوق إنما يقال لمن عرفهم ولم يعرف فيم أرسلوا فخاف، وأن الإنكار المدلول عليه بنكرهم غير المدلول عليه بما في الذاريات فلا إشكال في كون الإنكار هناك قبل إحضار الطعام وهنا بعده، وأصل الإنكار ضد العرفان، ونكرت وأنكرت واستنكرت بمعنى، وقيل: إن أنكر فيما لا يرى من المعاني ونكر فيما يرى بالبصر، ومن ذلك قول الشاعر:
وأنكرتني وما كان الذي نكرت من الحوادث إلا الشيب والصلعا
فإنه أراد في الأول على ما قيل: أنكرت مودتي، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14343الراغب: إن أصل ذلك أن يرد على القلب ما لا يتصوره وذلك ضرب من الجهل وبه فسر ما في الآية، وفرق بعضهم بين ما هنا وبين ما وقع في الذاريات بأن الأول راجح إلى حالهم حين قدم إليهم العجل. والثاني متعلق بأنفسهم ولا تعلق له برؤية عدم أكلهم، بل وقع عند رؤيته عليه السلام لهم لعدم كونهم من جنس ما يعهده من الناس، ويحتاج هذا إلى اعتبار حذف المضاف أو ملاحظة الحيثية، واعترض ما قدمناه بأن فيه ارتكاب مجاز، ولعل الأمر فيه سهل.
وذهب بعضهم إلى أنه عليه السلام لم يعرف أنهم ملائكة حتى قالوا له:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=70لا تخف إنا أرسلنا وكأن سبب خوفه منهم أنهم لم يتحرموا بطعامه فظن أنهم يريدون به سوءا إذ كانت العادة إذ ذاك كذلك، وكان عليه السلام نازلا في طرف من الأرض منفردا عن قومه، وهي رواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أخرجها
nindex.php?page=showalam&ids=11979إسحاق بن بشر [ ص: 96 ] nindex.php?page=showalam&ids=13359وابن عساكر من طريق
جويبر عن
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك عنه، وقيل: كان سبب خوفه أنهم دخلوا بغير إذن وبغير وقت.
وقال العلامة
الطيبي: الحق أن الخوف إنما صدر عن مجموع كونهم منكرين وكونهم ممتنعين من الطعام كما يعلم من الآيات الواردة في هذه القصة، ولأنه لو عرفهم بأنهم ملائكة لم يحضر بين أيديهم الطعام ولم يحرضهم على الأول، وإنما عدلوا إلى قولهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=70إنا أرسلنا إلى قوم لوط ليكون جامعا للمعاني بحيث يفهم منه المقصود أيضا، انتهى.
وفيه إشارة إلى الرد على
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري، وقد اختلف كلامه في تعليل الخوف فعلله تارة بعرفانه أنهم ملائكة وأخرى بأنهم لم يتحرموا طعامه، ولعله أراد بذلك العرفان العرفان بعد إحضار الطعام، وما ذكره
الطيبي من أنه لو عرفهم بأنهم ملائكة لم يحضر إلخ غير قادح إذ يجوز أن يخافهم بعد الإحضار أولا لعدم التحرم، ثم بعد تفرس أنهم ملائكة خافهم لأنهم ملائكة أرسلوا للعذاب،
nindex.php?page=showalam&ids=14423والزمخشري حكى أحد الخوفين في موضع والآخر في آخر.
قال بعض المحققين والتعليل بأنهم ملائكة هو الوجه لينتظم قوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=53لا توجل إنا نبشرك بغلام عليم مع ما قبله إذ لو كان الوجل لكونهم على غير زي من عرف ونحوه لم يحسن التعليل بقوله تعالى: ( إنا نبشرك ) فإنه إنما هو تعليل للنهي عن الوجل من أنهم ملائكة أرسلوا للعذاب كأنهم قالوا:
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=53لا توجل إنا نبشرك بغلام عليم)، و
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=70إنا أرسلنا إلى قوم لوط فجاء على اختصارات القرآن بذكر أحد التعليلين في أحد الموضعين والآخر في الآخر، ولا شك أن في الحجر اختصارا لطي حديث الرواع، والتعجيل بالعجل الحنيذ وعدم تحرمهم بطعامه لما أن المقصود من سوق القصة هنالك الترغيب والترهيب للاعتبار بحال
إبراهيم عليه السلام وما لقي من البشرى والكرامة، وحال قوم
لوط عليه السلام وما منوا به من السوأى والملامة، ألا ترى إلى قوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=49نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم إلى قوله جل وعلا:
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=51عن ضيف إبراهيم فاقتصر على ما يفيد ذلك الغرض، وأما في هذه السورة فجيء بها للإرشاد الذي بنى عليه السورة الكريمة مع إدماج التسلية ورد ما رموه به عليه الصلاة والسلام من الافتراء، وفي كل من أجزاء القصة ما يسد من هذه الأغراض فسرد على وجهها، وفي سورة الذاريات للأخيرين فقط فجيء بما يفيد ذلك فلا عليك إن رأيت اختصارا أن تنقل إليه من المبسوط ما يتم به الكلام بعد أن تعرف نكتة الاختصار، وهذا من خواص كتاب الله تعالى الكريم، انتهى ولا يخلو عن حسن، وفيه ذهاب إلى كون جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=70إنا أرسلنا إلى قوم لوط استئنافا في موضع التعليل كما هو الظاهر.
وقال شيخ الإسلام عليه الرحمة: الظاهر ما ذكر إلا أنه ليس كذلك فإن قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=57قال فما خطبكم أيها المرسلون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=58قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين صريح في أنهم قالوه جوابا عن سؤاله عليه السلام، وقد أوجز الكلام اكتفاء بذلك، انتهى.
وتعقب بأنه قد يقال: إن ذلك لا يقدح في الحمل على الظاهر لجواز أن يكونوا قالوا ذلك على معنى التعليل للنهي عن الخوف، ولكنه وإن أريد منه الإرسال بالعذاب لقوم
لوط عليه السلام مجمل لم يؤت به على وجه يظهر منه ما نوع هذا العذاب هل هو استئصال أم لا؟ فسأل عليه السلام لتحقيق ذلك فكأنه قال: أيها المرسلون إلى قوم
لوط ما هذا الأمر العظيم الذي أرسلتم به؟ فأجابوه بما يتضمن بيان ذلك مع الإشارة إلى علة نزول ذلك الأمر بهم وهو قولهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=58إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=59إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين الآية، فإن انفهام عذاب الاستئصال لقوم
لوط عليه السلام من ذلك ظاهر، وكذا الإشارة إلى العلة.
[ ص: 97 ] والحاصل أن السؤال في تلك الآية عن الخطب وهو في الأصل الأمر العظيم الذي يكثر فيه التخاطب، ويراد من السؤال عنه تحقيق أمر لم يعلمه عليه السلام من كلامهم قبل؛ إما لأنه لم يعلم ذلك منه، أو لأنه كان مشغولا عن كمال التوجه ليعلم عليه السلام منه ذلك، وفي خطابه عليه السلام لهم عليهم السلام بعنوان الرسالة ما يؤيد تقدم قولهم: ( إنا أرسلنا ) على هذا السؤال لكنه أسقط هناك تعويلا على ما هنا، ولا بدع في الإسقاط من المتأخر تعويلا على المتقدم، وتأخر الحجر والذاريات عن هود تلاوة مما لا كلام فيه، وتأخرهما نزولا مما رواه
ابن ضريس في فضائل القرآن عن
محمد بن عبد الله بن أبي جعفر الرازي عن
عمر بن هارون عن
عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، وذكر أنها كلها نزلت
بمكة، وأن بين هود والحجر سورة واحدة، وبين الحجر والذاريات ثلاث عشرة سورة فليتأمل في هذا المقام، ويفهم من كلام بعضهم أنه عليه السلام لم يتحقق كونهم ملائكة إلا بعد أن مسح
جبريل عليه السلام العجل بجناحه فقام يدرج حتى لحق بأمه فحينئذ عرفهم وأمن منهم، ولم يتحقق صحة الخبر عندي، والذي أميل إليه أنه عليه السلام عرفهم قبل ذلك، وأن خوفه منهم لكونهم ملائكة لم يدر لأي شيء نزلوا، ويبعد عند من عرف حال
إبراهيم عليه السلام القول بأنه خاف بشرا وبلغ منه الخوف حتى
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=52قال إنا منكم وجلون لا سيما إذا قلنا: إن من خافهم كانوا ثلاثة وأنه عليه السلام لم يكن في طرف من الأرض بل كان بين أصحابه، أو كان هناك لكن بين خدمه وغلمانه
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=71وامرأته سارة بنت هاران بن ناحور وهي بنت عمه
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=71قائمة في الخدمة كما أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد وكانت نساؤهم لا تحتجب لا سيما العجائز منهم، وكانت رضي الله تعالى عنها عجوزا، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب: كانت قائمة وراء الستر تسمع محاورتهم، وأخذ منه بعضهم أن تستر النساء كان لازما، والظاهر أنه لم يكن كذلك لتأخر آية الحجاب، ويجوز أن يقال: إن القيام وراء الستر كان اتفاقيا، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق أنها كانت قائمة تصلي، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد: كانت قائمة عن الولد وهو خلاف المشهور في الاستعمال، وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن
المغيرة قال في مصحف
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود: وامرأته قائمة وهو جالس، وفي الكشاف بدل وهو جالس وهو قاعد، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية بدل.
nindex.php?page=treesubj&link=28734_29747_33955_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=70فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ كِنَايَةٌ عَنْ أَنَّهُمْ لَا يَمُدُّونَ إِلَيْهِ أَيْدِيَهُمْ وَيَلْزَمُهُ أَنَّهُمْ لَا يَأْكُلُونَ، وَقِيلَ: (لَا) كِنَايَةٌ بِنَاءً عَلَى مَا رُوِيَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَنْكُتُونَ اللَّحْمَ بِقِدَاحٍ فِي أَيْدِيهِمْ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَفِي الْقَلْبِ مِنْ صِحَّةِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ شَيْءٌ إِذْ هَذَا النَّكْتُ أَشْبَهُ شَيْءٍ بِالْعَبَثِ، وَالْمَلَائِكَةُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ يَجِلُّونَ عَنْ مِثْلِهِ، وَ (رَأَى) قِيلَ: عِلْمِيَّةٌ فَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=70لا تَصِلُ مَفْعُولٌ ثَانٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا بَصَرِيَّةٌ، وَالْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=24552مِنْ أَدَبِ الضِّيَافَةِ النَّظَرَ إِلَى الضَّيْفِ هَلْ يَأْكُلُ أَوْ لَا، لَكِنْ ذَكَرُوا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِتَلَفُّتٍ وَمُسَارَقَةٍ لَا بِتَحْدِيدِ النَّظَرِ
[ ص: 95 ] لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَجْعَلُ الضَّيْفَ مُقَصِّرًا فِي الْأَكْلِ أَيْ لِمَا شَاهَدَ مِنْهُمْ ذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=70نَكِرَهُمْ أَيْ نَفَرَهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=70وَأَوْجَسَ أَيِ اسْتَشْعَرَ وَأَدْرَكَ، وَقِيلَ: أَضْمَرَ (مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ جِهَتِهِمْ (خِيفَةً) أَيْ خَوْفًا، وَأَصْلُهَا الْحَالَةُ الَّتِي عَلَيْهَا الْإِنْسَانُ مِنَ الْخَوْفِ، وَلَعَلَّ اخْتِيَارَهَا بِالذِّكْرِ لِلْمُبَالَغَةِ حَيْثُ تَفَرَّسَ لِذَلِكَ مَعَ جَهَالَتِهِ لَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ مِنْ أَيِّ النَّاسِ يَكُونُونَ كَمَا يُنْبِئُ عَنْهُ مَا فِي الذَّارِيَاتِ مِنْ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ حِكَايَةً عَنْهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=25قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ أَنَّهُمْ مَلَائِكَةٌ، وَظَنَّ أَنَّهُمْ أُرْسِلُوا لِعَذَابِ قَوْمِهِ لِأَمْرٍ أَنْكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ (قَالُوا) حِينَ رَأَوْا أَثَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَوْ أَعْلَمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، أَوْ بَعْدَ أَنْ قَالَ لَهُمْ مَا فِي الْحِجْرِ
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=52إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ فَإِنَّ الظَّاهِرَ مِنْهُ أَنَّ هُنَاكَ قَوْلًا بِالْفِعْلِ لَا بِالْقُوَّةِ كَمَا هُوَ احْتِمَالٌ فِيهِ عَلَى مَا سَتَرَاهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَجَوَّزَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِعِلْمِهِمْ أَنَّ عِلْمَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُمْ مَلَائِكَةٌ يُوجِبُ الْخَوْفَ لِأَنَّهُمْ لَا يَنْزِلُونَ إِلَّا بِعَذَابٍ، وَقِيلَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لِلْمَلَائِكَةِ مُطْلَقًا مَا لَمْ يَجْعَلْ لِغَيْرِهِمْ مِنْ الِاطِّلَاعِ كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=12يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ وَفِي الصَّحِيحِ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=688717 "قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: رَبِّ عَبْدُكَ هَذَا يُرِيدُ أَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً" الْحَدِيثَ، وَهُوَ قَوْلٌ بِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ يَعْلَمُونَ الْأُمُورَ الْقَلْبِيَّةَ.
وَفِي الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ مَا هُوَ صَرِيحٌ بِخِلَافِهِ، وَالْآيَةُ وَالْخَبَرُ الْمَذْكُورَانِ لَا يَصْلُحَانِ دَلِيلًا لِهَذَا الْمَطْلَبِ، وَإِسْنَادُ الْقَوْلِ إِلَيْهِمْ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْجَمِيعَ قَالُوا ( لَا تَخَفْ ) وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْقَائِلَ بَعْضُهُمْ، وَكَثِيرًا مَا يُسْنَدُ فِعْلُ الْبَعْضِ إِلَى الْكُلِّ فِي أَمْثَالِ ذَلِكَ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=70إِنَّا أُرْسِلْنَا أَنَّهُ اسْتِئْنَافٌ فِي مَعْنَى التَّعْلِيلِ لِلنَّهْيِ الْمَذْكُورِ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=53إِنَّا نُبَشِّرُكَ اسْتِئْنَافٌ كَذَلِكَ فَإِنَّ إِرْسَالَهُمْ إِلَى قَوْمٍ آخَرِينَ يُوجِبُ أَمْنَهُ مِنَ الْخَوْفِ أَيْ (أَرْسَلْنَا) بِالْعَذَابِ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=70إِلَى قَوْمِ لُوطٍ خَاصَّةً، وَيُعْلَمُ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَحَسَّ بِأَنَّهُمْ مَلَائِكَةٌ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، وَقَدْ يُسْتَدَلُّ لَهُ بِقَوْلِهِمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=70لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا فَإِنَّهُ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ أَدْنَى ذَوْقٍ إِنَّمَا يُقَالُ لِمَنْ عَرَفَهُمْ وَلَمْ يَعْرِفْ فِيمَ أُرْسِلُوا فَخَافَ، وَأَنَّ الْإِنْكَارَ الْمَدْلُولَ عَلَيْهِ بِنَكْرِهِمْ غَيْرَ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِمَا فِي الذَّارِيَاتِ فَلَا إِشْكَالَ فِي كَوْنِ الْإِنْكَارِ هُنَاكَ قَبْلَ إِحْضَارِ الطَّعَامِ وَهُنَا بَعْدَهُ، وَأَصْلُ الْإِنْكَارِ ضِدَّ الْعِرْفَانِ، وَنَكَرْتُ وَأَنْكَرْتُ وَاسْتَنْكَرْتُ بِمَعْنًى، وَقِيلَ: إِنْ أَنْكَرَ فِيمَا لَا يُرَى مِنَ الْمَعَانِي وَنَكَرَ فِيمَا يُرَى بِالْبَصَرِ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَأَنْكَرَتْنِي وَمَا كَانَ الَّذِي نَكَرَتْ مِنَ الْحَوَادِثِ إِلَّا الشَّيْبَ وَالصَّلَعَا
فَإِنَّهُ أَرَادَ فِي الْأَوَّلِ عَلَى مَا قِيلَ: أَنْكَرَتْ مَوَدَّتِي، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14343الرَّاغِبُ: إِنَّ أَصْلَ ذَلِكَ أَنْ يَرِدَ عَلَى الْقَلْبِ مَا لَا يَتَصَوَّرُهُ وَذَلِكَ ضَرْبٌ مِنَ الْجَهْلِ وَبِهِ فُسِّرَ مَا فِي الْآيَةِ، وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ مَا وَقَعَ فِي الذَّارِيَاتِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ رَاجِحٌ إِلَى حَالِهِمْ حِينَ قَدَّمَ إِلَيْهِمُ الْعِجْلَ. وَالثَّانِي مُتَعَلِّقٌ بِأَنْفُسِهِمْ وَلَا تَعَلُّقَ لَهُ بِرُؤْيَةِ عَدَمِ أَكْلِهِمْ، بَلْ وَقَعَ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَهُمْ لِعَدَمِ كَوْنِهِمْ مِنْ جِنْسِ مَا يَعْهَدُهُ مِنَ النَّاسِ، وَيَحْتَاجُ هَذَا إِلَى اعْتِبَارِ حَذْفِ الْمُضَافِ أَوْ مُلَاحَظَةِ الْحَيْثِيَّةِ، وَاعْتُرِضَ مَا قَدَّمْنَاهُ بِأَنَّ فِيهِ ارْتِكَابَ مَجَازٍ، وَلَعَلَّ الْأَمْرَ فِيهِ سَهْلٌ.
وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَعْرِفْ أَنَّهُمْ مَلَائِكَةٌ حَتَّى قَالُوا لَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=70لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا وَكَأَنَّ سَبَبَ خَوْفِهِ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ لَمْ يَتَحَرَّمُوا بِطَعَامِهِ فَظَنَّ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِهِ سُوءًا إِذْ كَانَتِ الْعَادَةُ إِذْ ذَاكَ كَذَلِكَ، وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَازِلًا فِي طَرَفٍ مِنَ الْأَرْضِ مُنْفَرِدًا عَنْ قَوْمِهِ، وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْرَجَهَا
nindex.php?page=showalam&ids=11979إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ [ ص: 96 ] nindex.php?page=showalam&ids=13359وَابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقِ
جُوَيْبِرٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضَّحَّاكِ عَنْهُ، وَقِيلَ: كَانَ سَبَبُ خَوْفِهِ أَنَّهُمْ دَخَلُوا بِغَيْرِ إِذْنٍ وَبِغَيْرِ وَقْتٍ.
وَقَالَ الْعَلَّامَةُ
الطِّيبِيُّ: الْحَقُّ أَنَّ الْخَوْفَ إِنَّمَا صَدَرَ عَنْ مَجْمُوعِ كَوْنِهِمْ مُنْكِرِينَ وَكَوْنِهِمْ مُمْتَنِعِينَ مِنَ الطَّعَامِ كَمَا يُعْلَمُ مِنَ الْآيَاتِ الْوَارِدَةِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ عَرَفَهُمْ بِأَنَّهُمْ مَلَائِكَةٌ لَمْ يُحْضِرْ بَيْنَ أَيْدِيهِمُ الطَّعَامَ وَلَمْ يُحَرِّضْهُمْ عَلَى الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا عَدَلُوا إِلَى قَوْلِهِمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=70إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ لِيَكُونَ جَامِعًا لِلْمَعَانِي بِحَيْثُ يُفْهَمُ مِنْهُ الْمَقْصُودُ أَيْضًا، انْتَهَى.
وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى الرَّدِّ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيَّ، وَقَدِ اخْتَلَفَ كَلَامُهُ فِي تَعْلِيلِ الْخَوْفِ فَعَلَّلَهُ تَارَةً بِعِرْفَانِهِ أَنَّهُمْ مَلَائِكَةٌ وَأُخْرَى بِأَنَّهُمْ لِمَ يَتَحَرَّمُوا طَعَامَهُ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ الْعِرْفَانِ الْعِرْفَانَ بَعْدَ إِحْضَارِ الطَّعَامِ، وَمَا ذَكَرَهُ
الطِّيبِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ عَرَفَهُمْ بِأَنَّهُمْ مَلَائِكَةٌ لَمْ يَحْضُرْ إِلَخْ غَيْرَ قَادِحٍ إِذْ يَجُوزُ أَنْ يَخَافَهُمْ بَعْدَ الْإِحْضَارِ أَوَّلًا لِعَدَمِ التَّحَرُّمِ، ثُمَّ بَعْدَ تَفَرُّسِ أَنَّهُمْ مَلَائِكَةٌ خَافَهُمْ لِأَنَّهُمْ مَلَائِكَةٌ أُرْسِلُوا لِلْعَذَابِ،
nindex.php?page=showalam&ids=14423وَالزَّمَخْشَرِيُّ حَكَى أَحَدَ الْخَوْفَيْنِ فِي مَوْضِعٍ وَالْآخَرَ فِي آخَرَ.
قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ وَالتَّعْلِيلُ بِأَنَّهُمْ مَلَائِكَةٌ هُوَ الْوَجْهُ لِيَنْتَظِمَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=53لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ مَعَ مَا قَبْلَهُ إِذْ لَوْ كَانَ الْوَجَلُ لِكَوْنِهِمْ عَلَى غَيْرِ زِيٍّ مِنْ عُرْفٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يَحْسُنِ التَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ( إِنَّا نُبَشِّرُكَ ) فَإِنَّهُ إِنَّمَا هُوَ تَعْلِيلٌ لِلنَّهْيِ عَنِ الْوَجِلِ مِنْ أَنَّهُمْ مَلَائِكَةٌ أُرْسِلُوا لِلْعَذَابِ كَأَنَّهُمْ قَالُوا:
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=53لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ)، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=70إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ فَجَاءَ عَلَى اخْتِصَارَاتِ الْقُرْآنِ بِذِكْرِ أَحَدِ التَّعْلِيلَيْنِ فِي أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ وَالْآخِرِ فِي الْآخَرِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ فِي الْحِجْرِ اخْتِصَارًا لِطَيِّ حَدِيثِ الرُّوَاعِ، وَالتَّعْجِيلُ بِالْعِجْلِ الْحَنِيذِ وَعَدَمُ تَحَرُّمِهِمْ بِطَعَامِهِ لِمَا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ سَوْقِ الْقِصَّةِ هُنَالِكَ التَّرْغِيبُ وَالتَّرْهِيبُ لِلِاعْتِبَارِ بِحَالِ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمَا لَقِيَ مِنَ الْبُشْرَى وَالْكَرَامَةِ، وَحَالِ قَوْمِ
لُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمَا مُنُّوا بِهِ مِنَ السَّوْأَى وَالْمَلَامَةِ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=49نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ إِلَى قَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=51عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ فَاقْتَصَرَ عَلَى مَا يُفِيدُ ذَلِكَ الْغَرَضَ، وَأَمَّا فِي هَذِهِ السُّورَةِ فَجِيءَ بِهَا لِلْإِرْشَادِ الَّذِي بَنَى عَلَيْهِ السُّورَةَ الْكَرِيمَةَ مَعَ إِدْمَاجِ التَّسْلِيَةِ وَرَدَ مَا رَمَوْهُ بِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ الِافْتِرَاءِ، وَفِي كُلٍّ مِنْ أَجْزَاءِ الْقِصَّةِ مَا يَسُدُّ مِنْ هَذِهِ الْأَغْرَاضِ فَسُرِدَ عَلَى وَجْهِهَا، وَفِي سُورَةِ الذَّارِيَاتِ لِلْأَخِيرَيْنِ فَقَطْ فَجِيءَ بِمَا يُفِيدُ ذَلِكَ فَلَا عَلَيْكَ إِنْ رَأَيْتَ اخْتِصَارًا أَنْ تَنْقُلَ إِلَيْهِ مِنَ الْمَبْسُوطِ مَا يَتِمُّ بِهِ الْكَلَامُ بَعْدَ أَنْ تَعْرِفَ نُكْتَةَ الِاخْتِصَارِ، وَهَذَا مِنْ خَوَاصِّ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى الْكَرِيمِ، انْتَهَى وَلَا يَخْلُو عَنْ حُسْنٍ، وَفِيهِ ذَهَابٌ إِلَى كَوْنِ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=70إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ اسْتِئْنَافًا فِي مَوْضِعِ التَّعْلِيلِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ.
وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ: الظَّاهِرُ مَا ذُكِرَ إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=57قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=58قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُمْ قَالُوهُ جَوَابًا عَنْ سُؤَالِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقَدْ أَوْجَزَ الْكَلَامَ اكْتِفَاءً بِذَلِكَ، انْتَهَى.
وَتَعَقَّبَ بِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: إِنَّ ذَلِكَ لَا يَقْدَحُ فِي الْحَمْلِ عَلَى الظَّاهِرِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونُوا قَالُوا ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى التَّعْلِيلِ لِلنَّهْيِ عَنِ الْخَوْفِ، وَلَكِنَّهُ وَإِنْ أُرِيدَ مِنْهُ الْإِرْسَالُ بِالْعَذَابِ لِقَوْمِ
لُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُجْمَلٌ لَمْ يُؤْتَ بِهِ عَلَى وَجْهٍ يَظْهَرُ مِنْهُ مَا نَوْعُ هَذَا الْعَذَابِ هَلْ هُوَ اسْتِئْصَالٌ أَمْ لَا؟ فَسَأَلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِتَحْقِيقِ ذَلِكَ فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ إِلَى قَوْمِ
لُوطٍ مَا هَذَا الْأَمْرُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُرْسِلْتُمْ بِهِ؟ فَأَجَابُوهُ بِمَا يَتَضَمَّنُ بَيَانَ ذَلِكَ مَعَ الْإِشَارَةِ إِلَى عِلَّةِ نُزُولِ ذَلِكَ الْأَمْرِ بِهِمْ وَهُوَ قَوْلُهُمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=58إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=59إِلا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ الْآيَةَ، فَإِنَّ انْفِهَامَ عَذَابِ الِاسْتِئْصَالِ لِقَوْمِ
لُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ ذَلِكَ ظَاهِرٌ، وَكَذَا الْإِشَارَةُ إِلَى الْعِلَّةِ.
[ ص: 97 ] وَالْحَاصِلُ أَنَّ السُّؤَالَ فِي تِلْكَ الْآيَةِ عَنِ الْخَطْبِ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ الْأَمْرُ الْعَظِيمُ الَّذِي يَكْثُرُ فِيهِ التَّخَاطُبُ، وَيُرَادُ مِنَ السُّؤَالِ عَنْهُ تَحْقِيقُ أَمْرٍ لَمْ يَعْلَمْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ كَلَامِهِمْ قَبْلُ؛ إِمَّا لِأَنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ مِنْهُ، أَوْ لِأَنَّهُ كَانَ مَشْغُولًا عَنْ كَمَالِ التَّوَجُّهِ لِيَعْلَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْهُ ذَلِكَ، وَفِي خِطَابِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَهُمْ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ بِعُنْوَانِ الرِّسَالَةِ مَا يُؤَيِّدُ تَقَدُّمَ قَوْلِهِمْ: ( إِنَّا أُرْسِلْنَا ) عَلَى هَذَا السُّؤَالِ لَكِنَّهُ أُسْقِطَ هُنَاكَ تَعْوِيلًا عَلَى مَا هُنَا، وَلَا بِدَعَ فِي الْإِسْقَاطِ مِنَ الْمُتَأَخِّرِ تَعْوِيلًا عَلَى الْمُتَقَدِّمِ، وَتَأَخُّرُ الْحِجْرِ وَالذَّارِيَاتِ عَنْ هُودٍ تِلَاوَةً مِمَّا لَا كَلَامَ فِيهِ، وَتَأَخُّرُهُمَا نُزُولًا مِمَّا رَوَاهُ
ابْنُ ضُرَيْسٍ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ عَنْ
عُمَرَ بْنِ هَارُونَ عَنْ
عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ، وَذَكَرَ أَنَّهَا كُلَّهَا نَزَلَتْ
بِمَكَّةَ، وَأَنَّ بَيْنَ هُودٍ وَالْحِجْرِ سُورَةً وَاحِدَةً، وَبَيْنَ الْحِجْرِ وَالذَّارِيَاتِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سُورَةً فَلْيُتَأَمَّلْ فِي هَذَا الْمَقَامِ، وَيَفْهَمُ مِنْ كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَتَحَقَّقْ كَوْنَهُمْ مَلَائِكَةً إِلَّا بَعْدَ أَنْ مَسَحَ
جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْعِجْلَ بِجَنَاحِهِ فَقَامَ يَدْرُجُ حَتَّى لَحِقَ بِأُمِّهِ فَحِينَئِذٍ عَرَفَهُمْ وَأَمِنَ مِنْهُمْ، وَلَمْ يَتَحَقَّقْ صِحَّةُ الْخَبَرِ عِنْدِي، وَالَّذِي أَمِيلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَرَفَهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ، وَأَنَّ خَوْفَهُ مِنْهُمْ لِكَوْنِهِمْ مَلَائِكَةً لَمْ يَدْرِ لِأَيِّ شَيْءٍ نَزَلُوا، وَيَبْعُدْ عِنْدَ مَنْ عَرَفَ حَالَ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ خَافَ بُشْرًا وَبَلَغَ مِنْهُ الْخَوْفُ حَتَّى
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=52قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ لَا سِيَّمَا إِذَا قُلْنَا: إِنَّ مَنْ خَافَهُمْ كَانُوا ثَلَاثَةً وَأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَكُنْ فِي طَرَفٍ مِنَ الْأَرْضِ بَلْ كَانَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ، أَوْ كَانَ هُنَاكَ لَكِنْ بَيْنَ خَدَمِهِ وَغِلْمَانِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=71وَامْرَأَتُهُ سَارَّةُ بِنْتُ هَارَانَ بْنِ نَاحُورٍ وَهِيَ بِنْتُ عَمِّهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=71قَائِمَةٌ فِي الْخِدْمَةِ كَمَا أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ وَكَانَتْ نِسَاؤُهُمْ لَا تَحْتَجِبُ لَا سِيَّمَا الْعَجَائِزُ مِنْهُمْ، وَكَانَتْ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا عَجُوزًا، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17285وَهْبٌ: كَانَتْ قَائِمَةً وَرَاءَ السِّتْرِ تَسْمَعُ مُحَاوَرَتَهُمْ، وَأَخَذَ مِنْهُ بَعْضُهُمْ أَنَّ تَسَتُّرَ النِّسَاءِ كَانَ لَازِمًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لِتَأَخُّرِ آيَةِ الْحِجَابِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْقِيَامَ وَرَاءَ السِّتْرِ كَانَ اتِّفَاقِيًّا، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّهَا كَانَتْ قَائِمَةً تُصَلِّي، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرَّدُ: كَانَتْ قَائِمَةً عَنِ الْوَلَدِ وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ فِي الِاسْتِعْمَالِ، وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ
الْمُغِيرَةِ قَالَ فِي مُصْحَفِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ: وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ وَهُوَ جَالِسٌ، وَفِي الْكَشَّافِ بَدَلُ وَهُوَ جَالِسٌ وَهُوَ قَاعِدٌ، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابْنِ عَطِيَّةَ بَدَلُ.